هل أحرقت "حسم" السجون المصرية في أحداث يناير؟

الإخوان المسلمون

هل أحرقت "حسم" السجون المصرية في أحداث يناير؟


05/09/2018

أطلّ تنظيم "حركة سواعد مصر" المعروف اختصاراً بــ"حسم"، مجدّداً، خلال حوار أجرته مجلة "كلمة حق" الإلكترونية، الصادرة من تركيا؛ مع شخص أطلق على نفسه، خالد سيف الدين، بوصفه المتحدث الرسمي للحركة، في أول ظهور دعائي للتنظيم بعد بيانه الأخير في ٩ شباط (فبراير) ٢٠١٨، والذي جاء بعد خفوت نجم عمليات التنظيم، عقب سلسلة من الضربات المتلاحقة التي وجّهتها له الأجهزة الأمنية المصرية.

حاول المتحدث باسم "حسم" التأكيد أنّ التنظيم مايزال باقياً ويزداد صلابة رغم انحسار عملياته في الآونة الأخيرة

إلا أنّ التنظيم يعود ليؤكد، عبر هذا الحوار، أنه مايزال باقياً؛ بل ويزداد صلابة مع مرور الوقت، رغم انحسار عملياته في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أنّ "السكون للإعداد والتربّص، لا نكوص وتراجع، أما مسألة الظهور والاختفاء فهي تعود إلى سياسة التنظيم لا أكثر حسب ما يقتضيه الظرف"، وفق نص الحوار.

لا يبدو متحدث التنظيم مقنعاً عند رده على أسباب "السكون" بعد إلقاء القبض على المئات من عناصر التنظيم، ومقتل العشرات منه، على يد السلطات المصرية، إذ يقضي عرف التنظيمات المسلحة، بمحاولة الرد لإثبات الوجود، حتى في الحالة التي يشهد فيها أضعف حالاته.

التنظيم يعود ليؤكد أنه يزداد صلابة رغم انحسار عملياته

الجذور الإخوانية

ألقى المحاوِر بسؤال في جعبة "سيف الدين" يحمل فهماً لروافد الحركة وجذورها، من خلال تحليل مضمون بياناتها فيقول: تبدو الجذور الإخوانية للحركة واضحة، في لهجة البيانات المختلفة، فضلاً عما نشر من معلومات عن المعتقلين منها.. لكن الحركة لم تروِ أبداً قصة نشأتها وجذورها.. فما هذه القصة؟

جاءت إجابة "المتحدث" متوقعة إذ قال: "الحركة كيان مستقل بذاته وغير تابع لحزب أو فصيل"، غير أنّه لم يجب عن وضوح معالم الجذور الإخوانية في بيانات الحركة، فضلاً عن إصدارها بيانات تتوعد بالرد ثأراً لمقتل عدد من قادة الإخوان مثل محمد كمال، القيادي في مكتب الإرشاد، أو موت أحدهم في السجون كمحمد مهدي عاكف، المرشد السابق للتنظيم الإخواني.

اقرأ أيضاً: حسم وأخواتها: توزيع للأدوار أم صراعات أجنحة إخوانية؟

ورغم النفي فإنّ حديث "سيف الدين" ينضح بإخوانية كاشفة لجذور الحركة، وابتعادها أيديولوجياً عن تنظيمات السلفية الجهادية، فلا تكاد تخلو إجابة من إجاباته من مصطلحات "الثورة" و"العمل المقاوم" وهي المصطلحات التي طالما تردّدها جماعة الإخوان وقادتها في خطاباتها العامة والإعلامية.

اللافت أنّ عدد المجلة نفسه، الصادر الشهر الجاري، احتوى مقالاً لمجدي شلش، أحد قادة الإخوان، الذي خرج على فضائية "مكملين" الموالية للجماعة، في أوائل أواخر العام 2016، واعترف بوقوف الإخوان وراء عمليات ما أسماه بــ"العمل الثوري" وإصدارهم للكتاب الذي دشن لعمليات الاغتيال والعنف المسلح في مصر "فقه المقاومة الشعبية".

المصطلحات التي يرددها التنظيم، طالما تردّدها جماعة الإخوان

الطرف الثالث

على خلاف الاعتقاد السائد لدى كثير من الباحثين والمراقبين، لم يرجع "سيف الدين" نشأة الحركة إلى بعد ثورة الــ30 من حزيران (يونيو) بل أرجعها إلى ما أسماه "نشأة العمل الثوري المقاوم"، منذ 28 كانون الثاني (يناير) العام 2011، حيث حرقت ما أسماه "أوكار القهر والتعذيب وصد اعتداء قوات النظام على الشعب، الأمر الذي انتهى بانهيار جهاز الشرطة".

لا يبدو متحدث التنظيم مقنعاً عند تبريره أسباب "السكون" بعد مقتل وإلقاء القبض على المئات من عناصره

وبذلك فإن الحركة، ذات الروافد الإخوانية، تكون قد تبنت أحداث العنف التي جرت في ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني)، والتي ظل الواقفون وراءها غير معروفين، ولم يجرؤ أي تنظيم أو كيان سياسي بتبنيها، حتى قيّدت أحداثها ضد مجهول، وهو ما دفع البعض بالترويج لمصطلح "الطرف الثالث" كناية عن طرف خفي وقف وراءها لكن لم يتم التعرف عليه.

إلا أنّ "سيف الدين" يعود ليؤكد أنّ العمل المسلح بدأ في التطور وأخذ أبعاد جديدة، بعد أحداث الحرس الجمهوري، وفض اعتصام ميداني رابعة والنهضة.

يركّز الرجل على نفي علاقة تنظيمه بالإخوان مع إظهار الثناء عليهم والتعاطف معهم فيقول: "والنظام حين يقول إنّ الحركة إخوانية فكأنّه يحصر النخوة والمروءة في شباب الإخوان فقط، وهذا ما لا نرضاه لأنفسنا ولا لشعبنا ولا لأمتنا، ولا يرضاه الإخوان أنفسهم ..".

يلمّح المتحدث باسم الحركة إلى نوع آخر من إرهاب الدولة المصرية، وهو ليس بالضرورة عملاً مسلحاً بل "العمل المنظم والدؤوب لامتلاك الأدوات والقدرات اللازمة.. والحركة تناشد كل صاحب جهد أو نصيحة وفكرة أن يتواصل معنا ويمدنا بما لديه لكي تكون الانطلاقة الجديدة على أفضل ما نستطيع من النضج والبصيرة"!

اقرأ أيضاً: مصر: اعتقال 14 عضوا من "حسم" خططوا لعمليات إرهابية

وهو المعنى والدلالة التي تشير إليها بيانات الداخلية المصرية، من أنّ هذه الحركة تعمل على خلق أعمال سلبية تسعى من خلالها لإضعاف قدرات الدولة المصرية معنوياً واقتصادياً.

الشواهد تشير إلى انبثاق "حسم" و"لواء الثورة" من رافد واحد هو جماعة الإخوان

ضد "داعش" ومع لواء الثورة

هاجم المتحدث باسم الحركة تنظيم المبايعين لـ"داعش" في سيناء، ووصفهم بالغلو والتكفير والاستبداد وفرض الوصاية، بينما يرى في تنظيم لواء الثورة، "حركة مقاومة منضبطة وواعدة"، وذلك في معرض سؤال عن التمايز بين التنظيمين، وهو ما يعزز فرضية انبثاق التنظيمين -حسم ولواء الثورة- من رافد واحد وهو جماعة الإخوان.

لم يجب المتحدث عن وضوح معالم الجذور الإخوانية في بيانات الحركة وتوعدها بالثأر لعدد من قادة الجماعة

ويقع "سيف الدين" في تناقض عندما يزعم أنّ قوات الأمن المصرية ترسل رسائلها للتنظيم عبر التصفيات التي تقوم بها لأعضاء الحركة، إلا أنّه يعود في موضع آخر ليتهم الأجهزة الأمنية بأنّها لا تصفّي سوى المختفين قسرياً، وأنّ أعضاءه بمنأى عن هذه العمليات، وهو ما يناقض اعترافه بأنّ الحركة أصيبت بالتراجع واضطرت إلى تغيير تكتيكاتها القاضية بالصدام المسلح.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية