4 دلالات لزيارة ولي العهد السعودي لباكستان

السعودية والباكستان

4 دلالات لزيارة ولي العهد السعودي لباكستان


19/02/2019

استقطبت زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، اهتماماً خاصاً لدى المتابعين للشأن السعودي؛ كونها الزيارة الثانية له، منذ قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في إسطنبول، والتعاطي الأمريكي والأوروبي مع الاتهامات الموجهة للسعودية بخصوصها، والمحاولات التركية لاستثمار القضية في إطار المساومة، وهو ما يفسره تصدّرها واجهة الإعلام التركي، ثم تراجعها، وأحياناً غيابها.

جانب من الزيارة

هذه الزيارة لولي العهد السعودي إلى باكستان، ومنها إلى الهند ثم الصين، تحمل العديد من الرسائل، باتجاهات مختلفة، وتالياً أبرزها:

أولاً: تؤكد الجولة أنّ قضية خاشقجي، التي تتم معالجتها لدى القضاء السعودي، والتي أوصت النيابة العامة السعودية بـ "إعدام" بعض المتورطين فيها، أصبحت خلف الإدارة السعودية، وأنّ مواصلة جعلها عنواناً بالنسبة إلى أوساط أمريكية وأوروبية، إضافة إلى القيادة التركية، مرتبطة بأسباب داخلية بالنسبة إلى أمريكا، والتنافس بين الديمقراطيين والرئيس ترامب، وهي إحدى القضايا الخلافية الكثيرة، بما فيها الشكوك بالتدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية لصالح ترامب، وبناء جدار على الحدود الأمريكية مع المكسيك، فيما الحسابات الداخلية للأحزاب الأوروبية تشكل أحد أبرز أسباب استمرار إثارة القضية.

تكتسب الزيارة لباكستان أهمية خاصة، في ظلّ علاقات إستراتيجية تاريخية بين الرياض وإسلام آباد

أما بالنسبة إلى تركيا؛ فإنّ خلافاتها الإقليمية مع السعودية، تأتي في إطار تناقض المشروعين السعودي "التنويري الجديد"، مع المشروع التركي باستئناف الخلافة العثمانية وتبنّي الإسلام السياسي في المنطقة.

ثانياً: الانفتاح السعودي نحو الشرق؛ الباكستان، الهند، والصين، إضافة إلى العلاقة الوثيقة للسعودية مع روسيا، والاتفاقات التي تم توقيعها بين البلدين، بما فيها توطين الصناعات العسكرية الروسية بالسعودية، وحجم الاتفاقات الاقتصادية التي تم توقيعها مع باكستان، والتي يتوقع أن تنجز مع الهند والصين، ترسل رسالة بأنّ لدى السعودية خيارات وبدائل، في ظلّ حوارات وقرارات أمريكية وأوروبية، بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية، وهو ما حذر منه الرئيس الأمريكي، في بداية أزمة خاشقجي، من أنّ المملكة ستتجه إلى الصين وروسيا، بدلاً من أمريكا، في حال اتخاذ قرارات ضدّ السعودية، قبل ظهور نتائج التحقيق بقضية خاشقجي.

اقرأ أيضاً: السعودية وباكستان وإيران وتركيا

ثالثاً: تكتسب الزيارة لباكستان أهمية خاصة، في ظلّ علاقات إستراتيجية تاريخية بين الرياض وإسلام آباد، وبأنّ باكستان، ذات الـ 200 مليون نسمة، وحوالي مليون جندي، تعدّ جزءاً من الإستراتيجية السعودية الدفاعية، إضافة إلى موقع باكستان الإستراتيجي بين إيران والصين.

الرسالة السعودية لإيران تعدّ أبرز الرسائل السعودية التي أرسلت من إسلام آباد

ويبدو أنّ الرسالة السعودية لإيران تعدّ أبرز الرسائل السعودية التي أرسلت من إسلام آباد، خاصة في هذه المرحلة، التي يتصاعد فيها الصراع الذي تقوده إيران في المنطقة، بعد التأسيس له على أسس مذهبية، والعملية التي نفذها "جيش العدل" البلوشي، ضدّ "الحرس الثوري" الإيراني في جنوب شرق إيران، وهو ما يعني أنّ إيران التي تمارس عبر وكلائها حروباً في سوريا ولبنان والعراق واليمن، معرّضة لحروب بذات الأسس التي صنعتها.

اقرأ أيضاً: باكستان تدير بوصلتها السياسية صوب السعودية والإمارات لتحاشي إيران

وتكتسب باكستان أهمية خاصة في علاقاتها مع حركة طالبان الأفغانية، التي تمكّنت من انتزاع اعتراف أمريكي وروسي بدورها في أيّ حلّ للقضية الأفغانية؛ إذ كان يفترض أن يلتقي ولي العهد السعودي مع وفد من طالبان، فيما أشارت تقارير أمريكية "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" إلى أنّ صناعة الصواريخ الباكستانية ستكون أحد أبرز الموضوعات العسكرية التي سيتم بحثها من قبل ولي العهد السعودي مع القيادة الباكستانية.

أشارت تقارير أمريكية  إلى أنّ صناعة الصواريخ الباكستانية ستكون أحد أبرز الموضوعات العسكرية التي سيتم بحثها

رابعاً: حجم الجانب الاقتصادي في الزيارة بالاتفاقات الاقتصادية يتوافق مع رؤية ولي العهد السعودي، المعروفة "رؤية المملكة 2030"، والمتضمنة تخفيض اعتماد السعودية على النفط بنسبة 50%، من خلال فتح الأفق لمشاريع سياحية واستثمارية ضخمة، ويبدو أنّ باكستان التي تعاني من أزمات اقتصادية حادة (حجم العجز في الموازنة الباكستانية لهذا العام يزيد عن 25 مليار دولار)، في حاجة إلى رأس المال السعودي الضخم والاستثمار في باكستان، فيما تشكل العمالة الباكستانية الضخمة وما توفره السوق السعودية من فرص أحد أبرز الحلول التي تتطلع لها باكستان، إضافة إلى أهمية الاستثمار السعودي في الحجيج الباكستاني.

اقرأ أيضاً: أيادي الخير الإماراتية تمتد إلى باكستان.. فيديو

يبدو أنّ محطات الزيارة التالية، في دلهي وبكين، لن تقل أهمية عن محطة إسلام آباد، خاصة أنّ تلك العواصم لم تساوم السعودية على خلفية قضية خاشقجي، إضافة إلى علاقاتها الوثيقة مع السعودية، فإنّ الفرص الاقتصادية التي توفرها، ربما تكون أكبر بكثير مما يمكن أن توفّره أوروبا، خاصة أنّ دلهي والصين توصف بالقوى الصاعدة اقتصادياً، وتعدّ باكستان، بموقعها الجغرافي، وسيطاً بين الجانبين، وتحديداً بالنسبة إلى طريق الحرير الصيني.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية