"سلفنة" الفضاء الرقمي.. لهذه الأسباب يولي السلفيون مواقع التواصل أهمية كبيرة

السلفية

"سلفنة" الفضاء الرقمي.. لهذه الأسباب يولي السلفيون مواقع التواصل أهمية كبيرة


25/04/2019

في الوقت الذي انصب فيه الاهتمام على دور المواقع الإلكترونية لتنظيمي القاعدة وداعش في استقطاب العناصر المستجدة إليها، لم يحظَ بعناية مماثلة في البحث الاهتمام الذي توليه التيارات السلفية بالعمل داخل منصات التواصل الاجتماعي، و"سلفنة" الفضاء الرقمي.
تعزيز الحضور الرقمي
لم يعد خافياً رغبة السلفيين في تعزيز حضورهم في الفضاء الإلكتروني، شأنهم في ذلك شأن كل التيارات الدينية، مركزين على علاقة التيار السلفي بالمجتمع، عن طريق الفضاء الإلكتروني للدفع باتجاه نزوح كتلة اجتماعية عابرة للطبقات إلى المساحة السلفية، فكراً وسلوكاً ومظهراً، فضلاً عن علاقتهم بالكتل السياسية الأخرى، وطرح النقاش حول هوية الدولة ومعايير اختيار المرشحين في الانتخابات وصلاحيات البرلمان، ...إلخ، وهي لغة ودائرة لا تخلو من براغماتية.

لم يعد خافياً رغبة السلفيين في تعزيز حضورهم في الفضاء الإلكتروني شأنهم في ذلك شأن كل التيارات الدينية

بالمطالعة للمواقع الإلكترونية للسلفيين؛ بدا أنّ عددها يتجاوز الآلاف، فضلاً عن أنّ بعضها في تويتر وفيسبوك نشطة للغاية، للدرجة التي جعلت بعض العناصر يصنعون محركاً للبحث خاصاً بتلك المواقع، وهو (الباحث السلفي).
يسهّل "الباحث السلفي" الوصول إلى مجموعة من الموقع السلفية الموثوقة لعلماء السنّة، وبعض المواقع والمنتديات التي يحتاج إليها طالب العلم، "بعيداً عن المواقع الغريبة ومواقع أهل البدع والضلال التي انتشرت بكثرة على شبكة الإنترنت، والتي تلبس على المسلمين دينهم، حتى أخرجت مسلمين لا يعرفون العقيدة الصحيحة، ولا السنّة النبوية المطهرة، ولا هدي السلف الصالح رضوان الله عليهم!".
في "الباحث السلفي" مواقع حمل بعضها توقيع أفراد، وجهات، أو يمكن أن نقول: إنّ بعضها موجود ويؤدّي دوره بشكل شخصي، كما أنّ بعضها الآخر هو رسمي باسم الدعوة السلفية، وهي أكبر السلفيات في مصر، كما مواقع للسلفية المؤسساتية، مثل: الجمعية الشرعية، وأنصار السنّة، أو السلفية المدخلية الجامية، أو الجهادية.
يتجاوز عدد المواقع الإلكترونية للسلفيين الآلاف

"جوجل السلفي" المصري
تولي الدعوة السلفية العلمية الإسكندرانية اهتماماً بالفضاء الإلكتروني، وكان لديها موقعان رسميان، هما: موقع "صوت السلف"، و"أنا السلفي"، والأول كانت به آلاف الفتاوى قبل أن تتم إزالته، بسبب التحولات والتغيرات التي حدثت للسلفيين بعد ثورة 2011، والخشية من أن تتخذ تلك الفتاوى والفيديوهات المحملة على الموقع ذريعة للهجوم عليهم بسبب تناقض مواقفهم، مثل دعوتهم لعدم الخروج على الحاكم حسني مبارك وتحريم ذلك، ورفض الثورات والمشاركة السياسية، وتحريم وتجريم العمل الحزبي والديمقراطية، وقد كان إخفاؤه دليلاً واضحاً على التحول السلفي، وعلى كيفية خداع الجمهور السلفي أيضاً، وعلى أهمية الأرشفة لما يصدر عن الإسلاميين بصفة عامة.

تولي الدعوة السلفية العلمية الإسكندرانية اهتماماً بالفضاء الإلكتروني وكان لديها موقعان رسميان هما: "صوت السلف" و"أنا السلفي"

أما الموقع الثاني "أنا السلفي"؛ فقد انطلق قبل الثورة بأيام، واستمر عقبها، منذ العام 2011، ليحلّ مكان "صوت السلف"، ويشرف عليه الشيخ ياسر برهامي، الحاصل على بكالوريوس الطب والجراحة العام 1982، الذي يتولى منصب نائب رئيس الدعوة السلفية.
يقول الشيخ جمال متولي، عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفي المصري، وعضو البرلمان المصري، في تصريح لـ"حفريات" إنّ "المواقع الإلكترونية نراها الوسيلة المناسبة تماماً للدعوة، نظراً لكون المواقع والتعامل الإلكتروني الآن هو سمت العالم، وأصبح الشباب، من مختلف الاتجاهات والمشارب، يستقون منها ثقافتهم وفكرهم؛ بل وحتى طريق استدلالهم واستفتائهم علي حساب التعامل مع المنشورات والمصادر المكتوبة والورقية الآن"، ويتابع موضحاً: "لذا نولي لها أهمية، هذا من ناحية، ومن أخرى؛ فمؤكّد أنّ الكثير من المواقع السلفية تعمل وتنشر المنهج الإسلامي الذي نراه نحن صحيحاً ومتسقاً مع صحيح الأدلة الشرعية، ومن هذه المواقع، موقعي: صوت السلف، وأنا السلفي، التابعين للدعوة السلفية، وكذلك موقع أنصار السنّة المحمدية، وهي مواقع ترفض وتمنع وتدلل على عدم التعاطي من الأساس مع العمل السياسي والانشغال الأصيل بالتربية والدعوة فقط".

"جوجل السلفي"
من هذا المنطلق، أطلقت الدعوة السلفية ما يُسمى بـ "جوجل السلفي"، وهو محرك بحث، لا يعطي نتائج سوى ما يتعلق بالسلفيين فقط، وجاء في بداية افتتاحه "إخواني وأخواتي يسعدنا أن نزفّ إليكم خبر إطلاق موقع جوجل السلفي، يوفر لك جوجل السلفي سهولة البحث عن أيّة مسألة منهجية أو عقدية أو حديثية أو فقهية أو محاضرة أو فتوى أو تزكية أو تحذير في 80 موقعاً سلفياً موثوقاً، من ضمنها مواقع كبار العلماء؛ كالشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني، والشيخ مقبل، والشيخ ربيع، والشيخ الفوزان، والشيخ اللحيدان، والشيخ النجمي، والشيخ رسلان، والشيخ بازمول، والشيخ الإمام، وغيرهم الكثير من علمائنا الأفاضل؛ حيث إنّ جوجل السلفي لا يعرض نتائج البحث إلا من المواقع السلفية دون غيرها من مواقع الحدادية والتكفيرية والحزبية والمرجئة، وغيرهم من أهل الضلال، أعاذنا الله وإياكم وسائر المسلمين منهم ومن شرورهم، كما يوفر عرض قائمة المواقع المبحوث فيها بأسمائها وعناوينهم على الإنترنت، لتتمكن من زيارتها والاطلاع عليها والاستفادة منها مباشرة".
الخطاب السلفي الرقمي
بمطالعة المواقع السلفية، مثل: "المطلق"، "محمد آدم الإثيوبي"، "الدين القيّم"، وغيرها من المواقع الخاصة والعامة، يلاحظ أنّها تتخذ لغة خطاب نصية تبسيطية تكتفي بظاهر النص الديني، مع رفض كلّ المناهج المساعدة على الفهم والتأويل، ولعلّ هذا ما يراه السلفيون مناسباً للمساعدة على عولمة الفكر السلفي على مستوى الفضاء الافتراضي، ويجعل هذا الخطاب ينجح في تحقيق انتشار جماهيري واسع، خصوصاً على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: كيف تنمو السلفية في السويد؟
المناخ العام السائد الآن؛ هو أنّ المواقع السلفية التبسيطية بدأت تتيح المجال لنقاشات واسعة حول العمل السياسي، وجواز المشاركة في الانتخابات والمجالس التشريعية، رغم أنّها من قبل كانت تتبنى موقفاً متحفظاً ورافضاً للمشاركة الانتخابية والسياسية كسبيل للتغيير وللديمقراطية، على اعتبار الفرق بينها وبين الشورى، وأما الموقف من الجهاد فهي تضع عدداً من الضوابط المهمة على هذا المفهوم وأشكاله؛ إذ ترفض بداية اعتبار الخروج على الحاكم هو الشكل الوحيد للجهاد، وتوحيد الجهاديين بين الجهاد والخروج على الحكام، بل بين التوحيد والجهاد نفسه كدلالة عليه، أو أنّ الثاني تمام الأول وفق مفهوم الولاء والبراء.

اقرأ أيضاً: أهو دا اللي صار.. أو هكذا اختطف السلفيون مصر
يُلمح أيضاً أنّ جلّ المواقع السلفية، ومنها على سبيل المثال "موقع الشيخ فركوس"، ترفض اختزال الجماعات الجهادية للجهاد في القتال، لكن المفاجأة أن بعض المواقع تحتفي بمقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، في 2 أيار (مايو) 2011، وفي ذكراه السنوية تفرد له تقارير للرثاء، وهو ما يخالف سابق انتقاداتها للقاعدة.

موقع "أنا السلفي"
التحول المُلاحظ؛ هو في تلك التقارير حول الموقف من الأزهر والطائفية، فمن العلاقة المتوترة إلى الترحيب بمواقف شيخ الأزهر، والتوافق بين الطرفين في قضايا كالموقف من الفاتيكان، والموقف من الكنيسة والأقباط، ومنه البيان المنشور بموقع "أنا السلفي"؛ الذي دعوا فيه إلى رفض الاستقواء بالخارج من قبل المسيحيين.

اقرأ أيضاً: هل تخلّصت التيارات السلفية في مصر من عقدة اختلاط الدعوي بالسياسي؟
الانتشار السلفي الرقمي دفع أمين سرّ اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري، الدكتور عمر حمروش بالتقدم بطلب لاتخاذ موقف تجاه المواقع الإلكترونية والصفحات التابعة للتيارات الإسلامية، خاصة المواقع السلفية، وفي تصريح لـ"اليوم السابع"، قال: إنّ وجود هذه الصفحات والمواقع الإلكترونية تعمل دون رقيب، خطر كبير يهدم كل الجهود التي تقوم بها المؤسسات الدينية لتجديد الخطاب الديني، لافتاً إلى أنّ الفترة الحالية تحتاج إلى مواجهة لجميع الأفكار المتطرفة التي تنتشر بقوة في المجتمع.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية