بيرم: حكاية تونسي تزعّم شعراء العامية في مصر

بيرم: حكاية تونسي تزعّم شعراء العامية في مصر


06/01/2019

في الوقت الذي يبيع كثيرون إبداعهم من أجل أن يظفروا بلقمة هنيئة، ولباس فاخر، ومنزل فخيم، وسيارة فارهة، يختار آخرون الانحياز للفقر والبؤس اللذين خرجوا من رحمهما، كما فعل محمود بيرم التونسي في إخلاصه للطبقات المعدمة والمظلومة، فظلّ قابضاً على شقائه، وهو الشاعر العظيم، متنعماً في وطنيته، التي دفع ثمنها تشريداً وجوعاً ونفياً وتغريباً.

بدأت وهي تبكي في غناء "الحبّ كده"؛ التي كتبها لها بيرم

عندما بكت كوكب الشرق

لم تتمالك أم كلثوم دموعها، وهي على مسرح الأزبكية، وسط القاهرة، عندما مال عليها الموسيقار الكبير، محمد القصبجي، وأسرّ لها في أذنيها: "مات بيرم".

اقرأ أيضاً: النثر والشعر.. التوأمان اللدودان

كأنّ الذكريات مرت في لحظات أمام عيني "كوكب الشرق"، فضربت وجدانها بالحزن والأسى، على (التونسي) الذي لم يمهله الموت الحصول على الجنسية المصرية، العام 1960، بعد أن منحه الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية.. هزمه الربو، الذي أصابه جراء الشتات في المنافي، والصقيع والرذاذ الذي تكاثر على رئتيه، وهو يعمل حمّالاً في الموانئ.

أوقفت سيدة الغناء العربي وصلتها الثالثة من أغنيتها "يا ظالمني"، وبدأت وهي تبكي في غناء "الحبّ كده"؛ التي كتبها لها بيرم، وانساب صوتها شجياً حزيناً، يصدح بكلمات أمير شعراء العامية: "تشوفه يضحك وفي قلبه الأنين والنوح، عايش بلا روح، وحيد، والحب هو الروح، حبيب قلبي وقلبي معاه، بحبه في رضاه وجفاه".

كان من أولئك الذين يضحكون، ليمنحوا من حولهم رشفات من السعادة، وجرعات من الأمل، يحجب عن الناس ما يختلج بين أضلعه من أحزان، وما يدفنه قلبه من ذكريات حارقة، وكأنّه كان يكتب عن نفسه "تشوفه يضحك وفي قلبه الحنين والنوح".

أخرج التونسي من وجدانه المحترق زخات النار التي أحرق بها الظالمين، وأقلق مضاجعهم، منذ أن كان صبياً في الحارة، إلّا أنّ كلماته كانت تنضح بحبّ مصر، وهو المولع بكل تفاصيلها، وحواريها وأزقتها، وشمسها ونيلها وأبراجها وورودها "والنرجس مال، يمين وشمال، على الأغصان بتيه ودلال". 

يروي في مذكراته أنّه لم يستفد من "الكُتّاب" إلا الإلمام بمبادئ القراءة والكتابة فقط

محنة الكُتّاب

في حي الأنفوشي بالإسكندرية، ولد العام 1893، لأسرة من أصول تونسية، فتمنى والده أن يصبح هذا الصبي عالماً فقهياً جليلاً، فدفع به للالتحاق بكتاب الشيخ جاد الله، عندما بلغ عامه الرابع.

كانت عقدة بيرم، كما يقول، أنه "بليد في الحساب، لا يعرف كتابة السبعة من الثمانية"؛ لذا لم ينج من وطأة الفلقة في يوم من الأيام، ولم يعد يطيق الطفل هذه الحال، فذهب لأبيه ذات يوم، يرجوه أن يرحمه من قسوة الشيخ، لكنّ الأب لم يأبه، وأجبره على الذهاب، لكنّ الطفل لم يستطع أن يفكّ عقدته، حتى يئس منه والده، وأخرجه ليجلس مع أولاد عمه في دكان الحرير الذي يمتلكه.

اقرأ أيضاً: فكرة المختارات تجوز في الشعر ولا تجوز في النثر

يروي بيرم في مذكراته عن تلك الفترة من حياته، فيقول إنّه لم يستفد من الكُتّاب إلا الإلمام بمبادئ القراءة والكتابة فقط، فلم يكن للشيخ أيّ دور في تشجيعه على الثقافة، أو النهم للمعرفة، أو الاستدامة في القراءة.

حاول والد بيرم أن يعود إلى محاولة جديدة لتعليمه، فأرسله إلى مسجد المرسي أبو العباس؛ حيث المعهد الديني، الذي كان يتردد عليه أغلب أبناء تجار الحيّ، وأقبل بيرم على ما كان يلقى في هذا المعهد من دروس في نهم وشغف، لكنّه لم يكمل دراسته في هذا المعهد؛ حيث جاء موت أبيه ليوقفه عن دروسه.

قبل أن يتم 14 عاماً أصبح مسؤولاً عن الإنفاق على نفسه وأمه

بدايات مريرة

بعد أن تزوج والده للمرة الثالثة، وحكت له والدته ما يضيق به صدر صبي صغير، توالت عليه المآسي، فقبل أن يتم 14 عاماً أصبح مسؤولاً عن الإنفاق على نفسه وأمه بعد تيتمه، فاضطر للعمل صبياً في محل بقالة، بعد أن استلب أولاد عمّه حقه في ميراث أبيه، واستولت زوجة أبيه الثالثة على 5 آلاف من الجنيهات الذهبية كان يكنزها في بيتها، وعندما بلغ 17 عاماً، تزوّجت أمه، ثم ماتت بعد زواجها بفترة قصيرة، فبات طفلاً حزيناً، لا يقبل اللعب مع الأطفال، وكان يكتفي بمراقبتهم وقت اللعب.

كان بيرم يمنح من حوله رشفات من السعادة وجرعات من الأمل رغم ما يختلج فيه من أحزان

التحق بيرم بالعمل مع زوج أمّه في عمله الشاقّ؛ إذ كان يعمل بصناعة هوادج الجمال، لكن تصادف خلال هذه الفترة أن تعرف على أحد البنّائين من حفظة السيرة الشعبية، فأعجب بما يترنم به، واندفع بكل قوة نحو القراءة والتحصيل، سيما في دواوين الشعر ومدوّنات الأدب الشعبي.

تزوج بيرم مبكراً، وعاش في حجرة بمنزل والد زوجته، التي أنجب منها طفلين، هما محمد وكريمة، ثم ماتت الزوجة، ولم يعرف كيف يتعامل مع صغيريه، فاضطر للزواج مرة ثانية، بعد 17 يوماً فقط من وفاة زوجته الأولى، وأفلس محل البقالة الذي كان قد فتحه مشاركةً مع أحد الصيادين، فقرّر بيع المنزل الكبير الذي تركه أبيه، واشترى منزلاً صغيراً، واستخدم ما تبقى من المبلغ في تجارة السمن، لكنّه فوجئ بالمجلس البلدي يحجز على البيت الجديد للمطالبة بعوائد عن أعوام لا يعلم عنها شيئاً، وكانت الواقعة سبباً في ميلاد زجليته المشهورة: "قد أوقع القلبَ في الأشجانِ والكمدِ، هوى حبيبٍ يُسمّى المجلس البلدي، ما شرّد النومَ عن جفني سوى، طيف الخيال، خيال المجلس البلدي، يا بائع الفجل بالمليم واحدةً، كم للعيال وكم للمجلس البلدي، كأنّ أمي أبلَّ الله تربتها، أوصت فقالت: أخوك المجلس البلدي".

اقرأ أيضاً: تأثير الشعر العربي القديم في خطاب "الجماعات الدينية" المتطرفة

نشرت القصيدة كاملة بجريدة "الأهالي"، وفي الصفحة الأولى، وكانت أول قصيدة تنشر لبيرم، وطبع من العدد الذي نشرت فيه 4 آلاف نسخة، وأحدث نشرها دوياً، فلم يعد في الإسكندرية من لم يتكلم عنها، أو يحفظها أو يردّدها، كما طلب موظفو المجلس البلدي ترجمتها إلى اللغات الأجنبية ليستطيعوا فهمها، فقد كانوا جميعاً من الأجانب.

يقول بيرم: "لم اكتفِ بنشرها في الصحيفة، بل أصدرت كتيباً يتضمنها، بعته بخمسة مليمات للنسخة الواحدة، فراج رواجاً عظيماً، وطبعت منه مئة ألف نسخة، وهكذا وجّهني القدر إلى مهنة الأدب وسيلة للرزق، ثم دأبت على إصدار كتيبات صغيرة بها مختلف الانتقادات الاجتماعية".

بدأ بيرم بعد هذه القصيدة يتجه إلى الأدب، فترك التجارة واهتم بتأليف الشعر، إلا أنه أدرك بعد فترة أنّ الشعر وسيلة محدودة الانتشار، بين شعب 95% منه لا يقرؤون، فاتّجه إلى الزجل، ليقرب أفكاره إلى أذهان الغالبية العظمى من المصريين، وكان زجله في البداية مليئاً بالدعابة والنقد الصريح، الذي يستهدف العلاج السريع لعيوب المجتمع، وكان يعتمد في لقطاته الزجلية على السرد القصصي، ليصوّر العلاقات الزوجية، ومشكلات الطلاق، والعادات الاجتماعية الساذجة الموجودة آنذاك، مثل: حفلات الولادة، والطهور، والزار.

المناضل المنفي

شكّلت كلمات بيرم وقوداً للغضب الشعبي أثناء ثورة 1919، سيما في الأعمال التي غناها له سيد درويش، ومن أهمّها على الإطلاق: أغنية "أنا المصري كريم العنصرين"، التي كتبها بناء على رغبة درويش في غناء عمل يمجد المصريين، لمواجهة الدعوى التي روجت لها سلطات الاحتلال، وتزعم أنّ الشعب المصري غير مؤهّل لنيل الاستقلال.

بدأ بيرم بعد قصيدة المجلس البلدي يتجه إلى الأدب فترك التجارة واهتم بتأليف الشعر

بسبب نقده اللاذع للملك فؤاد وأسرته، صدر القرار بنفي بيرم إلى الأراضي التونسية، سيما بعد نشره قصيدة "البامية الملوكي والقرع السلطاني"، التي عرض فيها بفضائح الأسرة الملكية، ومقاله "لعنة الله على المحافظ"؛ الذي هاجم فيه زوج الأميرة فوقية بنت الملك فؤاد، وكان وقتها محافظاً للقاهرة.

أراد بيرم أن يواصل مسيرته الصحفية في تونس، لكنّه اكتشف أنّه موضوع تحت مراقبة شديدة، بعد أن سبقه صيته في مصر، باعتباره محرضاً على الثورة، فغادر تونس إلى باريس، التي أعجبه نشاط أهلها، لكنّه فشل هناك في الحصول على عمل، فانتقل إلى "ليون" لتتفاقم معاناته إلى حدّ الجوع.

اقرأ أيضاً: القدس.. ملهمة الشعراء والفنانين

ويصف بيرم حاله في ليون قائلاً: "كنت أثناء الجوع أمرّ بمراحل لا يشعر بها غيري من الشبعانين، كنت في البداية أتصوّر الأشياء واستعرضها في ذاكرتي، هذا طبق فول مدمس، وهذه (منجاية مستوية)، وهذه -يا ربّي- رائحة بفتيك تنبعث من عند الجيران، ثم أصل بعد ذلك إلى مرحلة التشهي، فتتلوى أمعائي، ويبدأ المغص، ويطوف الظلام حول عيني، وأتمنى من الله أن ينقلني إلى الآخرة، فهي أفضل من هذا العذاب الأليم، وأخيراً تبدأ مرحلة الذهول وخفّة العقل، فأطيل النظر إلى اللحاف الذي يغطيني، وتحدثني نفسي أن آكل قطنه، أو أبحث عن بذرة للغذاء تحتوي على زيوت، وكان لا ينقذني من تلك الحال سوى معجزات، عندما أنهض كالمجنون أبحث في كل أركان الحجرة عن أيّ شيء فأعثر، بالصدفة، على كسرة خبز، أو بصلة مهجورة".

 

 

محاولة العودة

لم يطق بيرم صبراً على المنفى والابتعاد عن مصر، فرتّب أوراقه للعودة، وركب أول سفينة متجهة إلى بورسعيد، فوصلها في آذار (مارس) 1922، وتوجه من فوره إلى الإسكندرية، للقاء زوجته التي كان تركها وهي حامل، فلّما وصل عرف أنها وضعت بنتاً سمّتها عايدة، وأنها طلبت تطليقها بحجة أنّ زوجها "مغضوب عليه"، ومنفي ولا أمل في عودته.

اقرأ أيضاً: أشهر 10 شعراء مديح في التاريخ الإسلامي

تضاعفت همومه، مع شعوره بالضيق بسبب التخفي من السلطات، نشر أزجاله دون توقيع، وواصل هجومه وسخريته من القصر والاحتلال، وبعد 14 شهراً، ألقي القبض عليه، ليرحّل مرة أخرى على أول سفينة متجهة إلى فرنسا؛ حيث عمل حمّالاً في ميناء مرسيليا، قبل أن ينتقل للعمل في مصنع كيماويات، ثم مصنع حرير، ممّا أثّر كثيراً على صحته، فنقل إلى المستشفى، وطال غيابه عن العمل، فصدر قرار بفصله، لكنّه استمرّ في هجاء الأسرة الحاكمة، وعندما تولّى الملك فؤاد الحكم، نشر بيرم زجله المشهور: "لما عدمنا بمصر الملوك، جابوك الإنجليز يا فؤاد، قعدوك تمثل على العرش دور الملوك، وفين يلقوا مجرم نظيرك ودون، بذلنا ولسة بنبذل نفوس، وقلنا عسى الله يزول الكابوس، ما نابنا إلا عرشك يا تيس التيوس، لا مصر استقلت ولا يحزنون".

كان زجله في البداية مليئاً بالدعابة والنقد الصريح الذي يستهدف العلاج السريع لعيوب المجتمع

دام النفي الثاني لبيرم 15 عاماً، بين 1923 و1938، ذاق خلالها الشقاء والبؤس والجوع أضعافاً مضاعفة، لكنّه رغم ذلك لم يتوقف عن الإنتاج الأدبي، فقد قابله المسرحي الكبير، عزيز عيد، في فرنسا، وطلب منه أن يؤلّف له مسرحية مستوحاة من نصّ أجنبي، ومنحه مقدماً عشرين جنيها، فكتب "ليلة من ألف ليلة"، وقدمها عيد على مسرحه فلاقت نجاحاً كبيراً، كما كتب بيرم مقارنة اجتماعية نقدية بين فرنسا ومصر، سماها "السيد ومراته في باريس"، وأرسل أجزاءها إلى صديقه عبد العزيز الصدر، فنشرها على نفقته الخاصة، وقد استُخدم هذا العمل في دراسة عن اللهجة العامية المصرية أعدّها قسم اللغات الشرقية بجامعة برلين.

وبسبب قرارات فرنسية تخصّ الأجانب، تمّ ترحيل بيرم من فرنسا إلى تونس، ثم رحّل من تونس إلى سوريا؛ حيث ألقي به في سفينة لنفيه إلى خارج سوريا، فاستطاع الهرب أثناء توقف السفينة في بورسعيد، ليظلّ في معاناة مع الاختفاء والترقب، إلى أن استطاع أصدقاؤه استصدار قرار من وزارة الداخلية بعدم ملاحقته.

أشعار على ألسنة كبار المطربين

أكسبت أعوام النضال والمنفى بيرم شهرة كبيرة على شهرته، التي حازها بسبب إنتاجه المتميز في التأليف المسرحي؛ لذا لم يمضِ عامان على عودة بيرم من فرنسا حتى فوجئ بطلب من مطربة العرب الكبرى، أم كلثوم، للقائه والتعرّف إليه، عبر صديقهما المشترك شيخ الملحنين، زكريا أحمد، كان لقاء بيرم وأم كلثوم نقطة تحوّل كبرى في حياة الشاعر الكبير، فقد كوّن مع كوكب الشرق وزكريا أحمد ثلاثياً نجح نجاحاً ساحقاً مدوياً، وأصبحت مصر كلّها تتغنى بكلمات بيرم، في أغنيات أصبحت كلّها علامات مهمّة في مسيرة الطرب العربي: "الأولة في الغرام"، "أنا في انتظارك"، "حبيبي يسعد أوقاته"، "حلم"، "الأمل"، ورغم الخلاف الذي دبّ بين أم كلثوم وزكريا، إلا أنّ التعاون استمرّ بينها وبين بيرم، فشدت من كلماته، بألحان السنباطي، إحدى قصائد الذرى العالية: "شمس الأصيل دهبت خوص النخيل"، كما غنّت له "الحبّ كده".

وبعد مصالحة السيدة مع زكريا، عاد الملحن الكبير مرة أخرى بكلمات بيرم الخالدة: "هو صحيح الهوى غلاب"، وكان ختام ما غنته له؛ زجليته الصوفية الرقيقة "القلب يعشق كلّ جميل".

اقرأ أيضاً: الشعر في الاحتجاجات العراقية يسجّل وقائع الفقر والعنف

تغنّى بكلمات بيرم كبار المطربين، أمثال: سيد درويش، ومحمد عبد الوهاب، وأسمهان، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، وشادية، ونور الهدى، والكحلاوي، وشارك بيرم بكلماته في الأحداث الكبرى التي مرّت على مصر، بعد ثورة تموز (يوليو)، سيما العدوان الثلاثي.

 

 

"المصري" المحروم

عاش بيرم التونسي يحمل كثيراً من الألم؛ كونه لا يحمل الجنسية المصرية، إلى أن قامت ثورة يوليو، وأطاحت بالنظام الملكي، وحققت للشاعر الكبير أمنيته بمنحه الجنسية المصرية، تقديراً لمواقفه الوطنية ورحلة نضاله الكبيرة، وتقديراً لجهوده في الارتقاء بالكلمة، منحه الرئيس جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية، العام 1960، لكن بعد هذا التكريم بعدة أشهر رحل بيرم التونسي، في 5 كانون الثاني (يناير) 1961، ففقدت العامية المصرية أكبر أركانها؛ الشاعر الأديب الزجال الصحافي المناضل، الذي لخّص فلسفته في الحياة بكلمات تقول:  "قال إيه مراد ابن آدم؟ قلت له: طقة، قال: إيه يكفي منامه؟ قلت له: شقة، قال: إيه يعجّل بموته؟ قلت له: زقة، قال: حـد فيها مخلّد؟ قلت له: لأ".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية