إحياء نشاط الإخوان في تركيا.. أين ذهبت وعود المصالحة؟

إحياء نشاط الإخوان في تركيا.. أين ذهبت وعود المصالحة؟


09/02/2022

شهد الأسبوع الأخير من كانون الثاني (يناير) الماضي، ظهور قيادات من جماعة الإخوان المسلمين، ينتمي بعضهم لحركة حسم المدرجة على قوائم الإرهاب العربية والأمريكية، في عدة مناسبات داخل الأراضي التركية، الأولى؛ كانت خلال مؤتمر عُقد بالتزامن مع ذكرى ثورات "الربيع العربي"، والثانية؛ خلال تسريب تحدث عن تدريب بعض العناصر المنتمية للجناح المسلّح للتنظيم عسكرياً واستخباراتياً داخل الأراضي التركية.

اقرأ أيضاً: معلومات جديدة حول أكاديمية الإخوان في إسطنبول.. ما علاقة حماس؟

عودة النشاط الإخواني داخل الأراضي التركية جاءت في ضوء خفوت المؤشرات الخاصة بالملف التفاوضي بين القاهرة وأنقرة؛ حيث عقدت آخر جولة للتفاوض بين البلدين في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فيما تمثل استضافة تركيا لعناصر تنظيم الإخوان الهاربين من مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، واحدة من أهم نقاط الخلاف بين البلدين، وسبباً محورياً في قطع العلاقات منذ ذلك التوقيت.

دلالة التوقيت

رأى مراقبون أنّ الظهور الإخواني مجدداً على الأراضي التركية، بالرغم من التأكيدات المتعاقبة على المستوى الرسمي بوقف كافة الأنشطة الخاصة بالتنظيم بالتزامن مع بدء المباحثات مع القاهرة في أيار (مايو) الماضي، ستنعكس سلباً على الملف التفاوضي، وتعكس فتوراً في المباحثات.

ويذهب الباحث المصري المختص بقضايا الأمن الإقليمي، محمد فوزي، إلى أنّ "عودة النشاط التنظيمي لجماعة الإخوان داخل الأراضي التركية والإعلان عنه بشكل صريح، سينعكس على طبيعة المباحثات التفوضية بين القاهرة وأنقرة، خاصة أنّ دعم الإخوان يمثل نقطة خلاف جوهرية"، وكانت تركيا قد أعلنت في وقت سابق من العام الماضي وقف كافة النشاطات الإعلامية للتنظيم الإخواني في ضوء التفاهمات التي كانت تجري مع القاهرة، وهي مبادرة لبناء قدر من التفاهمات.

تركيا والإخوان.. تلاقي الأهداف والمشروع

يصف فوزي، في تصريح لـ"حفريات"، العلاقة التي تربط الإخوان مع النظام التركي بأنها "حيوية" و"تحكمها المصالح والأهداف المشتركة، فيما يستخدم كل طرف الآخر لتنفيذ مشروعه وإن كانت الأهداف واحدة"، مؤكداً أنّه و"بالرغم من إبداء تركيا رغبتها في التفاهم مع القاهرة، وهو ما عكسته كافة التصريحات من جانب قيادات الحكومة وحزب العدالة والتنمية، إلا أنّها في الوقت ذاته لم تتخلى عن مشروعها الداعم لجماعة الإخوان باعتبارها أحد أهم أدوات تحقيق المشروع التوسعي التركي.

شهد الشهر الماضي ظهور قيادات من جماعة الإخوان المسلمين في عدة مناسبات داخل الأراضي التركية

ويرى فوزي أنّ تنظيم الإخوان بشكل عام، يمر بأزمة كبيرة تجعله يتصرف بشكل "متخبط ومرتبك"، مشيراً إلى أنّ "الصراع الداخلي في التنظيم باعتباره عنصر انهيار يُضاف إلى مجموعة من الأزمات المركبة التي يعاني منها التنظيم على مدار السنوات الماضية، وإلى أنّ التحركات الخاصة بالإخوان داخل تركيا يغلب عليها الارتباك وعدم التخطيط بشكل جيد".

اقرأ أيضاً: فصل مصطفى طلبة... ما مآلات قرار عزل مرشد إسطنبول؟

ولا يتوقع فوزي انفصالاً قريباً أو محتملاً لمشروع الإخوان عن الرئيس التركي رجب أردوغان، كما لا يتوقع أن تقدم أنقرة على خطوات جديدة بتسليم قيادات الإخوان المطلوبين لدى مصر، وربما تكتفي بتحجيم النشاط والإبقاء على المجال الإعلامي مغلقاً، وربما العودة لفرض بعض القيود في حال عودة المباحثات التفاوضية مع مصر.

تغلغل إخواني

وحول طبيعة النشاط الإخواني على الأراضي التركية، تحدث مصدر مصري لـ"حفريات" وفضل عدم ذكر اسمه، موضحاً أنّ الجماعة "قامت بتأسيس مجموعة من الأكاديميات الخاصة بالتدريب والتثقيف وكذك المؤسسات الثقافية ومراكز الخدمة الاجتماعية والإعلام داخل تركيا في أعقاب العام 2013، ووظّفت الجماعة كافة تلك المؤسسات لدعم نشاطها تحت مظلة ورعاية مؤسسات حكومية تركية، وبتمويل من التنظيم الدولي للإخوان".

ويضيف المصدر: "تلك المؤسسات مازالت تعمل حتى الوقت الراهن، ولم تتأثر بقرارات وقف النشاط والإغلاق التي أقرتها السلطات التركية خلال العام الماضي؛ لأنّها لا تتبع تنظيم الإخوان بشكل مباشر، مثل القنوات والفضائيات التي كانت تبث من الأراضي التركية ومعروف تبعيتها للإخوان، لذلك فهي مستمرة في نشاطها بشكل كبير حتى وإن تمت المصالحة بين مصر وتركيا لن تتأثر تلك النشاطات بأي قرارات".

تهديدات من قلب اسطنبول

وفي 24 كانون الثاني (يناير) الماضي، استضافت مدينة إسطنبول، مؤتمراً تحت عنوان "شباب التغيير، عقد من النضال وخطوة للمستقبل"، شارك فيه عدد من قيادات جماعة الإخوان في مصر والعالم العربي وقيادات حركة "حسم"، الجناح المسلح لجماعة الإخوان بمصر. واستهدف المؤتمر، وفق كلمات المشاركين فيه، "إعادة إحياء" ثورات ما سمّي بـ"الربيع العربي" وإعادة الشباب الهاربين لتركيا إلى بلدانهم مجدداً "للمشاركة في عملية التغيير وإزالة الأنظمة"، بحسب ما نقلته قناة العربية.

عودة النشاط الإخواني داخل تركيا ترافقت مع خفوت المؤشرات الخاصة بالملف التفاوضي بين القاهرة وأنقرة

وناقش المؤتمر عدة محاور، أهمها، "تقييم التجارب الثورية في بلدان الربيع العربي" و"حالة المزاج الشعبي تجاه التغيير والنخب"، و"سمات الجيل الشبابي الجديد وموقعه في معادلة التغيير"، و"فرص انبعاث مشروع الثورة والتغيير وأبرز التحديات"، و"المنطلقات الفكرية والسياسية والتنظيمية لعملية التجديد والانبعاث".

وخلال مشاركته في المؤتمر، هدد القيادي الإخواني رضا فهمي، بإعادة "الحراك المسلح والثوري"، على حد وصفه. وقال إنّ المؤتمر في اسطنبول "يأتي في مرحلة خطيرة جداً، حيث ظنت الثورات المضادة في بعض الدول أنها أصبحت مسيطرة وأن التيار الثوري فقد كل أدواته"، على حد تعبيره وفق المصدر السابق.

اقرأ أيضاً: هل انقسمت جماعة الإخوان رسمياً إلى تنظيمين؟ تعرف إلى مرشد جبهة إسطنبول

وفي كلمته التي ألقاها نيابة عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، قال مصطفى شان، نائب رئيس الحزب، قال إنّ "الشعوب تعيش تحت وطأة الحروب والمآسي والحروب الداخلية والإرهاب، ومن الممكن أن تعيش المنطقة بأكملها تغيراً جذرياً على يد الشباب".

وأضاف شان موجهاً حديثه للشباب المشاركين: "تركيا وطنكم، لكن لا بد أن تكون لدى الشباب خطة للعودة إلى بلدانهم"، وختم بالقول: "لا يمكنكم ترك وطنكم للآخرين، مكانكم هنا في قلوبنا وفوق رؤوسنا، لكن يجب ألا يبقى الحال هكذا، لا يمكنكم ترك بلادكم للأجانب والظلمة"، وافق قناة "العربية".

وأعقب المؤتمر موجة من الانتقادات بسبب إصرار تركيا على استضافة نشاط جماعة الإخوان المُصنفة إرهابية في عدة دول عربية، وكذلك عناصر حركة حسم، التي تعد الذراع المسلحة للتنظيم الإخواني، وقرأ المراقبون مشاركة حزب العدالة والتنمية وكذلك الكلمة التي جاءت على لسان رئيسه بأنها تبعث برسالة حول آلية التعاطي مع التنظيم من جانب الحكومة التركية في الفترة المقبلة، خاصة في ضوء اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2023



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية