تركيا وإسرائيل: علاقات اقتصادية تكشف أوهام العداء

تركيا وإسرائيل

تركيا وإسرائيل: علاقات اقتصادية تكشف أوهام العداء


09/01/2020

يعود تاريخ العلاقات التركية -الإسرائيلية، إلى بدايات تأسيس الكيان الصهيوني؛ حيث كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف رسمياً بإسرائيل العام 1949، ومنذ ذلك الحين أخذت العلاقات الثنائية تتطور بشكل مطرد على الصعد كافة خاصة الاقتصادية والعسكرية، ومع وصول حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان إلى السلطة العام 2002، أخذت هذه العلاقات تفقد بريقها على المستوى "الكلامي"، لكن الاستعانة بلغة الأرقام على المستوى الاقتصادي تحديداً تكشف زيف هذا العداء، وأنّ ما يجري مجرد مناورات سياسية ودغدغة للمشاعر التي يجيدها أردوغان باسم نصرة القضية الفلسطينية.

واقعية الغاز والتبادل التجاري

في كثيرٍ من المواقف الصعبة، التي ليس آخرها نقل سفارة أمريكا إلى القدس، يستمر أردوغان باستخدام خطابه العاطفي الشعبوي بخصوص فلسطين والإسلام، غير أنّ هذا لا يمنع من وجود علاقاتٍ اقتصاديةٍ قوية مع دولة الاحتلال، ويشير موقع "ترك برس" إلى هذه العلاقة، من خلال تقريرٍ يشمل تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي "يوفال شتاينيتز".

يستمر أردوغان باستخدام خطابه الشعبوي بخصوص فلسطين والإسلام لكن علاقاته الاقتصادية متينة مع الاحتلال

وبحسب التقرير، المنشور بتاريخ 27 شباط (فبراير) 2016 يقول الوزير "لم تتأثر العلاقات التجارية بين البلدين رغم بعض الخلافات الدبلوماسية في 2008 و 2013، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الطرفين لعام 2009، مليارين و597 مليوناً و163 ألف دولار، وعلى الرغم من التدهور الدبلوماسي للعلاقات المتبادلة بين الطرفين، إلا أنّ حجم التبادل التجاري لعام 2014، بلغ 5 مليارات و832 مليون و180 ألف دولار".
وكان الوزير قال في التقرير ذاته، إنّ "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صرح بأنه في ظل تدهور الأوضاع السياسية في المنطقة، بشكل حاد لا نظير له، فإن تركيا بحاجة ماسّة إلى التوافق مع إسرائيل، لمناقشة المسارات التي يمكن من خلالها إحداث تغييرات إيجابية في المنطقة".

أردوغان يرى أن إسرائيل دولة مهمة

يرى أردوغان إذن، أنّ إسرائيل دولة مهمة ومستقرة سياسياً مقابل أوضاع متدهورة في المنطقة، ولعل مفتاح مصالحه التجارية هو وبلده، تعود كذلك إلى غاز الاحتلال، الذي يعد أفضل ضامنٍ للعلاقات بين الطرفين.
ويمكن من خلال تحقيق أعدته "دويتشه فيله"، باللغة الإنجليزية، ونشر بتاريخ 12 كانون الأول (ديسمبر) 2017 متابعة هذا الرأي بوضوح؛ حيث يقول كريستيان باركل، الخبير بالشؤون التركية، ومدير مؤسسة "هاينريش بول" في تركيا، إنّ "أردوغان يحب تنصيب نفسه بمظهر المنقذ للمسلمين في مواجهة ترامب وإسرائيل، غير أنّه يستخدم مهاراته الخطابية في هذا العداء الشكلي، من أجلِ كسب الانتخابات المبكرة التي سوف يقدم عليها قريباً".

أردوغان: تركيا بحاجة  إلى التوافق مع إسرائيل لمناقشة المسارات التي يمكن من خلالها إحداث تغييرات إيجابية في المنطقة

ويضيف باركل "ستون بالمئة من الغاز الذي تحتاجه تركيا، تحصل عليه من روسيا، لكنها تريد التحرر من هذه السيطرة خصوصاً بسبب الأوضاع السياسية الأخيرة، ولذلك هي تبحث عن مزودٍ جديد، هو إسرائيل".

وبالعودة إلى الاقتصاد، وواقعية أردوغان أو براغماتيته في التعامل مع دولة الاحتلال، فإنّ واحدة من كبار مستشاري الدولة التركية والرئاسة، وهي البرفيسور، هاتيس كارهان، قالت في التحقيق ذاته "الاقتصاد لا يفهم سوى لغة الأرقام، وصادرات تركيا إلى إسرائيل تجاوزت خلال الأعوام القليلة الماضية حاجز 2,5 مليار دولار، وهو مبلغ مستمر النمو، وهذا يعني، أنّ السوق الإسرائيلي من أهم الأسواق لتركيا في العالم".

مبالغ كبيرة تكشف حجم التبادل التجاري بين تركيا ودولة الاحتلال

مليارات متبادلة بين الصديقين
أهم قيمة للأرقام قدرتها الكبيرة على محو الأوهام العاطفية والسياسية، وتبديد السراب الذي يمنع الكثيرين من مواطني العالم العربي، أن يروا حقيقة اعتماد كل من تركيا وإسرائيل على بعضهما البعض اقتصادياً، وهو ما ازداد في عهد أردوغان.
موقع الأبحاث الدولي، "بوابة الأبحاث"، مدعوماً كذلك بأرقام وزارة الاقتصاد والتجارة التركية، يضع على موقعه الإلكتروني كل ما يتعلق بالتجارة بين أردوغان وإسرائيل؛ حيث تجدر الإشارة إلى أنه في عهد حزب العدالة والتنمية، بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا والدولة، التي يصفها أردوغان بأنها "دولة الاحتلال والإرهاب"، أربعة أضعاف ما كانت عليه من قبل.
وتوضح البيانات هذه الوقائع؛ إذ حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل العام 2002 كان يبلغ 1.39مليار دولار غير أنه في عام 2014 ارتفع إلى 5.83 مليار دولار. بينما يستمر المبلغ بالارتفاع لاحقاً خلال عام 2017، وهو عام خطابات أردوغان "النارية" ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.

الأرقام تشير إلى أن العلاقات التركية الإسرائيلية في تزايد

ويبدو واضحاً من حجم واردات وصادرات تركيا من وإلى دولة الاحتلال أنّ تركيا تدعم اقتصاد الاحتلال، في عهد رجب طيب أردوغان، بإشراف حزبه؛ حيث تبدو العداوة المزعومة رخوة وغير قابلة لأن تكون حقيقية، في ظل ملياراتٍ تظهرها الأرقام من جديد حتى عام 2017:

مئات المليارات تتبادلها كل من تركيا ودولة الاحتلال سنوياً

أكثر من ملياري دولار، يبلغ حجم صادرات تركيا لدولة الاحتلال طوال أعوام، وهو مبلغ يضع تركيا إلى جانب أمريكا وألمانيا والصين، الدول الرئيسية التي تملك تبادلاً تجارياً كبيراً مع دولة الاحتلال.
ولا يمكن تجاوز ما تكشفته الأرقام، عن الارتفاع المطرد نسبياً في حجم الدعم التركي لاقتصاد الاحتلال؛ حيث تنطلق تركيا من واقعية اقتصادية وسياسية في دعم الكيان الذي يصرخ أردوغان في المحافل العربية والدولية باسمه متهماً إياه بالإرهاب، غير أنه، وهو رئيس تركيا المنتخب، وبائع أوهام الخلافة للعرب والمسلمين، يتصدر هو وبلده، قائمة الدول الداعمة اقتصادياً لهذا الكيان.

الصفحة الرئيسية