صحيفة كويتية: لسنا بالسذاجة التي يعتقدها ظريف وعراقجي!

إيران

صحيفة كويتية: لسنا بالسذاجة التي يعتقدها ظريف وعراقجي!


29/05/2019

قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأحد الماضي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره العراقي، محمد علي الحكيم، في بغداد، إنّ طهران تريد تأسيس علاقات متوازنة مع دول الجوار العربية في الخليج، وإنّها اقترحت إبرام اتفاقية عدم اعتداء معها. وقد دأبت طهران، كلما ازدادت الضغوط الدولية عليها، وخصوصاً الأمريكية، أن تدعو إلى حوار مع جيرانها الخليجيين، ودعا ظريف نفسه ربيع العام الماضي أمام الأمم المتحدة دول الخليج إلى حوار حول الأمن الإقليمي للتخلص مما وصفه حينها "أوهام الهيمنة". ولعلّ أهم سؤالين يطرحان على الدعوة الإيرانية المتكررة هما: إلى أيّ حدّ تراهن طهران على هذه الخطوة التكتيكية للالتفاف على الضغوط الدولية والإقليمية عليها بسبب سلوكها الإقليمي؟ وهل تقصد طهران اتفاقية جماعية بينها وبين دول الخليج أم اتفاقيات ثنائية مع كل دولة على حدة؟

الكرة في مرمى إيران، فمن يسعَ لمعاهدة عدم اعتداء مع جيرانه لا يرسل الطائرات المسيرة لضرب منشآت نفطية سعودية

وفي محاولة للإجابة عن ذلك يقول الصحفي المتخصص في الشؤون الإيرانية، حسن فحص، إنّ هذه الدعوة تأتي متزامنة مع تطورات أبرزها أولاً، قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إرسال 1500 جندي أمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط، مدعومة بمنظومات دفاع جويّ من نوع باتريوت وصواريخ إستراتيجية تدميرية متوسطة وبعيدة المدى، وتتولى هذه القوة المدربة تدريباً عالياً عملية إسناد القوات المنتشرة في غرب آسيا في حال تجرأت إيران على القيام بأي اعتداء ضد القواعد الأمريكية. وهي تأتي، ثانياً، بعد أن بدأ النظام في طهران، وباعتراف رئيس الجمهورية حسن روحاني، يستشعر الآثار السلبية والخانقة وغير المسبوقة المترتبة على العقوبات الاقتصادية، عزّزها خسارة طهران الرهان باستمرار التعاون مع كل من تركيا والهند بعدم الالتزام بوقف استيراد النفط.

اقرأ أيضاً: سياسة خامنئي أضعفت روحاني وهزت ظريف
ويشير فحص في مقال، نشرته "إندبندنت عربية"، إلى أنّه قد تكون هذه الدعوة رسالة إلى واشنطن عن جدية طهران في السير بالمؤشرات التي سبق أن عبّر عنها "ظريف" لدى استقباله نظيره العُماني يوسف بن علوي قبل أيام في طهران؛ لجهة إمكان فتح حوار جدّي مع واشنطن حول النفوذ الإقليمي لإيران على مبدأ الاحترام المتبادل، ووقف الضغوط الاقتصادية، وإنهاء العقوبات، وتخفيف التهديد العسكري. ويتابع فحص بأنّ العودة إلى الحديث عن التعاون الإقليمي بين طهران والدول العربية، وتحديداً الخليجية، يصبّ في إطار الرسائل التي تسعى طهران إلى إيصالها إلى صانع القرار الأمريكي، واستعدادها للانخراط في مسار تسويات "تطمينية" للدول الحليفة لواشنطن، والتي قد لا تكون هذه الدول محصورة في المحيط الخليجي، بل تتعداها إلى الحلفاء الآخرين لواشنطن في الشرق الأوسط، خصوصاً ما يتعلق بالساحات السورية واللبنانية والفلسطينية.
 الطرح الإيراني يتحدث عن اتفاقيات ثنائية مفترضة

طهران و"مجلس التعاون" الخليجي
وتشير جولات ظريف ونائبه عباس عراقجي، نحو بغداد ومسقط والكويت وصولاً إلى الدوحة، إلى أنّ الطرح الإيراني يتحدث عن اتفاقيات ثنائية مفترضة؛ على أساس أن إيران لا تعترف بـ"مجلس التعاون لدول الخليج العربية" كمنظومة إقليمية جماعية، وتسعى إلى تفكيكها وإضعافها والتعاطي مع دولها فرادى، وهي مقاربة تستهدف منها طهران أن تكون لها الريادة الإقليمية في ترتيبات الأمن الإقليمي في الخليج، وإبعاد الطرف الغربي، الحليف لدول الخليج العربية، كفاعل إقليمي في هذا السياق.

القبس: اقتربت ساعة الحقيقة.. حقيقة نوايا النظام الإيراني الذي وضعت ممارساته العدائية كل المنطقة فوق فوهة بركان

ويبيّن حسن فحص بأنّه إذا ما كانت طهران جدّية في هذه الرسائل، فإنّ ذلك قد يعني أنّ قيادة النظام قد بدأت تدرك حجم التحديّات التي تواجهها داخلياً وخارجياً؛ فعلى الرغم من تأكيد ضرورة وحدة الصف الداخلي والوحدة الوطنية، فإنّ الخلافات على كيفية إدارة الأزمة بين مراكز القرار في إيران بدأت بالظهور إلى العلن، بخاصة بعد الانتفاضة التي أحدثها الرئيس حسن روحاني حول التحديات التي تفرضها المرحلة الدقيقة، وضرورة إعادة النظر في صلاحيات رئيس الجمهورية المصادرة دستورياً لمصلحة المرشد الأعلى، ما يمنعه من المبادرة إلى اتخاذ القرارات الإستراتيجية؛ الاقتصادية والسياسية والأمنية، وصولاً إلى حقّ الدعوة إلى الاستفتاء الشعبي حول القضايا المصيرية.

اقرأ أيضاً: جواد ظريف: استقال أم أقيل؟.. ماذا يحدث في إيران؟
وهنا يمكن القول، يتابع فحص، إنّ روحاني يطرح موضوع الحوار والعلاقة مع أمريكا تحت عنوان الملف النووي، يضاف إليها الخوف من أيّ عملية عسكرية قد تتعرّض لها إيران نتيجة خطأ في الحسابات قد تقوم بها المؤسسة العسكرية، والتي قد تسهم في إدخال إيران في أزمة وجودية تتضافر فيها القدرة التدميرية الهائلة للقوات الأمريكية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي طاولت كلّ طبقات الشعب الإيراني وشرائحه، وتجعل إمكان السيطرة على ضبط الشارع الداخلي صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، والذي قد لا ينتهي إلا بإسقاط النظام.
"القبس" الكويتية: هل تعتقد إيران أننا بهذه السذاجة؟!
وقد قوبل اقتراح ظريف بتشكيك خليجي، وكان لافتاً من صحيفة كويتية (القبس) أن تعلّق على المقترح الإيراني بقولها: "هذه الرسالة ظاهرها صدق نوايا وباطنها فخ ودهاء مكشوف بالنسبة إلينا، ونقول لظريف وعراقجي وحكومتهما: هل تتوقعون منا حسن النية وتصديق ما تقترحونه كما لو أنّ شيئاً لم يكن؟! هل تعتقدون أننا بهذه السذاجة لنفتح أذرعنا مبتهلين ومهللين متغاضين عما مضى وما حضر؟". وأضافت الصحيفة الكويتية: "للتذكير- إن نفعت الذكرى: لدينا (في الكويت) قضايا شائكة عالقة (مع طهران) مثل اكتشاف خلية تجسس (لصالح إيران) كانت تسرح وتمرح وتخرق القوانين وتتجاوز الأعراف. وهناك أيضاً اكتشاف خلية إرهابية مسلحة أرادت شق الصف الوطني في الكويت. فما موقف ايران الصريح من هاتين القضيتين الخطيرتين اللتين قال القضاء العادل لدينا (في الكويت) فيهما ما لم يقله مالك في الخمر!!". وتساءلت "القبس": "ما رأيكم بهذا يا دعاة السلام اليوم؟ وكيف تبررون ما حصل وكاد يُورد بعلاقات بلدينا موارد التهلكة؟ وفي الفضاء الخليجي العام دلائل لا عدّ لها ولا حصر على التدخل الإيراني هنا وهناك"؟.

الكرة في مرمى إيران
في السياق ذاته، يقول حسن فحص في "إندبندنت عربية": إذا ما كانت طهران جادّة في هذه الخطوة وهذه الدعوة، وعلى استعداد لبناء معاهدة عدم اعتداء مع دول المنطقة، كما أكد أيضاً عباس عراقجي في محطته العُمانية الأولى ضمن جولته الخليجية التي شملت أيضاً الكويت وقطر، بتأكيد "استعداد بلاده للتفاوض مع كل دول الخليج لإقامة علاقات متوازنة وبناءة على أساس من الاحترام والمصالح المتبادلة"، لا بد لها من العمل على تقديم أوراق اعتماد لدى دول المنطقة، وتحديداً الخليجية، تساعد على إعادة بناء جسور الثقة التي لم تحافظ طهران عليها خلال العقود الماضية، وأن تعمد طهران إلى مسار سياسي يتعلق بالأذرع العسكرية التابعة لإيران في عدد من الدول العربية، إن كان من خلال تفكيكها لصالح المؤسسات العسكرية الرسمية، أو تحويلها إلى أحزاب سياسية خاضعة لقوانين تلك البلاد، وهو ما يمكن أن تتضمنه إشارة الوزير ظريف لنظيره بن علوي، كما يقول فحص.

اقرأ أيضاً: لماذا استقال ظريف؟
إذن، الكرة في مرمى إيران، فمن يسعَ لمعاهدة عدم اعتداء مع جيرانه لا يرسل الطائرات المسيرة لضرب منشآت نفطية سعودية، ولا يهدد الملاحة البحرية قبالة الفجيرة. وفي هذا المعنى قالت "القبس": "لسنا كالنعامة الدافنة رأسها في الرمال ولا ترى شيئاً، ولسنا بالسذاجة التي يعتقدها ظريف وعراقجي المحشوران حالياً في كيفية تبييض صفحة حكومتهما بعدما بلغ السيل الزبى، واقتربت ساعة الحقيقة.. حقيقة نوايا هذا النظام (الإيراني)، الذي وضعت ممارساته العدائية كل المنطقة فوق فوهة بركان؟!".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية