بعد النكسة.. بنكيران يدق آخر مسمار في نعش "إخوان المغرب"

بعد النكسة.. بنكيران يدق آخر مسمار في نعش "إخوان المغرب"


01/11/2021

أسماء حسن

في مشهد كان متوقعا انتخب أعضاء المجلس الوطني لحزب "العدالة والتنمية" المغربي، السبت، عبد الإله بنكيران أمينا عاما للحزب.

ويترأس بنكيران "العدالة والتنمية" خلفا لسعد الدين العثماني الذي قدم استقالته بعد الهزيمة المدوية التي لحقت بالحزب في الانتخابات التشريعية التي أجريت في سبتمبر الماضي بالمملكة.

بحسب مصادر من حزب "العدالة والتنمية"، فقد خلفت عودة بنكيران لقيادة الأمانة العامة، انقساما كبيرا داخل الحزب، نظرا لشخصيته الصدامية، مقابل الحاجة الملحة إلى الاعتماد على شخصية تنظيمية ومتزنة خلال هذه المرحلة الدقيقة.

ووفق المصادر، فإن عددا من قيادات وأعضاء "العدالة والتنمية" قد عبروا عن رغبتهم في تجديد دماء الحزب لما يفرضه الواقع اليوم من تجديد للأفكار، والعمل بمبدأ التداول على القيادة، بدل حصر الأمانة العامة بيد أسماء ووجوه "مستهلكة".

ويرى عدد من المتتبعين للشأن السياسي في المغرب، أن المراهنة على عبد الإله بنكيران لتدبير المرحلة المقبلة يعد بمثابة مغامرة غير محسوبة العواقب، نظرا للدور الذي لعبه خلال السنوات الماضية في تأجيج أزمات الحزب الداخلية، مما انعكس بشكل كبير على صورته الخارجية.  

ويحاول "العدالة والتنمية" (معارض)، امتصاص الغضب الشعبي على أدائه خلال قيادة الإتلاف الحكومي لولايتين متتاليتين.

وقد سجل الحزب تراجعا كبيرا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث فقد نحو 90 بالمئة من مقاعده في البرلمان، وهي النتائج التي أحدثت زلزالا هز الأمانة العامة للحزب وعجل بعقد مؤتمر استثنائي لإعادة ترتيب البيت الداخلي.

خطاب "الشعبوية"  

اقترن اسم عبد الاله بنكيران الذي قاد حزب "العدالة والتنمية" على رأس الحكومة خلال أعوام 2011 و2016، بالشخصية الجدلية المحبة للعب دور "الزعامة" بين قيادات الحزب، ويتهمه خصومه السياسيين باعتماد الطابع واللغة "الشعبوية" من أجل كسب ثقة وتعاطف المواطنين والناخبين.

ويعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي أن الخطاب "الشعبوي" الذي ارتكز عليه عبد الإله بنكيران خلال فترة ترأسه للحكومة، بات متجاوزا اليوم وغير مقبول.

ويستبعد الشرقاوي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "يكون لخطاب بنكيران نفس الوقع والتأثير مثل السنوات الماضية، نظرا لتغير السياقات وبالنظر للرهانات الحالية التي لا تتطلب هذا النوع من الخطابات". 

التناقض بين الخطاب والممارسة

وقد طالت عبد الإله بنكيران الذي يعود لترأس الأمانة العامة لـ"العدالة والتنمية"، انتقادات واسعة خلال فترة قيادته للحكومة، بسبب قرارات استهدفت الطبقة الوسطى، من بينها ضعف الزيادة في الأجور ورفع سن التقاعد وغيرها من الإجراءات التي انعكست سلبا على فئات مجتمعية بعينها.

كما تسبب بنكيران بجدل واسع وحالة من الغضب وسط المغاربة، بسبب استفادته من راتب تقاعدي استثنائي قدر بنحو 9 آلاف دولار شهريا، واتهمه الكثيرون بالتناقض بين الخطاب والممارسة السياسية، من خلال الاستفادة من نظام "الريع".    

ويؤكد الشرقاوي أن السياسات والخطابات السابقة لبنكيران قد أتبث فشلها، في ظل ما أسفر عنه تدبير تلك المرحلة من نتائج لا ترقى إلى مستوى التطلعات.

ويلفت إلى أن بنكيران لا يشكل اليوم بالنسبة لـ"العدالة والتنمية" سوى خيارا للخروج من النفق المظلم، معتبرا أن النتائج "الكارثية" للحزب في الانتخابات الاخيرة هي ما سهلت عودته للأمانة العامة لا أقل ولا أكثر.

من جهته، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط عباس الوردي إلى أن اختيار بنكيران لقيادة حزب "العدالة والتنمية" أملته النتائج المدوية للحزب في انتخابات الثامن من سبتمبر، والتي سبقتها انقسامات داخلية، وبروز تيارات أدت إلى إحداث شرخ داخل الحزب.

صراع الأجنحة

ويعود اسم بنكيران إلى المشهد السياسي بالمغرب بعد غياب دام حوالي 5 سنوات، عقب إعفائه من تشكيل الحكومة عام 2017 إثر حالة الانسداد السياسي التي شهدتها المملكة آنذاك وعرفت إعلاميا بفترة "البلوكاج الحكومي"، بسبب رفض بنكيران شروط زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، للالتحاق بالحكومة.

وعين العاهل المغربي حينها الرجل الثاني في الحزب سعد الدين العثماني الذي قبل شروط أخنوش، وشكل الحكومة في ظرف لم يتجاوز الأسبوعين.

وشهد الحزب منذ تلك الفترة انقساما داخليا وصراعا محموما بين تيار محسوب على بنكيران وآخر تابع للعثماني، كانت تغذيه أزمات عدة فجرتها ملفات مختلفة من أبرزها فرنسة التعليم والمصادقة على مشروع قانون القنب الهندي، وصولا إلى نتائج الانتخابات الاخيرة.

خلافات بنكيران لم تقتصر على العثماني، بل طالت قيادات أخرى داخل الحزب، التي كانت ترفض تصريحاته المسيئة والتي تساهم في تأجيج الوضع الداخلي.  

ويعتبر الشرقاوي أن " المشاكل الداخلية التي شهدها حزب "العدالة والتنمية" انعكست بشكل سلبي على أداء الحزب خلال ترأسه الحكومة، كما شكلت واحدة من بين مسببات الانتكاسة التي حلت به في الانتخابات الأخيرة".

ويضيف أن " بنكيران لعب دور كبير في بروز هذه المشاكل، حيث لم يفوت فرصة طيلة الأربع سنوات الماضية من أجل التشويش على عمل الحكومة وتصفية الحسابات مع خصومه داخل الحزب".

بداية أزمات جديدة

وبعد يوم واحد فقط من تقلد عبد الإله بنكيران رئاسة "العدالة والتنمية"، برزت خلافات جديدة داخل الحزب، أدت إلى تقديم عدد من الأعضاء استقالتهم.

وكشفت مصادر لـ"سكاي نيوز عربية" أن هناك رفض قوي لمحاولة بنكيران السيطرة على الحزب من جديد عبر إقصاء الشباب والكفاءات من عضوية الأمانة العامة.

وكانت ابنة عبد الإله بنكيران أول المهددين بالاستقالة عقب انتخاب والدها أمينا عاما للحزب، بعد أن عبرت عن رفضها للائحة الأمانة العامة.

وكتبت سمية بنكيران عبر صفحتها على موقع فيسبوك: "مع حبي وتقديري لوالدي، أعتقد أن العديد من اختيارات الأمانة العامة غير صائبة، أعتقد أنني سأعجل بقرار الاستقالة الذي لطالما آخرته".

ويشير المحلل السياسي عباس الوردي في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى أن مهمة بنكيران من أجل رأب الصدع بين أعضاء الحزب على اختلاف توجهاتهم لن تكون بالمهمة السهلة.

ويعتبر المتحدث، أن بنكيران يواجه تحدي صعب من أجل إعادة بناء الثقة داخل الحزب، لأجل اجتياز هذه المرحلة الاستثنائية.

عن "سكاي نيوز عربية"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية