إلغاء احتفال لمعتنقي البهائية في الأردن بذريعة "منع الفتنة"

الأردن

إلغاء احتفال لمعتنقي البهائية في الأردن بذريعة "منع الفتنة"


28/10/2017

منعاً لـ "إثارة الفتنة واستهداف الوحدة الوطنية"، أصدر محافظ العاصمة الأردنية عمّان د. سعد الشهاب قراراً بمنع معتنقي الديانة البهائية في الأردن من إقامة احتفالهم الديني يوم الخميس 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2017 الذي يتزامن مع مرور 200 عام على ميلاد "بهاء الله"، مؤسس الدين البهائي.
وكان عدد من معتنقي البهائية يستعدون للاحتفال بهذه المناسبة في كلية تراسنطة بعمّان، إلا أنّ قرار المحافظ حال دون إقامة الحفل ومواصلة التحضيرات. وكان من المفترض عرض فيلم وثائقي عن حياة "بهاء الله" والمغزى من ظهوره بعنوان "نور للعالمين".
وفي تصريحات صحفية مختلفة أكدّ الشهاب أنّ أتباع الديانة البهائية تقدموا بطلب للاحتفال وتمّ رفضه، مبيناً أنّ الحاكم الإداري "مخوّل بمنع أية فعالية من شأنها إثارة الفتنة أو استهداف الوحدة الوطنية".
ونقل الأردني (ل،ع)، الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ "حفريات" وهو أربعيني بهائي كان ضمن المدعوين إلى الحفل، ردة فعل الكثير من البهائيين على قرار المنع بالاستغراب، مؤكداً أنَّ برنامج الحفل كان "قانونياً متنوعاً لا يوجد فيه أية طقوس تعبدية، يبدأ بالسلام الملكي الأردني، ثم بآيات من كتب دينية مختلفة وكلمات لرجال دين يتناولون الوئام بين الأديان والتأكيد على التعايش ونبذ التفرقة".

وأكد أنّهم "لم ينزعجوا من قرار المنع بقدر ما استاؤوا من المخاوف التي أدّت لإلغاء الفعالية، رغم أنّها تحمل عنوان (الوئام بين الأديان)، وأنّهم كبهائيين يودون بهذا الاحتفال وأية فعالية يقومون بها (تعزيز دورهم كمواطنين أردنيين يسعون لبناء المجتمع الأردني ونبذ أي تعصب أو تفرقة)". وأضاف: "ربما على المسؤولين أن يبحثوا قليلاً قبل إصدار الحكم، وهذه ليست مسؤولية المسؤول وحده؛ بل ربما علينا نحن أن نضاعف جهودنا لتغيير أية صورة نمطية تجاه دين آخر". 
وتابع: "ولدت أنا وكل بهائي في الأردن وقبل أجيال أيضاً ولا نعرف وطناً لنا غيره، عمل أجدادنا في استصلاح الأراضي الزراعية في الشونة، وتعاملنا مع تراب هذه الأرض الذي يعني لنا الكثير"، مستدركاً أنّ البهائيين في الأردن "أفضل حالاً من غيرهم في دول أخرى؛ فالأردن بلد تعايش ووئام تنادي بهما كل مستويات السلطة، ولكننا نطمح للأفضل".
وقال إنّ احتفالاتهم "دائمة في بيوتهم وبشكل شخصي، يلتقون ويتلون من كتابهم المقدس "الأقدس" ويستذكرون مبادئهم ومعتقداتهم في هذه اللقاءات الاحتفالية المختصرة". وأكد أنّها "المرة الأولى التي يمنعون فيها من الاحتفال بهذه الطريقة، فهذه المئوية لا تتكرر إلا كل قرن".

يؤمن البهائيّون بوحدانيّة الله وبأنّ الله قد خلق البشر ليعرفوه عن طريق رسله وأنّ دين الله واحد

السيدة الأردنية من معتنقي البهائية (ت.ق) كانت مدعوة إلى الاحتفالية أكدت أنّ الاحتفال كان "إنسانياً بالدرجة الأولى ويخوض في الوئام والتعايش".
وأكدت أنّ دينها يحضُّ على "طاعة الحاكم ولا يرفضون أوامره مهما كانت"، وأنّ حرصهم على إقامة هذه الفعالية "ردّ على الشبهة الملتصقة بهم"، موضحة: "ثمة استغراب وامتعاض عند كثيرين من كلمة بهائي. نحاول أن نزيل هذه الشبهة لأنّ أكثر الناس لا يعرفون شيئاً عن البهائية، ويكتفون بالقول إنّهم خارج الإسلام والمسيحية".
وقالت إنّها مواطنة من الأردن ولا وطن لها سواه ولكنها تشكو من "عدم" مساواتها بغيرها". وعلقت على قرار المنع: "الباب اللي بيجي منه الريح سده واستريح"، معتبرة أنّ "الشبهة وعدم الاطلاع هما من اتخذا قرار منع إقامة الفعالية".

 

البهائيون في الأردن
لا توجد أرقام رسمية حول عدد البهائيين في الأردن، ولكنّ الباحث الأردني إبراهيم غرايبة يقدّر، في مقال له بصحيفة "الغد"، عددهم بحوالي "ألف مواطن"، وكانت أهم أسباب إقامتهم في الأردن، وفق غرايبة "الفرار من الاضهاد الإيراني بعد إصرار دعاة الديانة على نشرها، ونظراً لأنّهم كانوا يمرون بالأردن عند زيارتهم لمحجّهم وقبلتهم في عكا، فسكن البهائيّون الأوائل قرية العدسيّة في شمال الأردن في العام 1902، وعملوا بالزراعة واستصلاح الأراضي الزراعية، كما ضاعفت زيارة  البهاء  للأردن مكانة الأردن في قلوب معتنقي هذه الديانة، فقد زارها أربع مرّات متفقّداً رعيته".
ولا تعترف الحكومة الأردنية بالبهائية كدين مستقل ولا يملكون أية تراخيص قانونية؛ بل يلجأون إلى المحاكم الإسلامية فيما يخصّ قضايا الإرث والزواج؛ لأنّ عقود زواجهم غير معترف بها، كذلك لا يمكن للبهائي الأردني أن يمنح زوجته غير الأردنية جنسيته، وهم لا يُمنحون شهادة زواج بل دفتر عائلة فقط.
ويوضح غرايبة أنّ الحالة الدينية للبهائيين "لا تذكر" في الوثائق الرسمية في الأردن، ولا ينظر إلى البهائية في المؤسسات والوثائق الرسمية باعتبارها "ديناً"، و"بطبيعة الحال، فإنهم يواجهون إشكاليات قانونية وعملية في حالات الزواج المختلط وفي وثائقهم الشخصية، علماً بأنّ عدداً كبيراً من البهائيين الأردنيين اليوم هم من الجيل الرابع أو الخامس من البهائيين الذين استوطنوا في الأردن منذ حوالي مائة وخمسين عاماً".
 

البهائيون يؤمنون بوحدانية الله وكتبه ورسله
تعد البهائية امتداداً للديانة البابية، وقد انطلقت - وفق ما تذكر موسوعة الأديان الميسرة الصادرة عن دار النفائس- على يد حسين علي النوري "بهاء الله" الذي كان وشقيقه يحيى من أركان البابية، وبدأ ينشط بين البابيين بعد إعدام الباب علي محمد الشيرازي العام 1850 على يد السلطات الإيرانية، وأعلن بهاء الله دعوته من الكرخ في بغداد العام 1863، وتم نفيه إلى تركيا ومنها إلى عكا العام 1868 وبقي فيها حتى وفاته العام 1892، وقبره بعكا وإليه يتجه البهائيون في صلاتهم.
وبعد وفاة زعيم البهائية شوقي أفندي في لندن العام 1957 تحولت قيادة البهائيين إلى مجموعة تقيم بحيفا حيث مركزهم العالمي الذي يسمونه "بيت العدل البهائي العالمي" بسفح جبل الكرمل، ومنذ ذلك العهد والبهائيون لا يؤدون شعائرهم بحرية تامة في أكثر دول العالم الإسلامي باعتبار أنّ ديانتهم محدثة على الديانات السماوية الثلاث؛ خاصة في إيران رغم أنّ عددهم فيها يزيد على 300 ألف؛ يقول البهائي حيدر بن علي في كتابه بهجة الصدور: "استر ذهبك وذهابك ومذهبك" وهو بهذا يبرهن على مدى الإقصاء الذي تعرضوا له.

يقدر عدد اتباع الدين البهائي بــ6 ملايين، وكتبهم مترجمة لأكثر من 800 لغة، وهو ثاني ديانة عالمية

يؤمن البهائيّون بوحدانيّة الله وبكافّة كتبه ورسله وأنبيائه، وبأنّ الله قد خلق البشر ليعرفوه عن طريق رسله فيعبدوه، وأنّ دين الله واحد في جوهره أمّا شرائعه فمختلفة، ويؤمنون أيضاً بوحدة الجنس البشريّ قولاً وفعلاً من خلال تطبيقهم للمبادئ البهائيّة، فيقول بهاء الله في كتاب البهائية "الأقدس": "نحن ثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد".
ويصلي البهائيون ويصومون وفق معتقداتهم الخاصة، ومن أهم الكتب التي تفسر دينهم وعقيدتهم  بعد كتاب "الأقدس"، كتاب "الإيقان"، وكتاب "بهاء الله والعصر الجديد"، و"مكاتيب عبد البهاء".
يقدر الكتاب السنوي التابع لموسوعة بريتانكا للعام 2005 أنّ اتباع الدين البهائي بــ6 ملايين، وبأنّ كتبه مترجمة إلى أكثر من 800 لغة، وأنّ البهائية ثاني ديانة عالمية من ناحية الانتشار الجغرافي، فهي موجودة في 2530 بقعة في العالم، وينتمون إلى أجناس وأعراق وشعوب وقبائل وجنسيات متعددة تقارب 2100. والدين البهائي معترف به رسمياً في العديد من الدول، ومُمثّـل تمثيلاً غير حكومي في هيئة الأمم المتحدة والأوساط الدولية العلمية والاقتصادية.

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية