العراقي لا يعرف لماذا تمتلئ مدنه بصور قادة إيران

العراقي لا يعرف لماذا تمتلئ مدنه بصور قادة إيران


13/05/2018

صلاح حسن

لم يعد أي شيء، حتى الخيانة الوطنية، مستغرباً في العراق. هكذا مثلاً يظهر محمد لكاش عضو «التحالف الوطني» على احدى الفضائيات ويطالب البرلمان والحكومة بإعدام كل من اشترك في الحرب العراقية– الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات مدمرة، وهو يعدّ ذلك وجهة نظر. لكاش ومعظم أعضاء التحالف الوطني كانوا شاركوا إلى جانب إيران في تلك الحرب اللعينة ضد الجيش العراقي.

قد لا يعرف محمد لكاش هذا أن صدام حسين كان استخدم فقراء الشيعة في حربه مع ايران مثلما يستخدم «التحالف الوطني» الذي ينتمي اليه فقراء الشيعة اليوم ويزجّهم في حروب أهلية عبثية منذ خمسة عشر عاما. ارادة الانتقام التي جُبل عليها ما يسمى بـ «التحالف الوطني» هي التي سلمت ثلث أرض العراق إلى «داعش»، وقبل ذلك ساهمت بقتل ضباط كبار في الجيش العراقي وطيارين ثم علماء وأساتذة جامعات وأطباء وصحافيين.

لقد أفرغوا العراق من النخب العلمية والثقافية، واليوم لا يعرف المواطن العراقي لماذا تمتلئ شوارع مدنه بصور القادة الايرانيين، وبصورة الولي الفقيه بالتحديد؟ في كل مرة يبادر هذا المواطن إلى تمزيق هذه الصور او تشويهها لكن قادة «التحالف الوطني» يعيدون نصبها مرة اخرى وبطريقة استفزازية. إلا أن هذا المواطن ستزول دهشته فوراً إذا عرف ان كثيرين من قادة العراق اليوم هم أتباع إيران بالأمس.

لا يعرف الجيل الجديد شيئاً عن ماضي نوري المالكي ولا هادي العامري ولا ابو مهدي المهندس ولا حتى عمار الحكيم. فقد ولد هذا الجيل بعد نهاية الحرب العراقية– الإيرانية وترعرع بعد الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 ووصول الإسلام السياسي الى السلطة. كل ما يعرفه هذا الجيل أن قادة العراق اليوم كانوا في المنافي يناضلون من أجل اسقاط نظام صدام حسين الديكتاتوري البشع، وقد نالوا ما يستحقونه باستلام السلطة.

لا يعرف هؤلاء الشبان أن بعض هؤلاء شاركوا في تفجير السفارة العراقية في بيروت في مطالع الثمانينات بأمر من إيران، وقد نقلوا خبرتهم هذه معهم بعد عودتهم إلى العراق وتوليهم مناصب عليا فيه، وكان من ذلك تفجير الكرادة الرهيب. ولا يعرف هؤلاء الشبان أن من يسمى اليوم «شيخ المجاهدين»، هادي العامري صاحب «منظمة بدر»، كان يجبر الأسرى العراقيين في الحرب العراقية – الإيرانية على الانخراط في هذه المنظمة لقتال الجيش العراقي، وقد أطلق عليهم لقب «التوابين».

ابو مهدي المهندس الذي ظهر فجأة بعد أن احتلت داعش ثلث مساحة العراق وطرح نفسه قائدا لميليشيات عدة، لا يتوانى عن التصريح بأنه احد جنود سليماني، قائد الحرس الثوري الايراني، وانه يأتمر بأمره في كل صغيرة وكبيرة، وانه يريد ان يُدفَن جثمانه في ايران اذا نال الشهادة. هؤلاء الشبان لا يعرفون من هو ابو مهدي المهندس ولماذا أصبح أحد أكبر قادة الحشد الشعبي من دون سابق انذار!

أما عمار الحكيم، فيظهر في صور تسربت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يحمل البندقية كجندي في الجيش الإيراني ويقاتل إلى جانب هادي العامري وابو مهدي المهندس، فيما يبتسم ابتسامة عريضة للكاميرا في الوقت الذي كانت فيه قوة من المخابرات الايرانية تقتحم مكتب عمه محمد باقر الحكيم في قم لتفتيشه وتحطيمه. وهذا ما اضطره في النهاية للانتقال إلى دمشق في عهد حافظ الاسد.

هؤلاء الذين يشاركون في حكم العراق اليوم تحت إدارة الولي الفقيه آية الله العظمى الخامنئي، كانت مكافأتهم بحجم دورهم في العراق طيلة خمس عشرة سنة. وغداً سيخوضون الانتخابات من جديد للبقاء في السلطة من أجل تدمير ما تبقى من بلاد الرافدين.

عن "الحياة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية