الحوثيون يستهدفون تاريخ اليمن وحضارته... شهادات وأرقام مفزعة

الحوثيون يستهدفون تاريخ اليمن وحضارته... شهادات وأرقام مفزعة


19/05/2019

استهدفت الميليشيات الحوثية، منذ انقلابها على السلطة في اليمن، مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارةً بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف، أو بتحويلها إلى مخازن أسلحة وثكنات عسكرية.

وقال مسؤول في الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية بصنعاء (الخاضعة لسيطرة الانقلابيين): إنّ "الميليشيات استهدفت أكثر من 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً، بالتدمير والنهب والقصف والتحويل لثكنات عسكرية، منذ انقلابها على السلطة أواخر عام 2014"، وفق ما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط".

مسؤول يمني: الحوثيون استهدفوا 150 معلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً بالتدمير والنهب والتحويل لثكنات عسكرية

وقال: إنّ "آلة التدمير والتفجير الحوثية ظهرت بشكل علني وواضح ضدّ الموروث اليمني، عقب الانقلاب"، مشيراً إلى وقوف إيران وراء ذلك.

وأضاف: "بصماتها واضحة، وهي مَن تقف خلف تلك الجرائم المرتكَبة بحق ذاكرة المجتمع اليمني والعربي على حدّ سواء".

وسرد المصدر المسؤول، دون ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، جزءاً يسيراً من المواقع التي طالها عبث وتفجير الميليشيات منذ بدء انقلابها، وقال إنها تتمثل في: "قلعة القاهرة الأثرية في مدينة تعز، ودار الحجر بهمدان، وجرف أسعد الكامل بإب، وموقع صبر الأثري بلحج، وسرداب تاريخي بالبيضاء، وحي القاسمي بصنعاء القديمة، و7 مدن تاريخية إلى جانب براقش وقرناو بالجوف، ومساجد ومعالم زبيد وحيس ومنارة (عك) بتهامة بالحديدة، وسدّ مأرب بمأرب، وصيرة بعدن قبل تطهيرهما من براثن الميليشيات".

وبالتوازي مع حملات الميليشيات الممنهجة ضدّ تاريخ وحضارة اليمن، نفذت الجماعة حملات نهب وتشويه واسعة ضدّ عدد من المتاحف، أبرزها: المتحفان الوطني والحربي بصنعاء، وهما من أقدم المتاحف على مستوى اليمن والجزيرة العربية.

وأكّد أحد العاملين في المتحف الحربي بصنعاء؛ أنّ الميليشيات الحوثية، نزعت مقتنيات وصور رؤساء ورموز الثورات اليمنية ضدّ الإمامة، على مدى مئة عام، من داخل المتحف، ونهبت وثائق تاريخية وعسكرية نادرة ونقوشاً وقطعاً ومقتنيات وأسلحة قديمة.

وأشار الموظف إلى نقل قيادات حوثية لعدد كبير من القطع الأثرية من المتاحف إلى أماكن تقيم فيها، وبعلم وإشراف ومتابعة من مسؤولين في هيئة الآثار والمتاحف.

جماعة الحوثي نفذت حملات نهب وتشويه واسعة ضدّ عدد من المتاحف أبرزها المتحفان الوطني والحربي بصنعاء

ويضيف: "تمّ نقل القطع تم بحجة الحفاظ عليها وحمايتها، في حين أنّ الهدف من ذلك، كما يفيد به العامل اليمني، طمس تاريخ وهوية البلاد، إلى جانب المتاجرة السرية في تلك المكنوزات، وتسهيل مهمة تهريبها عبر سماسرة إلى خارج اليمن".

وأوضح العامل أنّ لديه معلومات موثوقة، تؤكّد أنّ كبار المسؤولين الحوثيين بصنعاء يستحوذون في الوقت الحالي على قطع آثار يتمثل بعضها في تماثيل برونزية كبيرة وصغيرة، بعضها يخص عشيرة ملوك أوسان، ونقوش وعملات ذهبية وفضية، وألواح حجرية ورؤوس سهام وتمائم نحاسية.

بدوره، أكد أحد الحراس السابقين لمتحف بصنعاء، نهب ومصادرة الميليشيات، في منتصف كانون الثاني (يناير) 2018، لمقتنيات ومتعلقات خاصة بالرئيس الراحل، علي عبد الله صالح، من داخل أحد المتاحف بصنعاء.

وفيما يتعلق بحملة العبث والتشويه والنهب التي طالت المتحف الحربي على يد الميليشيات، أكّد زوّار للمتحف الواقع بمنطقة التحرير وسط العاصمة، أنّهم تفاجؤوا بمحو أجزاء كبيرة من تاريخ اليمن الجمهوري المرتبط بالثورات السبتمبرية والأكتوبرية، وتلميع مرحلة الأئمة، من خلال وضع شعارات ولافتات وصور تروّج للإمامة داخل المتحف.

ويُعدّ اليمن، وفق ما يرى كثيرون، متحفاً مفتوحاً، ولا يكاد يخلو موقع أو منطقة فيها من تاريخ محكي، أو آثار مطمورة، أو حضارة ازدهرت وبُنيت، لكن نحو 12 متحفاً من أصل 20 متحفاً تعرضت، وفق مسؤول سابق في الهيئة العامة للآثار والمتاحف بصنعاء، للنهب والتدمير والخراب المنظم على يد الميليشيات الإجرامية.

وكشف المسؤول في الهيئة (الخاضعة حالياً لسيطرة الانقلابيين) اختفاء أكثر من 13 ألف قطعة أثرية من متحف ذمار، إلى جانب اختفاء 16 ألف وثيقة تاريخية وقطع أثرية متنوعة وسلاح قديم من المتحف الحربي بصنعاء.

ويقدر المسؤول "وجود أكثر من 120 ألف قطعة أثرية، مختلفة الأشكال والأحجام، في "المتحف الوطني بصنعاء" قبل انقلاب الحوثيين، ويعود تاريخها إلى عصور يمنية سحيقة"، ويكشف أنّ "نحو 60% من تلك القطع لم تعد اليوم موجودة في باحات أروقة وحجرات المتحف، الذي كان يُسمى في السابق "البنك المركزي اليمني للآثار"".

 

وقد كشف تقرير صادر عن منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان، صدر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وهي منظمة قريبة من الحوثيين أنفسهم، أنّ جزءاً من الانتهاكات والاعتداءات التي نفذتها الميليشيات الحوثية ضدّ المواقع والمعالم التاريخية والأثرية، ويبرز التقرير الميداني للمنظمة، الذي شمل 9 محافظات، اهتمام الحوثيين بالسيطرة على القلاع والقصور التاريخية لما لها من أهمية إستراتيجية في المعارك العسكرية، وكشف استخدام الميليشيات للمعالم الأثرية كحصون عسكرية لشنّ هجماتها، وعرض التقرير عدداً من الأدلة، بينها هجوم الحوثيين على موقع القفل بصعدة، وقصر دار الحجر بلحج، وقلعة القاهرة بتعز، وغيرها.

ولم يكن تشويه صنعاء هو الانتهاك الأول، أو الأخير، للميليشيات الكهنوتية ضدّ تاريخ وحضارة اليمن؛ بل سبق للجماعة الميليشياوية أن استهدفت، على مدى أربعة أعوام من الانقلاب، عدداً من المواقع والمعالم الأثرية، بالصواريخ وقذائف المدفعية وأعمال النهب والسلب.

وكشف إحصاء رسمي؛ أنّ "الميليشيات ارتكبت أكثر من 75 انتهاكاً بحقّ المعالم الحضارية والمعالم الأثرية في اليمن، تنوعت بين التدمير والنهب والقصف".

وتوزعت هذه الانتهاكات، بحسب الإحصاء، ما بين: "12 انتهاكاً في محافظة تعز، و8 في مأرب، و7 انتهاكات في حجة، و6 انتهاكات طالت معالم حضارية في الحديدة، و15 انتهاكاً توزعوا بين 5 انتهاكات في صعدة، وعدن، وأمانة العاصمة، و8 انتهاكات تقاسمتها محافظتا الجوف، وإب، بالمناصفة، و3 انتهاكات في البيضاء، و3 مماثلة في صنعاء".

اختفاء أكثر من 13 ألف قطعة أثرية من متحف ذمار و 16 ألف وثيقة تاريخية وقطع أثرية من المتحف الحربي بصنعاء

ووفق الإحصاء الرسمي نفسه، انتهكت الميليشيات الحوثية معالم حضارية وتاريخية في شبوة، وعمران، والضالع، وذمار، بـ 8 انتهاكات توزعت بواقع انتهاكين في كلّ محافظة، فيما سجلت لحج، وأبين، انتهاكاً واحداً لكل محافظة.

وفي السياق ذاته، يؤكد تقرير حقوقي آخر صادر عن "مركز السلم الاجتماعي اليمني"، ومنظمة "سام" الدولية؛ أنّ "أيدي الخراب الحوثية طالت أكثر من 120 موقعاً أثرياً خلال الفترة من 2015 إلى 2018".

وجاء عام 2015، بحسب التقرير، الأعلى انتهاكاً للآثار بعدد 69 موقعاً أثرياً في محافظات اليمن المختلفة مثل سد السبئيين بمأرب ودار الحجر الشهير في همدان بصنعاء، وجرف أسعد الكامل الأثري الشهير في إب.

وبينت التقارير وجود سوق سوداء لتجارة الآثار بسوق الملح في "باب اليمن" يقوم تجار متخفون وعصابات تتبع الميليشيات بالبيع والشراء فيها عبر وسطاء محليين لأجانب، ومافيا آثار من خارج اليمن.

وفي الوقت الذي يظلّ اليمن في عهد الميليشيات دون متاحف، ويعرض آثاره ومكنوزاته في مختلف متاحف العالم، يحمّل علماء ومهتمون في مجال التاريخ والتراث اليمني العصابات الحوثية مسؤولية ما يجري من ضياع للمعالم الأثرية، خصوصاً تلك المعالم المسجَّلة على لائحة التراث العالمي؛ كمدينة زبيد وصنعاء القديمة وغيرهما.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية