هل تتنازل طهران دون إطلاق رصاصة واحدة بعد تصنيف "الحرس الثوري" إرهابياً؟

إيران

هل تتنازل طهران دون إطلاق رصاصة واحدة بعد تصنيف "الحرس الثوري" إرهابياً؟


14/04/2019

ثمة سؤال مهمٌ تقودنا لطرحه خطوة واشنطن الأخيرة بتصنيف "الحرس الثوري" الإيراني منظمة إرهابية، والسؤال هو: هل الخطوة مقدمة لمواجهة عسكرية مقبلة بين واشنطن وطهران، أم أنّها في الحقيقة ضغطٌ سياسي قوي على طهران لتغيير سلوكها وأنّها سوف تستجيب لذلك خشية التصعيد العسكري الأمريكي ضدها، خصوصاً مع تصاعد الإجراءات الأمريكية وجدّيتها المتنامية، كمّا ونوعاً؟

محللون: إعادة انتخاب نتنياهو ستسهم في تأجيج الموقف؛ لأنّها ستعمل على مواصلة وتكثيف موجات القصف ضد الأهداف الايرانية بسوريا

يرى عومير كرمي، وهو نائب مدير الاستخبارات في شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية "سيكسجيل" وزميل عسكري سابق في "معهد واشنطن"، في تحليل نشره المعهد على موقعه الإلكتروني أنّه على الرغم من أنّ أي تصعيد إيراني أوسع نطاقاً ضد الولايات المتحدة بعد تصنيفها "الحرس الثوري" منظمة إرهابية يبدو أقل ترجيحاً في الوقت الراهن، إلا أنّ النظام يملك أدوات وكالة متنوعة تحت تصرفه للانتقام من القوات والقواعد الأمريكية في المنطقة. ويُعتبر بعض عناصر الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا مرشحين محتملين لتنفيذ هجمات بواسطة قذائف هاون أو عبوات ناسفة، في حين يمكن تكليف الحوثيين في اليمن بتوجيه ضربات صاروخية. وسيتيح هذا النوع من الانتقام لطهران تنفيذ تهديداتها مع الحفاظ في الوقت نفسه على قدر من الإنكار، لكنه قد يزيد من احتمال التصعيد مع الولايات المتحدة، وفق كرمي، الذي يضيف بأنه مهما يكن الأمر، فمن غير المرجح أن يتصرف "الحرس الثوري" من دون موافقة المرشد الأعلى الذي يسيطر على محفظة الأمن القومي الإيرانية.

اقرأ أيضاً: حزب الله يستعد للأسوأ بعد تصنيف الحرس الثوري إرهابياً

 أدرجت أمريكا بالفعل عشرات الكيانات والأشخاص في قوائم سوداء لانتمائهم إلى "الحرس"
الخطأ في الحسابات

من جانبها، نشرت صحيفة "القبس" الكويتية تحليلاً مطولاً ذكرت فيه أنّه بإعلان تصنيف الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية تضيف إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عنصراً جديدا للتأزم إلى سلسلة طويلة من سياسات واشنطن المناهضة لإيران منذ وصول ترامب إلى الحكم. وتعتبر هذه الخطوة الأولى من واشنطن تجاه منظمة "حكومية تمثّل جزءاً من دولة". وكانت الولايات المتحدة أدرجت بالفعل عشرات الكيانات والأشخاص في قوائم سوداء لانتمائهم إلى "الحرس"، لكنها لم تدرج القوة بأكملها في تلك القوائم. وكثفت الولايات المتحدة ضغوطها الاقتصادية على إيران مذ قرر ترامب، العام الماضي، الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

اقرأ أيضاً: "الحرس الثوري" منظمة إرهابية: معضلة الميلشيا والدولة.. تداعيات القرار الأمريكي
في المقابل، بدت ايران وكأنّها في حالة استنفار قصوى لمواجهة هذا القرار في ظل مطالبات لغالبية الأصوات في مجلس الشورى الإيراني للحكومة بالرد، غير أنّه يصعب التنبؤ متى أو كيف سترد طهران على هذه الخطوة الأمريكية؛ إذ إنّ أي خطأ في الحسابات قد يقود إلى مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات. 
ورأى البعض، بحسب "القبس"، أنّ إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو في إسرائيل ستسهم في تأجيج الموقف؛ لأنّها ستعمل على مواصلة وربما تكثيف موجات القصف ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، التي ربما تتوسع إلى دول أخرى (العراق ولبنان) بدعم من إدارة ترامب.

احتمالات المواجهة العسكرية

ونقلت "القبس" عن المستشار السابق للرئيس ترامب، وليد فارس، قوله إنّ "للقرار الأمريكي تداعيات سياسية كبيرة، لأن قرارات ترامب حاسمة، وستضع كل تنظيمات ومؤسسات وكيانات الحرس الثوري، وكل من يتعاطى معه من دول أو شركات، تحت طائلة العقوبات". وأضاف: "اتخذت وزارة الخارجية الأمريكية قرارات سابقة مشابهة، لكن لهذا القرار تأثيرات كبيرة في مختلف الأصعدة، حيث سيتم أيضا منع أعضاء الحرس وعائلاتهم وذويهم من دخول الولايات المتحدة". وأكمل فارس: "لا أعتقد أنّ عملاً عسكرياً سيحدث، لكن سيكون هناك رد أمريكي عسكري على أي تحرّك للحرس ضد أهداف لأمريكا أو حلفائها، وسيتم التعامل مع المهاجمين على أنهم كيان إرهابي، كما ستشهد الولايات المتحدة عملاً استخباراتياً وتجميعاً للمصادر والمعلومات حول الحرس، وسيحدث تنسيق أمريكي مع الدول التي تواجه الحرس داخل المنطقة وخارجها". وختم فارس: "الواقع يقول إن واشنطن لا تسعى للمواجهة مع إيران، لكنها تستعد لها إذا كان لدى القيادة الإيرانية قرار بمهاجمة مصالح أمريكا أو مواطنيها أو حلفائها. على هذا الأساس، معلوماتنا تقول إن هذا القرار، الذي هُيِّئ من قبل البيت الأبيض، ونفّذته وزارة الخارجية، كان لوزارة الدفاع وأجهزة الاستخبارات تقارير أيضاً في شأنه، تشرح سيناريوهات الرد، إذا قامت إيران بأي عمل عدواني، مباشر أو غير مباشر، ضد مصالح الولايات المتحدة". وفي هذا السياق، قال المحلل الكويتي، الدكتور عايد المناع لـ"القبس" لدى إجابته عما إذا كان هناك صدام عسكري أمريكي – إيراني في الأفق أم لا: "هناك تصعيد للخطاب السياسي، لن يصل إلى مواجهة عسكرية، ربما تقع اشتباكات أو ردورد أفعال محدودة الزمن".

الهدف من القرار إضعاف إيران وإجبارها على التنازل من دون إطلاق رصاصة واحدة فالطرفان لا يرغبان بالمواجهة العسكرية

أما الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله، فرأى خلال حديثه لـ "القبس" أنّ "تصنيف أمريكا للحرس منظمة إرهابية سيزيد من منسوب التوتر بين واشنطن وطهران، من ناحية، ومنسوب التوتر في الخليج العربي، من ناحية أخرى، كما أنه سيقرّب المنطقة أكثر من من احتمال وقوع مواجهة عسكرية". وتابع: "بعد أن كان احتمال المواجهة العسكرية نحو 20 في المئة خلال السنتين الماضيتين، بلغ 40 في المئة الآن بعد تصنيف أمريكا للحرس إرهابياً؛ أي إنّه لا يجب استبعاد العمل العسكري كسيناريو محتمَل". وأكمل عبد الله: "مع زيادة الضغط السياسي الدبلوماسي الأمريكي وتدهور الوضع المعيشي في إيران واقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، فإنه لا يجب استبعاد وقوع مواجهة عسكرية محدودة، بسبب خطأ، أو عن قصد". وأضاف: "هذا الاحتمال قد تبلغ نسبته 60 إلى 80 في المئة، مع بداية عام 2020، الذي سيكون حاسماً، إما لجهة موافقة إيران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والقبول باتفاق نووي جديد، يحدّ من المشروع النووي والصاروخي الإيراني، أو اندلاع مواجهة عسكرية تستهدف منشآت وقواعد الحرس الثوري البحرية، في شكل خاص، ويكون الهدف الإستراتيجي إضعاف إيران عسكرياً وتحجيمها سياسياً وإنهاكها اقتصادياً". وختم عبد الله: "في كل الأحوال فإنّ إدارة ترامب صقورية وجادة في تقليم مخالب إيران، وستكون طهران الخاسر الأكبر، وسيصبح الخليج العربي أكثر توتراً هذا العام مقارنة بالعام الماضي".
اقرأ أيضاً: ليلة القبض على الحرس الثوري

"تنازل بلا إطلاق رصاصة واحدة"
وفي حديث لـ "القبس" قال الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد إنّ من المفترض أن تقود الخطوات التصعيدية الأمريكية ضد طهران "إلى قبول إيران بعض – إن لم يكن كل – المطالب الأمريكية، مثل الحصول على اتفاق نووي بشروط أفضل أمريكياً، فالاتفاق السابق محدود بعشر سنوات فقط، وواشنطن تريده اتفاقاً مُلزماً في شكل دائم، يمنع طهران من تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية، وتريد من طهران الامتناع عن الأعمال العسكرية والإرهابية في الخارج، مثل أفغانستان وسوريا ولبنان واليمن والعراق". واعتبر الراشد "وضع الحرس على قائمة الإرهاب رمزية تعبّر عن جدّية الموقف الأمريكي، وإلا فإنّ كل النظام موضوع أصلاً على قائمة الإرهاب". وعن احتمالية الصدام العسكري، أجاب الراشد: "لا، ليس الهدف من مثل هذه الخطوات بلوغ مرحلة الصدام العسكري، بل العكس، تجنّب المواجهة الكبرى، الهدف هو إضعاف إيران وإجبارها على التنازل، من دون إطلاق رصاصة واحدة، الطرفان لا يرغبان في المواجهة العسكرية، مهما بلغ التصعيد، لأنها خطرة على مصالح أمريكا وعلى الأمن الإقليمي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية