هل يحمل العام الجديد انفراجات في الثقافة والإعلام بمصر؟

مصر

هل يحمل العام الجديد انفراجات في الثقافة والإعلام بمصر؟


10/01/2019

شهد عام 2018 في مصر تعيين أول وزيرة للثقافة، عازفة الفلوت إيناس عبد الدايم، وجاء اختيار عبد الدايم بعد عدة ترشيحات سابقة لها وقف أمامها التيار الديني في القاهرة؛ الرافض لتولي امرأة منصب وزير الثقافة، واعتبر محللون أن تولي عبد الدايم للثقافة سيكون نقلة إلى الأفضل، وأن القادم في تعامل الدولة مع الفنون والآداب سيتجه في طريق الإتاحة لا المنع، وعدم التقيد باعتراضات التيار الديني.

قضت محكمة الجنح العسكرية، بحبس أعضاء مسرحية "سليمان خاطر" التي عرضت على مسرح نادي الصيد، شهرين مع إيقاف التنفيذ

ورغم بعض المساعي التي عملت عليها المؤسسة الحكومية في القاهرة من أجل الدفع بعجلة الفنون والآداب، إلا أن بعض القوانين والقرارت وبعض الأحداث الواقعة خلال العام أضرّت بتلك المساعي، يأتي في مقدمتها حبس فريق مسرحي بسبب اتهامهم بإهانة الجيش المصري، وصدور لائحة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وضعت ضوابط ومعايير يجب أن تتقيد بها الأعمال الدرامية، وصدور قرار بفرض المزيد من القيود على تنظيم الأحداث الفنية، وقرار آخر يمنع تنظيم أو إقامة أي مهرجان أو احتفالية إلا بعد حصول الجهة المنظمة على ترخيص من وزارة الثقافة.
وشهد نهاية العام المنصرم صدور قانون جديد يزيد من رقابة الحكومة على الإنترنت، إلى جانب فرض القانون نفسه مزيداً من الإجراءات من أجل تقنين أوضاع المواقع الإلكترونية.
من مسرحية سليمان خاطر

مسرحية سليمان خاطر
أمر المدعي العام العسكري يوم 3 آذار (مارس) 2018، بحبس فريق مسرحية سليمان خاطر، 15 يوماً على ذمة التحقيقات في اتهامهم بإهانة الجيش المصري.
كان المحامي المصري سمير صبري تقدم ببلاغ لكل من النائب العام والمدعى العام العسكري ضد أحمد الجارحي، مخرج المسرحية، ووليد عاطف، المؤلف، لعرضهما مسرحية بعنوان "سليمان خاطر" بنادي الصيد، تحمل تهكماً على الجيش المصري، مطالباً بإحالة المبلَّغ ضدهم إلى المحاكمة الجنائية.

اقرأ أيضاً: الأحزاب الدينية المصرية بعد ثورة يناير: متى تتجاوز مربع الشعارات؟
قضت محكمة الجنح العسكرية، بحبس أعضاء فريق مسرحية "سليمان خاطر"، شهرين مع إيقاف التنفيذ، في الاتهامات التي وجهت إليهم من النيابة.
وكان الموقف الأبرز هو رد فعل وزارة الثقافة المصرية، حيث قالت وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم إن مسرحية "سليمان خاطر" لم تحصل على موافقة من الرقابة، رغم عرضها في مهرجان الهواة بالإسكندرية عام 2016.
وأضافت عبد الدايم، في تصريحات صحفية، أنه جرى تحرير محضر بعد عرض المسرحية في نادي الصيد، الذي يجري تحقيقاً مع المسؤولين عن عرض هذه المسرحية، في مفارقة تثير التساؤلات حول دور المؤسسة الثقافية في دعم الفنون والأداب ومناصرة حرية الرأى والتعبير.
الرقابة على المصنفات الفنية
على خلفية أزمة العرض المسرحي سليمان خاطر، الذي عرض لعامين دون أن ينتبه أحد لتجاوزه في حق المؤسسة العسكرية في مصر، أصدرت عبد الدايم، قراراً بإنشاء مقرات للرقابة على المصنفات الفنية فى ٧ محافظات.

اقرأ أيضاً: بالصور.. مصر تفتتح مسجد "الفتاح العليم" وأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط
وتقع مقرات رقابة المصنفات الفنية في كل من، قصور الثقافة بالجيزة، ومنطقة السادس من أكتوبر، وأيضاً قصر ثقافة شرم الشيخ بجنوب سيناء، وقصر ثقافة أسيوط، وقصر ثقافة أسوان، وقصر ثقافة الأقصر، وقصر ثقافة مرسى مطروح، وقصر ثقافة الغردقة بالبحر الأحمر.
وأوضح مختصون بوزارة الثقافة، في تصريحات صحفية، أن الرقابة سيكون اختصاصها تنظيم الأشرطة السينمائية، والأغاني، والمسرحيات، والمونولوجات، والأسطوانات، وأشرطة التسجيل الصوتي طبقا للقانون.

وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم : مسرحية "سليمان خاطر" لم تحصل على موافقة من الرقابة

لجنة عليا للمهرجانات

وفي سياق المزيد من القيود على الفنون والآداب أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قراراً بتاريخ 11 تموز (يوليو) 2018، بشأن تنظيم المهرجانات أو الاحتفالات. احتوى القرار على قيود جديدة على حرية المبدعين في إقامة المهرجانات والاحتفالات.

اقرأ أيضاً: بيرم: حكاية تونسي تزعّم شعراء العامية في مصر
يمنع القرار تنظيم أو إقامة أية مهرجانات أو احتفالات، إلا بعد حصول منظميها على ترخيص من لجنة يرأسها وزير الثقافة، وتضم ممثلين عن وزارات الخارجية، الداخلية، المالية، السياحة، الآثار، الطيران المدني، الشباب والرياضة، والتنمية المحلية. ويضع القرار شروطاً تتعلق بالمحتوى المقدم في الاحتفال أو المهرجان، فضلاً عن شروط متعلقة بالإجراءات القانونية المنظِّمة لطلب الترخيص.
لجنة الدراما
أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، نموذجاً لمعايير الدراما، خاص بالأعمال الدرامية والإعلانات التي يتم عرضها على القنوات التلفزيونية ومحطات الإذاعة، وبخاصة خلال شهر رمضان، وتضمنت المعايير التى وضعتها لجنة الدراما بالمجلس، برئاسة المخرج محمد فاضل، عدداً من الضوابط والشروط الأساسية الواجب توافرها في الأعمال الفنية والإعلانات، وطالب المجلس بضرورة تقديم أعمال راقية تصور شرائح وطبقات المجتمع المختلفة، وتضيف لتاريخ الفن المصرى الأصيل الذي يعبر عن قضايا الوطن وحاجات المجتمع، ويرتقي بالأحاسيس والمشاعر وينير العقول ويرتقي بلغة الحوار والذوق العام.

إضافة إلى قانون الجريمة الإلكترونية جرى تنظيم الصحافة والإعلام بشكل يمنح الجهات المعنية تطبيق القانون دون التقيد بمعايير واضحة

المجلس أكد في بيانه أنه سوف يستخدم حقه الذي كفله له القانون في توقيع العقوبات على المخالفين، وأنه سيتعامل بكل حزم مع كل ما من شأنه الخروج عن الضوابط والمعايير الأخلاقية والمهنية.
وطالبت اللجنة بالتوقف عن معالجة المواضيع التي تكرس الخرافة والتطرف الديني كحل للمشكلات الدنيوية أو كوسيلة لمواجهة الشرور ومن ثم تغييب التفكير العقلاني والعلمي، مع إفساح المجال لمعالجة الموضوعات المرتبطة بالدور الذي يقوم به أفرد المؤسسة العسكرية ورجال الشرطة في الدفاع عن الوطن، وأيضاً إفساح المجال للدراما التاريخية والدينية والسير الشعبية للأبطال الوطنيين، وذلك بهدف تعميق مشاعر الانتماء وتنمية الوعي القومي.

فرض القانون مزيداً من الإجراءات من أجل تقنين أوضاع المواقع الإلكترونية

قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات

أصدرت المؤسسة الحكومية المختصة في مصر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي جاء في 45 مادة مقسمة على أربعة أبواب، وهي قوانين تهدف إلى السيطرة التامة على الإنترنت وتقنين ممارسات الدولة في الرقابة على هذا الفضاء وحجب مواقع الويب والمراقبة الجماعية على الاتصالات. تم تداول مسودة هذا القانون على مدار ثلاث سنوات متتالية، حتى أقره البرلمان في 5 حزيران (يونيو) 2018، وصدَّق عليه رئيس الجمهورية ونُشر بالجريدة الرسمية، ليصبح سارياً من 18 آب (أغسطس) 2018.

اقرأ أيضاً: صراع الرقابة والإبداع في التاريخ المصري.. من المنتصر؟
وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لحجب المواقع الإلكترونية في مادته رقم (7) يمكن حجب المواقع في حالة نشر أي محتوى يُعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، شريطة أن تشكل تهديداً للأمن القومي أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر. ويتم حجب الموقع في هذه الحالة سواء كان يُبث من داخل مصر أو من خارجها.
المادة 19 من قانون الصحافة   
إضافة إلى قانون "الجريمة الإلكترونية"، تم صياغة المادة (19) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام بصياغات تمنح الجهات المعنية تطبيق القانون دون التقيد بمعايير واضحة؛ حيث يمكن، طبقاً لهذه المادة، حجب الموقع في حالة نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون، أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب، أو يتضمن طعناً في أعراض الأفراد أو سبّاً أو قذفاً لهم، أو إهانة للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.

اقرأ أيضاً: مشروع مجراية: الفنّ في مواجهة التعصّب بصعيد مصر
لم يكتفِ المشرع بحجب المواقع الإلكترونية فقط في قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وإنما أعطى المجلس الأعلى للإعلام صلاحيةَ حجب الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، فطبقاً لنص المادة 19 من القانون، إذا نشر حساب إلكتروني أو بثَّ أخباراً كاذبة، أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعناً في أعراض الأفراد أو سبّاً أو قذفاً لهم أو إهانة للأديان السماوية أو للعقائد الدينية، يحق حينها للمجلس الأعلى للإعلام وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو أي موقع أو حساب إلكتروني شخصيّ يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية