دلالات توقيت الإعلان عن محاولة اغتيال قاسم سليماني

دلالات توقيت الإعلان عن محاولة اغتيال قاسم سليماني


01/10/2018

تناقلت وسائل إعلام في المنطقة، خبر الإعلان عن محاولة فاشلة لاغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، خلال إحدى زياراته إلى العراق مؤخراً، وتمّ نقل الخبر عن مصدر وحيد؛ هو صحيفة "الديار" اللبنانية الهوليودية، المعروفة في غالبية الأوساط الإعلامية بضعف مصداقيتها، وقربها من السلطات السورية والإيرانية، فيما لم تورد الخبر أية وسيلة إعلامية ذات مصداقية عالية، أو متوسطة، أو حتى ضعيفة.

الخبر في حدّ ذاته، في حدود أن يتعرض سليماني لمحاولة اغتيال في إيران، أو في مناطق الصراع التي تتدخل فيها إيران؛ كالعراق أو سوريا أو لبنان، وحتى في اليمن، يبدو متوافقاً مع سياقات الصراع ومعطياته؛ إذ إنّ شهرة الرجل تفوّقت على قادة الثورة الإيرانية ومراجعها الدينية، وتعززت عبر حملة إعلامية مركزة، نشطت بإظهاره وهو يتجول في العراق وسوريا، بما في ذلك على الحدود مع الجولان المحتل، إضافة إلى دور سياسي غير مسبوق في العراق، بلقاءات مع الكتل العراقية السياسية، لدرجة أصبح معها يوصف بأنّه "مهندس العراق"، ودون موافقته لم ولن يتم تشكيل حكومة عراقية.

يتزامن الإعلان عن محاولة الاغتيال الفاشلة مع العملية التي أعلنت جهات عديدة مسؤولية تنفيذها في الأهواز

توقيت الإعلان عن محاولة اغتيال سليماني "الفاشلة" في العراق، وقبل مدة لم تحدّد، والكيفية "السيناريو" الذي تمت خلاله المحاولة، والجهات المتهمة بالوقوف وراء العملية، تطرح تساؤلات وشكوكاً في حقيقة هذا الإعلان، وتؤكد أنّ الهدف من الإعلان عن "إفشال" محاولة الاغتيال؛ توجيه رسالة للداخل الإيراني أكثر من كونها موجّهة للخارج.

فمن حيث التوقيت؛ يتزامن الإعلان عن محاولة الاغتيال الفاشلة مع العملية التي أعلنت جهات عديدة مسؤولية تنفيذها في الأهواز، ضدّ قطاعات الحرس الثوري، خلال عرض عسكري، وهي العملية التي راح ضحيتها حولي ثلاثين ضابطاً وجندياً من الحرس الثوري، ووجهت إيران التهمة رسمياً إلى أمريكا وإسرائيل والإمارات والسعودية، بالوقوف وراء العملية، وأنّها ستردّ على هذا الاعتداء، غير أنّ العملية، وفق تقييمات مختصين، ضربت مصداقية الأجهزة الاستخباراتية، وصورتها الضاربة، وقدراتها على اختراق التنظيمات ومخططات الأعداء، فهل أرادت القيادة الإيرانية من الإعلان عن إفشال محاولة الاغتيال إعادة الاعتبار لصورة أجهزتها، بأنّها قادرة على إفشال مخططات الأعداء وتحويل الأنظار عن ذلك الفشل؟

اقرأ أيضاً: كيف تحول سياسيون سنّة عراقيون إلى "جند سليماني"؟

أما سيناريو التنفيذ؛ فوفق صحيفة "الديار"، فإنّ العملية تمّت في محافظة صلاح الدين العراقية، ذات الأغلبية السنيّة، خلال جولة لسليماني وعبوره من المنطقة، وأنّه في إطار احتياطات أمنية "محكمة"، قام بتبديل موقعه في موكبه، وانتقل إلى سيارة "أخرى" في آخر الموكب، ما جعل ناقلة الجنود المفخّخة تنفجر بعيداً عن السيارة التي يستقلها سليماني، رغم أنّ طائرات "هيلوكوبتر" أمريكية، و"إسرائيلية"، تتابع سليماني خلال جولاته بالعراق.

اقرأ أيضاً: لماذا تنحاز الدوحة لتحركات قاسم سليماني؟

وفيما يتعلق بالجهات المتهمة بالوقوف وراء المحاولة؛ فهي ذاتها الجهات المتهمة بالوقوف وراء عملية "المنصة" في الأحواز، وهي أمريكا وإسرائيل والسعودية، إضافة إلى أنّ ضباطاً إسرائيليين، من أصول أوكرانية، يرتدون الزيّ العسكري الأمريكي، وضباط مخابرات سعوديين، بالتعاون مع الجيش الأمريكي، يقفون وراء المحاولة، وقد جاء توجيه الاتهام محكماً؛ فإضافة صفة الأوكرانيين إلى الجنود الإسرائيليين جاءت لاستثمار الخلافات بين روسيا وإسرائيل، على خلفية إسقاط الطائرة الروسية مؤخراً، قبالة السواحل السورية، بصاروخ من الجيش السوري، والقول إنّ إسرائيل تنسق مع عدوة روسيا "أوكرانيا"، وتزامناً مع إعلان أنّ إيران حالت دون قيام الحشد الشعبي العراقي، بــ "قتل" خمسين جندياً أمريكياً في بغداد، في رسالة لأمريكا بقدرتها على قتل جنود أمريكيين في العراق، إضافة إلى تأكيدها أنّها قادرة على استهداف ضباط المخابرات السعوديين في مناطق غرب العراق، في رسالة بأنّها مطلعة على تحركات السعودية في العراق.

من المستبعد أن يبدأ الردّ الايراني بتوجيه ضربات ايرانية لأيّة أهداف أمريكية أو إسرائيلية

عمليتا "المنصة"، التي نفذت قبل أسبوع ضدّ الحرس الثوري الإيراني في الأهواز، ذات الغالبية العربية السنيّة، والإعلان عن إفشال محاولة اغتيال قاسم سليماني في العراق، في منطقة ذات أغلبية سنّية، إضافة إلى الشكوك التي تحيط بالعمليتين، وأنهما من صناعة المخابرات الإيرانية؛ المرجح أنهما موجهتان للداخل الإيراني من جهة، لحرف الأنظار عن الأوضاع الداخلية، ومظاهر الأزمة الاقتصادية، وخطوتان استباقيتان لمواجهة تداعيات حزمة العقوبات الأمريكية الثانية؛ التي تشمل صادرات النفط الإيرانية، البالغة حوالي ثلاثة ملايين برميل نفط يومياً، والتي تشكّل عائداتها مصدر التمويل الأساسي لنشاطات الحرس الثوري الإيراني، والموازنة الإيرانية.

كما أنّ العمليتين رسالة لخصوم إيران وخياراتها الواسعة لمواجهة التهديدات الأمريكية الإسرائيلية، إضافة إلى تهديدات الإمارات والسعودية، بأنّ الحرس الثوري قادر على الردّ على أمريكا؛ عبر استهداف جنودها في العراق، الذين تقدّر مصادر إيرانية أعدادهم بحوالي "15" ألف أمريكي، بين مستشارين وعسكريين، إضافة إلى إمكانية استهداف التواجد السعودي في العراق.

اقرأ أيضاً: سليماني يهدّد... فبماذا يردّ ترامب هذه المرة؟!

ومع ذلك؛ فإنّه من المستبعد أن يبدأ الردّ الايراني بتوجيه ضربات ايرانية لأيّة أهداف أمريكية أو إسرائيلية؛ لأنّ إيران تدرك ردود الفعل الأمريكية والإسرائيلية، خاصة في هذه المرحلة، التي يتشكل فيها حلف عربي ودولي، بقيادة أمريكا، ضدّ إيران، من هنا؛ تمّ الإعلان عن ضربة صاروخية إيرانية لمناطق شرق سوريا، وضربة صاروخية تمّ الإعلان عنها من قبل الحوثيين ضدّ مطار دبي في الإمارات.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية