كيف ينتهي الإرهاب؟

كيف ينتهي الإرهاب؟


22/07/2018

يبدأ كتاب "كيف ينتهي الإرهاب؟"، للباحثة والأكاديمية الأمريكية أودري كيرث كرونين، الأستاذة في مدرسة الخدمات العالمية في الجامعة الأمريكية –واشنطن، بادعاء أنّ "مسيرة الإرهاب تبدو بلا نهاية؛ لكنها تنتهي دائماً".

وتدلل كرونين على ذلك بالقول: إنّ الإرهاب ظاهرة قديمة؛ في القلب منها أنّها تكتيك الضعيف. ورغم مواجهة بعض الجماعات الإرهابية المعمرة في الأعوام الأخيرة، إلا أنّ متوسط العمر والبقاء لأيّ تنظيم أو جماعة إرهابية هو 8 أعوام.

يبدأ الكتاب بادعاء أنّ "مسيرة الإرهاب تبدو بلا نهاية؛ لكنها تنتهي دائماً"

وتضيف كرونين، أنّ أبحاثها في ظاهرة الإرهاب أظهرت أنّ هناك 6 أنماط كلاسيكية لنهاية الجماعات الإرهابية هي:

1- قطع الرأس؛ بمعنى القضاء المبرم على الجماعة، إما من خلال القبض على قيادات الجماعة أو قتلها، والأمثلة كثيرة؛ من الجيش الجمهوري الإيرلندي الى حزب العمال الكردستاني، واعتقال عبد الله أوجلان، إلى جماعة أبو سيّاف في الفلبين، إلى الشيشان في روسيا، واستهداف القادة الفلسطينيين من قبل إسرائيل.

2- التفاوض ودخول الجماعات الإرهابية العملية السياسية، ومثال ذلك: الجيش الجمهوري الإيرلندي وعملية السلام في إيرلندا، ونمور التاميل إيلام في سيرلانكا.

أفضل طريقة لتطوير سياسة مكافحة إرهاب فعّالة تحديد النمط المناسب لكل جماعة إرهابية ثم اتخاذ الإجراءات

  3- النجاح؛ ويعني أنّ الجماعة الإرهابية تنتهي وتختفي عندما تنجح في تحقيق أهدافها، ومثال ذلك: المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا، وتنظيم الأرغون الإرهابي الإسرائيلي.

4- الفشل: وذلك حينما تفشل الجماعة الإرهابية في المحافظة على البقاء والقوة والقدرة على الدعاية والتجنيد، والتكيّف مع البيئة السياسية من حولها، ومثال على ذلك: جماعات اليمين المتطرف في أمريكا.

اقرأ أيضاً: قراءة في كتاب "تشريح الإرهاب.. من مقتل بن لادن إلى ظهور داعش"

5- القمع: نمط سحق الجماعات الإرهابية بالقوة، خاصة العسكرية، كما في تجربة منظمة "نار ودنايا فوليا"، التي تعني بالعربية "إرادة الشعب".

وهي منظمة إرهابية روسية، خليط من اليمين المتطرف والاشتراكية، نشطت خلال الفترة 1879-1884، ولاقت شهرة كبيرة باغتيال القيصر ألكسندر الثاني، ثمّ تمّ سحقها والقضاء عليها، وتجربة مصر مع تنظيم الإخوان المسلمين خلال الفترة من 1928-1966.

اقرأ أيضاً: الإرهاب.. أول الدم من الزرقاوي إلى البغدادي

وأشير هنا، إلى أنّ تنظيم الإخوان المسلمين لم ينتهِ في مصر عام 1966، رغم القمع، وما يزال موجوداً حتى الآن، رغم ضعفه وملاحقته.

تنظيم الإخوان المسلمين لم ينتهِ في مصر عام 1966 رغم القمع

وتجربة الحزب الشيوعي البيروفي – المشهور باسم "الدرب المضيء"- وهو خليط من الماركسية اللينينية والماوية الصينية، استمر الحزب في نشاطه العسكري في مختلف مناطق البيرو، حتى تم القبض على رئيسه برفسور الفلسفة "أبيميال غوزمان" عام 1992، فتلاشى العمل العسكري واختفى الحزب تدريجياً. ثم تجربة حزب العمال الكردستاني، والقبض على زعيمه عبد الله أوجلان. وتجربة قضاء الروس على الشيشان. وغيرها من التجارب.

اقرأ أيضاً: رواية آلموت.. رحلة أدبية في مجاهل الإرهاب المقدس

6- إعادة التوجيه، أو التحوّل في أساليب العمل، وتضرب كرونين أمثلة على ذلك من تجارب جماعة "الفارك" الكولومبية، وجماعة أبو سيّاف في الفلبين، و"الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر.

وتؤكّد كرونين، أنّ هذه الأنماط الستة، التي تدمج ببعضها أحياناً، تتضمن أفضل توجيه لأيّة إستراتيجية يمكن أن تنجح، وأيّها تفشل، ولماذا؟

انتهت الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر من خلال الحرب العسكرية التقليدية أي نمط القمع من قبل السلطات

وتدّعي كرونين أنّ أفضل طريقة لتطوير سياسة مكافحة إرهاب فعّالة، هي أن يتم تحديد النمط المناسب لكل جماعة إرهابية، وبعدها يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لإنهائها.

طبعاً، هذا يدفعنا للسؤال هنا: ما النمط الذي يمكن أن يطبَّق على حالة تنظيم داعش الإرهابي؟

تبدو كرونين (كما ذكرت في مقابلة معها على خلفية الحديث عن كتابها الذي صدر في طبعتين، عامي 2009 و2011؛ أي قبل ظهور تنظيم داعش) واثقة من نهاية تنظيم داعش، وتدّعي أنّ كثيراً من الناس يشبهون داعش بتنظيم القاعدة، وهذا صحيح نسبياً، من ناحية أنّ الجذور واحدة، لكنّ داعش يختلف جوهرياً عن القاعدة، بالنظر إلى حجم التوحش الذي مارسه خلال الأعوام الماضية، والذي يشبه ويُذكّر بممارسات "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر، بين عامَي 1991 و1998؛ حيث تبنّت الجماعة عدة عمليات إرهابية ضدّ أهداف مدنيّة في الجزائر وفرنسا، وارتكبت مجازر إبادة بحق القرويين خلال فترة العشرية السوداء في الجزائر؛ كمجزرة ابن طلحة، ومجزرة رايس. وكانت تستعمل أساليب مثل: الاغتيالات، تفخيخ السيارات، وعمليات الاختطاف.

اقرأ أيضاً: "الفلسفة في زمن الإرهاب": هل من وصفة لمواجهة أخطار الإرهاب المدمّرة؟

وانتهت "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر، من خلال الحرب العسكرية التقليدية؛ أي من خلال "نمط القمع" من قبل السلطات الجزائرية.

أما مع تنظيم داعش، فإنّه سينتهي بدمج نمطي: القمع، والفشل أمام جمهور مؤيّديه.

يبقى السؤال: كم بقي من العمر الافتراضي لبقاء تنظيم داعش، إذا أخذنا بمعيار كرونين، بأنّ العمر الافتراضي للجماعات الإرهابية هو 8 أعوام؟ فهل سيستمر بالحياة والعمل 4 أعوام مقبلة، على اعتبار أنه ظهر العام 2014؟

اقرأ أيضاً: إرهاب الذئاب المنفردة لدي سيمون: صرخة إنذار

وهل انتهى فعلاً تنظيم داعش بواسطة القمع والحرب الهجينة (التقليدية وغير التقليدية) والشعور بالفشل، أم سيختار تغيير "أسلوب العمل" وربما يدخل العملية السياسية من بوابة الهزائم الأخيرة في سوريا والعراق؟

الأمثلة التي تعبّد الطريق في هذا المجال كثيرة، ولعلّ أحدثها تجربة تنظيم "الفارك" في كولومبيا، ومنظمة "آيتا" في إسبانيا وفرنسا، وتجربة "نمور التاميل إيلام" في سيرلانكا، و"أبو سيّاف" في الفلبين.

اقرأ أيضاً: الإرهاب المقدس: مقاربات خارج الصندوق الأسود



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية