الإمارات تطلق النداء الأخير لإنقاذ سوريا

الإمارات تطلق النداء الأخير لإنقاذ سوريا


13/03/2021

يقرأ محللون كثرٌ التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، خلال لقاء نظيره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، الثلاثاء الماضي، بأنها بمثابة "نداء أخير لإنقاذ سوريا"، بعد أن غرقت البلاد في حرب ما زالت مستمرة منذ عشر سنوات.

الشيخ محمد بن زايد: التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة

وتمثل المبادرة الإماراتية ما يمكن اعتباره، بمثابة النداء الأخير لإنقاذ ما تبقى من سوريا السائرة، حثيثاً نحو الانهيار الكامل، ليس بالمعنى السياسي فقط، وإنما بالمعنى المجتمعي والدولتي، وهنا الخطر الداهم، وفق "سكاي نيوز عربية"؛ حيث مختلف مناحي الحياة تشهد انهياراً مخيفاً، يطال حيوات قرابة 20 مليون نسمة.

وتضع المأساة السورية المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية كبرى، لتدارك الكارثة، ومعالجة الأزمة الوجودية السورية، التي لن تقف تداعياتها وشظاياها، عند عتبة حدود سوريا فقط، بل طالت وستطال الجميع إقليمياً ودولياً.

وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، خلال لقاء نظيره وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف

وأكد الشيخ عبدالله بن زايد أنّ "بدء مشوار عودة سوريا إلى محيطها أمر لا بد منه، والأمر لا يتعلق بمن يريد أو لا يريد، فالمسألة هي مسألة المصلحة العامة، مصلحة سوريا ومصلحة المنطقة".

منغصات بين الأطراف المختلفة

وأضاف، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام"، بأنّ "هناك منغصات بين الأطراف المختلفة، ولكن لا يمكن إلا العمل على عودة سوريا إلى محيطها الإقليمي وبحث الأدوار المهمة التي تعود فيها سوريا إلى الجامعة العربية، وهو ما يتطلب جهداً من الجانب السوري وأيضاً من زملائنا في الجامعة العربية".

اقرأ أيضاً: كنوز سوريا في مهب الريح.. آثار فريدة تبخرت

وقال الشيخ عبدالله "أعتقد أنّ التحدي الأكبر اليوم الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو (قانون قيصر) ولا بد من وجود مجالات تفتح الباب للعمل المشترك مع سوريا لنا جميعاً. وإبقاء قانون قيصر، كما هو اليوم، يجعل الأمر في غاية الصعوبة، ليس لنا كدول وإنما أيضاً على القطاع الخاص، وأعتقد أنّ هذا لا بد أن يكون الحوار الذي نتحدث فيه بشكل واضح مع أصدقائنا في الولايات المتحدة الأمريكية".

اقرأ أيضاً: الإمارات: قانون قيصر التحدي الأكبر الذي يواجه العمل المشترك مع سوريا

وتعليقاً على المبادرة الإماراتية بضرورة عودة سوريا إلى محيطها العربي، يقول الكاتب والصحافي سرتيب جوهر، المختص في الشؤون السورية لموقع "سكاي نيوز عربية": "المبادرة الإماراتية، ربما تمثل بداية لتبلور مبادرة أوسع عربية - دولية، خاصة وأنّ الإمارات هي في تحالف وتنسيق كبير، مع كل من مصر والسعودية، في مختلف قضايا المنطقة، وضمنها بطبيعة الحال الأزمة السورية الكارثية".

اقرأ أيضاً: إيران ووهم التغيير الديموغرافي في سوريا

الجانب الأهم في المبادرة الإماراتية الداعية لإنقاذ سوريا، واعادتها لمحيطها العربي الإقليمي ولجامعة الدول العربية، هو إسهامها في حث الإدارة الجديدة في واشنطن، على إن لم يكن تعليق وإلغاء قانون قيصر الأمريكي للعقوبات على سوريا، فأقله تخفيف وطأته، وتدارك انعكاساته المباشرة على الناس في سوريا؛ حيث زاد هذا القانون، الطين السوري بلة، وحوّل حيوات ملايين البشر السوريين، لقصة عذاب يومية لا تطاق.

وفي هذا الصدد يقول جوهر: "قانون قيصر الأمريكي، الذي أقرته إدارة دونالد ترامب، أضر بالدرجة الأولى، بالمواطنين السوريين على اختلاف تلاوينهم، ومناطق توزعهم الجغرافية، ودمر اقتصاد البلد، الذي كان أساساً في حال يرثى لها، بفعل الحرب الأهلية الطاحنة، والتدخلات الإقليمية والدولية المفتوحة، في الساحة السورية، التي تحولت خراباً ومشاعاً، لمن هب ودب".

المبادرة الإماراتية قد تفتح أبواباً موصدة

 ويرى جوهر أنّ هذه المبادرة، "قد تفتح آفاقاً وأبواباً موصدة، لبلورة مقاربات حل سلمية توافقية وإنسانية، للأزمة في سوريا، كأن تأخذ الدول العربية الوازنة كمصر والسعودية والإمارات، الدور الأكبر في سوريا، وتتولى زمام مبادرة الحل، وبالتنسيق مع واشنطن وموسكو، خاصة وأنّ تصريحات وزير خارجية الإمارات، وإطلاقه هذه المبادرة، جاءا في حضور نظيره الروسي، سيرغي لافروف".

الشيخ عبدالله بن زايد: التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق مع سوريا هو (قانون قيصر) ولا بد من وجود مجالات تفتح الباب للعمل المشترك

ويردف: "إنّ أول حوافز مبادرة كهذه، قد تكون تخفيف بعض بنود وفقرات قانون قيصر، أو تجميده ككل حتى، وإعطاء فرصة جديدة لدمشق، لإبداء حسن النية، وتلقُف هذه المبادرة، التي تطلقها أبوظبي، للبحث عن مخرج من النفق الدموي المسدود، ووضع خريطة طريق عربية، للخروج من الأزمة، وبما يقطع الطريق على تمادي التدخلات الإقليمية، خاصة التركية في سوريا، ولا ننسى هنا، أنّ أبوظبي ومعها القاهرة والرياض، هي من تتصدى للتوسعية التركية، في المنطقة العربية، من ليبيا لسوريا، والعراق"، بحسب جوهر.

ويتابع جوهر: "هذه الدعوة الإماراتية، هي توطئة لإطلاق مبادرة عربية، تقودها العواصم الثلاث، وللتوسط حتى بين واشنطن وموسكو في سوريا، قوامها ضرورة وضع حد للمأساة السورية المتمادية، بأكلافها الرهيبة، ومحاولة وضع حلول جدية لها، خاصة وأنه مرت عشر سنوات على هذه المحرقة السورية، ولم يسقط النظام السوري، بل وأصبحت ما تسمى "المعارضة"، مجرد مجموعات مرتزقة إرهابية، تابعة لتركيا"، وفق تعبيره.

آن الأوان لعودة سوريا

وأثارت المبادرة الإماراتية مواقف إيجابية لدى عدد من المحللين والسياسيين العرب، حيث يرى وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد العرابي أنه "آن الأوان لعودة سوريا للجامعة العربية، وأن يكون للدول العربية موقف واضح في إيجاد حلول سياسية للأوضاع المتأزمة هناك، بدلاً من أن تتولاها دول أخرى مثل إيران وتركيا وروسيا".

اقرأ أيضاً: النار التركية تأكل نفسها في سوريا... ما القصة؟

وأضاف العرابي أنّ الدول العربية يجب أن يكون لها تدخل واضح في هذا الملف، وأن توفر مظلة عربية جيدة لسوريا بما يمكّنها من تجاوز عثرتها الحالية.

ويعتقد وزير الخارجية المصري الأسبق، كما نقل عنه موقع "سكاي نيوز عربية" أنّ الملف السوري من الملفات الأكثر تعقيدا بالمنطقة، بالنظر إلى تواجد قوات عسكرية لعدّة دول على أراضيها، ومن ثم يجب التكاتف لمساعدتها.

ونقل الموقع أيضاً تصريحاً خاصاً لرئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير منير زهران، الذي اعتبر أنّ المطالبات بعودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية "أمر يثلج صدورنا، لاحتلال مقعدها الطبيعي باعتبارها من الدول المؤسسة للجامعة".

وأشار إلى أهمية عودة سوريا للجامعة العربية بأن يتكامل التعاون بين الدول العربية وأن تتضافر جهودنا سوياً لدعم العمل العربي المشترك، مضيفاً: "هذا تطور محمود، نحييه ونؤيده، لأنّ عودة سوريا لممارسة دورها سينعكس بأهمية على العالم العربي كله".

اقرأ أيضاً: تتريك سوريا وتقسيمها

وتأتي المبادرة الإماراتية في سياق مواجهة التدخلات الإيرانية والتركية في هذا الملف المهم، وحماية الأمن الإقليمي العربي، ولكي تحتل دمشق موقعها السياسي الطبيعي بما يؤهلها لأن يكون لها دور مباشر في تسوية خلافاتها.

مكالمة الشيخ محمد بن زايد مع الأسد

وفي العام الماضي، استرعت المكالمة التليفونية بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد ابوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والرئيس السوري بشار الأسد، اهتمام الكثيرين؛ حيث قال الشيخ محمد بن زايد في تغريدة له على "تويتر" إنه ناقش مع الأسد "تداعيات انتشار فيروس كورونا"، وأكد للأسد "دعم دولة الإمارات ومساعدتها للشعب السوري الشقيق في هذه الظروف الاستثنائية".

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تحذر: الأزمة الإنسانية في سوريا تتفاقم... لماذا؟

واختتم الشيخ محمد بن زايد، التغريدة بقوله: "التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار، وسوريا العربية الشقيقة لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة".

ورأى عدد من الكتاب أنّ مكالمة ولي عهد أبو ظبي هي خطوة متقدمة للمصالحة العربية السورية.

وتعد سوريا، وفق التقارير الأممية الحديثة، من أفقر دول العالم الآن، حيث بات زهاء 90 في المئة من سكانها، تحت مستوى خط الفقر، فضلاً عن مقتل وجرح مئات الآلاف، وتشرد الملايين، ودمار مدن ومناطق بأكملها، واستباحة واحتلالات للأراضي السورية، من قبل دول إقليمية طامعة، ومنظمات إرهابية.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية