بايدن وطهران والمناورة السياسية.. من الرابح؟

بايدن وطهران والمناورة السياسية.. من الرابح؟


03/03/2021

نحو مزيدٍ من التعقيد تسير المبادرات لاستئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامجها النووي، خاصة بعد الإعلان رسمياً من جانب طهران، رفض عقد لقاء غير رسمي مع ممثلي الإدارة الأمريكية الجديدة، والدول الأوروبية الممثلة في الاتفاق  (5+1)  الذي يشمل الدول الأربع دائمة العضوية بمجلس الأمن وهي؛ الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة بجانب أمريكا وألمانيا.

ووفق مراقبين فإنّ الرد الإيراني، الذي جاء سريعاً بعد إطلاق المنسق الأوروبي دعوة لعقد اجتماع غير رسمي بين طهران والدول الممثلة في الاتفاق، يعد "خيبة أمل" كبيرة لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، التي تضع عودة المفاوضات مع إيران بشأن البرنامج النووي على رأس أولوياتها، فيما يرى آخرون أنّ مضيّ الإدارة الجديدة قدماً في طلب التفاوض مع طهران، سيزيد حالة الانقسام التاريخية التي تشهدها البلاد، والتي احتدت بشكل غير مسبوق مع إعلان نتائج الانتخابات الماضية وما تبعها من تحركات في الشارع السياسي، وهو ما ينذر بمزيد من الغضب.

وليد فارس: هناك عدة احتمالات لعودة إدارة بايدن للاتفاق النووي مع إيران منها أن يعود الجمهوريون أكثرية في الكونغرس في 2022 ويقيّدوا إدارة بايدن تجاه إيران

تفاوض مشروط برفع العقوبات.. هل تخضع واشنطن؟

وفي ردها على رغبة إدارة جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي، الذي سبق وانسحبت منه إدارة دونالد ترامب بشكل أحادي عام 2018، قالت طهران إنّ "الوقت غير مناسب" لبدء المفاوضات مجدداً، مطالبة بضرورة رفع العقوبات التي أقرتها إدارة ترامب عليها، وكذلك وقف الهجمات الأمريكية على مواقع لجماعات مسلحة موالية لطهران في شرق سوريا، التي أمر بايدن بقصفها خلال الأسابيع الماضية، فيما وصفته وزارة الدفاع الأمريكية بأنّه "ردّ على الهجمات الأخيرة التي شنتها تلك الجماعات ضد أفراد القوات الأمريكية وقوات التحالف في العراق، والتهديدات المستمرة لهؤلاء الأفراد".

ويتزامن الرد الإيراني مع عدة قرارات تصعيدية اتخذتها طهران بهذا الصدد، كان أبرزها تقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد انقضاء المهلة التي حددتها طهران لرفع العقوبات التي كانت واشنطن فرضتها عليها، وذلك في الأسبوع الأخير من شباط (فبراير) الماضي.

ما دفع عدة دول أوروبية، في مقدمتها فرنسا، مع مجموعة الدول الحكام في الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتصعيد ضد طهران، والإعلان عن عقد اجتماع عاجل لمناقشة القرار، وقالت مصادر دبلوماسية تحدثت لوكالة الأنباء الفرنسية، إنّ الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني المبرم في العام 2015، ستعرض على مجلس حكام الوكالة الدولية مشروع قرار يندد بالتحركات الإيرانية حيال الملف النووي.

وبالتزامن، كشف تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنّ إيران بدأت العمل على خط تجميع لإنتاج مادة أساسية لتصنيع الرؤوس الحربية النووية، كما كشفت الوكالة أنّ طهران تملك كمية من اليورانيوم المخصب تفوق بـ14 مرة المسموح به في الاتفاق النووي، كما رفعت نسبة التخصيب إلى 20% وهي نسبة حرجة تمكن إيران من الوصول إلى سلاح نووي في أشهر قليلة.

اقرأ أيضاً: برنامج إيران النووي تاريخ من التناقضات والتعهدات المبتورة

إيران في مرمى نيران حكام أوروبا

من جانبها حذرت إيران، الثلاثاء، من صدور أي قرارات ضدها من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدة على التزامها بالدبلوماسية في التفاهمات بشأن الملف النووي، وهو ما وصفه مراقبون بالمناورة من أجل التهدئة قبيل الاجتماع الأوروبي الذي من المزمع أن يعقد في ظل غضب جامح ضد طهران، ما سينعكس على القرارات الناتجة عنه والتي ستؤثر بطبيعة الأمر على موقفها في المفاوضات أمام الولايات المتحدة.

وعقب ساعات من التحذير الإيراني، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الإيراني، حسن روحاني، في مكالمة هاتفية، أعلن عنها قصر الإليزية، بضرورة أن تعلن طهران عن حد واضح بشأن "احترام التزاماتها النووية" والعودة إلى الاتفاق السابق، معبراً عن "قلقه البالغ" إزاء التحركات من جانب طهران والتي تعصف بأي جهود دبلوماسية لاستئناف الحوار.

عمرو جوهر لـ"حفريات": إدارة جو بايدن تريد أن تنهي مرحلة الصدام مع إيران، وأن تعود إلى طاولة المفاوضات مع الشركاء في أوروبا

ويرى المحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي، عمرو جوهر أنّ إدارة جو بايدن تريد أن تنهي مرحلة الصدام مع إيران، وأن تعود إلى طاولة المفاوضات مع الشركاء في أوروبا بعد أن أثبتت سياسة التركيع التي كانت تنتهجها الإدارة الأمريكية السابقة فشلها، حيث إنّ إيران ردت كبتها الاقتصادي عبر استهداف ناقلات البترول في بحر الخليج العربي، وكذلك إسقاط الطائرة الأمريكية بدون طيار، لهذا لا تريد الإدارة الجديدة برئاسة بايدين، الدخول في نفس اللعبة مع إيران ومحاولة الوصول إلى حل وسط للطرفين.

ويقول جوهر لـ"حفريات" إنه على الجانب الآخر عانت إيران وترنحت تحت الحصار الاقتصادي، وجاءت الرياح كما تشتهي إيران وسقط الرئيس ترامب في الانتخابات، وخففت الإدارة الجديدة بعض الضغوط الاقتصادية وهو الأمر الذي سعدت به إيران حتى إذا لم تظهر ذلك، مشيراً إلى أن رفضها الشكلي للتفاوض هو فقط محاولة منها لتعزيز مكاسبها في المفاوضات المقبلة؛ فإيران تعرف جيداً نتائج الصدام مع أوروبا وأمريكا معاً لن تكون هينة.

 المحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي، عمرو جوهر

طهران تناور

ويوضح "جوهر" أنّ إيران كفّت أيديها بالفعل عن استهداف ناقلات البترول أو التحرش بالقوات الأمريكية، وتريد أن تفتح صفحة جديدة؛ حيث إنّ الضغط الاقتصادي على الشعب الإيراني بلغ مدى كبيراً وبات يؤثر على استقرار نظام الشاة في البلاد، وهو ما تأخذه إيران في عين الاعتبار بشكل كبير، معتبراً أنّ هذه المرحلة لا تعدو مناورة شد وجذب بين إيران وأمريكا لحصول كلا الطرفين على أكبر مكاسب قبل الجلوس على طاولة المفاوضات.

وفي مقاله المنشور بموقع "إندبندنت عربية"، يضع الكاتب السياسي، وليد فارس، وهو مستشار سابق لدونالد ترامب، أربعة احتمالات لعودة إدارة بايدن للاتفاق النووي مع إيران، الأول، هو أن يعود بايدن إلى الاتفاق بسرعة عبر قرار تنفيذي، وعلى الرغم من المعارضة، والثاني، هو أن يعود الجمهوريون أكثرية في الكونغرس في عام 2022 ويقيّدوا إدارة بايدن تجاه إيران.

اقرأ أيضاً: هجوم جديد يستهدف قاعدة عين الأسد في العراق... دليل جديد يدين إيران

أما الثالث، فهو أن يعود الجمهوريون إلى البيت الأبيض في 2024 ويغيروا السياسة من جديد، والسيناريو الرابع، هو أن تعصف رياح جديدة في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الأمريكية، وتغّير المعادلة كلياً.

الصفحة الرئيسية