المفاوضات حول الملف النووي الإيراني: العالم يترقب

المفاوضات حول الملف النووي الإيراني: العالم يترقب


19/09/2021

إثر زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، لإيران، تتكثف التحركات الهادفة لحلحة التعقيدات المرتبطة بالمحادثات النووية في فيينا، تحديداً فيما يخصّ عدم سماح النظام الإيراني لمفتشي الوكالة الوصول للمواقع النووية، ومراقبة الأنشطة داخلها، وكذا مراجعة التسجيلات الخاصة بكاميرات المراقبة، لا سيما أنّ مجمل التقارير تشير إلى خروقات جمّة، من بينها زيادة معدلات تخصيب اليورانيوم، وإمكانية صنع رأس نووي في غضون شهر.

المفاوضات النووية.. ما الجديد؟

وتهدف زيارة غروسي إلى خفض التصعيد المتبادل بين الطرفين؛ إذ إنّ التقرير الأخير للوكالة قد اتهم النظام الإيراني، بشكل مباشر، بـ "عرقلة" إحياء الاتفاق النووي، كما قدّر احتياطيات طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% بنحو 84.3 كيلوغراماً، مشيراً إلى أنّها تضاعفت عن معدلاتها القديمة، التي بلغت 62.3 كيلوغراماً، قبل نحو ثلاثة أشهر.

واللافت أنّ زيارة مدير الوكالة الأممية جاءت بالتزامن مع اقتراب اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية، الإثنين الماضي، وكذا الجهود الأوروبية والروسية التي تسعى للحصول على ضمانات بخصوص "سلمية" النشاط النووي الإيراني، ومن ثم، استئناف المفاوضات، وقد أعلنت طهران استعدادها لاستكمال المحادثات في فيينا، حسبما أعلن الناطق الرسمي بلسان وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، والأخير وصف زيارة غروسي بأنّها "إيجابية".

اقرأ أيضاً: إيران تستبدل المفاوضين في الملف النووي... هل غيرت طهران بوصلتها؟

وبحسب وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، فإنّ طهران "ستحتفظ بعلاقاتها مع الوكالة ما دامت الأخيرة تحافظ على الطابع غير السياسي وغير التمييزي لعلاقاتها مع السلطات الإيرانية".

وبالرغم من وصف مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، الاتفاق بين مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران؛ بأنّه "تقني"، غير أنّه عدّه، في المقابل، خطوة، لافتة ومهمة، في سبيل إحياء المفاوضات النووية؛ حيث إنّه سيتيح للوكالة فرصة جديدة للاضطلاع بمهامها التي تعرضت للتضييق على خلفية قرار البرلمان الإيراني، في شباط (فبراير) الماضي، بتقليص عمل مفتشي الهيئة الأممية، رداً على انقضاء المهلة التي تمّ تحديدها لجهة رفع العقوبات المفروضة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بعد انسحاب الأخير "الأحادي" من الاتفاق النووي.

زيارة خاطفة واتفاق تقني

وغرّد أوليانوف: "من المهم أن تتفق إيران والوكالة الدولية اليوم على أن يقوم مديرها العام بزيارة أخرى إلى طهران في المستقبل القريب"، كما لفت إلى أنّ موسكو "تقدّر تقديراً عالياً استعداد الجانبين للحفاظ على الحوار البنّاء، القائم على الاحترام المتبادل، والذي يمكن من خلاله تسوية جميع القضايا العالقة".

وبدوره، قال المنسق الأوروبي لمحادثات الاتفاق النووي الإيراني، إنريكي مورا؛ إنّ الاتفاق بين طهران ووكالة الطاقة الذرية يعدّ بمثابة "خطوة إيجابية" لضمان استمرارية متابعة برنامج إيران النووي.

أفاد بيان مشترك بين وكالة الطاقة الذرية والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية؛ بأنّه تم السماح لمفتشي الوكالة بالصيانة الفنية والتقنية لأجهزة المراقبة المحددة، واستبدال بطاقات الذاكرة لهذه الأجهزة

وفي حديثه لـ "حفريات"، يشير الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور محمد الزغول، إلى أنّ العالم يترقّب مصير الجولة السابعة من المفاوضات النووية، ویبدو أنّ الضغوط الدولية بدأت بالتزايد على حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لجهة اتّخاذ موقف معتدل من الملف النووي عموماً؛ إذ تتحدث تقارير عن نصائح وجهتها موسكو للحكومة الإيرانية بهذا الصدد، في حين تحذّر بعض المصادر من احتمال إحالة الملف إلى مجلس الأمن، بعد اجتماع الوكالة المقرر بعد أيام قليلة.

ويتابع: "وفي موقف لافت، قال وزير الخارجية الإيراني إنّ قانون البرلمان يغلق يد الحكومة في التعامل مع الملف النووي في محاولة، على ما يبدو، لدفع البرلمان إلى الخلف، وإطلاق يد الحكومة في الموضوع النووي".

الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور محمد الزغول

وبحسب الزغول؛ فإنّ زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تأتي ضمن جهوده للعثور على "حلّ وسط" بشأن الخطوات التصعيدية النووية الإيرانية، وتقول المصادر إنّه يأتي ليعرض مشروع القرار المقترح على مجلس الحكام حول البرنامج النووي، وهو مشروع يؤكّد أنّ خطوات إيران التصعيدية الأخيرة تعدّ انتهاكاً للاتفاق النووي، ويقترح إحالة الملف إلى مجلس الأمن، ومن المرجح أنّ (غروسي) يأتي مدفوعاً بضغوط من روسيا، التي أخبرت إيران بأنّها قد لا تحول دون مشروع قرار إدانة لطهران هذه المرة.

تسوية جديدة

ويردف الباحث المتخصص في الشأن الإيراني؛ أنّ هذا هو "الاجتماع الأول لمجلس الحكام منذ قدوم الحكومة الجديدة، ومن التعليقات اللافتة التي يجري تداولها في طهران؛ أنّ إيران، هذه المرة، سوف تستجيب بسهولة أكبر للضغوط الدولية، وذلك لوحدة الصف بين الحكومة والبرلمان؛ إذ إنّه في المرات السابقة، كان الخلاف الداخلي يحول (بحسب رأي المحللين المؤثرين في مراكز صنع القرار الغربي) دون تراجع الحكومة عن مواقفها، لأنّ كلّ محاولة كانت تجابهها معارضة في البرلمان؛ حيث كانت معارضة البرلمان، في جزء كبير منها، بسبب رفضهم حصول حكومة حسن روحاني على الجائزة الكبرى، أي رفع العقوبات عن إيران".

الباحث في الشأن الإيراني د. محمد الزغول، لـ "حفريات": العالم يترقب مصير الجولة السابعة من المفاوضات النووية، ویبدو أنّ الضغوط الدولية بدأت بالتزايد على الحكومة الإيرانية

ومن المرجّح هذه المرة التي تتلاشى فيها تلك الخلافات بين أجنحة النظام الإيراني، أن تسفر عن نتائج ومآلات مغايرة، كما أنّها قد "تزيد فرص قبول إيران بالتنازل، وبعيداً عن التحليلات المتفائلة، ربما يتعين علينا أيضاً أن نتصور إمكانية استمرار حالة اللا اتفاق، لعدة شهور قادمة، أو ربما أكثر من ذلك؛ فحالة الانغلاق القائمة بين طهران وواشنطن قد تطول"؛ يقول الزغول.

وأفاد بيان مشترك بين وكالة الطاقة الذرية والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية؛ بأنّه تم "السماح لمفتشي الوكالة بالصيانة الفنية والتقنية لأجهزة المراقبة المحددة، واستبدال بطاقات الذاكرة لهذه الأجهزة التي ستُختم من قبل الجانبين، وتحفظ في إيران".

وقد أكّد غروسي، في أعقاب عودته من طهران، ولقاء رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي، توصّله لـ "حلّ مؤقت مع السلطات الإيرانية يقضي بإعادة صيانة كاميرات المراقبة"، وتابع: "وافقت (إيران) على السماح للمفتشين الدوليين بصيانة معدات مراقبة محددة، واستبدال بطاقات الذاكرة الخاصة في عدد من المواقع النووية".

غير أنّ غروسي ألمح إلى عدم حصول الوكالة الدولية على التسجيلات الخاصة بالمواقع النووية؛ إذ اشترطت طهران تسليمها في حال تم رفع العقوبات الأمريكية، وإلا سيتمّ مسحها بالكامل.

وحدّد غروسي، في مؤتمر صحفي، نتائج زيارته، وخلص إلى أنّها نجحت في حلّ "انقطاع التواصل مع إيران"، والتوصل إلى "تسوية" حيال مراقبة البرنامج النووي التي "تمنح وقتاً للدبلوماسية"، ومن ثم، إمكانية بعث المفاوضات حول الاتفاق النووي مع القوى الدولية المنخرطة في المحادثات بفيينا، وتابع: "لدينا كلّ الوسائل الفنية التي نحتاجها لمواصلة الحصول على المعلومات بشأن المراقبة في إيران".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية