ما جدية الانقلاب الأمريكي الإسرائيلي على النظام العراقي؟

العراق

ما جدية الانقلاب الأمريكي الإسرائيلي على النظام العراقي؟


07/04/2020

بين فترة وأخرى، تعمل قوى الإسلام السياسي الحاكمة في العراق، على ترويج فكرة الانقلاب العسكري على النظام من قبل الأطراف المعارضة البعثية أو الجانب الأمريكي، بغية كسب التعاطف الشعبي (الشيعي تحديداً)، الذي يخشى من العودة إلى الماضي، بعد فضاء الحرية الذي عاشته البلاد، رغم "مساوئ" النظام الحالي و"فساده غير المنقطع النظير".

اقرأ أيضاً: أمريكا تتخذ إجراءات دفاعية في قواعدها بالعراق

وسائل إعلام عراقية روجت في الأيام الماضية لإمكانية حدوث انقلاب عسكري، تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، بالتضافر مع جهود ضباط عراقيين لردع المحور الإيراني النافذ داخل السلطة في العراق، في حين تفاعلت وسائل التواصل الاجتماعي مع الفكرة، وفق ثنائية الأمنيات والسخرية بزوال "النظام الطائفي" من جهة، والتحذير من مخاطر المجهول من جهة أخرى.

وتعود فكرة الترويج للانقلاب العسكري، بعد عام 2003، إلى الحقبة الثانية لحكومة نوري المالكي (2010-2014)، الحكومة التي عمل إعلامها وفق منهجية وثقافة المؤامرة، والتغطية على أسئلة الشارع المحلي المطالب بالأمن والخدمات، في حين عادت لاحقاً مع انطلاق الاحتجاجات الأخيرة، لتعاود الظهور مجدداً في ظلّ الصراع الأمريكي الإيراني داخل العراق.

ماذا يقول تحالف الفتح؟
يذهب تحالف الفتح (بزعامة هادي العامري المقرب من إيران)، بقوة، إلى إمكانية حدوث انقلاب على النظام الديمقراطي القائم في العراق، وذلك بعد انحسار تأثيرات المحور الأمريكي على مراكز سلطة القرار في بغداد.

مواقع التواصل الاجتماعي تستقبل فكرة الانقلاب العسكري في العراق بروح النكتة والفكاهة والخلاص من الحاضر، ومراقبون يستبعدون

محمد الخضري، نائب عن الفتح، أكّد لـ "حفريات" "وجود مؤامرة كبيرة تصاغ ضدّ العراق بالكامل، بتخطيط أمريكي – إسرائيلي، ومؤسسات المجتمع المدني، والبعثيين والناس المغرضين، ومخابرات دول الجوار، بتأجيج الوضع الطائفي والمظاهرات، بتسييرها لجهة إسقاط النظام".
وأشار إلى أنّ "القوات الأمنية بأكملها تديرها العمليات المشتركة، ولن يتحرك جندي من مكان إلى آخر إلا بموافقة العمليات، ولا يمكن لوزير الداخلية أو الدفاع أن ينقل فوجاً من بغداد إلى ميسان، إلا بموافقة العمليات المشتركة"، مؤكداً أنّ "الأمريكيين وحلفاءهم يقفون وراء أيّ محاولة للانقلاب، نتيجة انحسار دورهم وتأثيرهم على الحكومة الحالية".
وعن الضمانة السياسية للنظام الحالي، بيّن الخضري؛ أنّ "وجود الكتل السياسية يمثل شراكة بين كلّ أطياف الشعب، السنّي والشيعي والصابئي والمسيحي، والأمن مشترك وكلّ شيء مشترك".

جدلية الانقلاب في السوشيال ميديا
واجتاحت فكرة حدوث انقلاب على النظام الحالي، مختلف مواقع التواصل الاجتماعي داخل العراق؛ حيث رحّب كثيرون بها، في حين استهزأ الآخرون بالساسة الحاكمين والقادمين أيضاً.
محمد لطيف، مدون في الفيسبوك، علّق على الفكرة قائلاً: "الوضع بائس، من يأتي سيكون أكثر بؤساً، رحل صدام حسين الفاسد، وجاء من هم أفسد منه"، مضيفاً "لا تتأملوا شيئاً في ظلّ بلاد تعيش أزمة وطن وأزمة مجتمع"، موضحاً: "المشكلة ليست في هذا النظام أو ذاك، بين المشكلة هي في مجتمعنا المنتج لساسة وقادة وجنرالات فاسدين موالين لدول الجوار والولايات المتحدة الأمريكية".

اقرأ أيضاً: القضاء على الميليشيات الإيرانية حاجة عراقية
وعلى النقيض من تشاؤم لطيف، يرحّب أحمد الموسوي بأية محاولة للخلاص من الطبقة الحاكمة التي وصفها بأنّها "أوغلت كثيراً في دماء العراقيين".
وأكّد، على صفحتهِ بالفيسبوك، أنّ "الدماء التي سالت تتحملها السلطة القائمة منذ 16 عاماً، ولا سيما الدماء التي سالت في ساحات الاحتجاج"، مبيناً أنّ "الساسة بعد 2003 لم يقدموا نموذجاً مختلفاً عن نموذج النظام السابق، لا سيما أنّهم جاؤوا بآليات ديمقراطية وليست ديكتاتورية"، وتابع "مرحباً بأيّ انقلاب، لعلنا نعيش مستقبلاً أفضل".

محللون "الانقلاب أكذوبة لا أكثر"
من جهتهم، رأى محللون سياسيون عراقيون، أنّ إمكانية إحداث انقلاب سياسي "غير الممكن" في الظرف الاجتماعي والسياسي العراقي.

باحثون اجتماعيون لـ "حفريات": الذهنية العراقية قابلة لنظرية المؤامرة، لذا هي تصدق أيّ ترويج لفكرة الانقلاب

ويقول الدكتور خالد العبيدي، محلل سياسي، لـ "حفريات": "زمن الانقلابات العسكرية، والتغيير من الخارج، ولّى، نحن اليوم نعيش عصر التأثير في القرار السياسي من قبل فاعلين دوليين يعملون في الخفاء"، لافتاً إلى أنّ "الواقع الاجتماعي المنقسم في العراق لا يسمح بقيام أيّ انقلاب، لا سيما أنّ التركيبة الحالية للنظام العراقي، هي تركيبة طائفية قومية".
وأكّد "محاولة الانقلاب في الظرف الراهن، أكذوبة لا أكثر، وإن وجدت، ستعمل على شقّ الهوية الوطنية ووحدة البلاد، من خلال إعلان الكرد استقلالهم، ومقاومة الميليشيات الشيعية لأيّ طارئ جديد على السلطةِ غيرهم، وهم ما يعدّ تغييراً سنياً، يفضي بالنهاية إلى قتال طائفي بين السنّة والشيعة".
وأشار العبيدي إلى أنّ "القوى الدولية الممتعضة من التدخلات الإيرانية داخل العراق، لا تريد زعزعة الاستقرار النسبي للأخير، والذي جاء بعد قتال مرير مع الإرهاب، وبدعم أمريكي وإيراني للحكومة العراقية على حدٍّ سواء".

الذهنية العراقية وثقافة المؤامرة
لا يختلف العراقيون عن غيرهم من الشرقيين في اعتناق ثقافة ونظرية المؤامرة، التي يعدّها باحثون في علم النفس الاجتماعي "طبيعة شرقية" تساهم الأنظمة الحاكمة في ترسيخها.

اقرأ أيضاً: سياسيون عراقيون ينددون بجعل بلادهم حلبة صراع إيراني- أمريكي
أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة ميسان، عباس الساعدي، يؤكد أنّ "الطابع الفكري للفرد العراقي يقوم على ثقافة التلقي والتصديق في كلّ شيء مثير، دون العودة للتفكير والتمحيص والتدقيق"، عازياً ذلك إلى "ثقافة البيئة الشرقية عموماً والعراقية تحديداً، التي تؤمن بالثأر والغنيمة والتسقيط والانقلاب على الآخر".


ويضيف لـ "حفريات": "العقل المرن، لا يسمح بثقافة كهذه، تخترق عقله، وتسيّر واقعه، وفق إشاعات تطلق من هذا المحور أو ما يناقضه، بل سيروم إثارة الأسئلة حول الموضوع المثار، للوصول إلى حقيقة وجوده من عدمه، ويتخذ حينها قراره النهائي".
وأكد الساعدي؛ أنّ "الأنظمة السياسية الحاكمة هي من تفاقم نظرية المؤامرة في الذات العربية، عبر زجّها بالمناهج الدراسية وتناول مفاهيمها من خلال وسائل الإعلام ومحتويات التواصل الاجتماعي في المجمل العام"، متسائلاً: "كيف سيخرج الفرد في ظلّ هكذا فضاء ثقافي ملغوم؟!".
الانسحاب الأمريكي من قواعده العسكرية
وفي ظلّ تطورات الأوضاع في العراق، أعلنت قوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، انسحابها من القواعد العسكرية التابعة لها في العراق.
بيان لقيادة العمليات المشتركة العراقية قال إنّه "بناء على نتائج الحوارات المثمرة بين الحكومة العراقية، والتحالف الدولي، جرت إعادة الموقع الذي كانت تشغله بعثة التحالف داخل معسكر "k1"،  في محافظة كركوك، شمال البلاد، إلى القوات العراقية"، وأضاف: "تسليم المعسكر تمّ بعد انسحاب التحالف الدولي منه وفق التزامه بإعادة المواقع التي كان يشغلها ضمن القواعد والمعسكرات العسكرية العراقية".

اقرأ أيضاً: العراق في النفق الأمريكي الإيراني
وبدأت قوات التحالف الدولي ضدّ الإرهاب بتقليص قواعدها في العراق، بتسليم أول قاعدة عسكرية لها، للجيش العراقي، بعد أيام من تقديم الحكومة العراقية شكوى دولية ضدّ الانتهاكات الأمريكية، التي تسببت بمقتل 6 وإصابة 12 من أفراد الأمن، بدايات الشهر الجاري.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني العراقي، الخميس الماضي، أنّ القوات الأمنية العراقية، تسلمت قاعدة القائم العسكرية في محافظة الأنبار، غرب البلاد، بعد انسحاب قوات التحالف الدولي منها مع تجهيزاتها العسكرية كافة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية