كيف يرى محللون فلسطينيون دلالات دعم الدوحة لغزة بالوقود بتسهيلات إسرائيلية؟

غزة

كيف يرى محللون فلسطينيون دلالات دعم الدوحة لغزة بالوقود بتسهيلات إسرائيلية؟


11/10/2018

يتنامى الحديث عن دعم إسرائيلي-أمريكي لخيار "دولة فلسطينية في غزة مع تقاسم وظيفي في الضفة الغربية". ويُكثِر مسؤولون في السلطة الفلسطينية من التصريحات عن ارتفاعٍ في وتيرة المساعدات الخارجية التي تُقدّم إلى قطاع غزة، مع تسهيلات إسرائيلية لذلك، من أجل إضعاف وتجاهل شرعية السلطة الفلسطينية، وفي المقابل تقوية وتعزيز مكانة حركة "حماس". ويشير هؤلاء المسؤولون إلى أن هذا الأمر يتم من وراء ظهر السلطة الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني بقيادة رامي الحمد الله.

اقرأ أيضاً: استياء مصري من تمادي حماس في استفزاز السلطة الفلسطينية

في المقابل، ترى حركة "حماس" أنّ تلك المساعدات، وآخرها شحنة الوقود القطرية، إنما يجيء "بسبب الفراغ الذي تركته السلطة الفلسطينية بتخليها عن واجباتها في قطاع غزة، بل وفرضها عقوبات على أهالي القطاع". وقد احتدم السجال في الساحة الفلسطينية على وَقْعِ تسريباتٍ نشرتها جهات استخباراتية إسرائيلية تُرجّح أن ما يجري في هذا الصدد "يُعدّ (في الواقع) جزءاً من صفقة القرن الأمريكية".

موقع إسرائيلي: الوقود القطري ضمن خطط فصل الضفة عن القطاع

وقد اعتبر موقع "ديبكا" الاستخباري الإسرائيلي، أمس، أنّ إدخال الوقود القطري إلى القطاع، جزء من خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي تسمى "صفقة القرن"، ما سيؤدي في النهاية إلى إنشاء كيانين فلسطينييْن منفصلين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وزعم الموقع في تقرير له، أنّ إدخال إسرائيل الوقود القطري لمحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، يعني أن الخطوة الرئيسية في خطة القرن الأمريكية بإنشاء كيانين فلسطينيين منفصلين، في الضفة الغربية وقطاع غزة، قد بدأت، حسب ما نقل موقع "عكّا" للشؤون الإسرائيلية.

أعلنت حركة "حماس" عن خطوات مقبلة لتخفيف الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة بموافقة السلطة الفلسطينية أو بدونها

وكشف "ديبكا" أنّ ذلك هو أول خطوة دبلوماسية مهمة في تنفيذ الخطة الأمريكية للبدء في فصل مناطق السلطة الفلسطينية، مشيراً إلى أنّ المرحلة الثانية، هي أنّ ما ستمنعه السلطة، وستوقفه عن قطاع غزة، ستخصمه إسرائيل من أموال الضرائب/المقاصة، بموجب اتفاقية باريس وستحولها مباشرة إلى قطاع غزة.

وأضاف "ديبكا" أنه بعد إدخال الوقود إلى قطاع غزة، ستصل شحنات إضافية من السلع الأساسية الأخرى، وسوف تتدفق أموال إضافية إلى القطاع لتخفيف الوضع الاقتصادي.

ولفت الموقع النظر إلى أنه لن يتم نقل الوقود ولا المال إلى حركة "حماس" مباشرة، بل عن طريق الأمم المتحدة، وهي التي ستشرف على آلية وطريقة توزيعها عن طريق منسقها لعمليات السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف.

حذرت السلطة الفلسطينية من تحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية إنسانية

"حماس": إدخال الوقود القطري تتبعه خطوات مقبلة

وكانت حركة "حماس" أعلنت أمس عن خطوات مقبلة لتخفيف الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة "بموافقة السلطة الفلسطينية أو بدونها". وقال الناطق باسم الحركة، عبداللطيف القانوع، في تصريح صحافي، إن خطوة إدخال شاحنات وقود صناعي لمحطة توليد كهرباء غزة بتمويل قطري "سيتبعها خطوات أخرى؛ سواء وافقت السلطة الفلسطينية أو لم توافق".

غسان الخطيب معلقاً على تمويل الدوحة شحنة وقود لغزة: إنّ ذلك ينطوي على استغلال أزمة إنسانية لتكريس واقع له أبعاد سياسية خطيرة

من جهتها، قالت مصادر إسرائيلية إنّ إدخال الوقود يتم بتفاهمات غير معلنة بحيث تتولى قطر دفع التكاليف المالية على أن تشرف طواقم الأمم المتحدة على الأمر. وذكرت المصادر أنّ السلطات الإسرائيلية رهنت انتظام إدخال الوقود باستمرار الهدوء في القطاع، مهددة أنه إذا استمرت احتجاجات مسيرات العودة فسيتم التوقف عن إدخاله، كما ذكرت صحيفة "الأيام" الفلسطينية أمس.

السلطة الفلسطينية: مشاريع مشبوهة

وقد صرح ناطق باسم حركة "حماس"، أول من أمس، أنه تم إدخال كميات من الوقود الصناعي لمحطة توليد الكهرباء الرئيسة في قطاع غزة بتمويل من دولة قطر عبر معبر كرم أبو سالم التجاري. وأكد مصدر في المعبر إنه "تم إدخال ست شاحنات تنقل صهاريج محملة باربعمئة وخمسين ألف لتر من الوقود الصناعي المخصص لمحطة توليد الكهرباء في غزة".

اقرأ أيضاً: قائد حماس في غزة يتحدث إلى صحيفة "يديعوت أحرونوت"

وقال الناطق باسم "حماس" حازم قاسم لوكالة "فرانس برس" إنّ "تزويد قطر لمحطة توليد قطاع غزة بالوقود يهدف لإحداث تحسن جزئي للكهرباء في غزة"، مبيناً أنّ الوقود "تم دخوله عبر الأمم المتحدة بسبب الفراغ الذي تركته السلطة بتخليها عن واجباتها في قطاع غزة، بل وفرضها عقوبات على أهالي القطاع".

وفي بيان بثّته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، أكد مجلس الوزراء الفلسطيني حرصه على "حشد التمويل وتنفيذ المشاريع التنموية في قطاع غزة، وكل ما يسهم في تخفيف معاناة أهلنا وذلك من خلال الحكومة أو بالتنسيق معها".

وشدد البيان "رفض مجلس الوزراء المطلق لجميع المشاريع المشبوهة، والحديث عن الحلول المرحلية وخلق أجسام موازية ومحاولات الالتفاف على الشرعية الفلسطينية؛ وذلك حفاظاً على وحدة الوطن، وقطع الطريق أمام المخططات الساعية إلى فصل قطاع غزة".

حازم قاسم: تزويد غزة بالوقود يهدف لإحداث تحسن جزئي للكهرباء

محطة كهرباء غزة

وبحسب شركة توزيع الكهرباء في غزة فإنه "يتم توفير 4 ساعات وصل للتيار الكهربائي في كل 24 ساعة يومياً" موضحة، كما ذكرت "فرانس برس"، أنه "لم يطرأ أي تعديل على هذا البرنامج".  ومنذ عقد تفرض إسرائيل حصاراً مشدداً على قطاع غزة الفقير والذي تديره "حماس".

ويعاني القطاع وعدد سكانه نحو مليوني شخص، أزمة حادة في الكهرباء، والتي انعكست على مناحي الحياة الاقتصادية كافة، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس" عن الخبير الاقتصادي، ماهر الطباع. والمحطة الوحيدة، تضيف الوكالة، تعمل جزئياً من خلال تشغيل مولد واحد بقدرة 25 ميجاواط، وتغذي إسرائيل بـ 120 ميجاواط، و27 ميجاواط من مصر، فيما يحتاج القطاع إلى ما بين 500 و600 ميجاواط يومياً، وفق شركة توزيع الكهرباء في غزة.

محللون فلسطينيون: إسرائيل تريد إعادة تأهيل غزة!

من جانبه، أشار المحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، في حديث لـ"بي بي سي" أول من أمس، إلى رغبة إسرائيلية في إعادة تأهيل قطاع غزة، وبأن الولايات المتحدة وإسرائيل "مستعجلتان" لتحقيق ذلك، وفق عوكل.

ويذهب مدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية، أشرف أبو الهول، إلى وصف التحرك القطري الأخير في قطاع غزة بأنه "مساعدات لتكريس الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني، بمساعدة قطرية وتسهيلات إسرائيلية". ويؤكد أبو الهول بأن الانقسامات بين "فتح" و"حماس" "جعلت الأخيرة، بشكل غير مباشر، تضع يديها بيد إسرائيل"، على حد قوله.

جهاد حرب: إنّ نتنياهو قد اتخذ قراراً بفصل غزة عن الضفة، وأن التعامل يجري بين إسرائيل والأمم المتحدة وقطر وحماس على ذلك

أما الأكاديمي الفلسطيني في جامعة بير زيت، غسان الخطيب، فقال في مداخلة في "بي بي سي" أمس تعليقاً على تمويل الدوحة شحنة وقود لغزة، إنّ ذلك ينطوي على استغلال أزمة إنسانية لتكريس واقع له أبعاد سياسية خطيرة. ولفت الخطيب النظر إلى حالة من الاهتمام الاستثنائي من قبل الولايات المتحدة بقطاع غزة، وحديث إسرائيلي حول "الوضع الإنساني" في القطاع، ما يدعم الشبهات عن رغبة في "فرض واقع سياسي جديد" في الأراضي الفلسطينية. ونبّه الخطيب إلى أنّ إسرائيل مرتاحة لحالة الانقسام الفلسطيني بين "فتح" و"حماس" وغزة والضفة، وهي بالتأكيد تستغل الخطوة القطرية من أجل مزيد من الانقسام الفلسطيني.

ويميل المحلل الفلسطيني، جهاد حرب، في حديث آخر لـ "بي بي سي" أمس إلى القول إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد اتخذ، على ما يبدو، قراراً بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وأن التعامل يجري بين إسرائيل والأمم المتحدة وقطر و"حماس" في غزة لتكريس مثل ذلك.

اقرأ أيضاً: هل تقبل حماس بـ"صفقة القرن" على قاعدة دولة في غزة؟

ويستدرك جهاد حرب بأن إسرائيل تتبنى حالياً معادلة "الكهرباء مقابل الأمن"، وكأنّ "اللفتات الإنسانية الإسرائيلية لغزة (ساخراً) والتي تتم بتمويل قطري، تستهدف ألا تكون هناك مظاهرات واحتجاجات فلسطينية ضد إسرائيل في المناطق الجنوبية من القطاع"، وفق حرب.

يلفت الخطيب النظر لحالة من الاهتمام الاستثنائي من قبل الولايات المتحدة بقطاع غزة

وكانت السلطة الفلسطينية، وفق "ميدل إيست اونلاين"، قد حذّرت في أكثر من مناسبة من تحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد قضية إنسانية تستبدل فيها الحقوق الوطنية المشروعة بمساعدات إنسانية تستهدف تخفيف معاناة أهالي غزة من دون أن تعالج الأزمة برمّتها وهي أزمة متعددة: سياسية واقتصادية وإنسانية.

الصفحة الرئيسية