العيد في موريتانيا: الملابس إذ تزاحم الأضاحي والأطفال هم الرابحون

موريتانيا

العيد في موريتانيا: الملابس إذ تزاحم الأضاحي والأطفال هم الرابحون


22/08/2018

يتجوّل الشباب محمد ولد الطالب عند أطراف سوق المواشي بالعاصمة نواكشوط، لعرض أسعار مواشيه على المارة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، لكنّ عروضه التي يصفها بـ"المغرية" لا تلاقي تفاعلاً كبيراً من قبل المواطنين، بسبب ما يصفونه بــ "غلاء الأضحية"، مفضلين التوجه على أسواق الملابس لاقتنائها بدل الأضحية.
ويتحول، في العادة، سوق المواشي في موريتانيا خلال عيد الأضحى إلى وجهة للمواطنين الراغبين في اغتناء "الأضاحي"، لكنه خلال العام الحالي تأثر بشكل كبير بالركود الناتج عن ارتفاع أسعار المواشي قبيل العيد لعدة أسباب عدة.
ركود منقطع النظير
يقول محمد ولد الطالب (تاجر مواشي)، إنّ سوق المواشي بالعاصمة نواكشوط يشهد ركوداً منقطع النظير، بسبب ارتفاع أسعار المواشي، معتبراً أنّ "الإقبال على السوق قبيل عيد الأضحى الحالي ضعيف جداً، بالمقارنة مع الأعياد الماضية لتأثر المواطنين بغلاء الأسعار بشكل عام".

الإقبال على اقتناء ملابس العيد ملحوظ
ويضيف ولد الطالب لــ "حفريات"، أنّ المواشي في السوق تتوفر بالعدد المطلوب أو تزيد، "لكنّ ضعف الشراء يعكر صفو التجار الذين بذلوا جهوداً مضنية في جلب المواشي من المدن الداخلية والبوادي قبيل العيد"، مشدداً على أنّ توقعاتهم ببيع نسبة كبيرة منها باءت بالفشل، في ظل عزوف غير مسبوق للسكان عن شراء الأضحية، التي يحرص كل بيت موريتاني على ذبحها يوم عيد الأضحى المبارك، حيث يتساوى في ذلك الغني والفقير، "الجميع يشتري الأضاحي، كعادة، وتقليد، وتمسك بالشرع أيضاً من قبيل الموريتانيين".

أكد عدد من رواد سوق الملابس بموريتانيا لـ "حفريات" بأنّ الإقبال على شراء الملابس مرتفع قبيل عيد الأضحى

بدوره، قال محمد ولد عالي (رب لأسرة)، إنه توجه إلى سوق المواشي للإطلاع على أسعار "الأضحية"، وأنه فوجئ بـ"الارتفاع الجنوني للأسعار"، ما جعله يقرر عدم شراء شاة، وتوجه نحو سوق الملابس لتأمين ملابس العيد لأفراد أسرته.
واعتبر ولد عالي، أنّ تجار المواشي رفعوا أسعار الأضحية قبيل العيد، وأنّ الغالبية الكبيرة من الموريتانيين لن يكون باستطاعتهم شراء الأضاحي للعيد الحالي، مشيراً إلى أنّ "غلاء المعيشة أنهك السكان، وجعلهم غير قادرين على زيادة التكاليف اليومية التي تزداد صعوبة خلال مواسم الأعياد في موريتانيا".

رواج في سوق الملابس
يشهد السوق المركزي بنواكشوط (كبتال)، حركية كبيرة، ورواجاً ملحوظاً، قبيل عيد الأضحى المبارك، نظراً للإقبال المرتفع من قبل المواطنين على شراء ملابس العيد، وهو أضفى نوعاً من الفرح والسرور على باعة الملابس، حيث كانت التوقعات تشير إلى عكس ذلك، لازدياد غلاء المعيشة والفقر والبطالة بين صفوف السكان.
سوق المواشي بالعاصمة نواكشوط يشهد ركوداً منقطع النظير

ورغم هذه الأوضاع، يؤكد الشيخ ولد مسعود (أحد باعة الملابس)، أنّ الإقبال على اقتناء ملابس العيد ملحوظ بشكل جيد، وأنّ معظم سكان العاصمة نزلوا إلى السوق قبل يومين لتأمين الملابس، "متحدّين المصاعب وأزمة الغلاء التي صاحبتها أزمة جفاف ضربت موريتانيا خلال العام الحالي".

اقرأ أيضاً: الأضحى في غزة: لا مشترين للمواشي ولا شحذ للسكاكين

وأضاف لــ "حفريات"، أنّ "الإقبال على سوق الملابس مقبول بالمقارنة مع الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه البلد"، مشيراً إلى أنّ الزبائن يتوافدون منذ أيام على محله التجاري الواقع داخل سوق الملابس بالعاصمة نواكشوط، كما أنه يلاحظ نفس الإقبال والحركية بالنسبة للمحلات التجارية المحيطة به.
ويرى رواد سوق الملابس في أحاديث مختلفة لـ "حفريات"، أنّ الإقبال على شراء الملابس مرتفع قبيل عيد الأضحى المبارك، رغم الارتفاع النسبي في أسعار الملابس، إلا أنّ أسعارها "تبقى في المتناول" حسب تعبيرهم، مقارنة بأسعار "الأضحية"، التي باتت مرتفعة "بشكل خيالي" في أسواق المواشي بموريتانيا.
العيد بطعم العادات والتقاليد
يتميز عيد الأضحى المبارك، في موريتانيا بعدد من العادات والتقاليد التي لا غنى عنها، ومن أبرزها، صلاة العيد، وذبح الأضحية، وتوزيع لحومها على الفقراء المحتاجين، وإطعام أفراد الأسرة ببقيتها، كما يشتهر العيد في موريتانيا بـ "أمديونة"، وهي عيدية خاصة بالأطفال يقدمها الجميع دون استثناء.

"أمديونة" باتت تعرف لدى الموريتانيين بأنها هدية الأطفال خلال مواسم الأعياد كما أضحت ضريبة مضمونة الدفع

ويرتدي الأطفال في موريتانيا ملابس العيد باكراً، ويبدأون بطلب "أمديونة"، للجميع قبيل صلاة عيد الأضحى بوقت قصير، وفي رحلتهم لطلب "أمديونة"، يطرقون أبواب منازل حيهم لأخذ عيديتهم التي يستجيب الجميع لدفعها، كما يأخذونها من المارة، وكل من يلتقون به خلال يوم العيد.
ويعتبر الباحث الموريتاني، الشيخ ولد عابدين، أنّ أصل كلمة "أمديونة"، يعود للغة "لولف"، (الزنوج الموريتانيين)، وتعني في الأصل التهنئة بالعيد، وقد باتت تستعمل على نطاق واسع لدى الموريتانيين كافة، وتم تغيير مفهوم الكلمة لتعبّر عن العطية، أو هدية في مواسم الأعياد.
ويضيف ولد عابدين لـ "حفريات"، أنّ "أمديونة" باتت تعرف لدى الموريتانيين، بأنها "هدية الأطفال خلال مواسم الأعياد، كما أضحت ضريبة مضمونة للأطفال يدفعها جميع من تطلب منه، سواء كان ذلك في الشارع، أو داخل المنازل، أو حتى في طريق الذهاب أو العودة من وإلى صلاة العيد".
ومن بين العادات والتقاليد التي يحرص عليها الموريتانيون، في مواسم الأعياد التزاور، وصلة الرحم، وتبادل الأدعية المأثورة في يوم العيد، وذلك خلال ساعات المساء، حيث يمتد تاريخ صلة الرحم والزيارات إلى أوقات متأخرة من مساء يوم عيد الأضحى المبارك.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية