سادتنا في قريش سادتنا في الإسلام

سادتنا في قريش سادتنا في الإسلام


25/03/2018

في كل عدد يوم أحد من صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ولسنوات طويلة،  يظهر مقال تحت عنوان ثابت، هو : خمس خرافات عن.....

وإذا ما شئنا جعلها خرافات عن "العراق الجديد" فسنجد:

الأولى:

خريجو المؤسسة السرية الإيرانية في الإعلام والفقه يصبحون مبشري الليبرالية العراقية وسفراءها في واشنطن!

الثانية:

خريجو قُم من المعممين العراقيين اليافعين يصبحون مبشري الليبرالية في العراق، وموضع ثقة واشنطن وطهران؟ لا بل يصبحون عتاة العلمانية وصوتها الأعلى في العراق! مثلما يصح القول إن الحكام والمتنفذين العائدين إلى العراق من الغرب الحداثوي كانوا على مستوى لافت من التشدد العقلي والانغلاق الفكري، لا يضاهيه غير مستوى شراهتهم في السرقة والتزوير.

الثالثة:

النظام الحالي يعتمد البعثيين الشيعة كأداة في اضطهاد معارضي صدام الحقيقيين.. خذ مثلاً عضو قيادة شعبة البعث الذي اسمه حالياً الجنرال قاسم عطا الموسوي، الذي أصبح مدير العمليات الخارجية في المخابرات عام 2013 بدعم من رئيس الوزراء نوري المالكي.

الرابعة:

أن تكون مهرّباً للنفط أيام الحصار في نظام صدام (وهذا بالطبع ما كان سيتحقق دون التعاون مع المخابرات)، ثم أنت ذاتك، تكون مستشار رئيس الوزراء الاقتصادي، أي أن تكون مستولياً على أكبر الاستثمارات العقود.

الخامسة:

أن تكون محرراً ثقافياً لصحيفة الدولة العراقية أيام صدام، ثم تكون ذاتك مستشاراً ثقافياً للرئيس المعارض لصدام.

من بين الخرافات العراقية أن يصبح خريجو المؤسسة السرية الإيرانية في الإعلام والفقه مبشري الليبرالية وسفراءها في واشنطن!

أن تعيش تلك الخرافات الخمس، يعني أنك في "العراق الجديد"... العراق القبيح المعاني والأفكار، ومنها ما تعرض له كاتب السطور، ومعه الآلاف من العراقيين ممن تحصلوا بتفوق على معارفهم العلمية، من ظلم وإجحاف منظّم على يد المؤسسة البعثية، ففي العام 1978 أنهيتُ الامتحانات النهائية النظرية مع زملائي بفرح واجتهاد، وقبل ذلك جمعتني معهم صورة التخرج الرسمية، في وقت كان الجهاز الحزبي والأمني في كليتنا يعدّ العدة لمخطط جهنمي عماده قرار بفصلي وزميل آخر من السنة الدراسية بذريعة تجاوز غياباتنا الحد المسموح، وهو بالطبع أمر ليس صحيحاً، حد إنّ أستاذ الجراحة، صرخ محتجاً بشأني: "كيف هذا ودرجته 46 من خمسين في درسي"؟ لكنها صيحة ضاعت في بين أرواح مظلمة سيطرت حتى على عمادة الكلية التي أذعنت للقرار الظالم الذي طال كثيرين في كليات عراقية حينها، بسبب كونهم خارج قطيع الانتماء التنظيمي للبعث الحاكم.

ذلك القرار الظالم، كلّفني الكثير من الأعباء والخسارات ليس أقلّها عشر سنوات في حربيْ إيران والكويت وبما تضمنتاه من مصائب وويلات، فالدورة التي كان من المفترض أن أتخرج معها، أنهت الخدمة العسكرية قبل الحرب، بينما الدورة التي صرت إليها مجبراً جاءت عليها الحرب أثناء الخدمة.

وكان أحد مهندسي ذلك القرار ووراء عملية إضفاء الطابع الرسمي عليه، زميل فظّ سلوكياً ومتخلف علمياً، هو المسؤول الحزبي للكلية والمشرف على "الاتحاد الوطني لطلبة العراق" سيئ الصيت، ونتيجة لولائه المطلق وقسوته، نال بعثة دراسية عليا في أستراليا، غير إنه لم يعد إلى العراق المتلظي بالحرب، فهو لا يعرف من البلاد إلّا المغانم وبالطبع دون مقاربة الأخطار.

ذقت ومئات الآلاف من جيلي أهوال الحروب والطغيان، حتى قررت الهجرة والإقامة في عمّان، وإعلان العمل المعارض للديكتاتورية

ذقت ومئات الآلاف من جيلي أهوال الحروب والطغيان، حتى قررت الهجرة والإقامة في عمّان، وإعلان العمل المعارض للديكتاتورية عبر عمل واسع في حقول الصحافة وشؤون ثقافية عدّة، واصلته لاحقاً بعد عودتي إلى بغداد في نيسان (أبريل) 2003، حتى اغتيال أخي ونبراسي ومعلمي المفكر والناقد قاسم عبد الأمير عجام في أيار(مايو) 2004 لأهاجر مرة أخرى للعمل ولكن هذه المرة إلى واشنطن.

قبل أيام بعث لي زميل عزيز بصورة فوتوغرافية يشاركني فيها، "أمير الظلام" إياه الذي قسا عليّ وعلى زميل هو صديق العمر، فأجبته "بعد أيام من صورة التخرج فصلنا أنا وزميلي العزيز أمين.. لاحظ الشيطان الذي بيننا... كم تقتلني هذه القصة".

المفارقة القاتلة أنّ هذا "الشيطان" عاد قبل فترة إلى بغداد باعتباره مضطهداً سياسياً من قبل النظام السابق، واحتسبت له فترة دراسته في أستراليا وإقامته فيها، فصلاً سياسياً يوجب التعويض والثناء، ليشغل موقعاً متقدماً اليوم في "جامعة النهرين" ببغداد.

سادتنا في الديكتاتورية هم سادتنا في الديمقراطية!

توافقاً مع "سادتنا في قريش سادتنا في الإسلام".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية