مسيحيون عراقيون في الأردن: لا يوجد ما نعود لأجله

العراق والأردن

مسيحيون عراقيون في الأردن: لا يوجد ما نعود لأجله


17/12/2017

"لقد فقدنا كلّ شيء؛ بيوتنا سُرقت، ونُهبت، ودمِّرت، وأُحرقت، لم يتبقَ لنا شيء هناك، كي نعود من أجله"، كلمات تلفّظت بها الأربعينية العراقية المسيحية، ولاء لويس، التي نزحت، هي وآلاف المسيحيين إلى الأردن، من ناحية برطلة قرب الموصل، بعد أن سيطر عليها تنظيم "داعش" عام 2014.

وقالت ولاء: "رغم استعادة القوات الحكومية العراقية للمنطقة، وطرد التنظيم الإرهابي منها، إلّا أنّني لا أفكّر بالعودة إلى العراق، فقد أحرق التنظيم منزلي، وكلّ ما أملكه في العراق، ولم أعد أشعر بالأمان هناك".

ولاء، التي حضرت مع عشرات غيرها من مسيحيي العراق، يوم الثلاثاء الماضي، إلى كنيسة اللاتين، في منطقة ماركا، شرق العاصمة الأردنية عمان؛ حيث يدرس أبناؤهم في المدرسة التابعة للكنيسة، أكدت أنّ العراقيين يحلمون بغد أفضل بعيداً عن العراق، أرض أجدادهم؛ حيث فقدوا كلّ شيء فيها، بما في ذلك شعورهم بالأمان.

وتروي ولاء، وفق تقرير نشرته وكالة "فرانس 24"، أنّها جاءت إلى الأردن، في آب (أغسطس) من العام الجاري، وقدّمت طلب لجوء لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، من أجل إعادة توطينها، في أي بلد يكون آمناً من أجل مستقبل أطفالها الثلاثة.

وتتذكّر ولاء، بحسرة، الظروف الصعبة التي مرت بها مع عائلتها؛ حيث قضوا ثلاث ليالٍ في الحدائق العامة والكنائس في إربيل.

رغم هزيمة "داعش" إلّا أنّ بعض اللاجئين المسيحيين لا يفكرون بالعودة إلى العراق بسبب شعورهم بعدم الأمان

أمّا بان بنيامين يوسف، التي تبلغ من العمر 43 عاماً، وهي أم لأربعة أطفال، تحلم ببناء "حياة جديدة" مع عائلتها، كما تقول، بعد المعاناة التي مرت بها في العراق.

وتقول "سرق الدواعش منزلنا، ودمّروه، وحرقوه، وفعلوا ذلك أيضاً بمحل زوجي لبيع المواد الغذائية، فقررنا حزم أمتعتنا، والمجيء إلى الأردن، على أمل البدء بحياة جديدة".

وتتابع بان "بعد اشتداد العنف الطائفي، عام 2006، وصلتنا تهديدات بالقتل، فهربنا من بغداد إلى الموصل، وهناك أيضاً، بعد أعوام، وصلتنا تهديدات بالقتل، فهربنا إلى قرية "كلامليس" المسيحية، شمال الموصل، حتى جاءنا الدواعش، فهربنا إلى أربيل، في صيف عام 2014".

وتضيف: "ليس بإمكاننا العودة؛ فمدننا مدمرة، وفقدنا كلّ شيء، لا يوجد شيء نعود من أجله".

تلميذات عراقيات مسيحيات في مدرسة تابعة لكنيسة اللاتين بـ"ماركا" شرق العاصمة "عمّان" – الصورة عن (فرانس 24)

في سياقٍ متصل؛ قدّم صندوق دعم وزارة الخارجية الفرنسية، المخصص لضحايا العنف العرقي والديني في الشرق الأوسط، يوم الثلاثاء الماضي، في اجتماع مع عائلات عراقية مسيحية، تمويلاً بلغت قيمته 120 ألف يورو، لمساعدة المدرسة في الاستمرار لسنة دراسية كاملة.

وقال السفير الفرنسي في عمان، دافيد بيرتولوتي، "التعليم ضروري لهؤلاء الأطفال، الذين اضطروا إلى الفرار من بلدهم"، مشيراً إلى أنهم "كانوا ضحايا العنف، والاضطهاد من جماعة متطرفة أجبرتهم على الفرار".

وأضاف: "أشعر بالسعادة جداً لرؤيتهم هنا، في هذه المدرسة، سعداء مع الناس الذين يعتنون بهم، الذين منحوهم الكثير من الاهتمام والحب".

أطفال المسيحيين كانوا ضحايا للعنف والاضطهاد من جماعة متطرفة أجبرتهم على الفرار

من جهته، قال مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الأب رفعت بدر، إنّ نحو عشرة آلاف و300 مسيحي عراقي، فروا إلى الأردن، منذ الهجوم الذي شنّه تنظيم داعش على مناطق الموصل، وسهل نينوى، شمال العراق.

"يقول المثل: "إذا أردت أن تدمّر أمة، فامحُ تاريخها، وجهِّل أطفالها"، لذلك علينا أن نعمل كي يأخذ كلّ هؤلاء الأطفال حقهم في التعليم والحياة"، بحسب قول راعي كنيسة اللاتين، الأب خليل جعار.

ويتابع: "عانينا مشكلات مالية، خلال الفترة الماضية، لكن، نحمد الله الآن؛ لأننا حصلنا اليوم على أموال تكفينا للاستمرار للسنة الدراسة الحالية".

لاجئون مسيحيون: ليس بإمكاننا العودة فمدننا مدمرة وفقدنا كلّ شيء ولا شيء نعود من أجله

وتقول مديرة مدرسة كنيسة اللاتين، سناء بكي: إنّ "المدرسة التابعة للكنيسة، تستقبل نحو مئتي طالب من المسيحيين العراقيين، الذين فروا من الموصل، ومناطق سهل نينوى، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 14 عاماً، وقد فاتتهم سنة دراسية، أو أكثر، بسبب الحرب".

وتضيف: "الدراسة مسائية، وباللغة الإنكليزية؛ لأنهم جميعاً لا يفكرون بالعودة إلى العراق، وسبق لهم أن قدّموا بطلبات لجوء"، مشيرة إلى أنّ المدرسة تعمل على "تأهيلهم للمدارس التي سيلتحقون بها في دول اللجوء".

وتتابع: "يتم تدريسهم مجاناً، على أيدي مدرّسات عراقيات متطوّعات، كما يتم منحهم الكتب، والملابس، ووجبة طعام، كل ذلك يقدّم لهم مجاناً".

وقد وضعت وسط قاعة الاحتفال، شجرة عيد الميلاد، الكبيرة المزينة، والتف حولها أطفال علقوا جميعهم على صدورهم صلباناً خشبية، يؤدّون الصلاة باللغة السريانية، وينشدون لوطنهم الذي اقترن في عقولهم الصغيرة بذكريات سيئة، ومآسٍ، وانتهاكات للطفولة.

وفرض الجهاديون من تنظيم داعش بعد سيطرتهم على المناطق التي يقطن بها المسيحين  اعتناق الاسلام مخيرينهم  بين الاسلام ودفع الجزية او النفي او الموت.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية