"الغنوشي".. وجلباب "الإخوان"

"الغنوشي".. وجلباب "الإخوان"


29/04/2018

خليل علي حيدر

هل ينجح مرشد إخوان تونس، وزعيم حزب «النهضة» الإسلامي فيها، أن يكون رائد الإسلاميين في إقامة أول «حزب ديمقراطي إسلامي»؟ زعيم حزب «النهضة»، المحسوب على «الإخوان» والوثيق العلاقة بالجماعة، أهدأ بكثير من صنوه السوداني د. حسن الترابي، الذي استهلك في تشكله السياسي والفكري قبل رحيله، كل ألوان الطيف، وإنْ كان الغنوشي لا يقل عنه في استقطاب اهتمام المتابعين، وإثارة «المفاجآت الأصولية» بين حين وآخر، بما في ذلك إعلان الطلاق البائن عن جماعة «الإخوان» وتنظيمها الدولي. أما آخر مفاجآته، فكانت تصريحه عشية افتتاح المؤتمر العاشر لحزب «النهضة» عام 2016، بأن هذا الحزب الإسلامي مجرد «حزب سياسي، ديمقراطي مدني، له مرجعية قيم حضارية مسلمة وحداثية». كما أضاف مؤكداً، «نحن نتجه نحو حزب يختص فقط في الأنشطة السياسية. وأضاف: «نخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديمقراطية المسلمة. نحن مسلمون ديمقراطيون، ولا نعرِّف أنفسنا على أننا (جزء من) الإسلام السياسي».

وأفاد الغنوشي، كما نقل الموقع الإلكتروني، «نريد أن يكون النشاط الديني مستقلاً تماماً عن النشاط السياسي». درس الغنوشي في تونس ومصر ودمشق، حيث نال منها دبلوماً في الفلسفة سنة 1968، ولم ينه دراسته العليا في فرنسا إذ اضطر للعودة إلى تونس بسبب مشاكل عائلية. حكم على الغنوشي وزعماء آخرين من الحركة بالسجن المؤبد بتهمة الاتصال بإيران. وقد أطلق الرئيس «زين العابدين بن علي» سراحه بعفو رئاسي، فتوجه الغنوشي إلى لندن، ولم يعد إلى تونس حتى نجاح الثورة.

قارب الغنوشي في إعلام دعوته وخطابه وكتبه بين الإسلام والديمقراطية والحداثة، وحاول تفسير النصوص في هذا الاتجاه. «وفي 1982، جُمعت مقالات الغنوشي في كتاب نشر في فرنسا، دار نشر الكروان، بالإضافة إلى كتاب الحريات العامة في الدولة الإسلامية الذي صدر عام 1993 عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت. في هذا الكتاب، يدافع الغنوشي عن الحاجة إلى إبقاء الحريات العامة والخاصة، بالإضافة إلى حقوق الإنسان، التي يدعو إليها القرآن وصدَّقت عليها المواثيق الدولية. فهذه المواثيق ليست متناقضة مع الإسلام إذ إنها تتضمن حرية التعبير والاجتماع، بالإضافة إلى المشاركة السياسية، والاستقلال وإدانة العنف وقمع الرأي الحر. يعتبر الغنوشي أن مثل هذه المبادئ قد تصبح مرتكزاً للتعايش والحوار السلمي بين المجتمع والدولة، وبين الحكام والمحكومين». «الحركات الإسلامية في الوطن العربي، 2، ص 2485».
ونشرت بعض المواقع في 16-05-2016، «أن الحدث الأهم الذي خض تونس اليوم تمثل في انتشار خبر خروج «الغنوشي» من جلباب «الإخوان»، وقوله في رسالة وجهها لهم إن الجماعة أخطأت.. إلا أن الغنوشي عاد بعد ساعات ونفى صحة الخبر، علماً أن العديد من قادة النهضة، ومنهم المرشد راشد الغنوشي، أكدوا في أكثر من مناسبة على أن حركتهم فكت الارتباط الفكري والتنظيمي مع الإخوان».

ووفق الرسالة المنسوبة لراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التي نشرتها صحيفة «الحياة الفلسطينية»، والتي نسب له أنه وجهها - أي الرسالة - للاجتماع الخاص بالتنظيم العالمي للإخوان، الذي عقد في اسطنبول تحت شعار «شكراً تركياً»، فإن أهم ما ورد في الرسالة قول الغنوشي «لا أسباب صحية ولا غيرها حالت دون حضوري، ولكنني أرى يوماً بعد يوم أن لحظة الافتراق بيني وبينكم قد اقتربت. أنا مسلم تونسي، تونس هي وطني، وأنا مؤمن بأن الوطنية مهمة وأساسية ومفصلية، فلن أسمح لأي كان أن يجردني من تونسيتي، لن أقبل أي عدوان على تونس حتى لو كان من أصحاب الرسالة الواحدة».

وأضاف قائلاً: «أنا الآن أعلن أمامكم أن تونسيتي هي الأعلى والأهم، لا أريد لتونس أن تكون ليبيا المجاورة ولا العراق البعيد، أريد لتونس أن تحمي أبناءها بكل أطيافهم وألوانهم السياسية، أنا وبالفم الملآن أعلن لكم أن طريقكم خاطئ وجلب الويلات على كل المنطقة».

وتابع الغنوشي مخاطباً الإخوان: «لقد تعاميتم عن الواقع وبنيتم الأحلام والأوهام وأسقطتم من حساباتكم الشعوب وقدراتها، لقد حذرتكم في مصر وسوريا واليمن ولكن لا حياة لمن تنادي، أنا الآن جندي للدفاع عن أراضي تونس ولن أسمح للإرهاب مهما كان عنوانه أن يستهدف وطني، لأن سقوط الوطن يعني سقوطي».

وفي سياق التأكيد على «تونسة» الحركة، عبر القطيعة مع الإرث الفكري والتنظيمي مع التنظيم العالمي للإخوان، أعلنت قيادة «النهضة» التبرؤ من كل صلة بالإخوان، من خلال إصدار تعليمات صريحة لإطارات وقواعد الحركة، بتجنب إبراز كل ما له صلة يمكن أن تشير إلى وجود علاقة بالإخوان، وصل حد «التنبيه» بعدم رفع شعار «رابعة».

ويقول المحللون إن الحركة الإسلامية التونسية تواجه اليوم «مخاضاً عسيراً، وسط تحولات شاملة تجرف العالم العربي، بعد موجة «ثورات الربيع العربي»، فبرغم سلسلة التنازلات المعلنة، فإن محيطها المجتمعي والسياسي، وكذلك النخب، ما زالوا ينظرون إلى حركة "النهضة" بعين الريبة والتشكيك، وإن كان الباحثون المختصون بالظاهرة الإسلامية يشيرون إلى أن الحركة بصدد التطور. لكن هذا التطور لم يصل بعد إلى القطع مع «الإرث الإخواني» ولا يمكن بالتالي أن يؤسس للتحول إلى «حزب مدني» و«وطني»، أي تونسي محلي، وهو - كما يقولون - «ما سيبقى متروكاً للمستقبل وربما للأجيال القادمة».

عن "الاتحاد"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية