لماذا احتضنت ماليزيا الداعية الهندي المتشدد زاكر نايك؟

لماذا احتضنت ماليزيا الداعية الهندي المتشدد زاكر نايك؟


27/11/2017

عند خروج زاكر نايك من جامع ماليزي شهير، الشهر الماضي، احتشد حوله المعجبون، سعياً وراء صور مع الدَّاعية الهنديّ المسلم الذي أثارت وجهات نظره المتشدِّدة تحقيقاً جنائياً في بلده الأصليّ.

رِفْقَة حرَّاس شخصيين، كان نايك يقوم بظهور عام نادر في مسجد بوترا في العاصمة الإدارية لماليزيا؛ حيث كثيراً ما يتعبَّد فيه رئيس الوزراء وأعضاء حكومته.
نايك، الذي تم حظر نشاطه في المملكة المتحدة، مُنح إقامة دائمة في ماليزيا، واحتضنه كبار المسؤولين الحكوميين.

حضور نايك في ماليزيا هو علامة أخرى على الدعم رفيع المستوى للإسلام المتشدِّد في بلد يضمُّ أقليات مُعتبرة من المسيحيين والهندوس والبوذيين

ويرى نقادٌ أنّ حضور نايك في ماليزيا هو علامة أخرى على الدعم رفيع المستوى للإسلام المتشدِّد في بلد يضمُّ أقليات مُعتبرة من المسيحيين والهندوس والبوذيين، واستطاع أن يدبّر لفترة طويلة صورة إسلامية معتدلة.
إنّ دعم إسلام أكثر تسيُّسًا قد ازداد في الأعوام الأخيرة تحت حكم رئيس الوزراء نجيب رزاق، خاصَّة بعد أن خسر التصويت الشعبيّ في الانتخابات العامَّة لعام 2013 - وهو أسوأ أداء انتخابي للائتلاف الحاكم.
منذ ذلك الحين، يحاول حزبه الحاكم استرضاء قاعدة إثنية متزايدة من المسلمين الماليين المحافظين، في الوقت الذي صار فيه الدين ساحة معركة قبل الانتخابات التي يتعيَّن على رئيس الوزراء الدعوة إليها بحلول منتصف عام 2018.
نايك، وهو طبيب يبلغُ من العمر 52 عاماً، أثار الجِدَال عبر صيغته المتشدِّدة من الإسلام؛ حيث يوصي بعقوبة الإعدام بحق المثليين ومن يرتدُّ عن الإسلام، وفق تقارير إعلامية. ويُظهِر فيديو على موقع "يوتيوب" نايك وهو يقول إنّه إذا كان أسامة بن لادن "يرهب أمريكا الإرهابية، أكبر إرهابيّ، فأنا معه".
الأسبوع الماضي، وجَّهت وكالة مكافحة الإرهاب بالهند تهماً بحق نايك، قائلة إنّه "يروج للعداء والكراهية بين مختلف الجماعات الدينية في الهند من خلال الخطب العامة والمحاضرات".

الإسلام هو الدين الرسميّ في ماليزيا. والقوانين، مع ذلك، علمانية على الرغم من أنّ البلاد لديها محاكم شرعية

وبنغلادش قامت بإيقاف قناة تلفزيون السلام التى تبثُّ خطب نايك، بعد أن ذكرت بعض التقارير الإعلامية أنّ منفذي عملية تفجير أحد المقاهي في العاصمة دكا، التي أسفرت عن مصرع 22 شخصاً، العام الماضي، كانوا من المعجبين به. وكان تنظيم داعش قد  أعلن مسؤوليته عن الهجوم.

الحكومة الماليزية تستضيف نايك؛ لأنه "لا يزال شخصية شعبية إلى حد معقول بين الماليزيين، الذين يموّهون على جوانبه الأكثر إثارة للجِدَال"، وفق قول المحلل لدى مدرسة سيناثامبي راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة رشاد علي الذي أضاف: "إذا قامت الحكومة بطرده من البلاد فإنّ ذلك سوف يؤدي إلى فقدان مصداقيتها الدينية في نظر الجماهير".

صور فيسبوك
عند ظهوره في مسجد بوترا الشهر الماضي، سألت مراسلة لدى "رويترز" عن التحقيق الجاري في الهند. فما كان من نايك إلا أن قال في اقتضاب: "آسف، ليس من المناسب بالنسبة إليّ أن أتحدث مع السيدات في الأماكن العامة".
ولم يرد نايك على الطلبات اللاحقة للتعليق من جانب "رويترز".
نائب رئيس الوزراء الماليزي، أحمد زاهد حميدي، صرَّح للبرلمان، أنّ نايك، الذي حصل على إقامة دائمة منذ خمسة أعوام، لم يُمنح "معاملة تفضيلية".
وقال: "على مدار الوقت الذي قضاه في هذا البلد، لم يخرق أي قوانين أو لوائح. وعلى هذا الأساس، لا يوجد سبب من الناحية القانونية لاحتجازه أو اعتقاله". وأضاف أنّ الحكومة لم تتلقَّ أي طلب رسميّ من الهند "يتعلق بمزاعم الإرهاب التى تشمله".
وقد وضع كل من زاهد ورئيس الوزراء صوراً على فيسبوك لاجتماعاتهما مع نايك، العام الماضي، في ماليزيا.

السلاطين التسعة لماليزيا، الذين يتناوبون على ملكيّة لها طابع شرفيّ في الغالب، يعملون كحراس رسميين للإسلام في ماليزيا

إلى هذا، قامت مجموعة من الناشطين الماليزيين برفع دعوى إلى المحكمة العليا من أجل ترحيل نايك، قائلين إنّه يشكل تهديداً على السلم العام في المجتمع متعدد العرقيات؛ حيث إنّ 40 % من سكان ماليزيا غير مسلمين. وقالت المجموعة إنّها لم تكن على علم بأنّ نايك كان متوجهاً إلى مسجد بوتراجايا، أو أي مكان آخر قد يكون فيه في ماليزيا.
وقال مسؤولون في مسجد بوترا إن نايك يحضر صلاة الجمعة هناك منذ شهر تقريباً. وقد تم التعرُّف عليه أيضاً في مساجد ومستشفيات ومطاعم أخرى في العاصمة الإدارية في الأشهر الأخيرة، كما قال شهود عيان لـ"رويترز".
وقد نفى نايك في الماضي مزاعم الهند. ففي مقابلة مع قناة تلفزيونية كويتية في أيار (مايو) الماضي، قال إنّ الحكومة الوطنية الهندوسية لناريندرا مودي استهدفته بسبب شعبيته.
والحزب الإسلامى المعارض في ماليزيا، الذي دافع عن نايك في الماضي، حثَّ الأسبوع الماضي الحكومة على تجاهل أي طلب هنديّ محتمل لتسليمه، قائلاً إنّ هذه الادعاءات تهدف إلى "منع نفوذه وجهوده لنشر الوعي الديني بين المجتمع الدوليّ".

السلاطين التسعة
أثارت الجماعات الإسلامية جِدالًا لمحاولة فرض أخلاقياتها في البلد متعدد الثقافات. السلطات الماليزية قامت الشهر الماضي بإلغاء مهرجان للبيرة كان من المقرر عقده، مشيرةً إلى مخاوف أمنية، ومنذ بضعة أعوام يواجه نجوم البوب العالميين الراغبين في الظهور في ماليزيا قيودًا على الملابس والرقص.
الإسلام هو الدين الرسميّ في ماليزيا. والقوانين، مع ذلك، علمانية على الرغم من أنّ البلاد لديها محاكم شرعية في القضايا المدنية التي تخص المسلمين.

إنّنا نشهد هذه الجاذبية تجاه الأصولية والتصور المحافظ للإسلام؛ لأنّ الحكومة الحالية لا تريد أن يُنظَر إليها على أنها علمانية

والسلاطين التسعة لماليزيا، الذين يتناوبون على ملكيّة لها طابع شرفيّ في الغالب ويعملون كحراس رسميين للإسلام في ماليزيا، قاموا الشهر الماضي بالدعوة إلى الوحدة والوئام الدينيّ بعد ما وصفوه بأنّه "أعمال متطرفة" باسم الاسلام. وأدان أحدهم بشدَّة محلاً لغسيل الملابس يقدِّم خدماته للمسلمين فقط.
وقال أحمد فاروق موسى، مؤسس المركز البحثيّ الإسلاميّ المعتدل، جبهة النهضة الإسلامية "إنّنا نشهد هذه الجاذبية تجاه الأصولية والتصور المحافظ للإسلام؛ لأنّ الحكومة الحالية لا تريد أن يُنظَر إليها على أنها علمانية".
ومن أجل ضمان دعم الماليين، تعتقد الحكومة أنّه يجب أن تكون لديها "أوراق اعتماد إسلامية تمامًا مثل الحزب الإسلامي"، وفق موسى الذي أشار "الإسلام يبيع".
في أيلول (سبتمبر) الماضي، اعتُقِل الكاتب التركيّ مصطفى أكيول لإعطاء "محاضرة غير مصرَّح بها" في العاصمة الماليزية؛ حيث جادل بأنّ الحكومات "لا ينبغي أن تراقب الدين أو الأخلاق". زاهد، وهو أيضاً وزير الداخلية، قال إنّه تم حظر كتاب أكيول "إسلام بلا تطرُّفات: قضية إسلامية من أجل الحرية" لأنّه "يتنافى مع معايير المجتمع في ماليزيا".
فاروق، الذي نظم المحاضرة، قال إنّه يواجه الآن اتهامات بتحريض أكيول.

الصفحة الرئيسية