هل تكون الجولان ضحية تغريدة أخرى لترامب؟

الاحتلال

هل تكون الجولان ضحية تغريدة أخرى لترامب؟


24/03/2019

مضت بضعة أيام على تغريدة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن الجولان، وفحواها أنّ أمريكا يجب أن تعترف بسيادة الاحتلال على هذه المرتفعات بوصفها "أرضاً إسرائيلية"؛ لأن هذا سوف يضمن الاستقرار الإقليمي والأمن الإسرائيلي على حد زعمه، متناسياً أبسط قواعد الأمن السياسي بين دول العالم، والتي تدور حول عدم احتلال دولةٍ ما (كيان) لأراضي دولةٍ أخرى.

اقرأ أيضاً: الخارجية السورية ترد على ترامب.. لن تغير حقيقة الجولان
ورغم سقوط هضبة الجولان بيد الاحتلال منذ هزيمة 1967، إلا أنّ أهاليها، ومعظمهم سوريون دروز، لم يعترفوا بهذا الاحتلال حتى اللحظة، كما ورغم السجالات الكبيرة بين معارضي النظام السوري على مر العقود التالية، وبين النظام نفسه، من أنّ الرئيس الراحل حافظ الأسد، قصّر في حماية الجولان، إلا أنّ الموقف الرسمي السوري، والشعبي أيضاً، بقي غير معترفٍ بالاحتلال. لكن، ما الذي يدفع ترامب لهذه التصريحات الآن، وأي ظروفٍ سنحت له لإطلاقها؟
الجولان الحزين
بعد ثمانية أعوام من الحرب، سوريا ضعيفة، والحوار حولها يستدعي تنظيم داعش الإرهابي وما ألحقه بالأراضي السورية من خراب، كما يستدعي روسيا وإيران وأمريكا وتركيا والاحتلال الصهيوني، بل ويستحضر ما يسمى بالمجتمع الدولي بأسره، كشاهدٍ على أنّ سوريا شهدت إدارةً سيئة للأزمة، ترتب عليها الكثير من الدمار والخسائر في الأرواح، دون أن يفكر طرفٌ ما في إيقاف الحرب.

سقوط الجولان نهائياً بيد الاحتلال الصهيوني سيعني أن ترامب أنهى الحرب بتغريدة واحدة تمزّق سوريا

وبعد هذا كلّه. وما أنتجه من تمزّق، يأتي ترامب في تغريدةٍ له، ليدعي أنّه بعد "52 عاماً، حان الوقت لاعتراف الولايات المتحدة الكامل بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي لها أهمية استراتيجية وأمنية حيوية لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي"، وفقاً لما نقلته "بي بي سي " في 23 آذار (مارس) الجاري.
وكانت السياسة الأمريكية، بحسب المصدر ذاته، حافظت هي والسياسة الدولية عموماً، على "عدم الاعتراف بالجولان إلا كأرضٍ سوريةٍ محتلة طوال عقودٍ ماضية" ليأتي ترامب محاولاً كسر هذه القاعدة، وهو ما يقود إلى سياساته العامة مرةً أخرى، والمتمثلة بنكث العديد من المعاهدات الدولية والخروج منها، كاتفاقية المناخ العالمية، وغيرها، إلا أنّ هذا كله، لا يعادل تغريدته حول الجولان؛ لأنّ سقوطها نهائياً بيد الاحتلال الصهيوني إن صح التعبير، يعني أنّ ترامب أنهى الحرب في سوريا بتغريدةٍ واحدة، ربما مفادها أنّ العرب ضعفاء ولا أهمية لتصريحاتهم، وأنّ القوى التي قاتلت على أرض سوريا مهما كانت توجهاتها السياسية أو العقائدية، لم تنتج سوى احتلال مؤكد من جديد، لأرضٍ عربيةٍ أخرى، كما أنّ هنالك سخريةً من الخصوم (روسيا، إيران ومحور المقاومة)، من أنّ قعقعة التصريحات لا تشبه القرارات على الأرض، ولسان حال القرار الأمريكي يقول لهم: تفضلوا وافعلوا شيئاً إن كنتم تستطيعون.

مشهد من هضبة الجولان المحتلة

هذه الأطراف المعنية بقرار ترامب، وعلى رأسها سوريا بالتأكيد، ردت في صحفها وإعلامها، حيث ضج الإعلام العربي خلال اليومين الماضيين بردود فعلٍ حاسمة ضد قرار ترامب، ربما كان أبرزها من رأى أنّ حديث ترامب ليس سوى زوبعة تستهدف الضغط على روسيا، من أجل استرجاع شبه جزيرة القرم التي استولت عليها خلال 2014 ربما مقابل إبقاء الوضع على ما هو عليه في الجولان، وهذا ما يؤكده تصريح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، من أنّ "الجولان ليست القرم، وأنّ ترامب اتخذ قراره"، وفقاً لما نقلته "روسيا اليوم" في 23 آذار (مارس) الجاري.

يعد قرار ترامب ضغطاً على روسيا بشأن احتلالها للقرم في 2014 وسخريةً من محور المقاومة

وربما يكون الأمر معكوساً أيضاً؛ حيث يمكن ترك القرم على حاله، مقابل إعطاء شرعية الاستيلاء على الجولان، رغم ضعف هذه الاحتمالية عموماً، مقابل رغبةٍ أمريكية تتمثل في دعم بنيامين نتنياهو في انتخاباته القادمة داخل دولة الاحتلال، من خلال ضم الجولان رسمياً للاحتلال، وكذلك "خنق سوريا اقتصادياً وسياسياً وجغرافياً في المستقبل" وفقاً للمصدر ذاته، وهو الاحتمال الأكبر، وكذلك محاولة تحطيم (أساطير) وجود أي مقاومةٍ، يمكنها الوقوف في وجه هكذا قرارات، تستهدف دعم الاحتلال الصهيوني استراتيجياً وجغرافياً.
وتبدو هضبة الجولان تحت وطأة هذه الأطراف، والتغول الترامبي على التاريخ والوقائع، أرضاً رخوة، ينز من ترابها الحزن لما يمكن أن يكون بانتظارها مستقبلاً، وهو ما سيكون غالباً، إن حصل، مجرد محلٍ لاتهاماتٍ متبادلة بين المحاور العديدة، ثوريةً كانت أم رسميةً أم مقاوِمة.

احتمالات الرد
في هذا السياق، يرى الإعلامي اللبناني والمحلل السياسي، سامي كليب، على صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك"، أنّ "نتيناهو كان واضحاً بالإشارة الى إيران وحزب الله، وليس فقط إلى الجيش السوري حيال هضبة الجولان المحتلة. فهو اعتبر أنّ إيران حاولت استخدام سوريا كقاعدة ٍ لمهاجمة إسرائيل. لذلك فطائراته وصواريخه لم تتوانَ في ضرب مواقع ومصانع إيرانية في سورية، وفي اغتيال قيادات عسكرية من حزب الله على الأراضي السورية".

اقرأ أيضاً: هل سينهي ترامب دعم التحالف العربي في اليمن؟
ويضيف كليب أنّ (محور المقاومة)، سوف يقود حرباً محتملة، لأن المنطقة برأيه "تتقدم نحو الحرب.. لكن أحداً لا يرغب في الحرب، وهي ليست سهلة، لكن الكثيرين على استعدادٍ للقول إنّ سوريا والمقاومة ربحت حرباً ما على أرضها، وخسرت الجولان".
تعليق سامي كليب: انقر هنا

دعم نتنياهو والاحتلال يقود ترامب لشرعنة احتلال أرض عربية سورية

ويقود رأي كليب، المنحاز سياسياً إلى محور المقاومة، إلى أنّ موقف النظام السوري صعب فعلاً، وكذلك موقف حليفه حزب الله ومن خلفه إيران، وأنّه توجد تحسباتٌ إعلامية وسياسية تجاه الخصوم المفترضين من العرب، أكثر من تلك التي تُتخذ تجاه أي احتمالٍ مهما كان بسيطاً، لمحاولة أمريكا تثبيت احتلال الجولان!

اقرأ أيضاً: ترامب يهدّد الأوروبيين.. بماذا؟
من ناحيةٍ أخرى، رفضت دولٌ عربية وغربية بصورةٍ واضحة وجازمة أي قرارٍ أحاديٍ يغير طبيعة أن الجولان هي أرضٌ محتلةٌ من قبل إسرائيل، وكانت دول "الأردن، مصر، لبنان، ألمانيا، فرنسا، دول الخليج العربي" في مقدمةِ هذه الدول، وفقاً لتقريرٍ نشرته "فرنسا 24" في 22 آذار (مارس) الجاري، وهي مواقف كافية حتى تنقض التحسبات التي يبشر بها كليب من اتهاماتٍ عربيةٍ متبادلة، حول أي وضعٍ قادمٍ ربما يستهدف الجولان.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية