السياحة الاستيطانية: شركات عالمية تتواطأ مع إسرائيل للسطو على التاريخ الفلسطيني

فلسطين

السياحة الاستيطانية: شركات عالمية تتواطأ مع إسرائيل للسطو على التاريخ الفلسطيني


14/05/2019

تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحويل عدد من المواقع الأثرية الفلسطينية إلى أماكن سياحية إسرائيلية، وضمها إلى عدد من البؤر والتجمعات الاستيطانية. وتقوم مجموعات من المستوطنين بربط الاستيطان بالضفة الغربية ليس سياسياً فقط؛ بل ليشمل الجوانب الدينية والسياحية، من خلال قيام بعضهم بالعمل كمرشدين سياحيين، وتنظيم عدد من الرحلات الترفيهية للأماكن السياحية والأثرية، المسيحية والإسلامية، بالضفة الغربية والقدس، بهدف العمل على سلبها والاستيطان بداخلها، وضمّها إلى عدد من المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بها.

اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف غزّة.. حصيلة الجمعة الـ 57 لمسيرة العودة
وطالبت وزارة السياحة الإسرائيلية، خلال العام الحالي، المستثمرين الصهاينة الذين تقدموا بطلبات إقامة مشروعات سياحية وفندقية في مستوطنات الضفة الغربية والقدس، بتقديم طلبات لحصولهم على دعم مالي يصل إلى 20% من قيمة استماراتهم، وتقديم هبات إدارية للفنادق الشعبية في المستوطنات بنسبة 13% من قيمة الاستثمار فيها أيضاً، لتشجيعهم على إنشاء العديد من المشاريع السياحية الاستيطانية فيها.
تقديم هبات إدارية للفنادق الشعبية في المستوطنات بنسبة 13% من قيمة الاستثمار فيها

تواطؤ شركات سياحية عالمية
مدير عام المتاحف والمقتنيات الأثرية، عبد الرحمن صالح، يقول لـ "حفريات" إنّ "سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل مشاريعها الاستيطانية بالضفة الغربية والقدس لتطوير السياحة الاستيطانية، بمساعدة وتواطؤ من بعض الشركات السياحية الأوروبية العالمية؛ كشركات "إير بي إن بي"، و"إكسبيديا"، و"تريب أدفايزر" ومقرها الولايات المتحدة الأمريكية، وشركة "وبوكينغ دوت كوم"، ومقرها هولندا، والتي تقوم بحجز الرحلات السياحية إلكترونياً، وتضليل السائحين الأجانب؛ بأنّ وجهتهم ستكون زيارة إسرائيل، وعدم الإفصاح عن الوجهة الحقيقية لهم، والتي ستكون إلى مواقع سياحية داخل المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة".

إسرائيل تقوم بالتضييق على المستثمرين الفلسطينيين وتمنعهم من إقامة مناطق سياحية في مناطق واسعة بالضفة الغربية

وبين أنّ "الشركات السياحية تساعد الاحتلال الإسرائيلي في الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتنتهك بمعاييرها العنصرية حقوق الإنسان، وهي محاولات جادة لطمس الوجود الفلسطيني، ومحو الرواية الفلسطينية، وتزوير الوقائع والحقائق لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، وذلك كمبرر لاستمرار الاستيطان وتغيير الوقائع التاريخية على الأرض".
وتساهم هذه الشركات في جلب أكثر من 45% من السائحين حول العالم، وتواصل هذه الشركات انتهاكاتها وخداع السائحين، "رغم تحذيرات منظمة العفو الدولية بأنّ هذه الشركات الأربع التي تشجع على السياحة الاستيطانية تدفع إسرائيل للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وضمّها للمستوطنات الإسرائيلية، وهي بمثابة جريمة حرب وفق نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية.
الشركات السياحية تساعد الاحتلال الإسرائيلي في الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية

مشاريع استيطانية سياحية
ولفت صالح إلى أنّ "الشركات الأربع قامت بإنشاء قواعد بيانات تضم مواقع أثرية وسياحية فلسطينية على أنها مواقع أثرية إسرائيلية؛ ككنيسة المهد في بيت لحم، والمسجد الأقصى المبارك، والقدس القديمة، وخربة سيلون، التي تقع قرب قرية ترمسعيا، والتي يصل عمرها إلى أكثر من 1500 عام، ووادي قانا، الذي يقع بالقرب من سلفيت شمال الضفة الغربية، وعدد آخر من المواقع الأثرية الإسلامية والمسيحية، ليمثل ذلك حلقة من حلقات الاستيطان المتواصلة، والتي تهدف للتضييق على السكان الفلسطينيين، والسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية قسراً لصالح المشروعات الاستيطانية السياحية".

اقرأ أيضاً: الاحتلال ينزع فرحة الفصح من مسيحيي غزة
وتستعد السلطات الإسرائيلية لإنشاء المشروع السياحي "أوميغا"، الذي تنفذه الجمعية الاستيطانية "العاد" في مدينة القدس المحتلة على مساحة تزيد عن 800 متر، والذي يهدف، كما أبلغ صالح، إلى "إنشاء مرافق ترفيهية وخدماتية وسياحية في المدينة، وذلك بعد إقامة القطار الهوائي الذي يربط جبل الزيتون بساحة البراق، والمتوقع تشغيله في بداية عام 2021، إضافة إلى إنشاء متنزه في جبل الزيتون، الذي يربط بين مستوطنتي "بيت هحوشن" و"بيت أوروت" في مدينة القدس، بهدف تشجيع الحركة الاستيطانية السياحية فيهما".
تستعد السلطات الإسرائيلية لإنشاء المشروع السياحي "أوميغا"

تضليل السائحين الأجانب
ويشير صالح إلى أنّ سلطة الآثار الإسرائيلية تعمل على "زرع آثار يهودية وتوراتية في المواقع السياحية والأثرية، لتضليل السائحين اليهود والأجانب بأنّ هذه الأرض هي إسرائيلية منذ آلاف الأعوام، والتشكيك بالحضارة العربية والإسلامية والمسيحية، والترويج للرواية اليهودية، كالترويج لخربة سيلون على أساس أنها تلّ إسرائيلي يدعى "شيلو"، لتعزيز المستوطنات الإسرائيلية، وتوسيع السياحة اليهودية على حساب تهميش الوجود الفلسطيني".

اقرأ أيضاً: الاحتلال ينتهك حقوق الأسيرات الفلسطينيات.. هذه أوضاعهن
ودعا صالح إلى "ضرورة الوعي والتثقيف بخطورة السياحة الاستيطانية على الشعب الفلسطيني، وملاحقة السلطة الفلسطينية لشركات السياحة الأوروبية التي تقوم بتزوير وتضليل الحقائق قانونياً، والضغط عليها لمقاطعة الحركة السياحية إلى المستوطنات الصهيونية، وتشجيع المستثمرين العرب والأجانب والفلسطينيين على الاستثمار في كافة المناطق الفلسطينية، لتفويت الفرصة على سلطات الاحتلال في مصادرة المزيد من الأراضي، لتوسيع مشروعاتها السياحية".
ضرورة الوعي والتثقيف بخطورة السياحة الاستيطانية على الشعب الفلسطيني

تشجيع الاستثمار السياحي
ويؤكد الباحث في مجال السياحة والآثار، محمد أبو جيش، أنّ الحكومة الإسرائيلية تسعى للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتطوير عدد من المستوطنات الصهيونية، وتشجيع الاستثمار السياحي فيها، "وقد خصصت إسرائيل أكثر من 115 مليون دولار، للاستثمار في المستوطنات الواقعة قرب البحر الميت، إضافة إلى مصادرة أكثر من 15 ألف دونم زراعي لتطوير منطقة "تل شيلو"، وسط الضفة الغربية، وتم تحويل تلك المساحات الواسعة تحت مسمى "أراضي دولة" لتنفيذ مشروعاتها الاستعمارية".

اقرأ أيضاً: قوات الاحتلال تشنّ حملة اعتقالات جديدة في القدس
ويشدّد أبو جيش في حديثه لـ "حفريات" على أنّ السلطات الإسرائيلية تنظر إلى الضفة الغربية والقدس والأغوار كمنطقة إستراتيجية من الناحية الأمنية والسياحية، "باعتبارها أراضي غنية بالمواقع الأثرية والسياحية ومنطقة جذب سياحي مهمّة عالمياً؛ حيث يتركز الاهتمام الإسرائيلي على الاستثمار في منطقة الأغوار، والتي تشكل أكثر من 30% من مساحة الضفة الغربية، ويسكنها أكثر من 15 ألف مستوطن إسرائيلي".

اقرأ أيضاً: أسير فلسطيني على حافة الموت في سجون الاحتلال الصهيوني

ولفت إلى أنّ السلطات الإسرائيلية تمنع الفلسطينيين بالقوة من الاستثمار في المناطق المصنفة (C)، والتي تقع تحت السيطرة الأمنية والإدارية الصهيونية، وتشكل ما نسبته 61% من مساحة الضفة الغربية، "لاستغلال هذه المنطقة والتي تحتوى على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية، لتمرير المشروع الاستيطاني (E1) والذي يربط منطقة الأغوار بمدينة القدس ومستوطنة معاليه أدوميم، ويقوم المشروع بالاستيلاء على أكثر من 13 دونم، لتنفيذ مشروعات سياحية واستيطانية فيها، وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وعزل القدس المحتلة عن محيطها العربي".
ويوضح أبو جيش؛ أنّ إسرائيل تقوم بالتضييق على المستثمرين الفلسطينيين وتمنعهم من إقامة مناطق سياحية في مناطق واسعة بالضفة الغربية، خاصة في منطقة الأغوار وشواطئ البحر الميت، "بهدف تعزيز الوجود اليهودي، والترويج والتسويق للمواقع السياحية والأثرية الفلسطينية على أنها إسرائيلية، وبالتالي تهميش المناطق الأثرية وتعطيل السياحة الفلسطينية والحيلولة دون تنميتها، من خلال مصادرة المزيد من الأراضي، وضمّ المزيد من المواقع السياحية الفلسطينية إلى البؤر الاستيطانية".
السلطات الإسرائيلية تمنع الفلسطينيين بالقوة من الاستثمار في المناطق المصنفة (C)

شرعنة المستوطنات الإسرائيلية
ونقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، عن دبلوماسيين  في الاتحاد الأوروبي، يعملون في القدس المحتلة، تحذيراتهم من أنّ إسرائيل تعمل على تطوير مواقع أثرية ومشروعات سياحية لغرض شرعنة المستوطنات في المدينة، التي أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، الاعتراف بها عاصمة لدولة الاحتلال.

شركات إسرائيلية تزور الوقائع والحقائق لتحقيق مكاسب سياسية ومالية كمبرر لاستمرار الاستيطان وتغيير الوقائع التاريخية على الأرض

وتستشهد الصحيفة بـ "تقرير مسرّب" للاتحاد الأوروبي، يوثّق وجود مشروعات في أجزاء من شرق القدس، المحتلة منذ عام 1967، و"يتمّ توظيفها كأداة لتعديل السرد التاريخي ودعم المستوطنات، وإضفاء الشرعية عليها، وتوسيعها"، وفق ما أوردته الصحيفة.

علاوة على ذلك؛ "فقد حدّد تقرير الاتحاد الأوروبي ذاته مواقع الحفر التي يديرها المستوطنون في قلب الأحياء ذات الأغلبية الفلسطينية، ومشروع الناقل الهوائي (التليفريك) الذي سيتوقف في نقاط محددة داخل الأراضي المصادرة، إضافة إلى مشروعات لتسمية المناطق الحضرية المبنيّة كـ"منتزهات وطنية".

وبخصوص مشروع "التليفريك"، وهو المشروع الذي صادق عليه مؤخراً المجلس السياسي الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، ومن المتوقّع أن يبدأ العمل فيه عام 2020، ويحذّر التقرير من أنه سيسهم في تعزيز "المستوطنات السياحية".
وأورد التقرير الأوروبي أنّ النقاد وصفوا المشروع بأنّه تحويل لموقع التراث العالمي في القدس، إلى منتزه ذي طابع تجاري، في الوقت الذي يغيب فيه السكان الفلسطينيون عن النبذة التاريخية التي يتمّ ترويجها للزوار.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية