بعد إنهاء مهام التحالف في العراق... هل تترك أمريكا الساحة لداعش ولميليشيات إيران؟

بعد إنهاء مهام التحالف في العراق... هل تترك أمريكا الساحة لداعش ولميليشيات إيران؟


13/12/2021

بعد (7) أعوام من الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، أنهى التحالف بقيادة الولايات المتحدة الخميس الماضي مهامّه القتالية في العراق، وفقاً لما أعلنه رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، على الرغم من  بقاء القوات الأمريكية في مهام استشارية وتدريبية.

وحول الانسحاب وإنهاء عمليات التحالف، قال الكاظمي أول من أمس: "إنّ العراق سيشهد انسحاب القوات القتالية للتحالف الدولي بعد أيام، ويعتمد على قدرات قواته المسلحة.

اقرأ أيضاً: احتجاجات طلاب السليمانية تشلُّ الحياة في كردستان العراق 

وقال الكاظمي، في كلمة له بمناسبة مئوية الدولة العراقية الحديثة: "بعد أيام سنشهد انسحاب جميع القوات القتالية للتحالف الدولي من العراق، في نطاق الاتفاقية الاستراتيجية مع الجانب الأمريكي، وفق وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

وتابع: "سيكون دورها في مجالات المشورة، كدلالة على قدرة القوات العراقية بكلّ صنوفها على حفظ أمن العراق واستقرار شعبه، وتطورها المستمر في هذا المجال، موضحاً أنّ الأشقاء العرب ودول الجوار والعالم أخذوا يتفاعلون مع العراق بعد أن استعاد عافيته الكاملة".

بدوره، قال الأعرجي في تدوينة له عبر تويتر الخميس الماضي: "اليوم أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي التي بدأناها في العام الماضي؛ لنعلن رسمياً انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابها من العراق".

 

الانسحاب يفتح الباب أمام عدة تخوفات؛ أبرزها عودة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب تهديدات الميليشيات الموالية لإيران

 

وأضاف المسؤول العراقي: "ستستمرّ العلاقة مع التحالف الدولي في مجال التدريب والاستشارة والتمكين".

وقال رئيس خلية الإعلام الأمني اللواء سعد معن في مؤتمر صحفي: إنّ "التحالف سينهي بالكامل عملية الانتقال إلى المهام غير القتالية قبل نهاية العام الحالي، بموجب ما تمّ الاتفاق عليه"، نقلاً عن قائد التحالف الجنرال الأمريكي جون برينان.

الكاظمي: انسحاب جميع القوات القتالية للتحالف الدولي من العراق، وسيكون دورها في مجالات المشورة فقط

وجاء هذا البيان الذي نقلته "السومرية" عقب محادثات تقنية جمعت قياديين في التحالف وفي قيادة العمليات المشتركة لقوات الأمن العراقية.

ورغم أنّ الحكومة العراقية تعطي أهمية كبيرة لهذا الانسحاب، إلا أنّه يفتح الباب أمام عدة تخوفات؛ أبرزها عودة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب تهديدات الميليشيات الموالية لإيران بعد الخسارة المدوية في الانتخابات.

اقرأ أيضاً: هل أعاد داعش تنظيم صفوفه؟ وهل يعلن العراق حالة الطوارئ لمواجهته؟

لكن هل من المحتمل أن تخلي واشنطن الساحة في البلاد لصالح النفوذ الإيراني؟ ولصالح تنظيم داعش الذي بدأ أخيراً ينظّم صفوفه، ويشنّ هجمات كبيرة؟

قال المحلل السياسي نيكولاس هيراس: "إنّ الولايات المتحدة ستحتفظ بالدور العسكري نفسه في العراق، لكن ما يتغير هو الرسالة". وأوضح: أنّ "البيئة السياسية والأمنية في العراق متوترة للغاية، لدرجة أنّ إدارة بايدن تريد من الولايات المتحدة أن تبقى بعيدة عن الأضواء وتتجنب الأزمات، خاصة مع إيران".

ويرى هيراس أنّ تغيير الخطاب بشأن "الوجود العسكري الأمريكي في العراق" يعكس أيضاً واقعاً جديداً؛ مفاده أنّ "قوات الأمن العراقية لديها قدرات أكبر من ذي قبل لمهاجمة تنظيم داعش"، وفق وكالة "فرانس برس".

 

نيكولاس هيراس: الولايات المتحدة ستحتفظ بالدور العسكري نفسه في العراق، لكن ما يتغير هو الرسالة

 

بدوره، أشار المحلل العراقي هاشم عبد الكريم إلى وجود فرق بين حالتي أفغانستان والعراق، رغم تقارب المشهد في مسألة الانسحاب الأمريكي، موضحاً أنّ واشنطن تعلمت الدرس جيداً، ولن تغامر باستقرار العراق.

وأضاف عبد الكريم، في تصريحات لـ"سكاي نيوز"، أنّ طالبان كانت قد أحدثت اختراقاً كبيراً في صفوف الجيش عبر شراء ذمم بعض القيادات، ثم شنّت الحرب".

 وتابع الباحث السياسي: "في كابول، كان الفساد قد استشرى في الجيش وبلغ مداه، لكنّ أحوال الجيش العراقي أفضل بكثير خلال الأعوام الـ(7) الماضية.

اقرأ أيضاً: باحثون يعاينون مستقبل "داعش" بعد مقتل قادته

وأوضح أنّه على مدار (7) أعوام، تعمل الدول العراقية على تفادي مأساة 2014، "حين انهار الجيش بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على الموصل، عبر تأهيل القيادات وعدم تسييس عمل الجيش، وهو ما ظهر جليّاً في الضربات الموجعة المتتالية لفلول التنظيم، فالقوات المسلحة هي التي تدير الحرب على الأرض".

 واعتبر أنّ المستفيد الأكبر هو إيران، التي تعمل بشكل مكثف منذ مقتل قائد ميليشيا فيلق القدس قاسم سليماني، مطلع العام الماضي، على طرد القوات الأمريكية؛ لكي تصبح القوة المهيمنة بعدما نصّبت رجالها في الجيش والبرلمان والحكومة.

اقرأ أيضاً: مواجهة الإرهاب في العراق

 ولفت إلى أنّ الخطر ليس من تنظيم داعش، وإنّما من السلاح المنفلت والميليشيات الموالية لإيران، فالتنظيم استنفد كلّ قوته على مدار الأعوام الماضية، وبات يبحث عن موطئ قدم آخر خارج البلاد، وساعد على ذلك استعادة سوريا سيطرتها على غالبية المناطق من يد المعارضة، والتعاون الأمني بين البلدين.

 

عبد الكريم: المستفيد الأكبر من الانسحاب الأمريكي هو إيران؛ لكي تصبح القوة المهيمنة بعدما نصّبت رجالها في الجيش والبرلمان والحكومة

 

 وأشار إلى أنّ داعش يركّز حالياً بشكل أكبر على استغلال المساحات غير الخاضعة للحكم في أفريقيا وأفغانستان، بدلاً من محاربة قوات الأمن المسلحة تسليحاً جيداً في قلب البلدان العربية، خاصة أنّه إذا اكتشفت الولايات المتحدة أنّ تنظيم داعش يستعدّ لشنّ هجوم على المصالح الأمريكية بالعراق، فمن المحتمل أن توجّه واشنطن ضربات للتنظيم من جانب واحد.

اقرأ أيضاً: من داعش إلى "الحازميين": جيتوهات التكفير الجهادية

 وأكد ضرورة أن تكون هناك مبادرة حكومية بدعم دولي تنادي بحصر السلاح في يد الدولة وحلّ الميليشيات المنفلتة التي تهدد سيادة الدولة، ففي وقت سابق، هددت المصالح الأمريكية وأرتال التحالف عبر الصواريخ البالسيتية و"الدرونز"؛ خاصة بعد محاولة اغتيال الكاظمي الشهر الماضي.

 أمّا حول الغرض من الحفاظ على البصمة العسكرية الأمريكية في العراق، فترى دراسة أعدّها مركز "راند" باللغة الإنجليزية، بعنوان ثقل سحب القوات الأمريكية من المخاطر والتوصيات الاستراتيجية العراقية، بمشاركة عدد من الخبراء، أنّ دافع الانسحاب له آثار عملية خطيرة على الولايات المتحدة والعراق والقوات العسكرية للتحالف .

 وأكدت الدراسة أنّه سيكون للانسحاب انعكاسات وتداعيات على الأمن الدولي، وسيمثل خطراً على الدولة العراقية في ظلّ امتلاك تلك الميليشيات المسلحة كميات كبيرة من الأسلحة، إلى جانب الصواريخ والطائرات المسيّرة التي حصلت عليها من الجانب الإيراني، وهو ما يهدد فعلياً الحكومة العراقية التي ستواجه وحيدة الميليشيات التي أعنلت مرات كثيرة ولاءها لإيران وليس لبلادها.

اقرأ أيضاً: توظيف "العدو": داعش كأداة اختراق غربية

 وكان موقف ميليشيات الحشد واضحاً من اتفاقية الانسحاب بين العراق وأمريكا، فقد اعتبرتها مسرحية جديدة، وانتقدت قناة "صابرين نيوز" التابعة للحشد الشعبي على منصة تليغرام الاتفاق، وقالت في منشور: "لن يتم سحب أيّ جندي أمريكي، سوف يتم تغيير توصيفهم على الورق ".

 

مركز راند: انسحاب قوات التحالف يمثل خطراً على الدولة العراقية، في ظل امتلاك الميليشيات الموالية لإيران كميات كبيرة من الأسلحة والصواريخ والطائرات المسيّرة

 

 ونشرت "صابرين نيوز" العديد من الرسائل عن استمرار محاربة القوات الأمريكية تحت وسم #الانسحاب_بشروط_المقاومة.

 وحول ذلك، قال ريناد منصور، مدير "مشروع مبادرة العراق" في معهد تشاتام هاوس السياسي في لندن: إنّ "معظم القادة العراقيين يدركون أهمية التواجد الأمريكي في العراق، بما في ذلك السياسيون الذين لا يتحدثون عن الأمر علناً.

اقرأ أيضاً: العراق في مواجهة شح مائي أسرع من المتوقع... ما علاقة إيران؟

 وفي مقابلة مع " دويتش فيله"، أضاف منصور: "يريد عدد قليل من القادة العراقيين ـ بما ذلك بعض القادة شبه العسكريين ـ انسحاب الولايات المتحدة من العراق بشكل كامل وقطع العلاقات"، في إشارة إلى قادة الميليشيات المدعومة من إيران التي يعتقد أنّها وراء الهجمات بطائرات مسيّرة التي تستهدف قواعد تستخدمها القوات الأمريكية وكذلك قوافل إمدادات أمريكية.

 وأشار منصور إلى أنّ هذا السيناريو ربما لا ترغب الأطراف الدولية في حدوثه، بما في ذلك إيران- خصم أمريكا اللدود في العراق ـ لأنّ طهران لا تريد هذا الانسحاب الكامل بالضرورة.

 وأوضح منصور ما ذهب إليه بقوله: "إنّ إيران تستفيد من أنّ حدود العراق في جوارها ما تزال مفتوحة على العالم الخارجي، في الوقت الذي تجد فيه طهران نفسها محاصرة بالعقوبات ومنبوذة من الكثير من أعضاء المجتمع الدولي.

وفي مقابلة مع "دويتش فيله"، أكد مسؤول بارز في الحكومة العراقية، طلب عدم الكشف عن هويته ، أنّ "القوات الأمريكية يُنظر إليها على أنّها تحقق توازناً، وتردع إيران".

 

ميليشيات الحشد تعتبر اتفاقية الانسحاب بين العراق وأمريكا مسرحية، وأنّه لن يتمّ سحب أي جندي أمريكي، وسوف يتمّ تغيير توصيفهم على الورق

 

ويقوم النظام السياسي في العراق على أساس التوازن بين مكوناته السكانية الـ3 الرئيسية، وهم: الشيعة، والسنّة، والأكراد.

ويخشى المكوّنان السنّي والكردي من أنّه في حالة الانسحاب الأمريكي الكامل، فإنّ الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران ستملأ أيّ فراغ أمني.

وقال المسؤول: "لكن من الناحية العملية، ما نزال في حاجة إلى القوات الأمريكية في العراق، خاصة عندما يتطرّق الأمر إلى المقاتلات العسكرية والغطاء الجوي، لأنّ السلاح الجوي العراقي ضعيف بشكل نسبي، ومن غير القوات الجوية الأمريكية، سيكون العراق أكثر عرضة للهجمات الطائرات المسيّرة الخارجية، وأيضاً سيواجه صعوبات في شنّ هجمات جوية ضد داعش."

وأضاف المسؤول أنّ "الجيش العراقي أيضاً في حاجة إلى الحصول على معلومات استخباراتية أمريكية بشأن إرهابيي داعش".

 ويعيش العراق أزمة سياسية كبيرة بعد خسارة الميليشيات الموالية لإيران للانتخابات، ورفضها للنتائج، والضغط عبر التهديد بالسلاح وإثارة الفوضى، وسط تخوفات من تفاقم الأوضاع والدخول نحو الفوضى.

 ومنذ عام 2019، شنّت الميليشيات العراقية الموالية لإيران أكثر من (300) هجوم ضد الأهداف الأمريكية، لكنّ الغالبية العظمى من تلك الهجمات تمّت بصواريخ "كاتيوشا".

 

منصور: معظم القادة العراقيين يدركون أهمية التواجد الأمريكي في العراق، بما في ذلك السياسيون الذين لا يتحدثون عن الأمر علناً

 

 وغادرت غالبية القوات الأمريكية التي أرسلت إلى العراق في عام 2014، كجزء من التحالف الدولي في عهد الرئيس دونالد ترامب، لكن يبقى العراق حلقة وصل مهمّة في الخطة الاستراتيجية لواشنطن وفي التحالف، لا سيّما عمليات مكافحة الجهاديين التي تنفذ في سوريا المجاورة.

 ويؤكد التحالف على أنّ وجوده في العراق هو بدعوة من الحكومة، وتتمركز قواته في (3) قواعد عراقية رئيسية في البلاد تديرها القوات العراقية.

 في الأشهر الأخيرة، أطلق التحالف الدولي عدة بيانات تسلط الضوء على تغيير مهمته، وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أعلن عن خروج "أكثر من (2100) شاحنة معدات من العراق".

 ونقل التحالف الدولي أكثر من (1800) معدة؛ ما بين عربات ومدرعات ورافعات وصهاريج وغيرها، من ملكيته إلى الجيش العراقي.

 وبموجب الاتفاق سيبقى نحو (2500) جندي أمريكي، و(1000) جندي من قوات التحالف في العراق، وهذه القوات لا تقاتل، وتقوم بدور الاستشارة والتدريب منذ صيف 2020.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية