مثقفون مصريون ينعون "راهب الأدب" صبري موسى

مثقفون مصريون ينعون "راهب الأدب" صبري موسى


20/01/2018

رغم زهد الأديب المصري صبري موسى في الظهور الإعلامي واجتذاب الأضواء طوال مسيرته الحافلة بالإبداع في هذا المجال، إلا أنّ رحيله أول من أمس أعاد لفت الانتباه إلى إسهاماته المتميزة بفن القصة القصيرة والرواية ومجالات الكتابة الصحافية والسيناريو، وأدب الرحلات.

وعبّر أكاديميون ومثقفون مصريون عن حزنهم برحيل صاحب "القميص" و"فساد الأمكنة"، الذي يعتبر أبرز كتّاب القصة القصيرة في مصر، وأكدوا لـ "حفريات" أنّ الراحل شكّل "علامة استثنائية" فيما قدمه للساحة الأدبية العربية من أعمال خالدة؛ حيث وصفوه بـالـ"متعبد في محراب الأدب". وأثنوا على دماثة خلقة وهدوئه وتواضعه وقدرته على التأمل والإنصات؛ حيث رحل بسلام كما عاش بسلام.

موسى الذي توفي عن عمر يناهز 86 عاماً بعد صراع مع المرض، عمل في بداية حياته معلماً للرسم قبل أن يمتهن الصحافة، ويلتحق بجريدة"الجمهورية"، ومنها انتقل إلى "روزاليوسف" وكان أحد مؤسسي مجلة "صباح الخير" عام 1956.

ونعتْ وزارة الثقافة المصرية الراحل، الذي كل يعمل بها مقرراً للجنة القصة، بالمجلس الأعلى للثقافة.

 الأديب المصري الراحل صبري موسى

أسامة الرحيمي: شكلت أعماله طفرة نوعية في الأدب العربي

موسى ابن مدينة دمياط، المولود العام 1932، والذي ترك بصمة في مجالات أدبية عدة منها؛ القصة القصيرة والرواية وأدب الرحلات وكتابة السيناريو السينمائي، نعاه رئيس قسم الثقافة بجريدة "الأهرام" المصرية الكاتب الصحفي أسامة الرحيمي، مؤكداً أنّ الراحل "علامة ثقافية".

وتابع الرحيمي قائلاً إنّ موسى "أديب استثنائي، تحمل أعماله طابعاً شديداً من الخصوصية، ومثلت طفرة نوعية في الأدب العربي"، مشيراً إلى أنّ جميع أعماله مجددة في حركة الأدب أبرزها روايته "فساد الأمكنة" التي تعد عملاً "غير مسبوق" في "أدب الصحراء"؛ حيث يعتبر عملاً جديداً من حيث الموضوع واللغة والتقنية الأدبية، وقدمت صبري موسى كروائي جديد، بعد عمله الأول "حادث النصف متر"، الذي لم يأخذ هذا القدر من الاهتمام.

عاش طوال حياته بعيداً عن الأضواء وكان راضياً بأدائه صانعاً تجربته الخاصة التي لم يكن لها شبيه

ويتابع الرحيمي حديثه مبيناً أنّ رواية "سيد من حقل السبانخ"، التي فاقت، برأيه، فيلماً هوليودياً بديع الصنع، عبّرت عنه الكلمات وحدها لتصنع فيلماً عظيماً في خيال القارئ، وتُصنَّف رواية خيال علمي من طراز رفيع.

براعة الراحل في الكتابة الصحفية لا تقل عن السيناريو والكتابة القصصية، وفق الرحيمي الذي يقول إنّ موسى عاش طوال حياته "بعيداً عن الأضواء، لا يزاحم على شيء ولا ينافس أحداً، كان راضياً بأدائه، صانعاً لتجربته الخاصة، التي لم يكن لها شبيه".

أحمد سالم: تساقط أوراق الإبداع المصري

بحزن شفيف نعى أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية الآداب في جامعة طنطا الدكتور أحمد سالم، الساحة الثقافية؛ العربية والمصرية لفقدها أحد أعمدتها الإبداعية، معبراً بأسى أنّ الثقافة في مصر "أصبحت محاصرة، وليس لها صوتاً مسموعاً"، برحيل موسى ومن قبله مكاوي سعيد نهاية العام 2017. منوهاً إلى أنّ خسارتهما "تمثل تساقطاً في أوراق الإبداع في مصر، وفراغاً كبيراً في مسرح الأدب والثقافة العربية".

سمير درويش: خصب الخيال وابن بيئته

من جهته، وصف رئيس تحرير مجلة "الثقافة الجديدة" الشاعر سمير درويش، الراحل بأنّه "ابن بيئته وخصب الخيال"، لافتاً إلى أنّه لو لم يكن لموسى سوى رواية "فساد الأمكنة" لاستحقّ عنها مكانة مرموقة في المشهد الأدبي العربي؛ لأنها من أوائل الروايات التي أخذت السرد العربي خارج حدود المدن الضيقة والحارات وعلاقات الحب والصراع على النساء والنفوذ، فنقلته إلى رحابة الصحراء وعلاقاتها المتشابكة وحدودها المفتوحة من جهة، وإلى علاقة البدو بالغربيين من جهة أخرى.

رواية: فساد الأمكنة للراحل صبري موسى

صلاح السروي: متعبد في محراب الأدب 

واعتبر أستاذ الأدب المقارن بكلية الآداب في جامعة حلوان الدكتور صلاح السروي وفاة موسى "خسارة فادحة" للأدب العربي عامة والمصري خاصة، واصفاً الراحل بـ "راهب" أدب الخيال العلمي العربي، التي تبلورت فيه قدراته الخاصة من خلال روايته "سيد في حقل السبانخ".

وقال السروي إن الراحل كان "مُقلاً في الظهور الإعلامي، هادئاً وساكناً، متعبداً في محراب الأدب، حتى رحل عنا في سلام كما عاش".

محسن البلاسي: لن يرحل صاحب "القميص" من عقولنا

الكاتب والفنان التشكيلي محسن البلاسي يقول: "سافر جسد الجبل الدمياطي موسى، لكن رؤاه وأعماله الخالدة راسخة في عقولنا"، متابعاً "تربيتُ على أدبه وعلى حكاياته ونوادره التي كنتُ أسمعها دائماً من أساتذتي، وواظبتُ على قراءة مقالاته دائماً، وحين أصبح موسى مقرراً للجنة القصة في المجلس الأعلى للثقافة أيقنتُ بأنّه سيفتح أبواباً عديدة لجيل جديد من كتّاب القصة القصيرة"، مؤكداً أن صاحب "القميص" "لن يرحل من عقولنا".

أمير العمري: قدرة نادرة على التأمل والإنصات

الكاتب والناقد أمير العمري عبّر عن حزنه لفقد موسى مبيناً أنّ الراحل "قبل أن يكون كاتباً موهوباً كان رجلاً يتميز بدماثة الخلق والرقة والقدرة على التأمل والإنصات، والعزلة الجميلة أحياناً، والابتعاد عن أدران الوسط الموبوء.

اقتحام عالم السينما

لم تتوقف موهبة الراحل عند الكتابة الأدبية والقصصية، ولا الكتابة الصحفية بصورتها النمطية، ولكنها اقتحمت عالم السينما؛ حيث حقق نجاحاً لا يقل عن نحاجه في عالم الأدب، فقد برز في كتابة السيناريو، ورفد السينما المصرية بأعمال خالدة  أهمها فيلم "الشيماء"، الذي يُعد أيقونة في السينما التاريخية؛ كما كتب موسى السيناريو والحوار لفيلمي "البوسطجي" و"قنديل أم هاشم" المأخوذين عن عملين أدبيين للكاتب يحيى حقي.

وحصد الراحل العديد من الأوسمة والجوائز، العربية والدولية، من أبرزها جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام 1974، ووسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولى عن أعماله القصصية والروائية عام 1975، وجائزة الدولة للتفوق عام 1999، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2003.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية