بروفيسور فرنسي أمريكي يتحدى جرافات الاحتلال تضامناً مع "الخان الأحمر"

فلسطين

بروفيسور فرنسي أمريكي يتحدى جرافات الاحتلال تضامناً مع "الخان الأحمر"


24/09/2018

من بين المتظاهرين الأجانب مع مأساة الفلسطينيين في قرية "الخان الأحمر" التي تهدّد إسرائيل بإخلائها وتشريد سكانها، يطل وجه رجل تبدو عليه ملامح غربية ينضم مع سواه في محاربة آلة العدوان الصهيونية، والتنديد بالظلم.من بين المتظاهرين الأجانب مع مأساة الفلسطينيين في قرية "الخان الأحمر" التي تهدّد إسرائيل بإخلائها وتشريد سكانها، يطل وجه رجل تبدو عليه ملامح غربية ينضم مع سواه في محاربة آلة العدوان الصهيونية، والتنديد بالظلم.

إنه البروفيسور الفرنسي الأمريكي فرانك رومانو من مواليد عام 1952 الذي أمضى داخل القرية أربعين يوماً يشارك أهلها طعامهم وشرابهم وثقافتهم ولغتهم أيضاً، متسلحاً بعزمه وثقافته وشجاعته في مطابقة أقواله مع أفعاله، فهو أستاذ القانون في جامعة السوربون الفرنسية، وهو أيضاً كاتب وباحث في مجال حقوق الإنسان، وحصل رومانو على شهادة الدكتوراه في القانون عام 1997 من جامعة السوربون، ويقيم في مدينة Limeil-Brévannes جنوبي شرق فرنسا التي تبعد 15 كيلو متراً عن العاصمة الفرنسية باريس.

قبيل اعتقاله قال رومانو بأن الاحتلال لا بد أن ينتهي ويجب على دول العالم الانتصار للقضية الفلسطينية

لم يرُق للقوات الإسرائيلية إقامة رومانو مع المتظاهرين السلميين، فتم استهدافه مع رفاقه بإطلاق كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع بكثافة عليهم لتفريقهم، بعد أن توشّحوا بالكوفية والعلم الفلسطيني. حمل رومانو العلم وسار مع المشاركين في المظاهرات التي تدعو إلى الحرية بين الأديان، من دون أن يشكل أي خطرٍ على الجنود الإسرائيليين، لكنّ قوات الاحتلال الصهيوني ألقت القبض عليه وعلى بعض المشاركين معه وتم وضعهم في المعتقلات الإسرائيلية لعدة أيام .

اقرأ أيضاً: سكان الخان الأحمر يرفضون مهلة الاحتلال

يعد رومانو من أبرز المؤلفين في مجال القانون والأدب، ومن مؤلفاته القانون المقارن، والقانون الدولي، وقانون مكافحة الاحتكار، وتاريخ المملكة المتحدة، والمبادئ الدستورية، وتاريخ النظام القانوني الأنجلو أمريكي، والأدب والقانون، وله مئات المقالات المنشورة في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا، فضلاً عن الشرق الأوسط وآسيا وأستراليا.

حمل رومانو العلم وسار مع المشاركين في المظاهرات التي تدعو إلى الحرية

وانتشرت محاضرات رومانو على نطاق واسع في عدة دول حول العالم، وهو يعمل مع الطلاب في مشاريع وأبحاث فريدة من نوعها، كما قام بتأليف كتاب "الحب والإرهاب بالشرق الأوسط" الذي يعكس من خلاله أسباب ودوافع الحب والإرهاب في مناطق النزاعات، وكيفية مواجهتها بالطرق السلمية، بعيداً عن العنف، لتعزيز التفاهم والتواصل والتعاون الإنساني والأخلاقي بين اليهود والمسلمين والمسيحيين غير المؤمنين بالسلام.

قدومه للأراضي الفلسطينية

يصل رومانو الليل بالنهار لتحقيق السلام في المنطقة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي من خلال قيامه برحلات شاقة بين إسرائيل والضفة الغربية، نظراً للعوائق التي تفرضها عليه السلطات الإسرائيلية أثناء تنقله في المناطق الفلسطينية خاصة. ويهدف رومانو من وراء قدومه لهذه المناطق لمناقشة القضايا وتنظيم الأنشطة بين الجماعات الدينية والوطنية المختلفة، لتحقيق السلام بين جميع الأطراف والأديان.

اقرأ أيضاً: دولة الاحتلال تقضي بهدم الخان الأحمر وتهجير سكانها!

وغالباً ما كان تنقّل رومانو بين هذه المناطق محفوفاً بالمخاطر؛ فقد تعرض رومانو مرات عديدة للمضايقات من قبل الجنود الإسرائيليين على الحواجز الإسرائيلية، وإعاقة دخوله للمناطق الفلسطينية بالضفة الغربية، وتعرضه لهجمات من قبل قطعان المستوطنين في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، والذين قاموا بالاعتداء عليه بالضرب في المناطق التي تشهد تجمعات فلسطينية وإسرائيلية مشتركة ومجاورة، لحثه على مغادرتها وعدم العودة إليها مستقبلاً.

حرص رومانو على توثيق الاعتداءات الإسرائيلية بحق القرية وسكانها ونشرها للعالم لمعرفة الحقائق على الأرض

دعمه للقضية الفلسطينية شهد محطات عديدة، فقد قام البروفيسور رومانو بالدعوة للحوار والسلام والتسامح بين مختلف الأديان، عبر تنظيم مسيرة الحرية بين الأديان في 12 نيسان (إبريل) العام 2010، وكانت بداية الانطلاقة في محافظة جنين شمالي الضفة الغربية، لتنتقل بعد ذلك المظاهرات وتجوب مختلف مناطق الضفة الغربية، لتصل إلى مدينة الخليل جنوبي الضفة والقدس المحتلة، في رسالة واضحة من رومانو لأن تكون هذه المسيرة بمثابة مقدمة للحرية والتسامح بين مختلف الأديان، من خلال دعوته لحشد أعداد كبيرة من المواطنين بمختلف أديانهم وجنسياتهم كأخوة وأخوات وكأطفال يؤمنون بإله واحد هو الله، ولإظهار أهداف المسيرة الشعبية لجميع أنحاء العالم بأنّ الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي يريدان العيش جنباً إلى جنب بسلام، كما يقول.

اعتقل رومانو وتمت دعوته لعدم ممارسة حرية التظاهر أو التحدث مطلقاً في القدس

ويسعى رومانو من خلال هذه الفعاليات إلى بيان أنّ المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المقدسة من المسلمين والمسيحيين على السواء، يعانون من فرض السلطات الاسرائيلية قيوداً مروعة وشديدة على حريتهم؛ إذ يتم تقييد وصولهم لبعض المناطق بالضفة الغربية، وعرقلة تنقلهم بين عدة مناطق، وتسليط الضوء على مصادرة السلطات الإسرائيلية أراضي الفلسطينيين بصورٍ غير عادلة، فلم يعد أمامه خيار سوى إقامة مثل هذه المظاهرات لفعل شيء يقاوم هذه الممارسات الإسرائيلية بالطرق السلمية وبعيداً عن العنف.

أقرأ أيضاً: هل يكون "الخان الأحمر" ملحمة صمود في وجه عنجهية إسرائيل؟

ووسع البروفيسور رومانو نشاطه السلمي لتوصيل رسالته السامية لمختلف أنحاء العالم، فقام بتنظيم تظاهرة للحرية بين الأديان في مانهاتن في السابع من حزيران (يونيو) العام 2013، والتي تعد من أكبر الفعاليات السلمية التي نظمت في الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث لم تردع الأمطار التي سقطت على رؤوس المتظاهرين بغزارة من ترك الحشد، واستمر الجميع متحمسين للبقاء في المسيرة، لتحقيق أهداف الوقفة الشعبية التي تهدف بالدرجة الأولى لإيجاد حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

اعتقالات متعددة

دعمه المستمر للقضية الفلسطينية والمستغرب من قبل الجانب الإسرائيلي قاده للاعتقال عدة مرات؛ حيث ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض عليه في 27 تشرين الأول (نوفمبر) العام 2012 أثناء قيادته لحوار بين الأديان في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وخضع للتحقيق لمدة ساعتين متواصلتين، حيث قام المحققون بتهديده بإرسال قضيته للمحاكمة لترحيله أو اعتقاله بداخل السجون الإسرائيلية.

اقرأ أيضاً: يهدمون منازلهم بأيديهم: فلسطينيون على الأطلال يعانون ويلات الاحتلال

وأثناء تنظيمه مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة في 8 نيسان (أبريل) العام 2010، تم إلقاء القبض عليه مرة أخرى، واتهامه من قبل السلطات الإسرائيلية بذريعة إقامة مظاهرة بدون الحصول على تراخيص مسبقة لها، حيث جرى توبيخه من قبل رجال الشرطة ودعوته إلى عدم ممارسة حرية التظاهر أو التحدث مطلقاً بالمدينة، بالإضافة لمصادرة اليافطات ومكبرات الصوت التي كانت بحوزة المتظاهرين واحتجازه عدة ساعات في داخل مركز شرطة المدينة.

كما قامت السلطات الإسرائيلية باستجواب رومانو أثناء قدومه للضفة الغربية عبر مطار بن غوريون بتل أبيب في 24 حزيران (يونيو) العام 2013، وتم توقيفه عدة ساعات في المطار، إلى أن تم الإفراج عنه، والسماح له بدخول الضفة الغربية المحتلة.

محاولات التصدي في الخان الأحمر لمنع قوات الاحتلال من هدم القرية

تضامنه مع قرية الخان الأحمر

رومانو المعروف بمواقفه الأيديولوجية المناهضة للرجعية والإمبريالية، ودعم حركات التحرر الوطني، لم ينقطع عن إسناد الشعب الفلسطيني، فظل مؤمناً بعدالة قضيته وحق الفلسطينيين في استعادة أرضهم وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لهم، لذا انضم إلى قرية "الخان الأحمر" وشارك في الوقفات والفعاليات الاحتجاجية على مدار الساعة تنديداً بقرار قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدمه القرية وإجبار سكانها على مغادرتها.

حرص رومانو على توثيق الاعتداءات الإسرائيلية بحق القرية وسكانها، فكان يواصل الليل بالنهار لفضح الممارسات الإسرائيلية ونشرها للعالم لمعرفة الحقائق على الأرض، حتى جرى اعتقاله وثلاثة فلسطينيين آخرين معه، أثناء قيامهم بالتصدي للجرافات الإسرائيلية التي حاولت إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية للقرية.

رومانو متخصص في مجال القانون الدولي ومعروف بمواقفه الأيديولوجية المناهضة للرجعية والإمبريالية، ودعم حركات التحرر الوطني

وكأي شخص حر، تم نقل رومانو ومن معه إلى مركز للشرطة في مستوطنة معاليه أدوميم المجاورة لقرية الخان الأحمر، ومن ثم جرى نقله إلى مركز للشرطة في القدس الغربية، ووُجهت له تهمة عرقلة عمل رجال الجيش بالقرية؛ حيث تم تمديد احتجازه أربعة أيام، وعمد رومانو، كمحاولة منه للضغط على سجانيه، إلى الإضراب المفتوح عن الطعام في داخل سجنه بالقدس لحين إصدار المحكمة الإسرائيلية قرراً بإلغاء هدم قرية "الخان الأحمر"، حتى صدر القرار القضائي بترحيله إلى فرنسا في 25 الجاري.

وقبيل اعتقاله بأيام قال رومانو بأن الاحتلال لا بد أن ينتهي، ويجب على دول العالم كافة أن تنتصر للقضية الفلسطينية، وأن تمنع جريمة هدم قرية "الخان الأحمر" باعتبارها جريمة حرب، وبيّن أنه يعمل على توثيق هذه التجربة التي عاشها داخل القرية ونشرها في كتاب خاص سيقوم بنشره قريباً؛ لأنّ العالم، كما قال، يجب أن يعرف أكثر عن ممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين. ودعا رومانو إلى ضرورة وقوف العالم والتضامن مع القرية وسكانها، لمنع المجزرة التي تنوي بلدوزرات الاحتلال ارتكابها فيها، مشدّداً على أنّ وجود المتضامنين سيمنع هدمها.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية