أكاديميون يكشفون لـ "حفريات" أسباب حجب إسرائيل بيانات النكبة الفلسطينية

أكاديميون يكشفون لـ "حفريات" أسباب حجب إسرائيل بيانات النكبة الفلسطينية


19/10/2021

أكّد أكاديميون فلسطينيون أنّ امتناع إسرائيل عن نشر وثائق ومعلومات أمنية تتعلّق بحربها ومجازرها ضدّ سكان القرى الفلسطينية المهجّرة، بعد مرور أكثر من 72 عاماً على النكبة، كي لا تدين نفسها أمام العالم، يعد جرائم حرب وتطهير عرقي، حيث ينهمك قادة تل أبيب في محاولة إسرائيلية لتفادي الكشف عن المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين إبان النكبة الفلسطينية، عام 1948.

وأكّد رئيس جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم وأستاذ القضية الفلسطينية، الدكتور أسعد العويوي، لـ "حفريات"؛ أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يمتنع عن نشر أيّة وثائق وبيانات ومعلومات تتعلق بالنكبة الفلسطينية عام 1948؛ كونها تعدّ جرائم حرب بحسب القوانين والشرائع الدولية، والتي نتج عنها تنفيذ العصابات الصهيونية، أمثال الهاغانا وشتيرن وغيرها، عمليات إبادة ومجازر جماعية بحقّ الفلسطينيين، بالتالي، فمن الطبيعي أن تخفي إسرائيل هذه الجرائم وتعتّم عليها حتى لا تدين نفسها أمام العالم".

"أرشيف الدولة" في إسرائيل، إضافة إلى أرشيفَي وزارة الأمن والجيش الإسرائيلي، في حالة حجب مستمرة منذُ إنشائها عام 1948؛ لأنّ إسرائيل تهدف إلى التّستر على أفعالها

ولفت العويوي إلى أنّه "بالرغم من مطالبة الرئيس محمود عباس خلال القمة العربية في نواكشوط، عام 2016، بإعداد ملفّ قانوني لرفع قضية ضدّ الحكومة البريطانية بشأن مسؤوليتها عن وعد بلفور وفضح ومحاكمة دولة الكيان لاحتلالها فلسطين، إلا أنّ موازين القوى الدولية لعبت دوراً في منع اتخاذ أيّ موقف عربيّ من هذه القضية، لدفع بريطانيا للاعتذار للشعب الفلسطيني عن هذا الوعد المشؤوم، وكذلك محاكمة إسرائيل داخل أروقة المحاكم الدولية على جرائمها بحقّ الفلسطينيين".

وتابع بأنّ "السلطة الفلسطينية في حاجة إلى ممارسة المزيد من الضغط الدولي على بريطانيا، لدفعها للاعتذار للشعب الفلسطيني؛ كونها ارتكبت خطأ تاريخياً نتيجة لوعد بلفور والذي يطلق عليه فلسطينياً أنّه "وعد من لا يملك لمن لا يستحق"، ومحاسبتها أيضاً على التداعيات التي نجمت عن هذا الوعد، والذي أدى إلى تشريد الآلاف من الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، وهي كارثة لا بدّ لبريطانيا من أن تدفع ثمنها، باعتبارها القوة المسيطرة على الأرض خلال تلك الفترة".

إقرأ أيضاً: "البرج" .. فيلم كرتون نرويجي يجسد النكبة الفلسطينية

وأكّد الأكاديمي الفلسطيني؛ أنّ "مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوأمريكي باتت الآن مسؤولية وطنية، في ظلّ فشل مسار المفاوضات، نظراً إلى انحياز الولايات المتحدة والدول القوية لدولة الاحتلال، حتى باتت السلطة الفلسطينية تستخدم المفاوضات كتكتيك سياسي، رغم علمها بعدم جدواها مع كلّ تلك المعطيات، إلا أنّ الموقف الرسمي الفلسطيني يحاول أن يثبت للعالم أنّه ما يزال متمسكاً بالحوار والمفاوضات على أساس ثوابت الشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية، وحقّ عودة اللاجئين، وهو ما ترفضه الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي".

الاحتلال الإسرائيلي يمتنع عن نشر أيّة وثائق وبيانات ومعلومات تتعلق بالنكبة الفلسطينية عام 1948

تطهير عرقي

بدوره، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني والأكاديمي، الدكتور صلاح عبد العاطي؛ إنّ "الاحتلال الإسرائيلي، كعادته دوماً، يهدف إلى إخفاء الحقائق، والتهرب من التزاماته القانونية والأخلاقية من جرائم الحرب والتطهير العرقي، التي ارتكبها منذ عام 1948 وحتى الآن، وهو يريد فرض تعتيم عليها حتى لا تثار لدى الرأي العام الدولي، في ظلّ تنامي حركة المناصرة والتضامن مع الشعب الفلسطيني وحركة مقاطعة الاحتلال".

وفي تصريح لـ "حفريات" قال عبد العاطي إنّ "السلطات الإسرائيلية ملزمة قانوناً بإظهار كافة الوثائق والمعلومات للرأي العام، وكذلك التعامل مع محكمة الجنايات الدولية، ولجان تقصي الحقائق الدولية، إلا أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يبدى أيّ نوع من التعاون، ويتنكر لكافة قواعد القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، إضافة إلى عدم تعاونه مع المقررين الخاصين بالأمم المتحدة، واللجان الدولية التي كانت تسعى لحفظ حقوق اللاجئين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وبالتالي فإنّ دولة الكيان تحاول أن تتهرب من كلّ التزاماتها القانونية نحو الفلسطينيين، وضمان حقوقهم، أو إنفاذ أيّ من قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بهم".

د. صلاح عبدالعاطي: الاحتلال الإسرائيلي، كعادته دوماً، يهدف إلى إخفاء الحقائق، والتهرب من التزاماته القانونية والأخلاقية من جرائم الحرب والتطهير العرقي

قصور السلطة الفلسطينية

وأكّد أنّ "السلطة الفلسطينية يقع عليها جزء من المسؤولية في تحريك ملف جرائم الحرب المرتكبة ضد الفلسطينيين أمام محكمة الجنايات الدولية، من خلال التأخر في إحالة هذه الملفات، كملف الحرب الإسرائيلية على غزة، وملف الانتهاكات الصهيونية بحق الأسرى"، مشيراً إلى أنّه "بعد عامين من انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية، لم تتمّ إحالة سوى ملف الاستيطان فقط للمحكمة".                                         

د. أسعد العويوي: مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوأمريكي باتت الآن مسؤولية وطنية، في ظلّ فشل مسار المفاوضات

عبد العاطي أوضح أنّ "قصور السلطة ليس فقط في تفعيل عدد من الملفات أمام محكمة الجنايات، ليصل إلى عدم استخدامها مبدأ الولاية القضائية الدولية، أو فرض مقاطعة وعقوبات على دولة الاحتلال، واستخدام كافة الهوامش التي أتاحها انضمام دولة فلسطين إلى منظمات واتفاقيات دولية، لمحاسبة الاحتلال على جرائمه".

رئيس جامعة القدس المفتوحة الدكتور أسعد العويوي، لـ "حفريات": الاحتلال الإسرائيلي يمتنع عن نشر أيّة وثائق وبيانات ومعلومات تتعلق بالنكبة الفلسطينية عام 1948؛ كونها تعدّ جرائم حرب

وحول ما هو المطلوب فلسطينياً للضغط على الاحتلال الإسرائيلي للاعتراف بجرائمه، بيّن عبد العاطي "ضرورة الاتفاق على برنامج وطني وإستراتيجية وطنية قائمة على تدويل الصراع، ولا تقوم فقط على اعتراف الاحتلال بجرائمه، بل تعمل على فرض محاسبة ومقاطعة لدولة الكيان وقادتها على الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحقّ الفلسطينيين، وذلك بتعظيم الاشتباك الدبلوماسي والشعبي والقانوني والإعلامي، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه عملية نضالية مستمرة، مستندة إلى موازين القوى، والتي يتوجب على الفلسطينيين أن يراكموا قواهم، وأن يستخدموا كلّ الخطوات المتاحة أمامهم، إلى أن يتمّ الخلاص من الاحتلال بشكل نهائي".

عمليات قتل جماعية

والنكبة مصطلح يرمز إلى التهجير القسري الجماعي عام 1948 لأكثر من 750 ألف فلسطيني من بيوتهم وأراضيهم في فلسطين، وتمثلت في نجاح الحركة الصهيونية، بدعم من بريطانيا، في السيطرة بقوة السلاح على القسم الأكبر من فلسطين وإعلان قيام إسرائيل.

صحيفة هارتس: هناك وحدة سرّية بالجيش الإسرائيلي تعمل منذ سنوات على حجب وثائق تخفي جرائم العصابات ضد الفلسطينيين

وحمل معهد "عكيفوت" لبحث الصراع في الشرق الأوسط حكومة إسرائيل المسؤولية عن الحيلولة دون رفع السرية عن حزمة كبيرة من الوثائق المتعلقة بجرائم ارتكبت بحقّ الفلسطينيين.

وأشار في تقرير له، في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، إلى أنّ هذه اللجنة، برئاسة وزير العدل، تُستغل بالفعل بغية منع رفع السرية، دون أيّة أرضية قانونية، عن العديد من الوثائق المتعلقة غالباً بالنكبة وجرائم حرب ارتكبت خلال حرب عامَي 1948-1949 والسياسات الإسرائيلية نحو المواطنين الفلسطينيين.

إقرأ أيضاً: 16 دولة تجرّم إنكار "المحرقة".. ماذا عن النكبة الفلسطينية؟

ولفت التقرير إلى أنّ "هذه الوثائق تتعلق خاصة بأحداث حساسة ومؤلمة في تاريخ إسرائيل، منها: مذبحة دير ياسين، ومقتل مدنيين خلال عمليتي "يوآف" و"حيرام" عام 1948، وإنشاء إدارة عسكرية للحكم على المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وغير ذلك".

وحذّر التقرير من أنّ سوء استغلال آلية رفع السرّية هذه عن الوثائق من قبل الحكومة يحدّ من فرص إجراء مناقشات معقدة مبنية على الحقائق بخصوص تاريخ دولة إسرائيل، ويخلق صورة مشوهة لمرحلته المبكرة، ويضرّ بالمشاورات السياسية والاجتماعية في البلاد.

وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في 6 تموز (يوليو) 2019، وثائق تتعلق بـ "عمليات قتل جماعية" أطلق عليها "حيرام"، وقعت بحق الشعب الفلسطينى عام 1948 وبعده، بمنطقة الجليل الأعلى، وراح ضحيتها 52 رجلاً فلسطينياً وجرى حجبها فى قسم سرى".

وفى التفاصيل، بحسب الوثائق؛ فإنّ ميليشيات قيدت 52 فلسطينياً مع بعضهم، ووضعتهم فى حفرة قبل إطلاق النار عليهم، وكان 10 منهم ما يزالون ينازعون الموت، فيما توسلت النساء وطلبن الرحمة، ووجدن حينها 6 جثث، قبل اكتشاف بقية الجثث، كما كان هناك ثلاث حالات اغتصاب، إحداهن لفتاة عمرها 14 عاماً، أطلقوا النار عليها وقتلوها، وقطعوا أصابع أحد الضحايا بسكين ليسرقوا الخواتم".

إقرأ أيضاً: 2021 يحمل التهديدات لإسرائيل من الداخل والخارج

وقالت الصحيفة: "هناك وحدة سرّية بالجيش الإسرائيلي تعمل منذ سنوات على حجب وثائق تخفي جرائم العصابات وأدلة على ارتكاب جنرالات عمليات قتل ممنهجة ضدّ الفلسطينيين إبان النكبة وما بعدها".

وأوضح تحقيق "هآرتس"؛ أنّ عشرات عمليات من القتل الجماعى ارتكبت، كما جرى اغتصاب الفتيات الصغار، إلى جانب عمليات السلب والنهب، وتفجير وتدمير قرى بأكملها، جرى تنفيذها بأوامر من أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن غوريون.

...

وما يزال "أرشيف الدولة" في إسرائيل، إضافة إلى أرشيفَي وزارة الأمن والجيش الإسرائيلي، في حالة حجب مستمرة منذُ إنشائها عام 1948 وحتى اليوم؛ لأنّ إسرائيل تهدف إلى التّستر على أفعالها ومنع اطلاع الإسرائيليين عليها، كما يؤكد المؤرخ الإسرائيلي، آدم راز، الذي يواصل بشكل مستمر النبش بما يتاح من الأرشيفات وتسليط الضوء على ماضيها الأسود.

وعلى الرغم من أنّ قانون الأرشيفات في إسرائيل يقرّ بأنّ "كلّ شخص مخوّل بالاطلاع على المادة الأرشيفية المودعة في أرشيف الدولة"؛ فإنّ المعطيات تظهر أنّ الجمهور يمنع من حقّ الوصول إلى الغالبية الساحقة من مواد الأرشيفات الحكومية الكُبرى، خصوصاً أرشيف الدولة والجيش ووزارة الأمن".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية