اللاجئون السوريون في لبنان: البقاء فقر والرحيل مخاطرة!

اللاجئون السوريون في لبنان: البقاء فقر والرحيل مخاطرة!


02/10/2021

يوازن الكثير من السوريين في لبنان بين خيارين، وهما خياران كلاهما مر؛ بين البقاء في الدولة التي تعاني أزمة طاحنة، وترتفع فيها مشاعر الرفض تجاههم مع تحميلهم فاتورة أزماتهم، وبين الرحيل والعودة إلى سوريا، تنفيذاً لرغبة المضيفين المتضررين، لكي يواجهوا مصيراً غامضاً، وبذلك يضعون أنفسهم وأطفالهم في مواقف مشابهة لتك التي تعرّضت لها آلاء.

اقرأ أيضاً: تقرير: مشاعر الأتراك المعادية للاجئين السوريين في تصاعد

وآلاء أم قرّرت مع ابنتها صاحبة الـ25 عاماً العودة إلى سوريا من لبنان، لا يشير تقرير منظمة العفو الدولية إلى أسباب قرار الأم، لكنها بالتأكيد أسباب مؤلمة من الفقر والحاجة، في المقابل يفصّل ما تعرضت له هي وابنتها، خلال تقرير المنظمة في الأسبوع الأول من أيلول (سبتمبر) الجاري.

فقد وثقت المنظمة حالات تعذيب عدة لعائدين إلى سوريا، وكانت آلاء من بينهم، قالت للمنظمة: "خلعوا ثياب ابنتي، ووضعوا أصفاداً في يديها وعلقوها على الحائط، وضربوها فيما كانت عارية تماماً... ووضع أحدهم عضوه الذكري في فمها". واتهم رجال الأمن آلاء وابنتها بـ"الحديث ضد الرئيس السوري بشار الأسد في الخارج"، وينبه تقرير المنظمة إلى أنّ "أي حكومة تدّعي أنّ سوريا باتت الآن آمنة هو تجاهل متعمّد للحقيقة المروعة على الأرض".

 صورة لأحد تجمعات اللاجئين السوريين في بلدة برالياس البقاعية شرق لبنان (مهاجر نيوز)

من جانبها، تجاهلت حكومة نجيب ميقاتي، وهي تعلن عن أهدافها بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، تلك الوقائع، وقد تجاهلها أيضاً أمس البطريرك الماروني في لبنان بشارة الراعي، الذي وجّه رسالة إلى النازحين السوريين، طالبهم فيها بـ"العودة إلى بلادهم ومتابعة تاريخهم وثقافتهم".
وقال الراعي خلال كلمة له في المجلس الاقتصادي الاجتماعي في وسط بيروت أمس، بحسب موقع جريدة النهار: "ما يقلقنا بالإضافة الى هجرة شعبنا، تزايد عدد اللاجئين والنازحين الذين بلغوا نصف سكان لبنان"، معتبراً أنّ هذا الواقع "يشكّل عبئاً اقتصادياً ثقيلاً على لبنان، وخطراً سياسياً وديموغرافياً وأمنياً وثقافياً".

اقرأ أيضاً: ما مصير اللاجئين السوريين العائدين من لبنان؟.. مسؤول أمني يجيب

وشدد البطريرك الراعي على أنه "يتعين على الجميع السعي لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وعودة النازحين السوريين إلى بلادهم"، وقال: "عودوا إلى بلادكم، وتابعوا تاريخكم وثقافتكم، وإن لم تعودوا، فأنتم تُقيمون الحرب الثانية بهدم ثقافتكم وتاريخكم، ونطالب بذلك بكل محبة".

ويعمل لبنان منذ شهور على إعداد قاعدة بيانات للّاجئين السوريين المقيمين في أراضيه تمهيداً لإعادتهم إلى سوريا، وتنتظر وزارة الداخلية اللبنانية الحصول على بعض تلك البيانات من مفوضية شؤون اللاجئين للانطلاق بإعداد آلية لإحصاء النازحين السوريين في لبنان.

 البطريرك الراعي لـ"اللاجئين": عودوا إلى بلادكم، وتابعوا تاريخكم وثقافتكم، وإن لم تعودوا، فأنتم تُقيمون الحرب الثانية بهدم ثقافتكم وتاريخكم

وتأتي هذه الخطوة التي قالت عنها الجهات المختصة اللبنانية إنها تأخرت نحو 10 أعوام في سياق الاستعدادات لتطبيق خطة إعادة النازحين التي أقرتها الحكومة اللبنانية في تموز (يوليو) الماضي. وأوضح المشرف العام على خطة لبنان في نيسان (إبريل) الماضي أنّ تعداد النازحين الذي يتم العمل عليه يجب ألّا يخيفهم من ترحيلهم دفعة واحدة، باعتبار أنّ ما يحصل هو مسعى لتنظيم الملف الذي كان يُدار من قبل الدولة منذ اندلاع الأزمة في سوريا وبدء توافد النازحين إلى لبنان على أساس سياسة النأي بالنفس عن كل شيء حتى عن تنظيم الملف، ممّا أدى إلى شوائب وخروقات وفوضى، انعكست سلباً على النازح وعلى الدولة والمواطن اللبناني.

بقاء مُرّ

وفي الوقت ذاته، أصدرت الأمم المتحدة بياناً أول من أمس حول اللاجئين السوريين في لبنان، لا لدعوتهم إلى العودة غير الآمنة إلى سوريا، ولكن لتوضيح حجم الفقر والخطر الذي يعيش فيه السوريون في لبنان.

يعمل لبنان منذ شهور على إعداد قاعدة بيانات للّاجئين السوريين المقيمين في أراضيه تمهيداً لإعادتهم إلى سوريا

وقالت منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة: إنّ "اللاجئين السوريين في لبنان يكافحون للبقاء على قيد الحياة وسط أسوأ أزمة اجتماعية واقتصادية تضرب لبنان، 9 من كل 10 لاجئين سوريين ما يزالون يعيشون في فقر مدقع، وجميع اللاجئين السوريين تقريباً باتوا عاجزين عن توفير الحدّ الأدنى من الإنفاق، وغالبيتهم يعتمدون على التسول أو اقتراض المال.

وتابع التقرير: 60% من عائلات اللاجئين يعيشون في مساكن معرضة للخطر، و30% من الأطفال لم يدخلوا المدرسة قط، و49% من العائلات تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

 

9 من كل 10 لاجئين سوريين ما يزالون يعيشون في فقر مدقع، وغالبيتهم يعتمدون على التسول أو اقتراض المال

 

وأوضح التقرير أنه في عام 2021 ازداد عدد أفراد الأسر الذين اضطروا لقبول وظائف زهيدة الأجر أو شديدة الخطورة، أو فترات عمل إضافية لتأمين الدخل نفسه الذي كانت الأسرة قادرة على توفيره في 2020.

وحسب الأمم المتحدة، تؤثر استراتيجيات المواجهة هذه بشكل سلبي على القدرة على التأقلم وتوفير الدخل في المستقبل، ممّا يجعل أسر اللاجئين أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي وأكثر اعتماداً على المساعدات الإنسانية، وفق ما نقله موقع "سكاي نيوز".

اقرأ أيضاً: بعد استخدامهم أعواماً ورقة ابتزاز مالي وسياسي.. تركيا تدير ظهرها للاجئين

وشدد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان "أياكي إيتو" على أنه "على مدى الأشهر الـ18 الماضية فقدت العملة اللبنانية أكثر من 85% من قيمتها، فارتفعت الأسعار بشكل كبير، وأصبح مجرد البقاء على قيد الحياة بعيداً عن متناول عائلات اللاجئين السوريين".

يشار إلى أنّ البنك المركزي اللبناني أعلن مؤخراً رفع الدعم عن المحروقات، الذي تسبب في تفاقم الوضع واحتجاجات واسعة، قبل أن يعود ويمدد الدعم حتى نهاية أيلول (سبتمبر) الجاري.

من جهته، وصف البنك الدولي الأزمة في لبنان بأنها الأسوأ على المستوى العالمي منذ قرن ونصف القرن، فقد باتت معها احتياطيات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية تكفي بالكاد الحد الأدنى من الاحتياطي الإلزامي، الذي يسمح بالتغطية القانونية لأموال المودعين في المصارف الخاصة.

وأضاف إيتو: "سيكون لهذه الأزمة تأثير طويل الأمد على رفاه اللاجئين ومستقبل أطفالهم، كما أنها تهدد المكاسب التي تم تحقيقها في السابق، مثل إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية". وأشار إلى أنّ "العائلات اللبنانية تكافح أيضاً، وثمّة حاجة ماسة إلى تعزيز الدعم المقدم إلى السكان اللبنانيين واللاجئين والفئات الأخرى المهمشة في هذه الفترة العصيبة، ولا يمكننا أن نخذلهم الآن".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية