استفزازات إيران ترفع درجة التوتر مع إسرائيل: هل تندلع المواجهة؟

استفزازات إيران ترفع درجة التوتر مع إسرائيل: هل تندلع المواجهة؟


11/08/2021

تثير الاستفزازات البحرية الإيرانية معضلات جمّة، سياسية وأمنية وإقليمية، في ظلّ تهديداتها المتلاحقة للملاحة الدولية في بحر العرب ومضيق هرمز؛ إذ يمرّ منهما قرابة ربع صادرات النفط العالمي، وقد تجددت المخاوف، مؤخراً، بعد التصعيد بين إيران وإسرائيل على خلفية استهداف ناقلة نفط قبالة سواحل عُمان، بينما اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا ومجموعة دول السبع إيران بالضلوع في تنفيذ الهجوم، الذي نجم عنه مقتل اثنين من طاقم الناقلة النفطية، المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي.

أدلة أمريكية

وبالتزامن مع إعلان القيادة العسكرية المركزية الأمريكية وجود "أدلة" تثبت استخدام طهران لطائرات مسيّرة "صنعت في إيران" في الهجوم على الناقلة النفطية، أكّد وزراء خارجية دول مجموعة السبع، في بيان رسمي، أنّ "كلّ الأدلة المتوافرة تشير بوضوح إلى إيران"، ومن ثم، طالب الوزراء "جميع الفرقاء المعنيين بالاضطلاع بدور بنّاء بهدف تعزيز الاستقرار والسلام في المنطقة".

ويوضح البيان الرسمي الصادر عن القيادة المركزية الأمريكية، يوم الجمعة الماضي، أنّه قد تمّ تحليل بقايا الطائرة المسيّرة التي استهدفت الناقلة النفطية، بواسطة فريق التحقيق المتخصص بالمتفجرات العامل على متن حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس رونالد ريغان"، حيث توصّل إلى أنّها "تقريباً مطابقة لنماذج سابقة من طائرات إيران الهجومية المسيرة أحادية الاتجاه".

ووفقاً لبيان القيادة العسكرية؛ فإنّ "استخدام طائرات "الكاميكاز" المسيرة، أحادية الاتجاه، المصمّمة والمصنعة إيرانياً، بات اتجاهاً متزايداً في المنطقة"، لافتاً إلى أنّ تلك الطائرات المسيّرة "تستخدم بشكل نشط بواسطة إيران ووكلائها ضدّ قوات التحالف في المنطقة، لتتضمن أهدافاً في السعودية والعراق".

إذاً؛ تشكّل إيران تهديدات رئيسة للأمن القومي العربي، نظراً لطموحاتها في الإقليم، بحسب الباحث المتخصص في العلوم السياسية، الدكتور محمد ربيع الديهي، والذي يرى أنّ "طهران تعمد إلى استخدام وتوظيف عدد من الفاعلين في المنطقة، لجهة إشعال الأزمات داخل الدول العربية وإنهاكها، وذلك من خلال صراعات مسلحة تستنزف بها الثروات وتحقق مصالحها السياسية والإقليمية".

هل تحدث المواجهة بين إيران وإسرائيل؟

ويلفت الديهي، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ التهديدات الإيرانية واستفزازاتها البحرية للسفن النفطية في الخليج العربي، إنّما تأتي في إطار المساعي الإيرانية "لإثبات تواجدها وقدراتها على أرض الواقع؛ ففي بداية الأمر كانت تستهدف طهران السفن الإسرائيلية، ولكن، خلال الأيام القليلة الماضية، بدأت طهران في استهداف سفن أخرى تابعة لدول عربية، ومحمّلة بشحنات لصالح دول أخرى، كما تأتي التحركات الإيرانية الأخيرة، من خلال الاستفزازات البحرية، كمحاولة من قبل طهران لإثبات قوتها وقدرتها البحرية، في ظلّ المفاوضات النووية في فيينا".

التهديدات الإيرانية واستفزازاتها البحرية للسفن النفطية في الخليج العربي، إنّما تأتي في إطار المساعي الإيرانية لإثبات تواجدها وقدراتها على أرض الواقع مع الرئيس الجديد

وإلى ذلك، عمدت إسرائيل إلى رفع درجة التوتر في جنوب لبنان، عبر استهداف مواقع لحزب الله اللبناني، كما واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، تهديداته، وقال، مطلع الأسبوع الحالي: "لا يمكن لإيران التصرف بهذه الصورة المعادية دون دفع الثمن"، وأضاف: "إيران هي التي ارتكبت هذه العملية الإرهابية البحرية، وما تزال تحاول التهرب من ذلك بمنتهى الجبن، الآن الاختبار هو ليس فقط من خلال التصريحات، وإنّما من خلال الأفعال".

اقرأ أيضاً: الحَرب الإيرانية العراقيَة.. "كأس السُم"

وتابع: "نلاحظ تصاعد الممارسات الإيرانية العدوانية فى كافة مناطق الشرق الأوسط، بحراً وجوّاً وبرّاً، حيث بادرت إيران إلى إسقاط طائرة مدنية، وشنّت هجوماً على سفينة مدنية أودى بحياة مدنيين من حاملي الجنسيات المختلفة، كما يمارس النظام الإيراني الإرهاب على ممرّات الملاحة الدولية".

وشدّد بينيت على أنّ "إيران تشكّل خطراً واضحاً على استقرار المنطقة وعلى السلم الدولي، ولا يجوز للعالم التسليم بذلك، ويجب على الإيرانيين إدراك أنّه لا يجوز استمرار التصرف بهذه الصورة دون دفع الثمن وتحمّل التداعيات المترتبة عن ذلك".

وفيما يخصّ لبنان، الذي شهد هجوماً إسرائيلياً على مواقع متفاوتة لحزب الله، بينما نفّذ الأخير هجوماً مضادّاً، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ إنّ "حزب الله وإيران يجران لبنان إلى مواجهة مع إسرائيل فى ظلّ أزمة لبنان الاقتصادية والسياسية"، وتابع: "يجب على الدولة اللبنانية والجيش اللبناني تحمّل المسؤولية عما يجري على ساحتهما الخلفية، وفي هذه الحالة أيضاً، لا يعنينا إذا كانت منظمة فلسطينية هى التي تطلق النار أو العناصر المارقة أو المستقلة، فدولة إسرائيل لن تقبل بإطلاق النار نحو أراضيها".

قيادي بحزب الله في إيران

وفي أعقاب تصريحات، أو بالأحرى تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتنامي العمليات العسكرية على الجنوب اللبناني، قال قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، خلال اجتماع عقده مع نائب الأمين العام لـ "حزب الله"، نعيم قاسم: "الأرضية مهيَّأة، الآن، لانهيار الكيان الصهيوني، ويكفي أن يصدر منه خطأ ما، لتنطلق الحرب القادمة، والتي ستكون حرب موته"، موضحاً أنّ إسرائيل "تدرك جيداً نطاق حزب الله وعمق قوته، كما أنّ الإسرائيليين يدركون أنّهم سوف يضطرون إلى الانسحاب من الأراضي المحتلة ومواجهة أزمة معنوية كبرى إذا تم تشغيل محرك حزب الله".

المحلل السياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي لـ"حفريات": الإدارة الأمريكية، بالتنسيق مع إسرائيل، تتحرى عملية "الردّ الجماعي" على الهجوم الإيراني الأخير في مياه الخليج

كما شنّ قائد القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني، العميد حاجي زاده، هجوماً عنيفاً على التهديدات الإسرائيلية، وشدّد على أنّ "إيران سوف تردّ على أيّ اعتداء بقوة، وأنّ الردّ الإيراني سيكون قاسياً".

وقال حاجي زاده: "هم بغنى عن تجربة قوتنا، لكن لو أرادوا فليجربونا مرة أخرى، نحن لدينا القوة الكافية والإرادة اللازمة لاستخدامها، سوف نردّ على أيّ اعتداء بقوة، ولا يستطيعون ارتكاب أيّ خطأ، الردّ الإيراني سيكون قاسياً".

المحلل السياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي مهدي عفيفي

ومن جانبه، يشير المحلل السياسي وعضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، مهدي عفيفي، إلى أنّ الإدارة الأمريكية، بالتنسيق مع إسرائيل، تتحرى عملية "الردّ الجماعي" على الهجوم الإيراني الأخير في مياه الخليج، مرجحاً، في حديثه لـ "حفريات"، ألّا تصل المواجهات الخشنة بين البلدين إلى حرب شاملة، خاصة أنّ المناوشات البحرية بينهما مستمرة منذ عام 2019، بالتالي، سوف يحدث توتر في بعض المناطق، لا سيما في جنوب لبنان، وكذا ضرب لمواقع تابعة للحرس الثوري في سوريا والعراق".

اقرأ أيضاً: إيران توجه دعوة لمواطنيها في الخارج... وأمريكا: اكتبوا وصاياكم

وبالعودة إلى الباحث المصري بالعلوم السياسية، الدكتور محمد ربيع الديهي؛ فإنّ استهداف الناقلة البحرية النفطية قد تزامن وتنصيب الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، الأمر الذي يفصح عن رسالة إيرانية للغرب والولايات المتحدة، مفادها أنّ "الاتفاق النووي الإيراني يجب أن يكون منفصلاً عن أيّة اتفاقيات أخرى قد تعيق دور طهران في المنطقة، إضافة إلى رسالة أخرى مفادها أنّ طهران لديها قدرات بحرية، يمكن أن تواجه بها أيّة قوة في الإقليم، ناهيك عن استعراض إمكانياتها العسكرية، والتأكيد على إستراتيجيتها الأمنية في التعامل مع الأزمات".

ويختتم: "الاستفزازات الإيرانية ستلقي بظلالها على المفاوضات النووية، في فيينا، وهو الأمر الذي قد يعرقل عملية التفاوض. وعلى ما يبدو؛ فإنّ المفاوضات لن تنتهي أو تصل لنقطة النهاية إلا بعد تسوية إيران لخلافاتها ومشكلاتها الإقليمية، والتوصل للتهدئة في اليمن، والدخول في علاقات متوازنة مع دول الخليج، ويبدو أنّ هذا الهدف الأخيرة يشهد تقدماً، في ظلّ وساطة الغرب والقوي الدولية؛ إذ إنّ هناك عدة تقارير تشير إلى حدوث تقدم ملموس في المفاوضات بين إيران والدول العربية".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية