مهربون يخاطرون بحياتهم للحصول على الحسون من الأردن وبيعه في فلسطين

فلسطين

مهربون يخاطرون بحياتهم للحصول على الحسون من الأردن وبيعه في فلسطين


03/10/2018

تهريب طيور الحسون من الأردن إلى الضفة الغربية ليس أمراً سهلاً، بل تجابهه عراقيل عدة، ويُعرّض حياة المهربين للخطر، وكذلك الاعتقال من قبل السلطات الإسرائيلية، والتي تمنع تهريب هذه الطيور باعتبارها طيوراً وطنية محمية، وفق القوانين الإسرائيلية، ويمنع تهريبها أو الاتّجار بها لحمايتها من الانقراض، فما هو طائر الحسون؟ ولماذا يخاطر المهربون بحياتهم للحصول على هذا الطائر؟

اقرأ أيضاً: أزمة سيولة أم عصابات تهريب وراء نقص الأدوية في تونس؟

طائر الحسون هو عصفور صغير الحجم ومتعدد الألوان والأنواع والأحجام، ويتميز بجمال شكله وحسن صوته، حتى بات من أكثر الطيور التي يقبل الفلسطينيون على تربيتها واقتنائها، بهدف الاتجار بها أو عرضها للزينة، ويدفع المهووسون بهذه الطيور آلاف الدولارات لاقتناء طيور الحسون لنغماتها متعددة المقامات.

كيفية تهريب طيور الحسون

بعد محاولات صعبة ووعود بضمان سرية معلوماته الشخصية، وافق المواطن "نادر. م"  (32 عاماً) من مدينة رام الله وأحد مهربي طيور الحسون أن يشارك "حفريات" تفاصيل عملياته في تهريب هذه الطيور من الأردن؛ إذ صرح بأنه "يقوم بالاتفاق مع أحد بائعي وصائدي طيور الحسون، بعد أن يتم دخول الأراضي الأردنية عبر جسر الملك حسين الذي يربط الأردن بالضفة الغربية، ويتم الالتقاء بالبائع الذي يصطحب الطيور معه في منطقة الشونة الجنوبية والتي تحد مناطق الضفة الغربية، ومن ثم يتم تفقد الطيور جيداً للتأكد من أنواعها وخلوها من أي مشكلات وأمراض تهدد حياتها".

الطلب يزداد في فلسطين على طيور الحسون الأوكراني وخاصة الذكور منها والتي تتميز بضخامة حجمها ويتم جلبها من الأردن

ويضيف "يتم تخدير الطيور قبل تهريبها لمدة 20 ساعة تقريباً، ويتم وضعها في داخل جوارب شفافة وجيدة التهوية لضمان بقاء طيور الحسون على قيد الحياة دون أن تتعرض للاختناق، ويتم لف هذه الجوارب حول منطقة البطن وفي منتصف الأرجل، كي لا ينفضح الأمر عند تهريبها والعودة بها للضفة الغربية.

ويتم القيام بعملية التهريب مرتين إلى ثلاث مرات كل شهرين غالباً، وذلك لارتفاع مخاطر المجازفة بعمليات تهريب طيور الحسون، وإمكانية انكشاف الأمر والتعرض للمساءلة القانونية والاعتقال".

يتم القيام بعملية التهريب مرتين إلى ثلاث مرات كل شهرين غالباً

ارتفاع أسعاره

ويشير المهرّب إلى أنّ "الطلب يزداد في فلسطين على طيور الحسون الأوكراني وخاصة الذكور منها، والتي تتميز بضخامة حجمها مقارنة بالأنواع الأخرى، إضافة لجمال ألوانها وأصواتها؛ حيث يتم شراؤها من قبل التاجر الأردني بمبلغ ( 150 ديناراً أردنياً) للطائر الواحد، في حين يتجاوز ثمنه داخل الأراضي الفلسطينية (1000 دينار أردني) للطائر، لذلك يتم التركيز على تهريب هذه الأنواع من الحسون أكثر من غيرها لجدواها الاقتصادية والأرباح الهائلة التي تحققها، أما الأنواع الأخرى التي يتم تهريبها فهو الحسون البلدي، وهو أيضاً يتميز بألوانه الزاهية وصوته الجميل ولكنه صغير الحجم، ويتم شراؤه بمبلغ (10 دنانير) من التاجر الأردني، وبيعه بمناطق الضفة الغربية بمبلغ (70 ديناراً أردنياً).

اقرأ أيضاً: تعرف إلى أول حركة متطرفة تحافظ على البيئة!!

يتم بيع طيور الحسون المهربة للزبائن بحسب أنواعها، كما ذكر المهرب، ووفق القدرة الشرائية للزبون؛ "فهناك من يقبل على اقتنائها من الأشخاص ميسوري الحال والأغنياء والذين يفضلون شراء الحسون الأوكراني ووضعه في منازلهم للزينة وسماع صوته ونغماته نظراً لثمنه المرتفع، أما الطيور الأخرى فيتم شراؤها من الطبقات الأخرى في المجتمع، وغالباً يجري شراؤها لعمليات الاتجار بها، من خلال تجهيزها لموسم التزاوج خلال شهور معينة من السنة، لإنتاج الفروخ الصغيرة والتي عادة ما يتم تدريبها على أداء نغمات معينة مبكراً، لكي تتقنها عندما تصل لمرحلة النضوج".

ويشرح "تفتقد الأسواق والطبيعة في فلسطين لطيور الحسون خلال شهري آذار (مارس) ونيسان (إبريل) من كل عام، وذلك لانشغال الطيور بتلك الفترة بتجهيز أعشاشها لعمليات التزاوج، وبذلك فإنه يصعب العثور عليها، وترتفع أسعارها خلال هذه الأشهر أضعافاً مضاعفة، وخلال شهر أيلول (سبتمبر) تعود الطيور للانتشار مجدداً، وتزداد مبيعاتها داخل الأسواق".

تكمن أهمية الحسون في صوته وقدرته على أداء النغمات المميزة

تهريب الحسون بزجاجات المياه

أما المواطن "سامر.ع" ( 29 عاماً) من مدينة نابلس، وهو أحد مهربي طيور الحسون منذ ثلاثة أعوام، فيسرد حكايته بتهريب طيور الحسون من الأردن: "يتم الاتفاق مع أحد التجار الأردنيين ولقائه بمنطقة عمان، ووضع كمية طيور الحسون الموجودة معه بعد تخديرها في زجاجات مياه فارغة، ووضع هذه الزجاجات في داخل حقيبة يدوية تمهيداً للدخول بها إلى الأراضي الفلسطينية".

اقرأ أيضاً: كيف تشكل تجارة القات الخريطة الاقتصادية في القرن الأفريقي؟

ويبين أنه جرى اعتقاله قبل عامين من قبل السلطات الإسرائيلية أثناء محاولته تهريب 20 زوجاً من طيور الحسون بعد اجتياز جسر اللنبي، وقضى ثلاثة أشهر في السجون الإسرائيلية، ودفع غرامة مالية قدرها 7 آلاف شيكل، وكونه خريجاً جامعياً منذ سنوات ولم يعثر على فرصة عمل مناسبة له، اضطر للعودة مرة أخرى لتهريب هذه الطيور لتحقق له مصدراً ثابتاً للدخل، حيث يجد فيها تجارة مربحة وتحقق عوائد مالية باهظة".

غياب القانون

ويضيف "ينشط تجار طيور الحسون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال عرض صور ما لديهم من طيور متنوعة على صفحات بيع الطيور المنتشرة على "الفيسبوك"، وبهذه الطريقة يستطيع الزبائن مخاطبة البائع لاقتناء ما يرغبون به من الطيور؛ حيث يفضل الهواة شراء ذكور الحسون البلدي لنغماته المتعددة وانخفاض ثمنه مقارنة بالأنواع الأخرى، أما إناث الحسون فيقتصر شراؤها على فترات التزاوج فقط".

ويلفت المهرب إلى أمر آخر مثير؛ إذ إنّ "أهمية الحسون تكمن في صوته وقدرته على أداء النغمات المميزة، لذلك تم إيجاد حلول بديلة لتحديد النغمات التي يجب على طيور الحسون غناؤها، وذلك من خلال أخذ الفراخ الصغيرة من أعشاشها، والقيام بإطعامها يدوياً من قبل الشخص المربي لها، وترك العنان لها لتستطيع سماع النغمات التي يرغب مربوها بأن يتقنها طائر الحسون مستقبلاً؛ فالحسون الذي يستطيع أداء النغمة بطريقة جيدة يرتفع ثمنه عن الطيور الأخرى".

تفرض السلطات الإسرائيلية عقوبات رادعة علي مهرّبي طيور الحسون

وتعتمد السلطة الفلسطينية على قانون البيئة الأردني لعام 1962، بخصوص معاقبة صائدي ومهربي الطيور المهددة بالانقراض، والذي لا يفي بالتطلعات ولا يقدم حلولاً رادعة؛ حيث يتم تغريم الشخص من 20 إلى 200 دينار أردني أو الحبس لمدة شهر فقط، إلا أنّ السلطات الإسرائيلية تفرض عقوبات رادعة علي مهربي طيور الحسون وصائدي الطيور البرية عموماً وتصل إلى الحبس ستة أشهر وغرامة مالية تقدر بـ1200 دولار.

طيور مهددة بالانقراض

مؤسس جمعية الرفق بالحيوان الفلسطينية أحمد صافي أبلغ "حفريات بأنّ طيور الحسون "مهددة بالانقراض في فلسطين نتيجة عمليات الصيد الجائر لها، وهي مدرجة على القائمة الحمراء والتي يحظر اصطيادها أو الاتجار بها، حيث تعمد الجمعية على إقامة العديد من المحاضرات والندوات التوعوية للمواطنين بالضفة الغربية، لحثهم للمحافظة على طيور الحسون، للسماح لها بالتكاثر والانتشار بداخل الأراضي الفلسطينية، تجنباً لحدوث أي خلل في التوازن البيئي".

معظم طيور الحسون الموجودة في فلسطين حالياً، تتواجد داخل متاجر بيع الطيور ولدى بعض الصيادين فقط

ويشير إلى "تنامي عمليات تهريب طيور الحسون من الأراضي الأردنية عبر جسر الملك حسين؛ حيث يقتصر عمل شرطة المعابر الفلسطينية على إطلاق سراح الطيور المهربة عند إلقاء القبض على مهربيها، كما تحاول سلطة جودة البيئة جاهدة لتعقب مهربي طيور الحسون في المناطق الفلسطينية، إلا أنها تجابه بصعوبات كبيرة وخاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تشكل 61% من مساحة الضفة الغربية؛ حيث ترفض السلطات الإسرائيلية السماح لهم بدخول هذه المنطقة لوقوعها تحت السيطرة الأمنية والإدارية الكاملة للجانب الإسرائيلي ".

ويضيف أنّ "معظم طيور الحسون الموجودة في فلسطين حالياً، تتواجد داخل متاجر بيع الطيور ولدى بعض الصيادين فقط، بهدف تحقيق أرباح مالية باهظة من خلال القيام بتزويجها داخل الأقفاص، وخاصة طيور الحسون الأوكراني، إلا أنّ هذه العملية تواجه بالفشل في أحيان كثيرة، وذلك باعتبار أنّ طيور الحسون طيور مهاجرة ولا تتأقلم مع البيئة في فلسطين".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية