تونس: "الدستوري الحر" يواجه جماعة الإخوان من بابها الخلفي

تونس: "الدستوري الحر" يواجه جماعة الإخوان من بابها الخلفي


21/11/2020

انتقلت المواجهة بين الحزب الدستوري الحر، برئاسة البرلمانية عبير موسي، وبين جماعة الإخوان المسلمين، إلى ساحة خلفية هامشية، وعلى الرغم من تضاؤل فرص تحقيق نجاحات في تلك الساحة، الممثلة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فإنّ التصعيد ضد الاتحاد يعكس استمرارية الحراك في مواجهة الجماعة وأذرعها.

وقد بدأ الحزب في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري اعتصاماً أمام مقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، للمطالبة بحظر الاتحاد في تونس، بسبب ارتباطه بجماعة الإخوان المسلمين، وأفكار الاتحاد العنيفة ودعمه للتطرف.

واستهل الحزب اعتصامه بعرض مقتطفات من فتاوى رئيس الاتحاد السابق، الشيخ المصري يوسف القرضاوي، الموضوع على رأس قوائم الإرهاب في مصر والإمارات والسعودية، ومن بينها الفتاوى التي تبيح العمليات الانتحارية.

وجاء الاعتصام بعد أيام من رفض محكمة تونسية دعوى قضائية عاجلة من الحزب لوقف نشاط الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس، حيث اتهم الحزب في الدعوى الاتحاد العالمي بممارسة التكفير ضد قيادييه، كما وجّه اتهامات مباشرة لخصمه السياسي؛ حركة النهضة، لدعمها للاتحاد.

وقالت رئيسة الحزب: إنّ أنشطة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تتعارض مع الدستور التونسي ومدنية الدولة والنظام الجمهوري. ويحقّ للحزب الاستئناف على رفض الدعوى، وهي الثانية؛ إذ سبق أن رفع الحزب ذاته دعوى على الاتحاد في العام 2018.

ويرى مراقبون أنّ تصعيد الحزب الدستوري الحر، رغم ضآلة ما يمكن تحقيقه من الدعوى، يضيف مزيداً من الإرباك لجماعة الإخوان المسلمين في تونس، والمتمثلة في حركة النهضة.

وسبق أن فشل الحزب الدستوري الحر في إحدى جولات المواجهة مع الحركة تحت قبة البرلمان، للإطاحة برئيس الحركة راشد الغنوشي من رئاسة البرلمان، بعد لائحة تطالب بعزله.

جاء الاعتصام عقب أيام من رفض محكمة تونسية دعوى قضائية عاجلة من الحزب لوقف نشاط الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في تونس

وإذا كان الغنوشي قد تفادى العزل بفارق بضعة أصوات، ما عكس نجاح صعباً وغير مبهر في مواجهة قوى رفضه، فإنّ الحركة نفسها التي تمتلك قواعد شعبية، ونصيباً في الحكم، ما زالت أوفر حظاً من الغنوشي، حيث لم تُمرّر اللائحة المطالبة بحظرها من مكتب البرلمان إلى الجلسة العامة للمناقشة والتصويت.

وقد صوّت 97 نائباً في البرلمان على سحب الثقة من الغنوشي، ويتطلب تمرير القرار موافقة 109 نواب، وذلك في الجلسة التي عقدت في 30 حزيران (يونيو) الماضي.

وإذا كان التنظيم الرئيسي المتمثل في حركة النهضة موجوداً وفاعلاً وحاكماً في تونس، فإنّ المطالبة بإغلاق جمعيات أو اتحادات أو حظرها لمجرّد ارتباطها به أو اعتناقها أفكاره غير منطقية.

لذا، فإنّ الحالة المصرية والسعودية والإماراتية لا تنطبق على الحالة التونسية، فقد اتخذت تلك البلدان قرار حظر الاتحاد وتصنيفه منظمة إرهابية بعدما صنفت الكيان الأم بتلك الصفة.

ومن ثمّ، فإنّ الحزب التونسي مطالب بإثبات وجود ربط مباشر بين الاتحاد والجماعة، أو أعمال مشبوهة في تونس تدفع لتوسعة الرأي العام الرافض له، وتمنح وجاهة لدعوات إغلاقه، وفيما عدا ذلك، فإنّ الاعتصامات أو الدعاوى المتتالية تأتي ضمن استراتيجية المواجهة بالإرباك والدعاية المضادة، أو معركة "النفس الطويل".

وفي إطار ذلك، طالبت قائدة الحراك عبير موسي الاتحاد بالكشف عن مصادر تمويله، في إشارة إلى استخدامه مثل باب خلفي لضخّ أموال لدعم الجماعة في تونس.

اقرأ أيضاً: اتحاد القرضاوي.. سرطان التطرف ينهش تونس برعاية الغنوشي

وقالت عبير موسي خلال الاعتصام: "إنّ الحكومات المتعاقبة تتواطأ مع فرع تونس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رغم معرفتها بمعاملاته المالية غير الشفافة وغير القانونية، واستغلالها في جوانب منها في أنشطة دعائية توجيهية غير متلائمة مع النظام التربوي التونسي الجمهوري، وفي جوانب أخرى غير معلومة"، بحسب ما أورده موقع "أصوات مغاربية".

وأشارت النائبة البرلمانية إلى أنّ حزبها طالب بنك الزيتونة، الذي يمتلك حسابات الفرع، بنشر كشوفاته المالية دون استجابة.

دعاوى مضادة

في غضون ذلك، استخدم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين سلاح الحزب الدستوري نفسه، فرفع دعاوى قضائية ضد الحزب على خلفية اعتصامه الأخير.

وعلّق النائب بالبرلمان عن الحزب الدستوري الحرّ، مجدي بوذينة، على تلك الدعوى قائلاً: إنّ الدعوى التي تعتزم "الجمعية المتطرفة التي تعمل على نشر الفكر الظلامي في تونس رفعها ضد حزب تونسي عريق، فيها تحدٍّ واستضعاف للدولة وللشعب التونسي"، بحسب ما أورده موقع العربية.

اقرأ أيضاً: لماذا ترتفع أعداد التونسيّين في التّنظيمات الإرهابيّة؟

وشدّد النائب البرلماني على أنّ الاعتصام الذي ينفذه الحزب الدستوري الحر لطرد اتحاد القرضاوي، هو اعتصام قانوني تحصّل على كل التراخيص اللازمة من السلطات المعنية، وفقاً للدستور وللقانون التونسي.

ولا يُعدّ هذا الاعتصام هو الأوّل الذي ينفذه الحزب الدستوري الحر، فقد سبق أن نفّذ اعتصاماً داخل البرلمان في حزيران (يونيو) الماضي، على خلفية الاعتراض على محاولات حركة النهضة توريط تونس في ليبيا، واعتراضاً على سياساتها بوجه عام.

وتثير أنشطة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ريبة المعارضة في تونس، والمناوئين للمشروع الإسلاموي، حيث تتمركز بالأساس في تقديم منح للطلاب لدراسة العلوم الدينية، ما ينشئ أجيالاً من المنتمين فكرياً لجماعة الإخوان وأدبياتها وأفكارها، وإن لم يكونوا من المنتمين تنظيمياً للجماعة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية