الشاعر عريان السيد خلف يلفظ أنفاسه الأخيرة.. والعراقيون يشيعونه بقلب حزين

العر اق

الشاعر عريان السيد خلف يلفظ أنفاسه الأخيرة.. والعراقيون يشيعونه بقلب حزين


09/12/2018

وحّد رحيل الشاعر العراقي عريان السيّد خلف، العراقيين الذين عبروا عن أحزانهم المشتركة لفقدانه، على الرغم من اختلافهم الدائم نتيجة اضطرابات المناخ السياسي في البلاد.

والسيّد خلف شاعر عراقي، من مواليد محافظة ذي قار 1940، ناضل ضد الديكتاتورية الصدامية، بعد انتمائه لليسار العراقي المتمثل في الحزب الشيوعي، طوال سنواته الأربعين الأخيرة من حياته.

اقرأ أيضاً: قاسم حداد شاعر أقام ورشة للأمل فضاؤها الشعر

ويشكل عريان السيّد خلف، الى جانب الشاعرين مظفر النواب وكاظم اسماعيل الكاطع، مدرسةً شعريةً حديثةً في إطار الشعر الشعبي العراقي، فضلاً عن كونه قد كتبَ باللغتين الفصحى والعامية، لكنّ شهرة خلف حملت على كونه شاعراً شعبيّاً كبيراً في مختلف بلدان الخليج العربي.
رحل الشاعر العراقي المعروف، صباح الأربعاء الماضي في الخامس من الشهر الجاري، في مستشفى مدينة الطب ببغداد، إثر وعكة صحية طارئة.

وأصدر الراحل العديد من المجموعات الشعرية منها "صياد الهموم"، و"تل الورد"، و"أوراق ومواسم"، و"قبل ليلة"، و"القيامة"، وتغنى بأشعاره بعض المطربين العراقيين أمثال؛ رياض أحمد، وسعدون جابر، وقحطان العطار.

نعي رسمي لرحيله

ونعى رئيس الجمهورية برهم صالح، رحيل الشاعر عريان السيد خلف، مبيناً أنّ العراق فقد "قامة من قاماته الثقافية الكبيرة" برحيله.

الحزب الشيوعي: فقدنا برحيل أبوخلدون راية خفاقة لحب الوطن، والولاء للشعب، والوفاء للكادحين والفقراء

وأضاف صالح، في بيان رسمي تلقتهُ "حفريات"، أنّ "ما قدمه أبو خلدون (كنية الراحل) لبلاده هو شيء نادر ومبدع"، مبيناً أنه "ليس سهلاً أن تكون صوتاً عالياً وصادقاً لشعبك على مدى عقود".

وأشار الرئيس العراقي إلى أنّ "العراق يودع عريان بقلب حزين، ويستذكر قصائده الخالدة التي يرددها الجميع، وتحفظها ذاكرة الوطن".

من جهته، قال رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي: برحيل الشاعر عريان السيد خلف، يخسر العراق "شاعراً وطنياً عراقياً كبيراً".

جثمان الراحل عريان السيد في مقر الحزب الشيوعي العراقي

أما رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، فقد نعى الشاعر الكبير عريان السيد خلف "أحد أبرز الشعراء العراقيين"، لافتاً إلى أنّ "الراحل كان قد أسهم في إثراء الحركة الثقافية في العراق من خلال أشعاره وقصائده التي تغنت بحب الوطن".

مطالبات بتوثيق نتاجه الشعري

الرحيل المفاجئ للشاعر عريان السيّد خلف، ألقى بظلاله على المشهد الثقافي؛ حيث أعرب مثقفون عن حزنهم الشديد لذلك النبأ، داعين إلى ضرورة الاهتمام بنتاج الراحل الشعري.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجري في العراق؟

ويقول فارس كمال نظمي، وهو أستاذ علم الاجتماع في جامعة صلاح الدين في أربيل، إنّ "عريان، كسانا بذاكرة خضراء يتلاقح فيها الوجدان الوطني بالطبيعة والعشق والحلم اليساري العتيد"، مبيناً أنه "رحل ليبقى، ولتظل قامته أعلى من كل الأنظمة السياسية القزمة، التي عايشها؛ إذ أعاد عملقة المخيال الشعبي بصور ورموز واستعارات، صارت جزءً حميماً من وجداننا الجمعي نحن فصيلة العراقيين النافخين دوماً في شعلة الأمل".

وأضاف في تصريح لـ "حفريات"، أنّ "قامة عريان السيد خلف، الشعرية تستحق أن توضع في متحف عظماء الشعر إلى جانب الرموز الكبرى: مايكوفسكي، وناظم حكمت، وبابلو نيرودا، وغيرهم، ممن امتصوا آلام بلدانهم ثم أفرزوها فكراً جمالياً شاهقاً محرضاً للناس على إعادة إنتاج وجودهم الاجتماعي وفقاً لوعي أسمى بقضية الاجتماع البشري وغاياته"، مشيراً إلى أنّ "غيابه لم يغير شيء، فحفرياتهِ في الوجدان والعقل باقية، وسوف تتسع وتجد صداها كلما ظهر جيل جديد يعيد استلهام فكرة الوطن والحب والتغيير".

رائد القصيدة الشعبية العراقية الحديثة مظفر النواب

دروب الحب المتشابكة مع السياسة

بغياب عريان السيد خلف، أسدل  الستار على "مرحلة مضيئة" من تاريخ القصيدة الشعبية، بعدما كتب عن "الحبِّ والأمل، منتظراً البشارة بوطنٍ معافى"، حسبما قال لـ"حفريات" الكاتب العراقي علي حسين، لافتاً إلى أنّ "الشاعر القادم من قريةٍ على ضفاف نهر الغرّاف في محافظة ذي قار، كان قد طرح الأسئلة عن أحوال الناس والوطن، وانتهى بعذابات المرض والخوف على بلادٍ تنظر الفرج الذي تأخر موعده"، مضيفاً "لن يكتب أحد من بعده لدروب الحبّ التي تشابكت مع دروب السياسة".

الحزن يخيمُ على الأوساط الثقافية.. وأكاديميون لـ"حفريات": يجب وضع عريان السيد خلف في متحف عظماء الشعر

ويشير مدير تحرير صحيفة "المدى" البغدادية، إلى أنه "مثلما نتأمل في مرارات سيّد القصيدة الشعبية مظفر النواب، نتذكر تلك الجواهر من القصائد التي زيّن بها عريان السيد خلف حياتنا اليومية"، موضحاً أنّ الأخير "عرَفَ تقنيّات كتابة القصيدة العامية من خلال تجواله في شوارع الناصرية وبغداد والبصرة والموصل وأربيل، واختار حياته على طريقة الشعر"، مبيناً أنه "كتبَ عن جيفارا وهوشي منه، ومثلما يتغزل بالمرأة، يبحر وراء الشعر القريب من هموم الناس، كأنه يغنّي لجميع العراقيين".

الراحل على لسان الشيوعي العراقي

الذكريات النضالية للشاعر الراحل عريان السيد خلف، كانت موثقةً في بيان حزبهِ؛ الحزب الشيوعي العراقي، الذي أكد أنّ وفاته "خسارة فادحة لا تعوض".

اقرأ أيضاً: "معالم في الطريق": شاعر يحلم بدولة خيالية ومجتمع من الملائكة

وقال الحزب في بيان رسمي تلقته "حفريات"، "فقدنا برحيله راية خفاقة لحب الوطن، والولاء للشعب، والوفاء للكادحين والفقراء، والتفاني في سبيل قيم الحرية والعدالة والتقدم والخير والجمال". وأضاف "غادرَنا في رفيقنا العزيز، إنسانٌ نقي في إنسانيته، أصيل في عراقيته، سخي في لطفه وعطائه، شامخ في إبائه وفي كبريائه الإنساني".

تشييع الشاعر عريان من مقر اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين في بغداد

وتابع بيان الحزب الشيوعي: "لقد ترك رحيل أبو خلدون غصة في قلوب جماهير العراقيين، الذين عبر في شعره بصدق وجمال قل نظيرهما عن عميق أحاسيسهم، عن آلامهم وآمالهم، عن كفاحهم وبسالتهم، عن عظمة الشعب والإنسان فيهم وهم يصنعون ملاحم الثورة والصمود والانتصار حيناً، ويتحدون عواصف التراجع والانكسار حيناً آخر"، مبيناً أن "عريان بقي حتى اللحظة الأخيرة في حياته، شيوعياً مخلصاً لحزبه ولشعبه ووطنه، وفياً للمبادئ التي تربى عليها وتشبّع بقيمها السامية ومبادئها الإنسانية الصافية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية