تصعيد تونسي ليبي على خلفية إغلاق المعابر الحدودية... ما علاقة الإخوان؟

تصعيد تونسي ليبي على خلفية إغلاق المعابر الحدودية... ما علاقة الإخوان؟


29/08/2021

اتخذت تونس موقفاً تصعيدياً من ليبيا بإغلاق المعابر الحدودية بعد كشف وإحباط محاولات تسلل عدد من الإرهابيين، وتبنّي ميليشيات غرب ليبيا الموالية لتنظيم الإخوان موقف حركة النهضة الإسلامية الرافضة لكافة قرارات الرئيس التركي قيس سعيد، بما يتعلق بتجميد مجلس النواب ومحاربة الفاسدين.

 ورغم وضوح الأسباب إلا أنّ الجانب التونسي تذرع بإغلاق المعابر الحدودية مع ليبيا بانتشار فيروس كورونا وعدم سيطرته على الوضع الوبائي.

وقد فاقم الأزمة تعميم السلطات التونسية على المنافذ والحدود الذي احتوى على قائمة تضم أسماء قادة "بجماعة الإخوان" الليبية لمنعهم من دخول البلاد.

اقرأ أيضاً: الأمين العام المساعد للاتحاد التونسي للشغل: عهد "النهضة" انتهى إلى غير رجعة

 وذكر موقع "الوسط نيوز" التونسي أنّ من "أبرز القيادات الممنوعة من دخول تونس، رئيس المجلس الأعلى للدولة الإخواني خالد المشري، والمفتي المعزول الصادق الغرياني"، بحسب التعميم الذي نشر أول من أمس.

 وبيّن المصدر أنّ السلطات التونسية قامت بتعميم القائمة المذكورة على المنافذ البحرية والبرية والجوية.

 وأشار الموقع إلى أنّ "مصادر أمنية رفيعة المستوى اتخذت القرار بمنع بعض القيادات المتشددة التي تتواجد في غرب ليبيا من دخول تونس"، مؤكداً "وجود تخوف من أي عمليات تخريبية في داخل البلاد خلال الفترة الراهنة".

عناصر من الجيش التونس على حدود ليبيا

 وقد ردّ رئيس حكومة الوحدة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة على الإجراء التونسي في كلمة للشعب الليبي أول من أمس، مؤكداً أنّ الإرهاب قادم إلى ليبيا من الخارج، وأنّ الشعب الليبي شعب حر ولا يقبل اتهامه بالإرهاب.

 وذكر الدبيبة أنه أرسل وفداً إلى تونس لتوضيح الموقف الليبي، مشدداً على أنّ الحكومة تسعى لبناء علاقات طيبة مع دول الجوار، وفق ما نقلت قناة ليبيا الأحرار، التابعة لتنظيم الإخوان.

 وقال: "لن نقبل باتهامنا بالإرهاب، أنتم من جلب لنا الإرهابيين، وحاسبوا أنفسكم قبل الاتهام، نحن شعب حر، ولا يمكن أن نقبل اتهامنا بالإرهاب، وأنتم حاسبوا أنفسكم يا من تتهموننا بالإرهاب".

 

الدبيبة يهاجم تونس ويتهمها بتصدير الإرهاب إلى بلاده، بعد إغلاق المعابر ونشر تعميم رئاسي بمنع قادة من الإخوان بالدخول إلى أراضيها

 

وأضاف: "بعض الدول الجارة اتهمتنا بأننا إرهابيون... لكن الـ10 آلاف إرهابي الذين دخلوا بلادنا من أين أتوا؟ أنتم الذين جلبتموهم لنا... الإرهاب جاءنا من الخارج، وخصوصاً من بعض الدول الجارة".

 وألمح الدبيبة إلى أنّ السلطات الرسمية في تونس تبنت الاتهامات ضد الدولة الليبية، وقال: "أرسلت وفداً كبيراً إلى تونس لنفهم كيف تم اتهامنا بالإرهاب".

 وتابع: "إذا كانت دولة تونس تريد بناء علاقات حقيقية وصادقة معنا، فلا بدّ من احترام دول الجوار، نحن أصبحنا فطنين، وقد تفطنا للألاعيب الدولية، ولا يمكن أن نقبل تكرار المشاهد السابقة، ولا يمكن أن نرضى بأن يتم الضحك على الليبيين مرة أخرى".

 وأثارت تصريحات الدبيبة التي اتهم فيها تونس ضمناً بتصدير الإرهاب لبلاده موجة غضب واسعة لدى التونسيين.

 

أوساط ليبية: التصعيد مع تونس كان يحمل محاولة للاستقواء على البرلمان الذي يرفض المصادقة على الميزانية ويلوّح بحجب ثقته عن الحكومة

 

 وعبّر نشطاء تونسيون عن استيائهم من تصريحات الدبيبة، متهمين إياه بالتحامل على تونس لكونه اختار الرد على تقارير إخبارية، فيما لم يصدر عن السلطات التونسية أي إساءة تجاه ليبيا، حسبما نقلت شبكة "روسيا اليوم".

 وقال الإعلامي سمير الوافي في منشور على حسابه في موقع "فيسبوك": "الحنكة السياسية خذلت الدبيبة"، معتبراً أنه تحامل على تونس وتطاول عليها بانفعال "لا يليق برجل دولة عمره السياسي لا يساوي 1% من تاريخ العلاقات بين البلدين".

 وتابع: "تونس لم يصدر منها أي موقف رسمي خلال المدة الأخيرة يتهم ليبيا باحتواء إرهابيين، وكل ما نشر هي تقارير إعلامية أغلبها مصدرها ليبي ونقلتها وسائل الإعلام التونسية، وحتى وثيقة مكتب الإنتربول التي راجت وانتشرت سربتها وسائل إعلام ليبية... وهناك نائب ليبي أكد تلك التهديدات في تصريحاته بغض النظر عن مصداقيته!".

اقرأ أيضاً: الذئاب المنفردة في تونس: هل أعطتها "النهضة" إشارة التحرك؟

مراقبون ليبيون أكدوا أنّ الدبيبة يسعى لتجنب ضغوط البرلمان بسحب الثقة من حكومة الوحدة التي يقودها، وذلك بالتصعيد مع تونس على خلفية غلق الحدود بسبب مخاوف تونسية من تسلل عناصر إرهابية وتنفيذ عمليات تستهدف أمن تونس.

 

الدبيبة في خطاب موجه للسلطات التونسية: لن نقبل باتهامنا بالإرهاب، أنتم من جلب لنا الإرهابيين، وحاسبوا أنفسكم قبل الاتهام

 

 ولاحظ مراقبون ليبيون أنّ رد الدبيبة الذي وجّه فيه اتهامات لتونس بشأن الإرهاب بدا متشنجاً وغير دبلوماسي، وهو ما يظهر حرجاً واضحاً من إثارة ملف الإرهاب وسكوت الحكومة الليبية المؤقتة عن التقارير المختلفة التي تتحدث عن أنشطة وتحركات مشبوهة في بعض مدن الغرب الليبي.

 وأشار المراقبون في تصريحات صحفية نقلتها صحيفة العرب اللندنية إلى أنّ حكومة الدبيبة وداعميها يعملون على تطبيع الأوضاع الحالية، بما فيها الحفاظ على وجود الميليشيات المتعددة وبقاء المرتزقة الأجانب، ويرون في إثارة الشكوك حول هذا الوجود وكأنها استهداف للحكومة وتشكيك في شرعيتها.

 وقال هؤلاء إنّ ردة فعل الدبيبة على التقارير التي تحذر من استهداف تونس من بوابة الحدود الليبية تعطي مصداقية لتلك التقارير، متسائلين عن سر هذه الحدة في موقف رئيس الحكومة الليبية، وهل تخفي تستراً على ما يجري من نفوذ متزايد للميليشيات والمرتزقة وتركيا تحت غطاء الاستقرار الحكومي؟.

 

تصريحات الدبيبة أثارت موجة غضب واسعة لدى التونسيين، متهمين إياه بالتحامل على تونس لكونه اختار الرد على تقارير إخبارية ليبية

 

 وفي الكلمة ذاتها هاجم الدبيبة البرلمان، واتهمه بعرقلة عمل الدولة برفضه المصادقة على الميزانية.

 وقال: إنّ أسباب مجلس النواب في شرق البلاد لعدم الموافقة على مقترحاته المتكررة للميزانية "غير حقيقية وواهية"، وألقى باللوم على المجلس في عرقلة الانتخابات المقررة في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

وأضاف الدبيبة: "مشكلة الانتخابات ليست لوجستية، بل هي مشكلة تشريعية بحتة، نحن قدّمنا برنامجاً لتسهيل العملية الانتخابية وتنفيذها".

 وظهر الخلاف على الميزانية كعنصر أساسي في الخلاف المتزايد بين الفصائل السياسية المتنافسة، ممّا قوض العملية التي تدعمها الأمم المتحدة، والتي كان ينظر إليها على أنها أفضل فرصة لتحقيق السلام منذ أعوام.

 وطالب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح هذا الأسبوع بمثول الدبيبة أمام المجلس المنتخب عام 2014 لاستجوابه بشأن أداء حكومته أو مواجهة تصويت بحجب الثقة.

 وفي ظل حالة الجمود السياسي المتفاقمة يخشى العديد من الليبيين من أن تفقد العملية التي نجحت في تشكيل حكومة موحدة لأول مرة منذ أعوام زخمها.

 

اللافي: تونس لم يصدر منها أي موقف رسمي يتهم ليبيا باحتواء إرهابيين، وكل ما نشر هي تقارير إعلامية أغلبها مصدرها ليبي

 

 وقد يؤدي الإخفاق في إجراء الانتخابات إلى إنهاء العملية السياسية وتفجير الصراع الذي دمّر مساحات شاسعة من المدن الليبية، وجذب قوى خارجية كبرى وجعل للمرتزقة الأجانب موطئ قدم على طول الخطوط الأمامية.

 وفي سياق متصل، ترى أوساط سياسية ليبية مطلعة أنّ التصعيد الذي جاء في كلمة الدبيبة ضد تونس واتهامها بتصدير الإرهاب كان محاولة للهروب من الضغوط الداخلية ذات البعد الاجتماعي والصحي والمالي، وهي ضغوط ناجمة عن فشل الحكومة في توفير الوعود التي أطلقها الدبيبة.

 وأضافت هذه الأوساط أنّ التصعيد مع تونس كان يحمل محاولة للاستقواء على البرلمان الذي يرفض المصادقة على الميزانية ويلوّح بحجب ثقته عن الحكومة، وهو ما عكسته تصريحات رئيس البرلمان عقيلة صالح.

وقد شددت تونس إجراءاتها الأمنية والعسكرية على حدودها الجنوبية الشرقية مع ليبيا، وأغلقتها بشكل تام بالتزامن مع حديث الرئيس قيس سعيد عن وجود مخططات للاغتيال والقتل والدماء.

 

مراقبون ليبيون أكدوا أنّ الدبيبة يسعى لتجنب ضغوط البرلمان بسحب الثقة من حكومة الوحدة التي يقودها، وذلك بالتصعيد مع تونس

 

 وحرص الوفد الوزاري الليبي الذي زار تونس منذ يومين على تأكيد أنّ الأمور جيدة بين البلدين، ونفى التقارير الخاصة بالإرهاب، لكنّ تونس تمسّكت باستمرار إغلاق الحدود إلى أجل غير واضح، ما يؤكد أنّ الجهات الرسمية التونسية لم تقتنع بالتطمينات التي حصلت عليها من الحكومة الليبية.

 ويوم الجمعة الماضي مدّد قيس سعيّد بأمر رئاسي صدر في الجريدة الرسمية إعلان المثلث الحدودي الجنوبي منطقة حدودية عازلة لعام إضافي بداية من 29 آب (أغسطس) الجاري، في مواصلة للقرار الصادر منذ العام 2013.

 وأعلن الأحد الماضي عن إغلاق تام لمعبري رأس الجدير وذهيبة ـ وازن الحدوديين مع ليبيا، رغم مساعي السلطات الليبية لفتحهما، وبررت الجهات الأمنية موقفها بالإجراءات الصحية المتخذة للوقاية من انتشار فيروس كورونا.

 هذا، وكان الليبيون العالقون على الحدود بين ليبيا وتونس قد دعوا حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي الليبي إلى التدخل لإنهاء معاناتهم، عقب تكدس المئات على معبر رأس أجدير الحدودي بين ليبيا وتونس، من جرّاء قرار الحكومة إغلاقه بحجة الوضع الوبائي في تونس.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية