هكذا تُغيث أموال المخدرات بنوك العالم!

هكذا تُغيث أموال المخدرات بنوك العالم!


كاتب ومترجم جزائري
06/08/2018

ترجمة: مدني قصري


في زمن ضجيج الجدل القائم حول الإسلام السياسي، والإرهاب بشكل عام، يجدر بنا أن نذكّر بمن يتحكّم في تجارة المخدرات في فرنسا، ومن ينظّم تهريب المخدرات في العالم، ولماذا نتركهم يفعلون؟

"صفر صفر صفر" (Zéro zéro zéro) كتاب "روبرتو سافيانو" الجديد، وهو مزيج مثير بين النقد والتحليل الدقيق حول الاتجار الدولي بالكوكايين، مع التركيز بشكل خاص على المكسيك.

روبرتو سافيانو: يمثّل مجموع المخدرات الصناعة الأولى في العالم قبل صناعة النفط

وربرتو سافيانو (Roberto Saviano)؛ هو كاتب إيطالي وصحفي، يروي في كتاباته ومقالاته وبرامجه التلفزيونية وكتبه قصص منظمات المافيا، وأشهرها مافيا كامورا.

تلقّى العديد من التهديدات من أكبر منظمات المافيا النابولية، ما اضطر وزير الداخلية الإيطالي لوضع الكاتب تحت الحراسة الأمنية، وبسبب موقفه الشجاع؛ صنّفه الفيلسوف الإيطالي أمبرتو إكو" بطلاً وطنيا"ً.

"صفر صفر صفر" (Zéro zéro zéro) كتاب "روبرتو سافيانو"

الصناعة الأولى قبل النفط

يقول سافيانو "يمثّل مجموع المخدرات الصناعة الأولى في العالم، قبل صناعة النفط".

لم تشهد سوق الكوكايين أزمة على الإطلاق منذ الحرب العالمية الثانية، إنها سوق في صحة جيدة، وتدور بشكل جيّد، حتى عندما يكون الاقتصاد في أسوأ حالاته.

في هذا الكتاب؛ يبيّن سافيانو أنّ أموال تجارة المخدرات تغزو العالم "97٪ من أموال المخدرات، تتم إعادة تدويرها من قبل البنوك الأمريكية والأوروبية".

ربرتو سافيانو

هل يدعم اقتصاد المخدرات الاقتصاد؟

يقتبس سافيانو أقوال أنطونيو ماريا كوستا، المدير السابق لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة، الذي قال في عام 2009: إنّ "مليارات اليورو من المخدرات أنقذت البنوك الأوروبية".

وينهي تحليله بمفاجأة من صنع إيطالي لها صدى في العالم كله: "المافيات الإيطالية مصنوعة من قواعد، وخبرتها تصدر إلى الكارتلات الكبيرة المكسيكية والروسية".

الجريمة الاقتصادية أقدم من الجريمة المنظمة

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أكدت المدرسة الاشتراكية الألمانية، وكارل ماركس على وجه الخصوص (في رأس المال، ١٨٦٧) كم كانت الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها عملية الإنتاج الرأسمالي مجرمة جنائياً؛ حيث لم تخلق فقط جريمة الحاجة وحسب، وإنما أيضاً جريمة الاستغلال والربح التي ارتكبتها البرجوازية.

اقرأ أيضاً: مخدرات "داعش" في قبضة السلطات الإيطالية

إنّ مفهوم الجريمة المنظَّمة نفسه، هو من أصل بوليسي؛ فقد تم استخدامه بشكل أساسي منذ عشرينيات القرن العشرين، خاصّة في تقارير الشرطة، بعد حظر الكحول في الولايات المتحدة (من 1919 إلى 1933)، وحركة المتاجرة غير القانونية السرية التي نشأت هناك، وأتاحت للمنظمات الإجرامية، خاصة المافيا (من أصل صقلي)، توسيع نفوذها بفضل الأرباح الضخمة التي حققتها.

مفهوم الجريمة المنظَّمة نفسه أصله بوليسي تم استخدامه منذ العشرينيات في تقارير الشرطة

ومن ثم، في السبعينيات، عندما حققت المنظمات الإجرامية التحوّل الإستراتيجي الحاسم من الاتجار غير المشروع بالمخدرات، بدأ هذا الإجرام ببطء في دراسة تطور وخصائص الجريمة المنظمة. وعلى مدى العقد الماضي، شهدت الجريمة المنظمة نمواً هائلاً، كواقع جنائي، تميّز بتطور ليس كميّاً (زيادة في الاتجار غير المشروع وأعمال العنف والترهيب، أو قضايا الغشّ بشتّى الأنواع، والفساد وإعادة تدوير العائدات الإجرامية) فحسب، إنّما بتطوّر نوعي أيضاً (التأهيل المهني، وتوسيع الشبكات وزيادة التدويل)، وكموضع اهتمام سياسي تحت رعاية الأمم المتحدة، و"G7" (مجموعة الدول الصناعية السبع في العالم)، والمجلس الأوروبي، والاتحاد الأوروبي، وهكذا كانت تقاريرُ تحقيقات الحكومات في مركز المناقشات البرلمانية، في ألمانيا (في وقت مبكر من عام 1990)، وفي إيطاليا (عن المافيا، ثم في سلسلة قضايا الفساد، وماني بوليتي (Tangentopo) (الأيدي النظيفة حول الفساد السياسي في إيطاليا)، ابتداءً من شباط (فبراير) 1992، وفي فرنسا عام 1993.

ما الذي يكمن وراء حظر القنب؟

حظرُ القنب يخدم أيضاً تجارة الأسلحة، الجماعات الإرهابية تسلّح نفسها حتى النخاع، من الواضح أنّ الكثير من أرباحها يتم استثمارها في توريد الأسلحة، وينطبق هذا أيضاً على الكارتلات، مثل تلك التي تشارك في الحرب الدامية العنيفة التي تدور رحاها في المكسيك، خاصة على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة؛ حيث سبّب الاتجار غير المشروع بالمخدرات موت مئات الآلاف من البشر

اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين المخدرات والإرهاب العابر للحدود؟

ووفق التقديرات؛ فإنّ القنب سوف يجلب للمنظمات المكسيكية بين 15٪ و60٪ من دخلها، لكنّ هذه الأرقام تأخذ في الاعتبار فقط الماريجوانا المنقولة من المكسيك إلى الولايات المتحدة، ولا تشمل تلك التي تزرع في التراب الأمريكي بواسطة الكارتلات.

غسيل الأموال القذرة والمال الأسود

غسيل الأموال القذرة، الذي اخترعه آل كابوني (Al Capone) ؛ الذي كان يستخدم المغاسل لإعادة تدوير أموال أنشطته الإجرامية، أصبح ذا أهمية متزايدة في الاقتصاد القانوني.

يحدّد هذا المقال بعضَ العناصر الأساسية لفهم العالم الواسع لغسيل الأموال؛ فهو يحلّل أولاً ولادة خطر غسيل الأموال، ويميّز المال الأسود الناتج عن الأنشطة الخفية، والأموال القذرة القادمة من الأنشطة غير المشروعة، والمخاطر التقليدية والحالية، والأكثر تعقيداً لإعادة تدوير الأموال القذرة، ثم الآثار السلبية والإيجابية لهذه الأنشطة الإجرامية.

آل كابوني

ويناقش المقال أيضاً شبكات غسيل الأموال الأساسية والثانوية: البنوك، وشركات التأمين، والمنظمات غير الربحية، والشركات الأشباح.

رغم أنّ الحكومات الدولية والوطنية كانت مهتمّة، منذ أمدٍ بعيد، بغسيل الأموال، فإنّ المصطلحات لم تتم صياغتها إلا مؤخراً، وعلى وجه الخصوص، يجب التمييز بين المال الأسود والمال القذر.

مصطلح "غسيل" يأتي من الفترة 1919-1933 عندما تمّ حظر الكحول في الولايات المتحدة.

جمع آل كابوني مبالغ ضخمة من بيع الكحول غير المشروعة وليدمجها بالدوائر المالية القانونية لجأ إلى المغاسل

في ذلك الوقت، كان آل كابوني يجمع مبالغ ضخمة من بيع المشروبات الكحولية غير المشروعة، وحتى يدمجها في الدوائر المالية القانونية، لجأ إلى شراء سلاسل من المغاسل، ومن ثم كان من الصعب التمييز بين الدخل المشروع والدخل غير المشروع، وهكذا بدأ مصطلح غسيل الأموال وجوده المضطرب، ويجدر التذكير بأنّ عناصر الشرطة "النزهاء" فشلوا في إدانة آل كابوني ببيع المواد المحظورة، ومن باب أولى إدانته بغسيل الأموال القذرة، وهي الجريمة التي كانت ما تزال مجهولة، لكن إدانته فقط بالتهرب من دفع الضرائب، وقد ظهر هذا المصطلح المكرَّس عام 1994 في القواميس الفرنسية.

غسيل الأموال: "عملية إخفاء مصدر الأموال المكتسبة بطريقة غير مشروعة، من خلال لعبة المحاسبة"، أو هو ببساطة: "عملية تستخدم لإخفاء المصدر الجنائي لرأس المال".

اقرأ أيضاً: غسيل الأموال والمخدرات مصادر تمويل حزب الله في فنزويلا

ووفق التعريف الذي اعتمده مجلس أوروبا؛ فإنّ الأمر يتعلق بتحويل الأموال غير المشروعة إلى أموال مشروعة، يمكن بالتالي إعادة استثمارها في القطاعات القانونية، أو استخدامها لأغراض شخصية، وفي تقريرهم السنوي لعام 1990؛ عرّف خبراء مجموعة العمل المالي، غسيل الأموال على النحو الآتي:

♦ تحويل الممتلكات أو نقلها، من جانب الأفراد الذين يعرفون مصدرها غير المشروع، بغرض إخفاء الأصل غير المشروع، أو تقديم المساعدة إلى أيّ شخص متورّط في ارتكاب مثل هذه الجرائم، من أجل إنقاذه من العواقب القانونية لمثل هذه الأعمال.

♦ إخفاء الطبيعة الحقيقية للممتلكات ذات المنشأ الجنائي، أو التستّر عليها، أو حيازة هذه الممتلكات، عِلماً بأنّها تنشأ من جرم.

يهدف غسيل الأموال إلى  إخفاء المصدر الحقيقي لرأس المال غير المشروع أو الكذب بشأن مصدرها الحقيقي

♦ اقتناء ممتلكات أو حيازتها أو استخدامها من قبل شخص يعرف، لحظة استلامها أنها ناشئة عن جرم، أو عن اشتراك في إحدى الجرائم، وبالتالي يمكن عدّ غسيل الأموال: هو أي فعل يهدف إلى:

1- إخفاء المصدر الحقيقي لرأس المال غير المشروع أو القيام، بأيّ شكل من الأشكال، بإعلان كاذب، عن مصدرها الحقيقي.

2- تحويل رؤوس الأموال هذه، أو استبدالها، مع معرفة أنّها رؤوس أموال غير مشروعة، لغرض إخفاء أصلها، أو مساعدة شخص متورط في مثل هذه الجريمة، لتجنب المسؤولية.

3- الحصول على رؤوس الأموال غير المشروعة، أو استخدامها، أو استثمارها في شراء ممتلكات منقولة أو غير منقولة، أو في معاملات مالية، مع العلم بأنّها رؤوس أموال غير مشروعة.

غسيل الأموال: عملية تستخدم لإخفاء المصدر الجنائي لرأس المال

طرق الحصول على رؤوس الأموال غير المشروعة

على وجه الخصوص، يمكن الحصول على رؤوس الأموال غير المشروعة من خلال:

♦ زراعة النباتات المخدرة، وصناعتها، أو تسويقها.

♦ الجرائم التي ترتكبها الجمعيات الإجرامية، المعترف بها بوصفها جرائم منظمة (الجريمة، السرقة، البغاء، الابتزاز).

♦ الأعمال الإرهابية.

♦ الاتجار غير المشروع بالأسلحة.

♦ جرائم سرقة، أو اختلاس أموال عامة أو خاصة، أو الحصول عليها بوسائل احتيالية، وتكون، وفق القانون اللبناني، خاضعة لعقوبة جنائية.

♦ تزوير العملات أو الوثائق الرسمية.

ولادة خطر غسيل الأموال: الأموال السوداء والأموال القذرة

♦ المال الأسود هو ثمرة أنشطة قانونية، لكن غير معلَنة (Jerez، 2003: 13)، ويشمل هروب رؤوس الأموال، والتهرب من الضرائب، من جهة، والغشّ الضريبي من جهة أخرى.

يلجأ المستثمرون الذين تدعمهم أنظمة مالية مختلفة إلى التهجير الاحتيالي لأموالهم الخاصة، بمجرد أن تصبح الظروف السياسية والاقتصادية، والعلاقة بين الربح والمخاطر غير مواتية لهم. ويتمثّل التهرب الضريبي في الحدّ قانونياً من وزن الضرائب، من خلال التلاعب بالتشريع، وكثيراً ما يتم اللجوء إلى الملاذات الضريبية (الجنة الضريبية).

اقرأ أيضاً: مقاتلو حزب الله في اليمن وسوريا مطلوبون للعدالة بقضايا مخدرات

الغشّ الضريبي، الخاضع في الغالب لعقوبات مدنية أو جنائية، يتمثل في تزوير بيانات الدخل، وفي العمل بشكل غير قانوني على الدخل، والخصومات المذكورة في تصريحات الدخول، من أجل عدم دفع الضرائب.

♦ الأموال القذرة هي نتيجة للأنشطة الإجرامية وغير القانونية، والتبييض هو تحويل الأموال القذرة إلى أموال نظيفة. تتعلق الأموال القذرة بنوعين رئيسين من النشاط: المخدرات والجريمة المنظمة، وقد بلغت قيمة المبيعات الناتجة عن المخدرات، عام 1998، مبلغاً قدره 500 بليون دولار، وهو المبلغ الذي شكل 50% من التدفق النقدي غير المشروع للجريمة المنظمة (Matta، 2006)، وبلغت الأرباح الناتجة سنوياً عن جميع الأنشطة غير المشروعة من 300 إلى 500 مليار دولار، أيّ حوالي 10٪ من التجارة العالمية عام 1994، وعام 2004، قدّر الخبراء بـ 600 إلى 1500 مليار دولار (لاسير كابديفيل 2006). ويمكن للمنظمات الإجرامية التي تستغل فرص العولمة أن تخلط أو تدمج أنشطتها غير المشروعة بقنوات أخرى قانونية تماماً.

من المعقول القول: إنّ الجريمة المنظمة تحقق رقماً عالمياً يساوي 1000 مليار دولار سنوياً

وتشمل الأنشطة غير المشروعة: الاتجار بالمخدرات، والأسلحة، والأنواع الحيوانية المحمية، والعملات المزيفة، والاستغلال البشري، والابتزاز، واختلاس الممتلكات العامة، وعمليات الاحتيال على الحاسوب. نحن لا نبالغ عندما نقدّر حجم أرباح الجريمة المحقَّقة يومياً في الأسواق المالية حول العالم بمليار دولار في اليوم. فمن المعقول القول: إنّ الجريمة المنظمة تحقق رقماً عالمياً يساوي 1000 مليار دولار سنوياً.

رغم أنّ الجريمة المنظمة تلجأ إلى تقنيات تقليدية لإخفاء المصدر غير المشروع للأموال، مثل؛ حسابات مجهولة الهوية، فإنّ المجرمين يستخدمون وسائل متطورة على نحو متزايد، وتكنولوجيات حديثة لغسيل أموالهم القذرة، مثل؛ البنوك الافتراضية. التكنولوجيات الجديدة التي اختارتها الجريمة لا تحلّ محلّ التقنيات القديمة؛ فهي تأتي لتُكمل التقنيات الموجودة بالفعل، وقد صارت الجريمة الافتراضية عالمية.

المال يجعل من السهل جداً المساعدة المتبادلة بين المنظمات الإجرامية، لهذا السبب؛ غالباً ما تطالب هذه المنظمات بخبراء بارزين في الاقتصاد والأموال، لا يعرفون واقعهم المؤسف، إلى جانب متخصصين آخرين من خلفيات مختلفة، لتنفيذ هذه العمليات.

شهد الإقليم الأفغاني منذ تحريره زيادة بنسبة 59% في إنتاج الأفيون

إمبراطورية المخدرات

إذا كان يبدو أنّ اللاعبين في تجارة الأفيون قد تغيّروا، فإنّ وكالة المخابرات المركزية، مع ذلك، ما انفكت تحكم قبضتها، ومنذ نهاية الحرب الباردة أصبح تواطؤها مع الأصولية الإسلامية، من خلال السيطرة على الأفيون، أمراً حيوياً.

شهد الإقليم الأفغاني، منذ تحريره، زيادة بنسبة 59% في إنتاج الأفيون، على مساحة قدرها 000 165 هكتار؛ فمن حيث الإنتاج السنوي، يمثل هذا 6100 طنّ، أيّ 92٪ من الإنتاج العالمي.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنّ زراعة الأفيون في إقليم هلمند قد زادت بنسبة 162٪، على مساحة 70.000 هكتار، هذه الإحصائيات مثيرة لمزيد من القلق؛ لأنّ هذه المخدرات يتم إنتاجها في 6 مقاطعات فقط من أصل 34 مقاطعة.

استهلاك المخدرات ليس حديثاً

حتى نفهم الأسباب، يجب علينا أن نعود إلى قبل أكثر من 150 عاماً؛ لأنّه جزء من تاريخ الولايات المتحدة، وتاريخ الطوائف الماسونية؛ حيث تظهر أسماء مشهورة جداً على واجهة هذا المشهد المرعب جداً، فهم في الغالب أفراد مجتمع "الجماجم والعظام" (Skull and Bones) من جامعة ييل الذين يقتسمون احتكار تسويق الأفيون.

اقرأ أيضاً: "المافيا" اليابانية.. أعداد ضخمة ونشاطات واسعة وتاريخ متجذّر

المحرِّض على هذا الأمر؛ هو عائلة روسيل (Russell)؛ التي أنشأت اتحاداً احتكارياً، وما يزال الروسيل يشكلون الهُوية القانونية لهذا الاحتكار؛ ففي عام 1823، أسّس صموئيل روسيل وشركاه شركة النقل البحري التي أتاحت له التزوّد بالأفيون في تركيا، وتهريبه إلى الصين.

وعام 1830، أنشأ مع عائلة بيركنز، كارتل الأفيون في بوسطن لتوزيعه مع ولاية كونكتيكت المجاورة. وفي كانتون، كان شريكه يدعى (وارين ديلانو جونيور)؛ وهو جدّ فرانكلين ديلانو روزفلت. وعام 1832؛ أسّس ابن عمّ صموئيل روسيل، وليام هينتنغتون، الحلقة الأميركية الأولى لـ "الجماجم والعظام" التي جمعت المموّلين والسياسيين الكبار، أمثال: وُورد ويتني، وتافت، وجاي، وبندي، وهاريمان، وبوش ويهرهوسر، وبينشوت، وروكفلر، وجوديير، وسُلوان، وسيمبسون، وفيلبس، وبيلسبري، وبيركنز، وكيلوغ، وفاندربيلت، وبوش ولوفيت. وقد انضمت عائلاتٌ أخرى مؤثرة، مثل: كوليدج، وستورجى، وفوربس وتيبي، إلى هذا السديم المغلق، وتُظهر هذه الأسماء أنّ الديمقراطية تظلّ عبر الأجيال، قضية الدوائر النخبوية المزيّفة.

هل نصدّق مبادئ سياسة مكافحة المخدرات؟

عام 1991؛ شجب البروفيسور ألفريد ماك كوي، في بثّ إذاعي، الصلة المؤسسية القريبة للغاية بين إدارة مكافحة المخدرات (DEA) ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA).

قبل إنشاء هذه المنظمة الأولى، عام 1930، تمّ تأسيس المكتب الفيدرالي للمخدرات (FBN)، الذي تتمثل وظيفته الحكومية والسرية في بيع المخدرات.

واقعنا ومستقبلنا ليسا نتيجة للصدفة بل نتيجة للخطط المنفذة سرّاً من قبل مجموعات خطرة للغاية

يمضي سافيانو في كتابه  بالحديث عن أنّ المكتب الفيدرالي للمخدرات (FBN) يستخدم وكلاء في العمليات السرية، وقد نُقل هؤلاء بعد عام 1945 إلى المكتب الجديد للخدمات الإستراتيجية (OSS)، وهو رائد وكالة الاستخبارات المركزية، هذا التشابك جعل إدارة مكافحة المخدرات (DEA) عاجزة أمام سمسرة الـ "CIA"؛ لأنّ المخدرات التي تدخل الولايات المتحدة تقع تحت احتكار وكالة المخابرات المركزية التي تمتلك جميع قنوات التوزيع، انطلاقاً من جنوب شرق آسيا وتركيا؛ فعندما أطلق الرئيس ريتشارد نيكسون، عام 1973، "الحرب على المخدرات"، أحدث ذلك إغلاق شبكة التهريب التركي التي كانت تمرّ عبر مرسيليا، وكانت النتيجة هي الزيادة المباشرة في الطلب على الهيروين القادم من المثلث الذهبي، خاصة بورما.

اليوم، نملك من الاطلاع ما يكفي لأن نسأل أنفسنا بشكل واضح، ونشكّ في الدور الرسمي لوكالة المخابرات المركزية وسياسة الولايات المتحدة في العالم، فنحن نلاحظ أنّ تجارة الأفيون والمخدرات الأخرى، تنشط دوماً بين وكالة المخابرات المركزية وشركاء يتم تقديمهم لعامة الناس على أنهم "أعداء يجب قتلهم": الشيوعية والإسلام، وهذا الوضع يزداد خطورة، سيما أنّه يأتي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ونزاع كوسوفو الذي كان الخشخاش شعاره الوطني تحت حكم تيتو، وغزو العراق من قبل الجيش الأمريكي.

إستراتيجية إخضاع الشعوب

لذا؛ فإنّ وكالة المخابرات المركزية والمخدرات تظهر كدعامات خفيّة، لكنها حقيقية جداً لإستراتيجية عالمية تهدف إلى إخضاع الشعوب، وأخيراً، فإنّ الحجج التي تمت دراستها تثبت أنّ السلطة ليست شأن الشعب، ومن ناحية أخرى؛ واقعنا ومستقبلنا ليسا نتيجة للصدفة، بل نتيجة للخطط المنفذة سرّاً من قبل مجموعات النفوذ الخطرة للغاية.


المصدر: elishean

الصفحة الرئيسية