الغنوشي يدفع باتجاه محكمة دستورية على مقاس النهضة

الغنوشي يدفع باتجاه محكمة دستورية على مقاس النهضة


24/08/2020

خالد هدوي

تطرح تصريحات رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي حول إمكانية تقليل نصاب انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية من 145 إلى 109 أصوات، إشكالية تأويل الدستور للتضييق على صلاحيات رئيس الجمهورية.

ويثير تحول موقف رئيس حركة النهضة تساؤلات بشأن إمكانية أن تجمع كتل النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة مجتمعة 109 أصوات، الأمر الذي يدفع مراقبين إلى التشكيك في موقف الغنوشي الساعي إلى تطويق دستورية الرئيس قيس سعيد وتركيز محكمة على مقاس حركة النهضة.

واعتبر رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي خلال ندوة صحافية بصفاقس (جنوب) الأحد، أنه لا وجود ”لضمانات استقرار في غياب المحكمة الدستورية”، قائلا ”كل المفاجآت واردة في غياب المحكمة الدستورية، ولا توجد جهة تتمتع بمشروعية حقيقية لتأويل الدستور”.

وأضاف “نحن نفكر في الدعوة إلى جلسة استثنائية للنظر في قانون المحكمة الدستورية لتيسير انتخاب أعضائها”.

وتعتبر المحكمة الدستورية المؤسسة التي ستعطي الدستور والقانون معانيهما وستفصل في الخلافات والصراعات، على غرار معنى “الدولة المدنية”، أو عبارة “الإسلام دين الدولة”.

ومنذ العهدة البرلمانية السابقة لا يزال الصراع قائما في ظل اختلاف سياسي متنام وغياب حقيقي للتوافق من أجل مصلحة البلاد. وباتت أهم عناصر الصراع السياسي والحزبي خطرا يهدد المسار الديمقراطي في البلاد.

وتتخوف الأوساط السياسية من تعذّر انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، الذي سيطرح من جديد تعديل القانون المنظم لها، فضلا عن موضوع خفض الأغلبية المطلوبة للتصويت على انتخاب أعضائها، من الأغلبية المعززة للأصوات بـ145 إلى الأغلبية المطلقة بـ109 أصوات.

واقترح رئيس الحركة أن يتم تخفيض عدد الأصوات اللازمة دستوريا لتمرير أعضاء المحكمة من 145 صوتا، أي ثلثي نواب البرلمان، إلى 109 أصوات، وهي نسبة أصوات قادرة على تجميعها النهضة لتمرير أسماء تخضع لإملاءاتها أو تابعة لها.

وتصنّف شخصيات وقيادات حزبية موقف الغنوشي ضمن المناورات السياسية الجديدة التي تلتجئ إليها النهضة كلما شعرت بتضييق الخناق عليها، فضلا عن مخاوفها من خسارة وزنها السياسي في المشهد.

واعتبرت ليلى الحداد، النائب عن الكتلة الديمقراطية، أن “النهضة تعتقد أن تحقيق الاستقرار السياسي يرتبط أساسا بوجودها في الحكم. ولطالما تمنعت سابقا عن إنشاء المحكمة الدستورية لأنها كانت في انسجام تام مع شركائها السابقين، نداء تونس وحكم الترويكا”.

وأضافت المحامية والقيادية بحركة الشعب، في تصريح لـ”العرب”، “الخلاف تعمّق بين سعيّد والغنوشي وأصبح واضحا، وإسقاط حكومة إلياس الفخفاخ ليس كما يروج له بتهمة تضارب المصالح وإنما النهضة أرادت توسيع الحزام السياسي للحكومة لخلق موازنة في البرلمان، وهو ما رفضه خصوصا رئيس الجمهورية”.

وشددت الحداد على أن “الغنوشي لا يملك صلاحية تأويل النص القانوني والهيئة الوقتية هي من يحق لها ذلك.. مساحة الصلاحيات التي كانت محدودة عند سعيّد أصبحت تتمدد، وهو ما سمح بالذهاب إلى حكومة الرئيس البعيدة عن الأحزاب”.

وتابعت “الغنوشي أصبح معزولا باعتبار أن الحكومة ستشتغل على تصورات وقناعات الرئيس، وهو ما سيقلق النهضة التي أصبحت تشعر بالخوف وأصبح وضعها هشا؛ النهضة تدفع ثمن تعنتها بعد أن أرادت إخضاع الكتلة الديمقراطية في حكومة الفخفاخ وحولت نداء تونس إلى شظايا، وذلك من بين الأساليب التي تعودت عليها منذ عهد الترويكا، اليوم هي خارج الحسابات”.

واعتبر النائب عن كتلة الحزب الدستوري الحر بالبرلمان مجدي بوذينة أن “حركة النهضة هي السبب الرئيسي في عدم إنشاء المحكمة الدستورية، وهي الآن تغير تصوراتها لأنها مهددة بعد أن أُخرجت تقريبا من الحكومة”.

وأضاف بوذينة، في تصريح لـ”العرب”، “حركة النهضة تتخبط وهي تبحث عن حلول للخروج من أزمتها، وكل ما تفعله الآن يدخل ضمن باب المناورات التي شرعت فيها منذ الإعلان عن تكوين حكومة دون إخوان، والدعوات إلى انتخابات مبكرة هي ابتزاز سياسي”.

وأشار إلى أن “الإخوان خسروا مكانهم وخسروا شعب تونس بأسره، ولم يبق للنهضة إلا من تبعها، وقد نشهد اليوم نهاية حركة الإخوان”.

كما يطرح غياب المحكمة الدستورية عدة أسئلة، أهمها الأسئلة المتعلقة بالمخاوف السياسية المتنامية وتفسير الفصول القانونية الخاصة بالخلاف بين حركة النهضة ورئاسة الجمهورية، علاوة على الجهة الحقيقية المخوّلة بتأويل النص الدستوري وتفكيك مفاهيمه ودلالاته.

واعتبر الغنوشي أن “لا أحد قادر على تأويل الدستور”، والواقع أن الرئيس سعيّد هو القادر على ذلك في ظل غياب المحكمة الدستورية التي طال انتظارها.

وسبق أن وعد الغنوشي، في خطاب توليه رئاسة مجلس الشعب، بإتمام عملية انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، قائلا “من أولويات عملنا النيابي استكمال انتخاب الهيئات الدستورية، وفي مقدمتها المحكمة الدستورية، التي ألتزم كرئيس ببذل أقصى جهودنا لتركيزها في أقرب وقت ممكن”.

وجدّد تعهده، تزامنًا مع جلسة منح الثقة لحكومة الفخفاخ في 27 فبراير الماضي، بالانطلاق في مسار إرساء المحكمة من جديد والإسراع بانتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين فيها.

عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية