أطماع استعمارية وأوهام الخلافة .. أردوغان صانع انقسام الأوطان

أطماع استعمارية وأوهام الخلافة .. أردوغان صانع انقسام الأوطان


07/07/2020

بسنت فاروق

منذ تولى أردوغان الحكم فى تركيا، والمنطقة العربية تشتعل فيها الصراعات، وتتمدّد فيها المشاريع الانفصالية، فتدخلات تركيا فى الشؤون الداخلية لكثير من الدول العربية فاقت كل حد، ربما يعود هذا لطبيعة السلطان العثمانلى الذى يروج نفسه على أنه خليفة المسلمين وأنه يسعى لإحياء إرث الدولة العثمانية.

لم يفوت أردوغان أية فرصة ليروج فى أوساط العرب والمسلمين أنه أمل البسطاء، وأن تحقيق الحلم العربى الإسلامى والتنموى سيكون على يديه، ساعده فى هذا تنظيم الإخوان الإرهابى، الممتد فى كثير من البلدان العربية، وتمكنوا من الترويج المزيف له ومساندته.

التاريخ الاستعمارى 

لم يعد خافياً أيضا أن أردوغان استند فى جميع مواقفه العدائية إلى الإرث التاريخى للعثمانيين، الذى يطمح للتوسع والسيطرة، حيث يذكر التاريخ كيف كان السلاطين العثمانيون يقتلون بعضهم، فكان كل هم آل عثمان جباية الخراج من الأراضى التى سيطروا عليها، ولم يسعوا إلى تطوير وتمدين أرجاء العالم الإسلامى الخاضعة لهم، فلم يكن صراع العثمانيين إلا من أجل التوسع واكتساب مناطق أخرى جديدة، والسيطرة على الموارد والثروات والمضائق المائية المؤثرة فى اقتصاد وتجارة العالم، ومن أجل السيطرة على الأماكن المقدسة لتكسب الصبغة الدينية والشريعة أمام شعوب العالم الإسلامى.

هذه حقيقة الاستعمار العثمانى البائس للوطن العربى الذى أذاقه الويل والعذاب وجر عليه الفقر والمصائب، وما يؤكد ذلك الوثائق التى ظهرت مؤخرا والتى تؤكد سرقة العثمانيين للمقدسات الإسلامية وتخصيص عربات لنقل الأمانات المقدسة إلى إسطنبول، ووجود أوامر سلطانية لتوزيع كسوة الكعبة لوضعها على توابيت السلاطين العثمانيين، كذلك حين غزو نجد غزوها بجنود عرب، فقد كانوا يجعلون العربى يقتل العربى وهم يفوزون بالمكاسب، كما يفعل أردوغان حاليا فى سوريا وليبيا.

أطماع السلطان العثمانى

الكشف عن ‏⁧‫أطماع أردوغان‬⁩ إنما هو امتداد لاحتلال البلدان العربية وإحياء العثمانية البائدة التى لم تعد خافية بعد خداعه للشعوب وبمساعدة الإخوان والخونة والتلاعب عاطفيا بقضايا إسلامية وإظهار الوجه الوديع أمامهم.

أطماع أردوغان ‏⁧‫‬⁩جعلته يمنح الجنسية التركية مقابل القتال ويحقق أحلامه بدماء عربية، ‏هذه الأطماع لا تقتصر على الغاز والنفط فقط، بل يطمح فى إقامة منطقة نفوذ تركية فى الدول العربية والإفريقية، لتعتمد وتبقى تحت سيطرة ⁧‫تركيا‬⁩ سياسيا واقتصاديا.

ولتحقيق هذه الأمور، نجده كرّس جهوداً شديدة لإسقاط النظام فى سوريا، ودعم الميليشيات العسكرية هناك، واستضاف قادة الإخوان المسلمين السوريين فى تركيا، على أمل أن تتولى الجماعة الحكم بعد بشار الأسد، إذ يعلم أردوغان أن الجيوش النظامية الوطنية هى العقبة الأكبر تجاه إقامة المشروع التركى الإقليمى.

كذلك الأمر فى مصر، فلم يترك أردوغان فرصة إلا ويستثمرها فى الهجوم وتشويه الحقائق عن الأوضاع فى البلاد، خصوصا بعد الصدمة التى تلقاها عندما لم يتمكن من تحقيق حلمه باستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، فقد فوجئ بفشل الإخوان فى إدارة الحكم بمصر، وأذهلته موجة الغضب الكبرى ضد تلك الجماعة الإرهابية.

خسائر بالجملة لأردوغان

هذه الثورات وضعت تركيا فى خطر المواجهة تجاه الأنظمة الجديدة التى تولت الحكم بعد الإخوان، خصوصاً موقف تركيا من الثورة المصرية، فى 30 يونيو 2013، الأمر الذى أدّى فى نهاية المطاف إلى توتر العلاقات بين مصر وتركيا، وإصرار تركيا على عدم الاعتراف بالثورة المصرية، وبالنظام الحاكم.

فشل أردوغان فى مصر وسوريا، جعله يوجه براثنه نحو ليبيا، إذ عمل على دعم التنظيمات المسلحة الإرهابية، وإرسال عددا من المرتزقة لإشاعة الفوضى داخل البلد، ولكن قوبل ذلك ببسالة كبيرة من جانب الجيش الليبى الذى كبد أردوغان وجنوده خسائر فادحة.

إن تكلفة التدخل التركى فى ليبيا كانت باهظة أيضا، خصوصا فى ظل حالة من الرفض الشعبى لمثل هذا التدخل، إضافة إلى سوء الاوضاع المعيشية فى تركيا، فخسائر تركيا نتيجة التدخل فى طرابلس زادت من حدة الاوضاع، حيث هبطت الليرة التركية بأكثر من 5 % في أعقاب الغزو العسكرى التركى لتصبح الأسوأ أداء بين العملات الرئيسية فى العالم.

جميع تلك المشاهد تؤكد أن أردوغان لم يتعلم من التاريخ ولم يدرك أن الشعوب العربية هى شعوب أبية ورافضة للاستعمار والاحتلال، ‏⁧‫فهو يتعامل مع العرب والدول العربية بمنتهى الاستخفاف والعنصرية والعنجهية، فهو يرغب فقط فى انقسام الأوطان والسيطرة على دول الشرق الأوسط. 

عن "مبتدأ" 

الصفحة الرئيسية