حركة مجتمع السلم الإخوانية ومخطط تفخيخ المشهد السياسي في الجزائر

حركة مجتمع السلم الإخوانية ومخطط تفخيخ المشهد السياسي في الجزائر


18/07/2021

بعد فشل حزبه في فرض شروطه، واصطدامه بالشروط التي وضعتها الرئاسة الجزائرية، قرر عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، الذراع السياسي للإخوان، ممارسة أدوار أخرى، ربما يهدف من خلالها إلى إثبات وجود تياره، بوضع العراقيل أمام الحكومة، واللعب على التناقضات السياسية المختلفة، للمساومة واقتناص الفرص.

الاستراتيجية الإخوانية الجديدة في الجزائر

في أعقاب تصريحات عبد الرزاق مقري، رئيس حمس، والتي انتقدها نشطاء، واعترف فيها بأنّ "الحركة تريد الحكم، وليس واجهته"، كاشفاً في الوقت نفسه أنّ خططه لم تجد تجاوباً من قبل الرئاسة الجزائرية، واعترف في المقابل أيضاً بأنّه "لم يجد تجاوباً من قبل الرئاسة الجزائرية".

وزعم مقري أنّ حزبه عزف عن المشاركة في الحكومة الجديدة، لرفضه تطبيق وزرائه برنامج الرئيس تبون، ثم عاد ليدعي أنّ قرار مقاطعة الحكومة، جاء بسبب التزوير وفساد المناخ السياسي، ويبدو أنّ تناقضات مقري، جاءت في سياق محاولة بلورة نهج جديد، ومخطط تفصيلي لاستراتيجية الحركة الإخوانية.

رئيس حركة مجتمع السلم، بدأ استراتيجيته الجديدة بتصريحات جديدة قال فيها إنّ "الحكومة الجديدة التي تم تعيينها مؤخراً، معزولة عن الشعب، لا تمثل من انتخبوا، كما لا تمثل من لم ينتخبوا"، زاعماً أنّها "ليست تكنوقراطية، ولكنها حكومة مؤدلجة، تؤثر فيها أقليات لم ينتخب عليها الشعب".

عبد الرزاق مقري، واصل مزاعمه التي تهدف إلى التقليل من شأن الحكومة وشرعيتها، حيث زعم، في كلمة ألقاها خلال احتفالية نظمتها الحركة؛ بمناسبة ذكرى تأسيسها، أنّ "الحكومة المعينة لا تملك حزاماً سياسياً واجتماعياً عريضاً، ولم تكن في مستوى التطلعات"، وتوقع رئيس حمس أنّ الحكومة لن تستطيع الصمود أمام الأزمات التي سوف تواجه للجزائر مستقبلاً.

 

عبد الرزاق مقري، واصل مزاعمه التي تهدف إلى التقليل من شأن الحكومة وشرعيتها، حيث زعم، أنّ الحكومة المعينة لا تملك حزاماً سياسياً واجتماعياً عريضاً

 

لم يخف عبد الرزاق مقري، انزعاجه من الذراع الإخواني المتمثل في حركة البناء الوطني، بعد تأييد نواب الحركة، خلال جلسة التصويت على رئاسة المجلس الشعبي الوطني، للمرشح المستقل إبراهيم أبو غالي، والذي آلت إليه رئاسة المجلس، ففي سياق استعراضه لمواقف حزبه من مستجدات الأحداث المحلية، وصف، مقري، حركة البناء الوطني، بـ"الحزب الإسلامي المنشق مؤسسوه عن حركة مجتمع السلم"، ربما للتقليل من شأنه، مبدياً في الوقت نفسه الاستغراب الشديد من قيام عبد القادر بن قرينة، رئيس البناء الوطني، بدعم أبو غالي، الذي وصفه مقري، بـــ" مرشح السلطة لرئاسة الغرفة السفلى"، مندداً بقيام الغريم الإسلامي بدعم "مرشح السلطة، على حساب المرشح الإسلامي الآخر، عن حمس"، في إشارة إلى النائب عن حمس، أحمد صادوق، الذي خسر السباق الانتخابي على رئاسة البرلمان، وبفارق كبير في الأصوات، عن المرشح الفائز المستقل، إبراهيم بوغالي.

اقرأ أيضاً: موسم سقوط الإسلاميين في الجزائر

الإعلامي والكاتب الصحفي المصري، رامي شفيق، خصّ "حفريات" بتصريحات، أكّد فيها أنّ تنظيمات الإسلام السياسي يبدو وكأنّها تراوح أماكنها، وسط أزمات عنيفة تضرب قواعدها وفاعليتها داخل عدد من الدول، خاصّة ما جرى مع حركة مجتمع السلم الإخوانية مؤخراً، منذ لحظة الانتخابات البرلمانية، وإخفاقها الكامل في حصد ما تسعى إليه، نحو زعم قبول أغلبية المجتمع الجزائري لتحركات الحركة وتوجهاتها.

وفي هذا السياق، يلفت شفيق إلى تلقي الحركة صدمة عنيفة، مع قيام الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، بتكليف وزير المالية السابق، أيمن بن عبد الرحمن، بتشكيل الحكومة الجديدة، على خلفية توجهاته بأهمية الملف الاقتصادي، الأمر الذي عبر عنه تبون، أثناء مراسم التكليف، بضرورة حسم الأمور الاقتصادية، والاستجابة للتحديات الراهنة، بيد أنّ الأوضاع السياسية أيضاً، يكتنفها العديد من الصعوبات والتحديات في الجزائر، جراء التصريحات التي تصدر من عبد الرازق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، والتي يحاول من خلالها القيادي الإخواني، ربط نجاح الحكومة الجديدة، بتواجد حزبه ضمن حزامها السياسي، حيث قال صراحة إنّه " لا حديث عن الإصلاح، طالما لم نتواجد في الحكم".

اقرأ أيضاً: خلافات بين الإسلاميين في البرلمان الجزائري... ما القصة؟

ويرى شفيق، أنّ مزاعم مقري، الخاصّة بافتقاد حكومة عبد الرحمن، لحزام سياسي واجتماعي داعم لها، تهدف إلى وضع حمس مرة أخرى في دوائر الاهتمام، وتعكس توقعاته بسقوط الحكومة نوعاً من الطموح السياسي، ومحاولة التموضع في المشهد مرة أخرى.

الرئاسة الجزائرية ومحاولات تفكيك اللغم الإخواني

في ذات السياق، جاءت تصريحات وتحركات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، لتعكس إدراكه التام لما يجري في كواليس تنظيمات الإسلام السياسي، حيث سبق وأعلن قبيل انطلاق الانتخابات البرلمانية، في تصريحات لمجلة "لوبوان" الفرنسية، أوائل حزيران (يونيو) الماضي أنّ "أيديولوجية الإسلام السياسي، التي سعت للاستيلاء على الحكم في التسعينيات، لن يكون لها أيّ وجود في الجزائر".

 

رامي شفيق: تنظيمات الإسلام السياسي تراوح أماكنها، وسط أزمات عنيفة تضرب قواعدها وفاعليتها داخل عدد من الدول، خاصّة ما جرى مع حركة حمس مؤخراً، منذ لحظة الانتخابات البرلمانية

 

ويختم شفيق كلامة لـ"حفريات": "نستطيع القول، أنّ ثمة أزمة ليست باليسيرة، ستقع رحاها بين حركة مجتمع السلم الإخوانية، والرئاسة الجزائرية، سيكون البرلمان مسرح أحداثها، وقرارات الحكومة الجزائرية ميدان عملها، حيث سوف تعمل حمس على دفع الحكومة وسط دوامة من الأزمات السياسية، بهدف تعطيل مسيرة حركتها، الرامية إلى  دفع العجلة الاقتصادية والتنموية، في بلد يعد اقتصاده داخل مرتبة متقدمة في القارة الأفريقية، الأمر الذي يجعل الرئيس الجزائري تبون، يراهن على نجاح الوزير الأول بما يملكه من خبرات متقدمه في المجال الاقتصادي، لإنعاش حياة المواطن الجزائري، بحيث يصبح حائط الصد الأول، أمام التيارات الإخوانية في الجزائر، وسعيها نحو ابتزاز الرئيس، وفرض مخطط التمكين على مفاصل الدولة .


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية