ما بعد تصفية الصماد.. خيارات عسكرية للحسم باليمن

ما بعد تصفية الصماد.. خيارات عسكرية للحسم باليمن


02/05/2018

أثارت الروايات المتباينة لكلّ من "أنصار الله" و"التحالف العربي"، حول مقتل صالح الصماد، رئيس "المجلس السياسي الأعلى"، الشكوك حول ظروف اغتياله، والجهة التي تقف وراء ذلك، فمن جانب جماعة الحوثي جاء الإعلان بعد ثلاثة أيام على مقتله، بالتزامن مع قيام وسائل إعلامية تابعة لها، بنشر مقاطع فيديو تظهره في جولة على مراكز التصنيع العسكري، في اليوم التالي لوفاته، فيما لم يعلن "التحالف" رسمياً تصفيته إلّا بعد إعلان الحوثي، ومن خلال شريط فيديو يبين كيفية استهدافه، وتمّ ترك الحقيقة لإشاعات تتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي من قبل "أنصار الله" و"التحالف".

ورغم ذلك، فإنّ المواقف الرسمية والتناقض الذي وقعت فيه جماعة أنصار الله، وهشاشة روايتهم، جعل احتمالات قيام الحوثي بتصفية الصماد، أو "تسهيل" مهمة استهدافه، هي الأرجح، في ظلّ خلافات داخلية في الأوساط القيادية لجماعة أنصار الله، لم تعد سرية، حول إدارة المعارك والمواقف من المصالحة، وميل كفّة المعارك لصالح قوات التحالف التي تقودها السعودية والإمارات.

الرسالة الأهم باغتيال الصماد كانت بإضعاف احتمالات التوصل إلى حلّ سياسي للقضية اليمنية لصالح تعظيم الخيار العسكري

فعلى صعيد الخلافات الداخلية لأنصار الله، كان الصماد أحد أبرز رموز التيار الأقل تشدداً بين قيادات الجماعة الحوثية، وحلقة الوصل الأهم في المفاوضات مع الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، بعد الانقلاب الذي نفذته الجماعة على الشرعية، في أيلول (سبتمبر) العام 2014، وهو صاحب نظرية "المناصفة" في تقاسم السلطة مع الرئيس الراحل صالح، التي كان أبرز مخرجاتها تشكيل المجلس السياسي الأعلى، الذي تولى إدارة الشؤون العسكرية والأمنية لليمن بعد الانقلاب، فيما كانت له تحفظات على التدخل الإيراني المباشر في شؤون جماعة الحوثي وتوجيهها، وإصرارها على استحواذ الجماعة على كامل السلطة، بتأييد من تيار متشدّد داخل قيادة الحوثي، يمثله مهدي المشاط الذي تولّى رئاسة المجلس السياسي الأعلى، مباشرة بعد الصماد، ومحمد علي الحوثي، وهو ما دعا متابعين للشأن اليمني لتقدير أنّ الاستخبارات الإيرانية لم تكن بعيدة عن تصفية الصماد، وأنّ الجماعة بعده ذاهبة باتجاه التصعيد، باتجاهين رئيسين هما: التوسع في عمليات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيَّرة على السعودية، واستهداف الملاحة البحرية في شواطئ البحر الأحمر، خاصة شواطئ الحديدة.

تصفية الصماد غير معزولة عن سياقات تطورات المعارك في اليمن، في ظلّ الاستهداف الواسع لقوات التحالف لمناطق صعدة وحجة، وتوجيه ضربات موجعة لأهداف في مناطق تشكل الحواضن التاريخية الرئيسة لجماعة الحوثي، إضافة إلى التشكيل العسكري الجديد الذي يقوده العميد طارق صالح، ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، المعروف بألوية حراس الجمهورية، التي بدأت معاركها في الحديدة، بدعم من القوات العسكرية الإماراتية في اليمن، وتنسيق غير واضح المعالم مع قوات الشرعية المعروفة بالجيش الوطني.

تصفية الصماد غير معزولة عن سياقات تطورات المعارك باليمن في ظلّ الاستهداف الواسع لقوات التحالف مناطق صعدة وحجة

ولا شكّ في أنّ غياب الصماد يشكل ضربة قوية لأنصار الله، ارتباطاً بقدراته العسكرية والسياسية، وستتعزز مظاهر تلك الضربة، إذا ثبت أنّ الجماعة هي من قامت بتصفيته أو سهّلت ذلك، بانعكاساتها على تحالفاتها، بعد قيامها بتصفية الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، خاصة بين قبائل طوق صنعاء ومجاميع يمنية من بينها أوساط في المؤتمر الشعبي، ومواقف "مراوغة" لـ"جماعة الإخوان المسلمين/ الإصلاح"  تراهن على إمكانية نجاح الحوثي في قيادة اليمن، غير أنّ الرسالة الأهم باغتيال الصماد كانت بإضعاف احتمالات التوصل إلى حلّ سياسي للقضية اليمنية، لصالح تعظيم الخيار العسكري، هذا الخيار الذي تراهن عليه قوات التحالف من جهة، في ظلّ مؤشرات تؤكّد أنّ الحوثي يتجه لمزيد من الضعف، وإصرار القيادة الإيرانية على "إفشال" السعودية باليمن، بأية وسيلة كانت، من جهة أخرى، بما في ذلك تكليف جماعة الحوثي بإطلاق سراح قيادات من تنظيم القاعدة المسجونين في السجون اليمنية، بهدف خلط الأوراق، على غرار ما يجري في العراق وسوريا، وهو ما يعني أنّ اليمن على موعد مع صيف شديد عنوانه توسع العمليات العسكرية في مختلف الساحات، خاصة في صنعاء، والمناطق المحيطة بها من جهة، والحواضن التاريخية لجماعة الحوثي في صعده وحجة وعمران من جهة أخرى، وربما تشكل ألوية حراس الجمهورية، بقيادة العميد طارق صالح، أحد أبرز عناوين الانتصار، وهو ما يؤسس لمرحلة جديدة في اليمن، أبرز ملامحها البدء بإنهاء اختطاف اليمن لمصلحة إيران، وصياغة الصراع فيه بما يخدم المشروع الإيراني في الإقليم، خاصة أنّ القيادة الإيرانية تنظر لليمن باعتباره أحد أوراقها التي يمكن أن تفاوض عليها قريباً على خلفية الضغوط الأمريكية والأوروبية، لتعديل الصفقة النووية واحتمالات إلغائها من قبل أمريكا.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية