كيف تنمو السلفية في السويد؟

كيف تنمو السلفية في السويد؟

كيف تنمو السلفية في السويد؟


كاتب ومترجم جزائري
03/04/2019

ترجمة: مدني قصري


أعلنت السلطات السويدية العام (2018) أنّ عدد المتشددين الإسلاميين في السويد ارتفع من 200 إلى 2000 خلال 10 أعوام.
نُشر في 2019 تقرير من 265 صفحة حول الجماعات "السلفية"، والتي تدعو إلى العودة إلى الإسلام "النقي". ويظهر التقرير نمواً واضحاً للسلفية في السويد.

الفجوة بين السلفيين والسويديين
جاء إعداد هذه الدراسة، من خلال إجراء مقابلات مع الشرطة والأخصائيين الاجتماعيين، وممثلي المجتمع، بغرض فهم كيف تؤدي المعتقدات الدينية إلى أعمال مرعبة.
كشفت هذه الدراسة عن أيديولوجيا منظّمة تنظيماً جيداً، خلقت عمداً فجوةً اجتماعية عميقة بين المسلمين السلفيين والسويديين، من خلال دفع السكان المسلمين في السويد إلى رفض البيئة الثقافية السائدة في البلاد، مما سمح لظهور متشددين ومجنّدين جهاديين.

اقرأ أيضاً: الحركات السلفية في نيجيريا.. هل تختلف عن بوكو حرام؟
ويشير هذا التقرير إلى أنّ الدعاة السلفيين في السويد يتعاونون لنشر رسالتهم في المجتمعات الإسلامية، وأنّ السلوكيات التي باتت مقلقة بشكل يومي أصبحت شائعة الآن حتى بين الأطفال.
عدد المتشددين الإسلاميين في السويد ارتفع من 200 إلى 2000 خلال 10 سنوات

تهديدات الأطفال
هذه الدراسة الحديثة عن السلفية التي أجرتها جامعة الدفاع السويدية تستشهد بتقارير الشرطة عن التهديدات التي يوجّهها الأطفال المسلمون ضد زملائهم المسلمين في الفصل: "سيقومون بقطع حناجركم". ولدعم أقوالهم يُظهِر هؤلاء الأطفالُ صورَ قطْع الرؤوس التي يحتفظون بها على هواتفهم المحمولة.

اقرأ أيضاً: خوفاً من "السلفية".. دعواتٌ لمراقبة الدروس بمسجد شهير في برلين
تشير الدراسة إلى أنّ المسؤولين في السويد لا يزالون عاجزين عن أن يدركوا أن الإرهاب الجهادي لا يولد من الفراغ، ولكنه يتغذى على بيئات معيّنة، وأنه ليس مقتصراً على السويد. إنّ إصرار العديد من الزعماء الأوروبيين والغربيين على وصف هذه الهجمات الإرهابية بأنها "مرض عقلي" يوضح خطورة المشكلة.
ارتباط السلفية بالقاعدة وداعش
السلف هم "الأسلاف الأتقياء" الذين شكلوا الأجيال الثلاثة الأولى من أتباع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. في العقود الأخيرة أصبحت هذه الأيديولوجيا مرتبطة بتصور خاص بالقاعدة وداعش (الدولة الإسلامية) لحياة هذه الأجيال الأولى من المسلمين... .
رفض المجتمع الغربي
وأظهرت الدراسة التي أجرتها جامعة الدفاع السويدية أنّ تصورات السلفيين لممارسة الإسلام "النقي" كما كان موجوداً في زمن أول أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يدفع السلفيين إلى رفض المجتمع الغربي: "جميع السلفيين ليسوا جهاديين، ولكن كل الجهاديين هم من السلفيين.
لا تحدّد الدراسة عدد السكان السلفيين في السويد، ولكنها تصف تطوّرها، والكيفية التي نمتْ بها على مدى العقد الماضي، وتعطي أمثلة عديدة على تأثير السلفيين في مدن وبلدات سويدية مختلفة.
السلفيون في السويد يقيّدون دور المرأة في المجال العام

قيود صارمة على المرأة
يقول معدّو الدراسة إنّ "السلفيين ينادون بالفصل الجنسي، ويطالبون النساء بارتداء الحجاب، للحد من الإغراء، ويقيّدون دور المرأة في المجال العام، ويعارضون بشدة الاستماع إلى الموسيقى وممارسة الأنشطة الرياضية".

في بوراس، لا يشرب بعض الأطفال ماء المدرسة، ولا يستعملون ألوان الرسم المائية لأن الماء مسيحي، وفقهم

في هذه الدراسة يقول أخصائي اجتماعي سويدي إنّ "عدداً من النساء المسلمات هنا يعشن وضعاً أسوأ ممّا لو كنّ في بلدانهن الأصلية". هناك مراقبة النساء بعين المكان سارية فعلياً في جميع المدن السويدية المذكورة في الدراسة. "لقد فهمت في النهاية أنّ هناك شبكة تتحكم في النساء، حتى لا يكنّ وحدهنّ مع مقدِّمي الرعاية الصحية. ليس لديهنّ فرصة لمناقشة وضعهنّ الصحي مع أيّ شخص من أخصائيي الصحة. في كثير من الحالات، تعيش هؤلاء النساء حياة أسوأ من حياتهن في الوطن الأم. "
كراهيةٌ من أجل "محبّةً الله"
يلح العديد من السلفيين على باقي المسلمين بأن لا يكسبوا أصدقاء سويديين، يسمّونهم "الكفار". قال الداعية السلفي، أنس خليفة: "هل يجب قتل مسيحيّ أو يهوديّ تُقابله؟ لا. أنت لست في حرب مع المسيحيين واليهود في مدرستك. أنت تكرههم من أجل محبة الله. أنت تكرههم لأنهم لا يؤمنون بالله. ولكن من أعماق قلبك أنك تتمنى أن يحبوا الله. لذلك يجب عليك العمل معهم، والتحدث معهم، لأنك تريد أن يهديهم الله."
توزيع الدعوة السلفية حسب المناطق
يبدو أنّ السلفيين اقتسموا الأراضي السويدية: تقول الدراسة "الدعاة السلفيون يبدو أنهم شركاء فيما بينهم وليسوا خصوماً. فهم يوزّعون الدعوة السلفية في مناطق جغرافية مختلفة .

اقرأ أيضاً: كيف خرجت السلفية من رحم الإصلاح الديني؟
في بوراس، لا يشرب بعض الأطفال ماء المدرسة، ولا يستعملون ألوان الرسم المائية ... وقد أفادت الشرطة أنّ الأطفال المسلمين قد وجهوا تهديدات بقطع الرؤوس لزملائهم المسلمين في الفصل، بينما كانوا يعرضون عليهم صوراً لجثث مقطوعة الرأس على هواتفهم المحمولة. وتقول الدراسة "يذهب المراهقون إلى المسجد في نهاية المدرسة "لتطهير أنفسهم من الاتصالات التي تربطهم بالمجتمع غير المسلم"، وفقاً لتصورهم.
تبرير السرقة ضد غير المسلمين
في فاستيراس يستخدم مراهقون مجرمون ما يتعلّمونه عن غير المسلمين، لتبرير السرقة في محلات تعمل فيها نساء غيرمحجبات. تشير تقارير أخرى إلى أنّ مجموعات من المسلمين السلفيين تضايق التجار المهاجرين، وتطالب بمعرفة ما إذا كانوا يتّبعون طريق الإيمان. وتشير التقارير إلى أنه في فاستيراس يختلط التأثير الديني بالجريمة. "بعض العناصر يدخلون في عِصابة إلى متجر بقالة، فإذا لم تكن البائعة محجّبة ومرتدية النقاب، فإنهم يأخذون ما يريدون دون أن يدفعوا، ويصفون أمينَة الصندوق بالـ "الكافرة"، ويبصقون عليها".
مضايقة العرب غير المسلمين
وورد في الدراسة أنّه "كثيراً ما يسأل شبابٌ مسلمون سلفيون، العربَ السوريين والأكراد الذين يمتلكون مطاعم، أو يديرون متاجر، عن دينهم. فإذا كان جواب هؤلاء أنهم ليسوا مسلمين تعرّضوا للمضايقة. ورأينا أيضاً أولاداً تتراوح أعمارهم بين 10 و 12 عاماً يسألون النساء المسنّات عما إذا كنّ مسلمات".

التصويت حرام

في غوتنبرغ، طلب السلفيون من المسلمين عدم التصويت في الانتخابات الأخيرة؛ لأن الانتخاب حرام. "لقد أخبروهم أنه في يوم القيامة، سوف يتحمّلون المسؤولية عن جميع أعمال السياسيين الأغبياء الذين صوّتوا لصالحهم. كان السلفيون يذهبون إلى جميع مراكز الاقتراع ... في أحد مراكز الاقتراع، رفع بعضهم علم الدولة الإسلامية"، حسب شهادة الشرطة. ووفقاً لأحد أئمّة المدينة، فإن غوتنبرغ هي عاصمة الجماعات السلفية المتواجدة في أوروبا منذ التسعينيات.
جهاديو السويد أكثر عدداً
من بين الـ 300 مسلم سويدي الذين انضموا إلى داعش في سوريا والعراق، كان ثلثهم تقريباً من غوتنبرغ. فبالنسبة إلى عدد السكان، يُعَدُّ الجهاديون السويديون الذين ذهبوا إلى سوريا والعراق من بين الأكثر عدداً - خلف بلجيكا والنمسا. لقد أكد الداعية الصومالي الكندي سعيد ريجيه، متحدثاً في المسجد السلفي في بلفيو في غوتنبرغ، على "أهمية النقاء". فوفقاً له، فإن المسلمين السلفيين وحدهم هم الأنقياء... .
تخريب وخربشات
وتشير الدراسة أيضاً إلى أنّ المحلات التجارية المملوكة لغير المسلمين تعرّضت للتخريب مع خربشات الدولة الإسلامية، وأن رجال دين من غير المسلمين تعرّضوا للتهديد. يقول أحد الشهود، سمير، "إذا كنت لا تتبع الإسلام السلفي، فستجد نفسك منبوذاً. الأب هنا يفرض الحجاب على ابنته البالغة من العمر ثلاثة أعوام، وهذا أمر غير واقعي ".
السلفيون يرفضون المسلمين العلمانيين  
رجل آخر، اسمه أنور، رُفض له العمل في مطعم مسلم سلفي، لأنه ليس ملتزماً. يلاحظ أنّ المجتمع يتخلى عن المسلمين غير السلفيين، "لا أحتاج إلى كتابٍ مقدس، الكتاب الوحيد الذي أحتاجه هو القانون الجنائي السويدي، لكن إذا كان المجتمع لا يدعمك، فما الذي يمكنك فعله؟ "
القوانين السويدية لا تطبق في الضواحي
تشير الدراسة إلى أن هناك ما لا يقل عن 150 من الجهاديين السلفيين في منطقة استوكهولم. يتركز السلفيون في جارفا، وهي منطقة محظورة. في بعض الأحيان، يوحّد الجهاديون والمجرمون قواهم لإرهاب السكان المحيطين بهم. قالت امرأة إنّ السلفيين والإسلاميين المتشددين سيطروا على الأعمال التجارية ومساجد الأقبية، والجمعيات الثقافية على مدار العقد الماضي. وتضيف: "ليس للسويديين أي فكرة عن تأثير الإسلام السياسي في الضواحي". ووصفت كيف يتم فصل الفتيان والفتيات، وكيف يوجّه الزعماء الدينيون النساء بعدم تقديم شكوى إلى السلطات بشأن سوء معاملة أزواجهن. "القوانين السويدية لا تطبق في الضواحي" ... .
دراسة ترسم صورة قاتمة للسلفيين في االسويد

مسألة مليون دولار
في الختام، تحث الدراسة، السويد، على أن تكون أكثر انفتاحاً على الفهم، وعلى توضيح الروابط الواضحة بين جماعات الإسلام الراديكالي والإرهاب. "عندما أعلن المنسق الوطني ضد التطرف العنيف أنّ مسألة معرفة لماذا اختار الكثير من السويديين الانضمام إلى داعش، من السويد، "مسألة مليون دولار"، فإنّ هذا يوضّح الفشل الشامل للسلطات السويدية (باستثناء الشرطة وشرطة الأمن) في رؤية أن هذه المشكلة لم تنبع من العدم".
هل للدراسة جدوى؟
الدراسة خطوة مهمّة في إدراك السويديين لوجود مشكلة. ولكن إذا كانت السلطات السويدية - الحكومة السويدية والزعماء السياسيون - لا يرغبون في الخروج من التغاضي عما يجري، فستكون الدراسة بلا جدوى.


المصدر: gatestoneinstitute.org



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية