انسحاب القوات التركية من مطار كابول... هل فشل أردوغان في كسب ود طالبان؟

انسحاب القوات التركية من مطار كابول... هل فشل أردوغان في كسب ود طالبان؟


26/08/2021

أمام الوضع المضطرب في أفغانستان، ورفض حركة طالبان التواجد التركي العسكري في البلاد، أعادت أنقرة حساباتها بما يتعلق بتواجدها في مطار كابول باتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة بعد الموقف المتحجر الذي اتخذته الحركة المتطرفة من تواجد أي قوات أجنبية على أراضيها.

 وللمرة الثانية حذرت حركة طالبان أمس بشدة تركيا من إبقاء قوات في أفغانستان لحماية مطار كابول بعد إنجاز انسحاب القوات الأجنبية المرتقب بحلول نهاية آب (أغسطس) الجاري.

 ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن حركة طالبان إصرارها على انسحاب القوات التركية من أفغانستان بحلول 31 من الشهر الجاري.

 بالمقابل، قالت وزارة الدفاع التركية، في بيان بشأن الجنود الأتراك الذين يخدمون في أفغانستان: إنّ القوات التركية بدأت في الإخلاء من مطار كابول بعد "إنجاز المهمة الموكلة إليها بنجاح"، حسبما أفادت وكالة أنباء الأناضول.

وأعلنت الوزارة، في بيانها الذي نشر أمس، أنّ القرار جاء نتيجة لقاءات مختلفة بعد "تقييم الوضع والظروف الراهنة".

 وزعمت الوزارة أنّ قواتها سيطرت على الفوضى في مطار حامد كرزاي في كابول، وتم توفير الأمن، وتم تنفيذ الأنشطة الضرورية الأخرى مع قوات من دول أخرى، فيما لا يزال يشهد المطار فوضى واكتظاظاً كبيراً بسبب الراغبين بالسفر خارج أفغانستان.

 وغرّد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أنه "بعد أداء واجباتهم بطريقة ممتازة ومشرفة، عاد الجنود الأتراك في أفغانستان إلى ديارهم، ستواصل تركيا العمل من أجل السلام والأمن والازدهار لأشقائنا وأخواتنا الأفغان".

 

حركة طالبان تحذر بشدة تركيا من إبقاء قوات لها في أفغانستان لحماية مطار كابول بعد إنجاز انسحاب القوات الأجنبية

 

 وفي وقت سابق من أمس ادّعى مسؤولان تركيان أنّ حركة طالبان طلبت من تركيا مساعدة فنية لتشغيل مطار كابول بعد رحيل القوات الأجنبية، لكنها تصر في الوقت نفسه على انسحاب القوات التركية بالكامل لدى انقضاء مهلة محددة للمغادرة في نهاية آب (أغسطس)، حسبما أورده موقع "أحوال تركية".

في سياق متصل، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إننا "نتعامل مع رسائل قادة طالبان بتفاؤل حذر"، لافتاً إلى أنّ بلاده تواصل الحوار مع مختلف الأطراف الأفغانية.

 واعتبر أنّ "خطوات طالبان وأفعالها لا أقوالها هي ما سيحدد شكل المرحلة القادمة في أفغانستان".

 وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال الأسبوع الماضي: إنّ بلاده تنوي إجراء محادثات مع طالبان بشأن رفض الحركة السماح لأنقرة بإدارة مطار كابول بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.

 

وزارة الدفاع التركية تؤكد أنها بدأت بإجلاء قواتها المتواجدة في أفغانستان عبر مطار  كابول

 

 في حين أكد أردوغان أنّ تركيا، التي تستضيف حالياً أكثر من 5 ملايين طالب لجوء، لا يمكنها تحمل عبء هجرة إضافي من سوريا أو أفغانستان.

 وتحركت أنقرة لتعزيز حدودها لخشيتها من تدفق اللاجئين الأفغان نحو أراضيها، وتعتزم إضافة 64 كيلومتراً أخرى بحلول نهاية العام إلى جدار بدأت في إنجازه منذ 2017 بعلو 3 أمتار، إضافة إلى خنادق وأسلاك شائكة ببقية الحدود، وستغطي الخنادق والأسلاك والدوريات الأمنية على مدار الساعة بقية الحدود التي يبلغ طولها 560 كيلومتراً، وفق وكالة "فرانس برس".

 وشرعت في تعزيز الإجراءات على الحدود عندما بدأت حركة طالبان بالتقدم في أفغانستان وسيطرتها على كابل الأسبوع الماضي.

 وتصطف قواعد وأبراج مراقبة على الجانب التركي من الحدود الجبلية مع إيران، وتتولى سيارات القيام بدوريات على مدار الساعة لمراقبة الحركة على الجانب الإيراني والذي يحاول منه عادة مهاجرون ومهربون ومسلحون أكراد العبور إلى تركيا.

 

وزارة الدفاع التركية تزعم أنّ قواتها سيطرت على الفوضى في مطار حامد كرزاي في كابول ووفرت الأمن

 

وتقول قوات الأمن إنه تتم إعادة المهاجرين الذين يتم رصدهم وهم يعبرون الحدود إلى الجانب الإيراني، على الرغم من أنّ معظمهم يعودون ويحاولون العبور مرة أخرى.

 وقال حاكم إقليم فان الحدودي الشرقي محمد أمين بيلمز لرويترز في مطلع الأسبوع: "بغضّ النظر عن عدد الإجراءات رفيعة المستوى التي يتم اتخاذها فقد يكون هناك من يفلت منها من وقت إلى آخر".

 وتوجد على جانبي الطرق من الحدود نقاط تفتيش، ويقوم مهربون بإخفاء المهاجرين الذين ينجحون في العبور في مبانٍ غالباً ما تكون قذرة ومتداعية تحت الأرض أو في قيعان أنهار جافة في انتظار نقلهم إلى غرب تركيا.

 

إبراهيم كالين: بعد أداء واجباتهم بطريقة ممتازة ومشرفة، عاد الجنود الأتراك في أفغانستان إلى ديارهم

 

 واعتقلت الشرطة يوم السبت الماضي 25 مهاجراً، معظمهم من الأفغان، خلف مبنى متهدم في حي حاج بكير في فان.

 وتقول السلطات إنه يوجد 182 ألف مهاجر أفغاني مسجلين في تركيا وما يصل إلى 120 ألف مهاجر غير مسجلين، وحث الرئيس رجب طيب أردوغان الدول الأوروبية على تحمل مسؤولية أي تدفق جديد، محذراً من أنّ تركيا لا تنوي أن تصبح "وحدة تخزين المهاجرين في أوروبا".

 بدورها، جددت المعارضة التركية هجومها على نظام أردوغان بسبب إصراره على الزج بجيش بلاده في الصراع بأفغانستان، وتصاعدت الدعوات الشعبية والسياسية لإجلاء قواتها فوراً من أفغانستان، بعد التطورات المتسارعة هناك وسيطرة حركة طالبان على غالبية أراضي البلاد، بما فيها العاصمة كابول.

 وقالت زعيمة حزب الخير المعارض ميرال أكشنار في تغريدة على موقع "تويتر": "يريدون إبقاء الجنود الأتراك في أفغانستان، أخي هل بقيت أفغانستان حتى يبقى جنودنا؟ توقفوا عن هذا الهراء، واسحبوا جنودنا من هذا المستنقع حالاً وعلى الفور".

 وقد شنّ فايق أوزتراك الناطق الرسمي باسم حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، هجوماً عنيفاً على الرئيس أردوغان، مطالباً إياه بسحب القوات التركية بأقصى سرعة من أفغانستان.

 

السلطات التركية تعتزم إقامة جدار على طول 64 كيلومتراً، إضافة إلى جدار حدودي بدأت في إنشائه عام 2017 لمنع دخول اللاجئين الأفغان

 

 وقال خلال مؤتمر صحفي: "ليس هناك اختلاف في المعتقد بين أردوغان وطالبان، ولهذا يمكن له أن يجتمع مع زعيم طالبان حتى".

 مضيفاً: "يواصل أردوغان التودد إلى حركة طالبان عبر باكستان، إن كان لك عمل في أفغانستان، فلتكن مسؤولاً عن ذلك، لترسل رجالك الذين يقولون سنموت من أجلك".

 وتحدث موقع "سكاي نيوز" مع مصدر في قيادة حزب الشعوب الديمقراطي، وهو من أكبر قوى المعارضة في تركيا، عن مخاطر تورط أنقرة في "الرمال المتحركة" الأفغانية.

 وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه: "كعادته وللتغطية على تراكم إخفاقاته الداخلية، يسعى أردوغان للتمدد خارج البلاد والتدخل في شؤون الدول المجاورة، فبعد تدخلاته السلبية واحتلاله لأجزاء واسعة من العراق وسورية وليبيا، ها هو ذا يحاول التمدد في أفغانستان هذه المرّة".

 ويتابع المصدر: "الرأي العام والصحافة وأحزاب المعارضة في تركيا متفقون على خطورة التدخل في أفغانستان، فها نحن نرى كيف أنّ دولة بحجم الولايات المتحدة وقدراتها تنسحب من الساحة الأفغانية، فما بالك بدولة مأزومة ومضطربة ومعزولة بفعل سياسات حزب العدالة والتنمية الفاشلة؟".

 

فايق أوزتراك: ليس هناك اختلاف في المعتقد بين أردوغان وطالبان، ولهذا يمكن له أن يجتمع مع زعيم طالبان

 

 وأضاف القيادي التركي المعارض: "كل هذا بدلاً من العمل على حل المشكلات العاصفة بتركيا، التي شاهدنا كيف فشلت حكومة أردوغان أمامها، مثل التعاطي مع كوارث الحرائق والفيضانات، كونها منشغلة بتنفيذ أجندات الرئيس التوسعية ومشاريعه الخارجية للهيمنة وبسط نفوذه، وذلك على حساب الأزمات الداخلية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية".

 وينتقد معلقون أتراك على منصات التواصل الاجتماعي ما يعتبرونها "نزعات الحكومة التركية المتغطرسة والمنفصلة عن الواقع عبر تصور نفسها كشرطي إقليمي، في حين أنها عاجزة عن ترتيب بيتها الداخلي، حيث تعيش أزمات متداخلة ومعقدة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية