"نار وغضب": كتاب عن سوريالية أمريكا اليوم وحقيقتها العارية

أمريكا

"نار وغضب": كتاب عن سوريالية أمريكا اليوم وحقيقتها العارية


07/01/2018

وصف كتاب المؤلف مايكل وولف "نار وغضب- داخل بيت ترامب الأبيض" بكونه كتاباً عن لحظة "سوريالية" تعيشها السياسة الأمريكية اليوم، متمثلة في غرابة وجود شخصية غير متوازنة مثل دونالد ترامب في سدة الرئاسة، لكنه في تفاصيله يبدو كتاباً شديد الواقعية لجهة التفاصيل اليومية المتعلقة بسيرة رجل الأعمال والعقارات الأمريكي منذ ترشيحه للرئاسة حتى وصوله إلى البيت الأبيض.

ميلانيا ترامب زوجة الرئيس خيّمَ عليها الحزن ليلة فوز زوجها بالانتخابات

وقد أمضى ترامب الساعات الماضية القليلة في انتقاد الكتاب على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى وصف كبير مستشاريه السابق ستيف بانون بـ "ستيف القذر" كونه واحداً من أولئك الذين تحدثوا بصراحة عن ترامب والدائرة المقربة منه إلى المؤلف وولف.

ليس هذا الرد المنفلت ما يؤكد "سوريالية" وضع البيت الأبيض الآن؛ بل حقيقة سيده الصادمة حين أطلق سلسلة من التغريدات في وقت متأخر من السبت مؤكداً أنه "عبقري بثبات" و"ذكي حقاً"، معتبراً المؤلف وولف "الخاسر الكلي الذي حاول اختلاق قصص من أجل بيع هذا الكتاب الممل وغير الصادق حقا".

بينما يرد المؤلف بإبعاد أي قصد سياسي في كتابه: "أنا كتبت ما سمعت به وما فكر به آخرون وقالوه. ليست هناك حقاً أي سياسة مقصودة في الكتاب، وأنا مهتم فقط في رسم صورة البيت الأبيض الآن والعاملين فيه من الدائرة المقربة للرئيس".

مؤلّف الكتاب: مايكل وولف

موظفو البيت الأبيض: الرئيس ميؤوس منه

وما يؤكد غياب الفكرة المسبقة المضادة لترامب هو ما كشفه المؤلف: "كان من دواعي سروري أن أضع كتاباً مناقضاً، كتاباً مثيراً للاهتمام ورائعاً عن ترامب كرئيس بوصفه يمثل طريقة جريئة للنظر إلى العالم، ولكن بعد ذلك تنبهت إلى أنّ هذا الرجل، يبدو يوماً بعد آخر أكثر النماذج اختلالاً وظيفياً في العمل العام وفي منصب قوي ومؤثر كرئيس الولايات المتحدة، هذا ليس ما تلمسته فقط، بل هو محور ما كان يقوله الناس من حوله: الرئيس ميؤوس منه".

وعن مصادر كتابه من العاملين في البيت الابيض يقول وولف "هؤلاء الناس جميعاً طبيعيون ومتوسطون وطموحون وكفؤون يحاولون القيام بعمل جيد ضمن وظائفهم. إنهم ليسوا مختلفين عنّا، وكان عليهم أن يتعاملوا مع هذا الرجل، فيكتشفون رئيسهم بوصفه وحشاً، بينما كان سؤالي أقل توقعاً من النتيجة التي توصلت إليها عن طريق أولئك الموظفين، ويدور حول: كيف يتم إدارة البلاد من قبل شخص ليس لديه فكرة عما يفعله"؟

مضى ترامب في انتقاد الكتاب على وسائل التواصل، حتى وصف كبير مستشاريه السابق ستيف بانون بـ "ستيف القذر"

في الكتاب حكايات عن سخرية ترامب من أوجه القصور الفكري لدى أبنائه، وجداله معه صهره ومستشاره جاريد كوشنر، بوصفه شخصية مريضة. وكيف أنّ ميلانيا ترامب، زوجة الرئيس، خيّمَ عليها الحزن ليلة فوز زوجها بالانتخابات.

كبير المستشارين السابق ستيف بانون، يحمل على كوشنر وزوجته ابنة الرئيس إيفانكا، بل يكشف ما شهده مبنى "ترامب تاور" من اجتماع مع الروس، بحضور كوشنر وبول مانافورت، مدير حملة ترامب آنذاك وهو الآن تحت لائحة الاتهام، بالـ "خيانة" لجهة التآمر مع طرف خارجي للتأثير على السياسة الأمريكية.

ويلفت المؤلف إلى "العلاقة الطفيلية" بين ترامب وبانون: "إذا كان ترامب غير قادر على التفكير واتخاذ القرار بما يليق برئيس، فقد كان بانون بالمقابل غير قادر على التفكير المسؤول كمساعد للرئيس".

دائرة ترامب من "الأصدقاء" والعائلة والمعارف، لا تملّ من انتقاداتها للرئيس، وفقا للمؤلف وولف، فقد وصفه إمبراطور الإعلام الأمريكي والغربي روبرت مردوخ بـ"أحمق سخيف" بعد أن أنهى الرجلان مكالمة هاتفية، حول الاتفاق الخرافي بين "فوكس" و"ديزني" المعلق، بينما علّق شون هانىتي، أقوى حليف لترامب على شاشة التلفزيون، بالانزعاج الشديد بسبب فشل ترامب في تقديم تعازيه إلى أرملة روجر ايلز، المدير السابق لهانيتى في "فوكس نيوز": "اللعنة، ما هو الخطأ الذي يكون عليه (ترامب) دائما". وعلى المنوال نفسه، يأتي قول توم باراك، وهو زميل لترامب على مدى 30 عاماً: "إنه ليس مجنونا فقط ... إنه غبي".

وقد اشتكى كوشنير من قرار الرئيس الأمريكي بعدم استشارته قبل قرار شن غارة على مطار سوري، بعد استخدام دمشق للأسلحة الكيميائية، أما بالنسبة لإيفانكا، فذكر المؤلف أنها سخرت من تسريحة شعر والدها.

حرب اليهود وغيرهم في البيت الأبيض

كما يلتقط كتاب "نار وغضب" بعض الإشارات عن التوترات العرقية الدينية الأمريكية التي يبدو أنها دخلت البيت الأبيض، فيقتبس وولف عن وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر قوله حول العداء بين كوشنر وبانون بأنه "حرب بين اليهود وغير اليهود".

ومن الواضح أنّ الكتاب قد تسبب في عاصفة تركت آثارها على بانون الذي بدا محمولاً "على جهاز تنفس سياسي" وفشل في إكمال دوره كحارس للشعلة الترامبية.

لا أحد قال إنّ رئاسة ترامب "البائسة" تعني إنعكاساً للحظة أمريكية "بائسة" سياسياً وثقافياً واجتماعياً، حتى جاء كتاب وولف

نهاية الأسبوع الماضي، في وشنطن، بدت نهباً لتطورات ساخنة جداً، على النقيض من درجات العشرة تحت الصفر في النهار وضعفها أو أكثر ليلاً، ففيما يعيش البيت الأبيض صخباً شديداً بسبب كتاب "نار وغضب"، ترنو أنظار المجتمع السياسي نحو الشاشة الكبيرة حيث فيلم المخرج ستيفن سبيلبرغ الجديد، "ذي بوست"، الذي يصور محاولة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الفاشلة لعرقلة صحيفة "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" لوثائق تخص وزارة الدفاع (البنتاغون)، وكيف صارت مقدمة لفضيحة "ووترغيت" وسقوط نيكسون المدوي.

الحقيقة المتأخرة

وعلى الرغم من سنة أولى لترامب في البيت الأبيض، لم يمر يوم من أيامها دون ساعات تلفزيونية من نقاشات حول ما يترتب على وجود "شخص غير متزن وفاقد للأهلية" في سدة الرئاسة، إلا أن لا أحد قال إنّ رئاسة ترامب "البائسة" تعني إنعكاساً للحظة أمريكية "بائسة" سياسياً وثقافياً واجتماعياً، حتى جاء كتاب وولف ليدفع بالقول المؤجل إلى صدارة حوارات لم تهدأ طوال يومين عبر شاشات القنوات الأمريكية الأكثر شعبية، وبات السؤال هو: كيف يمكن تصور رجل كهذا (ترامب) في الموقع الأكثر خطورة في الولايات المتحدة والعالم؟

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية