حزب الله يمسك برقبة لبنان: هل يساوم بين أزمة الخليج ومرفأ بيروت؟

حزب الله يمسك برقبة لبنان: هل يساوم بين أزمة الخليج ومرفأ بيروت؟


09/11/2021

باتت كافة أوراق تأزّم المشهد اللبناني في يد حزب الله، فبعد أزمة القاضي طارق بيطار الذي يرغب الحزب في تنحيته عن تحقيقات مرفأ بيروت، وظّف أزمة لبنان ودول الخليج بدعمه لوزير الإعلام جورج قرداحي، والمحصلة النهائية حتى الآن هي تعطل عمل الحكومة، وتشابك الأزمتين، ممّا يحرم البلد المأزوم من أيّ حلحلة قريبة للمشهد المعقد.

اقرأ أيضاً: تفاصيل جديدة حول خلية "حزب الله" في الكويت

ويرى مراقبون أنّ حزب الله اللبناني استطاع كسب أوراق جديدة على حساب لبنان، ويبدو أنه يتجه نحو التصعيد، الذي قد ينتهي إلى مساومة تربط بين القضيتين؛ يتخلى عن قرداحي في وقت ما، مقابل تنحية بيطار، وبذلك تعود الحكومة إلى العمل.

وقد انفجرت الأزمة بين لبنان ودول الخليج عقب إذاعة حوار سابق مع قرداحي، ينتقد فيه الدور الخليجي وخصوصاً الذي تقوم به المملكة العربية السعودية والإمارات في اليمن، ويصف الحوثيين بالمدافعين عن بلادهم من الاعتداء.

وأثارت تلك التصريحات غضب دول الخليج، وقد سحبت السعودية والإمارات والبحرين والكويت سفراءها من لبنان؛ لتنقطع العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وبين تلك الدول.

ويعجز رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي عن إقالة قرداحي، في ظل دعمه من قبل الحركتين الشيعيتين حزب الله وأمل، ممّا يجعله غير قادر على تأمين موافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء الذي يتطلب توفره لإقالته، في الوقت نفسه يرفض قرداحي الاستقالة، ويصف الأمر على أنه "كرامة وطنية"، على الرغم من مناشدة ميقاتي له بإنهاء الأزمة التي بدأها، وإعلاء مصلحة لبنان.

 الأمين العام المساعد للجامعة العربية قال: إنّ زيارته إلى لبنان تستهدف الاستكشاف، والتعرف على الموقف اللبناني من إمكانية حلّ الأزمة مع دول الخليج

في غضون ذلك، تدخلت جامعة الدول العربية في محاولة لرأب الصدع وحلحلة الأزمة المتفاقمة. وقد زار الأمين العام المساعد للجامعة السفير حسام زكي لبنان، ضمن وفد من الجامعة، في زيارة استكشافية للمواقف اللبنانية، وإمكانية إيجاد حلٍّ للأزمة.

وحاول حزب الله استغلال الزيارة لصالحه، بتصويرها أنها محاولة لإقناعه أو التوسط معه، عبر إذاعة وسائل إعلام مقرّبة من الحزب أنّ زكي قدّم مقترحاً لحزب الله وقد رفضه الأخير، وهو ما نفاه زكي.

اقرأ أيضاً: نسخة جنوبية عن "حزب الله" في اليمن: تداعيات التحسينات في الطائرات المسيرة الحوثية

وقال الأمين العام المساعد للجامعة العربية: إنّ زيارته إلى لبنان تستهدف الاستكشاف، والتعرف على الموقف اللبناني من إمكانية حلّ الأزمة مع دول الخليج، ومدى إمكانية الجانب اللبناني من المساهمة بخطوة مبدئية في هذا الاتجاه.

وأضاف زكي، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج "غرفة الأخبار"، المذاع عبر فضائية "سكاي نيوز عربية" مساء الإثنين، أنّ "ما خلص إليه في ختام تلك الجولة مع القيادات اللبنانية، أنّ الجميع متمسك بعلاقة طيبة وصحية بين لبنان والسعودية وكل دول الخليج"، مؤكداً أنّ "أي شيء آخر عكس اتجاه المنطق والتاريخ".

وأشار إلى وجود ممانعة من تسهيل لبنان لاتخاذ تلك الخطوة، بالرغم من وجود ضغوط وتعقيدات داخلية حالت دون اتخاذ هذه الخطوة الضرورية، نافياً الأنباء المتداولة حول اجتماعه بوفد من حزب الله.

يريد حزب الله أن تملأ إيران الفراغ العربي في لبنان، بينما تسعى قوى سياسية سنّية ومسيحية لإعادة البلد إلى الحضن العربي، وعدم ترك الساحة اللبنانية فريسة للنفوذ الإيراني

 

وتابع أمين عام مساعد الجامعة العربية: "لم يحدث مثل هذا اللقاء أصلاً، هناك قناة بثت هذا الخبر وهو عارٍ عن الصحة، لم ألتقِ مع وفود أخرى أو أيّ سياسيين بخلاف القيادات، ولم أعقد لقاءات مع حزب الله أو أحزاب سياسية لبنانية أخرى".

وكان تلفزيون الميادين قد أذاع أمس أنّ مسؤول الجامعة العربية الذي يزور لبنان على رأس وفد رفيع من الجامعة التقى بجماعة حزب الله، وعرض أن يعود الوزراء المقرّبون من الحزب وحركة أمل إلى اجتماعات الحكومة، لكنّ الحزب رفض المقترح.

اقرأ أيضاً: الخضوع لميليشيا "حزب الله" ليس توازناً

وأضاف التلفزيون المقرّب من حزب الله أنّ الأخير رفض مقترح زكي، قائلاً: إنّ "مقاطعة الحكومة بالمبدأ مرتبطة بقضية القاضي بيطار، المسؤول عن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.

وبحسب موقع "ميدل إيست أون لاين"، فإنّ "حزب الله يدفع أكثر للتأزيم في القضيتين: قضية انفجار المرفأ بالدفع نحو عزل طارق بيطار، وقضية الأزمة مع دول الخليج بتوفير حزام دعم لقرداحي الذي يرفض الاستقالة والاعتذار".

ويسعى حزب الله لتأجيج الأزمات التي تتناسل في لبنان، وهو شريك رئيسي في السلطة، ويُتّهم بالهيمنة على قرار الدولة اللبنانية؛ لأنه من أكبر المستفيدين من الوضع الراهن الذي عزّز نفوذه ونفوذ إيران.

اقرأ أيضاً: نشطاء حزب الله يشنون حملة ترهيب ضد فنان كوميدي... ما القصة؟

ويريد حزب الله أن تملأ إيران الفراغ العربي في لبنان، بينما تسعى قوى سياسية سنّية ومسيحية لإعادة البلد إلى الحضن العربي، وعدم ترك الساحة اللبنانية فريسة للنفوذ الإيراني.

وقد نقل موقع لبنان 24 أنّ السفير زكي قال خلال الزيارة كلاماً واضحاً حول ضرورة تحقيق "انفراجة" على خط العلاقات بين لبنان والسعودية، وحول "نقطة بداية" لا بدّ أن يبادر إليها المعنيّون، وتحدّث عن "ثقب في الباب" وجدت الجامعة العربية أنّه يمكنها أن تعبر من خلاله، كاشفاً أنّ زيارته إلى السعودية "واردة" لمعالجة الوضع القائم، لكنّها مؤجّلة إلى مرحلة لاحقة، ومشروطة بـ"حلحلة" لا بدّ من تحصيلها أولاً.

يضيف الموقع: تعدّدت التفسيرات لكلام السفير زكي، وكثرت التكهّنات حول ما قصده بكلامه، فما هو "الثقب" الذي تحدّث عنه؟ وهل من "خرق" حقيقي أحدثته الزيارة؟ وأيّ دور تلعبه الجامعة العربية اليوم في "رأب الصدع"، وإعادة العلاقة بين لبنان ودول الخليج إلى قواعدها الطبيعية بالحدّ الأدنى، بعيداً عن الشحن الذي طبعها في الأيام القليلة الماضية؟ قد لا تكون الزيارة بحدّ ذاتها حملت كلّ الإجابات عن هذه الأسئلة؛ إذ إنّ العارفين يعتقدون أنّها بقيت محصورة في الخانة "الاستطلاعية"، وهو ما تعمّد الأمين العام المساعد للجامعة العربية تأكيده بقوله: إنّ زيارته إلى بيروت تهدف إلى معرفة "أين يقف لبنان من هذه الأزمة؟ وما الذي ينوي عمله لتجاوزها"؟.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية