حركة طالبان تمهد أفغانستان وآسيا الوسطى أمام تركيا

حركة طالبان تمهد أفغانستان وآسيا الوسطى أمام تركيا


28/11/2021

دعت حركة طالبان تركيا إلى مساعدة أفغانستان، وضخّ المزيد من الاستثمارات في الدولة التي تعاني من عدم اعتراف دولي واسع، وريبة من نظامها السياسي، وتُعدّ تركيا الدولة الوحيدة التي لن تتردد في ضخّ الأموال في أفغانستان ومساعدة نظام طالبان، الذي سيضمن لها نفوذاً واسعاً في أفغانستان، ومن ثمّ تعزيز نفوذها في آسيا الوسطى ككل.

اقرأ أيضاً: بلدانُ آسيا الوسطى في عصر دولة طالبان

وقد حرصت تركيا، منذ بداية التحوّل في أفغانستان في آب (أغسطس) الماضي بسيطرة حركة طالبان السريعة على الدولة، على مهادنة الحركة، والتودد إليها، واللافت أنّ أنقرة لم تنتظر كثيراً لجني ثمار ذلك، وقد ساعدها في ذلك صدمة أفغانستان عند تولي مقاليد دولة منهارة اقتصادياً، تحدق بها أخطار أمنية كبيرة داخلية، متمثلة في مواجهتها مع تنظيم داعش الإرهابي الذي يطمع فيما بات في أيدي الحركة المتشددة في أفغانستان. 

اقرأ أيضاً: طالبان تحشد عناصرها لقتال داعش في أفغانستان... تفاصيل

في أيلول (سبتمبر) الماضي، أي بعد شهر فقط من تولي مقاليد الحكم، ناشدت أفغانستان الدول والمؤسسات المانحة لاستئناف تقديم مساعدتها المالية إلى أفغانستان، لكنّ غالبية الدول والمؤسسات ما زالت تحجم عن ضخّ أموال من غير المؤكد السبل التي سيتم فيها إنفاق المساعدات، بالإضافة إلى رغبة تلك الدول في التمهل قبل منح الحركة المتشددة التي تسيطر على الأوضاع في أفغانستان شرعية سياسية دولية.

وبدا لافتاً اللهجة التي استخدمتها حركة طالبان في تقديم ذلك الطلب، خصوصاً فيما يتعلق بالولايات المتحدة، إذ تأرجح طلبها بين الانتقاد لعدم وفاء الولايات المتحدة بتعهداتها في اتفاق الدوحة، وبين مهادنتها لدرجة وصف أمريكا بـ"دولة كبيرة، وقلبها كبير"، بحسب ما قاله القائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي خلال مؤتمر صحافي في كابول في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي، في معرض دعوته للدول المانحة لاستئناف المساعدات، بحسب موقع الغد.

اقرأ أيضاً: طالبان تناشد واشنطن لرفع العقوبات... تفاصيل

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن تقديمها (144) مليون دولار مساعدات إنسانية إلى أفغانستان والمتضررين من الأزمة الأفغانية في المنطقة، ممّا يعني إمكانية وصول تلك المساعدات إلى دول الجوار التي تحملت عبء مئات الآلاف من النازحين، ولم يتضح ما إذا كانت تلك الأموال قد وصلت إلى أيدي طالبان. 

 

في أيلول (سبتمبر) الماضي ناشدت أفغانستان الدول والمؤسسات المانحة لاستئناف تقديم مساعدتها المالية إلى أفغانستان، لكنّ غالبية الدول والمؤسسات ما زالت تحجم عن ذلك

وقبل أيام أعلنت الولايات المتحدة عن جولة جديدة من المفاوضات مع الحركة في قطر لمناقشة العلاقات السياسية والأزمات الاقتصادية، وقد ردّت أفغانستان بدعوة الولايات المتحدة إلى التوقف عن الحديث والاجتماعات والانتقال إلى خانة الفعل، في مؤشر على نفاد صبر الحركة، والضغوطات الاقتصادية الكبيرة عليها. 

تركيا 

وفي غضون ذلك المشهد، لا تجد حركة طالبان حليفاً أفضل من تركيا التي لن تتردد في تقديم المساعدات إلى الحركة مقابل تعزيز نفوذها في أفغانستان، ومن جهة أخرى فالحركة لا تحمل لتركيا، باعتبارها دولة مسلمة، ما تحمله من عداء وتحفظ على الدول الغربية، أي لن يضعها مطالبتها بالتدخل في حرج أمام جمهورها.

وقال نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال بأفغانستان مولوي عبد الكبير: "إنّ بلاده بحاجة إلى مساعدة تركيا على وجه الخصوص".

وأوضح عبد الكبير، خلال لقائه أمس السفير التركي لدى كابل جهاد أرغيناي، أنّ حكومته ترغب في قيام تركيا بمزيد من الاستثمارات بأفغانستان، بحسب ما أورده موقع أحوال تركية.

وأضاف أنّ علاقات الصداقة بين كابل وأنقرة تمتد إلى أعوام طويلة، معرباً عن امتنانه من فعاليات الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا" في أفغانستان.

 

قال نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال بأفغانستان مولوي عبد الكبير: "إنّ بلاده بحاجة إلى مساعدة تركيا على وجه الخصوص"

من جانبه، قال السفير أرغيناي: "إن تركيا توفر المساعدات الإنسانية للأفغانيين المحتاجين عبر منظماتها المدنية وجمعية الهلال الأحمر".

وأضاف أنّ وكالة "تيكا" أيضاً "توفر كافة أنواع الدعم للمؤسسات الأفغانية، وتقدم المساعدات للمحتاجين".

وتابع أرغيناي: "رجال الأعمال الأتراك يرغبون في تكثيف استثماراتهم داخل أفغانستان".

وأردف: "خلال الأسابيع القليلة القادمة سيزور وفد من رجال أعمالنا أفغانستان للاطلاع على الفرص الاستثمارية المتوفرة".

اقرأ أيضاً: داعش يواصل عملياته الإرهابية في كابول... وطالبان تستعرض قوتها

وبالتزامن مع اللقاء في كابول، استضاف سفير تركيا بالدوحة مصطفى كوكصو وفداً من حكومة تصريف الأعمال الأفغاني. وبحسب تغريدة للسفارة التركية في قطر، "أقام كوكصو في مقرّ إقامته بالدوحة مساء الجمعة مأدبة عشاء للوفد الأفغاني الذي يتواجد بالعاصمة القطرية، لإجراء محادثات مع وفدين أمريكي وأوروبي"، بحسب المصدر ذاته.

ويرأس الوفد الذي اجتمع معه السفير التركي بمقرّ إقامته وزير الخارجية بالإنابة أمير خان متقي، ويضمّ مسؤولين من وزارات التعليم والصحة والمالية، وكذلك من الإدارات الأمنية والبنك المركزي الأفغاني.

أهمية استراتيجية

وتمثل أفغانستان أهمية استراتيجية بالنسبة إلى تركيا، التي تتجه إلى الاستعاضة عن نفوذها في الشرق الأوسط الذي لاقى عراقيل بتقويض مشروع الإسلام السياسي الذي كانت ترعاه في دول عدة، بتوسعة نفوذها في منطقة آسيا الوسطى، التي من المتوقع أن تتزايد أهميتها التجارية العالمية في المستقبل القريب، عبر عدة مشاريع عالمية ضخمة لفتح طرق جديدة للتجارة. 

لذا، فإنّ توسعة النفوذ التركي لا تتوقف عند أفغانستان، فقد امتدت إلى تركمانستان التي تجمعها حدود مع كلٍّ من أفغانستان من جهة، وإيران من جهة أخرى. 

وقد وقعت تركيا وتركمانستان أمس (8) اتفاقيات تعاون في مجالات عديدة، في وقت تسعى فيه تركيا لتعزيز نفوذها وسط آسيا.

اقرأ أيضاً: مقتل ناشطة عن حقوق المرأة في أفغانستان.. ما علاقة طالبان؟

وجرى التوقيع بحضور الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والتركمانستاني قربانقلي بردي محمدوف، عقب اجتماعهما الثنائي والموسّع بالعاصمة عشق أباد، بحسب ما أورده موقع أحوال تركية. وتضمنت الاتفاقات الموقعة (3) مذكرات تفاهم؛ في المجال الإعلامي والتلفزيوني، واتفاقية تعاون في مجال العلوم الصحية والطبية، ومذكرة تفاهم حول التعاون في مجال الفروسية.

وتضمنت الاتفاقيات مذكرات تفاهم بشأن التعاون في مجال التربية، والتعاون بين البنكين المركزيين، والتعاون في المجال البروتوكولي.

وكان الرئيس أردوغان قد وصل إلى عشق آباد في زيارة رسمية؛ تلبية لدعوة نظيره التركمانستاني بردي محمدوف.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية