سابقة قضائية: إسرائيل تطالب حماس بـ 38 مليون دولار لعائلات 3 مستوطنين

سابقة قضائية: إسرائيل تطالب حماس بـ 38 مليون دولار لعائلات 3 مستوطنين


20/09/2021

في ظلّ مساعي إسرائيل لمحاصرة حركة حماس والتضييق عليها بشتى الوسائل والطرق، أصدرت المحكمة المركزية في مدينة القدس، في 14 أيلول (سبتمبر)، حكماً بتعويض حركة حماس عائلات المستوطنين، الثلاثة الذين اختُطفوا وقُتلوا عام 2014، بمبلغ 38 مليون دولار، فيما أعلنت منظمة "شورات هدين" الإسرائيلية؛ أنّها "تنوي مطالبة المحكمة بفرض حجز على أصول السلطة الفلسطينية بمبلغ الدعوى 520 مليون شيكل، على الرغم من أنّ السلطة نفسها ليست من بين المتهمين ولا يُزعم أنّها تتحمل المسؤولية المباشرة للهجوم.

اقرأ أيضاً: ماذا فعلت الخنازير والمستوطنات بعنب القدس؟

وأوضحت المنظمة؛ أنّ "قراراً كهذا لن يعمل على ردع منظمة إرهابية ميزانيتها تبلغ مليار دولار، وتواصل قتل اليهود وإطلاق النار على المواطنين الإسرائيليين"، وذلك بحسب ما أورده موقع "واللا" العبري.

وأفادت رئيسة منظمة "شورات هدين"، التي تمثّل عائلات المستوطنين الثلاثة؛ بأنّ "الدعوى تعتبر سابقة قضائية"، وللمرة الأولى، ستصادر أموال السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بهجوم حماس، وإذا رفضت السلطة الفلسطينية احترام إنفاذ الحجز واستمرت في تمويل حماس رغم أمر الحجز، فسوف نطالب بجباية مبلغ التعويض من أموال الضرائب التي تحوّلها إسرائيل الى السلطة الفلسطينية".

الدعوى تعتبر سابقة قضائية

يشار إلى أنّ خلية فلسطينية مكوّنة من مروان قواسمي وعامر أبو عيشة، إضافة الى قائد الخلية حسام قواسمي، اختطفت بتاريخ 12 حزيران (يونيو) عام 2014، المستوطنين الثلاثة: جيلعاد شاعر وأيال يفراح ونفتالي فرنكل، أثناء وقوفهم عند محطة في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل، بانتظار أن تقلهم سيارة الى منازلهم في مستوطنات قرب الخليل، وقتلوهم بعد ساعات من عملية الخطف.

وكانت محكمة الاحتلال الإسرائيلي في القدس، قد قضت، عام 2019، بمسؤولية السلطة الفلسطينية عن 17 عملية فدائية وقعت منذ عام 2000، فيما قُدِّرت التعويضات التي ستُدفع بمليار شيكل.

قرارات المحاكم الصهيونية تحاول أن تجعل من قضايا التعويضات المالية قضايا شخصية بين المنفذين وعائلات القتلى، بحيث تقوم السلطات الإسرائيلية بالثأر من المنفذين باعتقالهم

وزعمت صحيفة "إيديعوت احرنوت" العبرية؛ أنّ العمليات تم تنفيذها من منظمة التحرير وحركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، مضيفةً أنّه "عقب القرار يستطيع المتضررون من تلك العمليات أن يقدموا شكاوى مالية لمطالبة السلطة الفلسطينية بدفع تعويضات لهم".

وبحسب الصحيفة؛ فقد جاء في قرار المحكمة، الذي أصدره القاضي موشيه دروري؛ أنّ منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات "أعدتا بنية تحتية إرهابية متشعبة ومنظمة للقيام بهجمات ضدّ إسرائيل، على أن تدفع السلطة مبلغ 5.5 مليون شيكل إسرائيلي كأتعاب للمحكمة، وأنّ مبلغ الأضرار سيتم تحديده لاحقاً".

ما دلالات القرار؟

ويرى المحامي والحقوقي، الدكتور صلاح عبد العاطي، خلال حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "الدلالات التي تحملها مطالبة محكمة الاحتلال لحركة حماس بدفع تعويضات مالية لعائلات عدد من القتلى المستوطنين، تبين رغبة المحاكم الصهيونية بتجريم الفلسطينيين بشكل عام، وإظهار النضال الوطني الفلسطيني على أنّه إرهاب، وكذلك تجنيد القضاء الإسرائيلي بهدف محاصرة الفلسطينيين، خاصة في مساعيهم لمحاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب".

 المحامي والحقوقي، الدكتور صلاح عبد العاطي

وتابع عبد العاطي؛ بأنّ "القضاء الإسرائيلي يحاول سنّ جملة من القرارات والتعويضات المالية، بغرض اقتصاصها من أموال المقاصة أو من خلال سيطرتها على أموال الفلسطينيين، كما تهدف إلى محاصرة حركة حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية ووسمها بالإرهاب، لقطع الطريق على ملاحقة الاحتلال بدعوى المساواة بين الاحتلال والمقاومة، وبأنها تريد للمحاكم الدولية، وبالذات محكمة الجنايات، ملاحقة قادة حركة حماس لاتهامهم بقتل مدنيين إسرائيليين".

اقرأ أيضاً: لماذا تتقاسم عائلة فلسطينية منزلها مع مستوطنين في حيّ الشيخ جراح؟

وأكّد المحامي والقانوني الفلسطيني؛ أنّ "القضية تتطلب قدرة فلسطينية على تفعيل القضاء الوطني الفلسطيني لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وحثّ الخطى نحو اللجوء لاستخدام مبدأ الولاية القضائية لمحكمة الجنايات الدولية لفرض عقوبات عليهم، وقطع الطريق على أهداف الاحتلال الرامية لاستغلال القضاء الصهيوني في ملاحقة المقاومة والفلسطينيين عموماً".

حصار النضال الفلسطيني

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، لـ "حفريات": إنّ "إسرائيل تحاول بكافة الطرق والوسائل محاصرة حركة حماس وعدد من الفصائل الفلسطينية، من خلال استصدار أحكام متعددة، من بينها القرارات المتعلقة بدفع تعويضات لقتلى إسرائيليين"، مشيراً إلى أنّ "السلطات الإسرائيلية شكّلت وحدة خاصة داخل المؤسسة العسكرية الصهيونية لملاحقة مصادر تمويل الحركة عبر اقتطاعها من أملاك وبضائع تابعة لحماس، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال مصادرتها على المعابر قبل دخولها للقطاع، ومن ثم بيعها واستغلال المبالغ المالية من عوائدها لتعويض هذه العائلات".

الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي، عصمت منصور

وتابع منصور: "قرارات المحاكم الصهيونية بخصوص التعويضات ليست بالجديدة، فقد بدأت منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حين سمحت تلك المحاكم للعائلات الإسرائيلية التي قتِل أبنائها في عمليات فدائية بأن تلجأ لرفع قضايا للحصول على تعويضات مالية، حتى داخل المحاكم الدولية، تحديداً للصهاينة الذين يحملون جنسيات مزدوجة؛ كاللجوء للمحاكم الأمريكية على سبيل المثال".

اقرأ أيضاً: هل ينجح "الإرباك الليلي" في اقتلاع المستوطنين من جبل صبيح؟

ولفت إلى أنّ "قرارات المحاكم الصهيونية تحاول أن تجعل من قضايا التعويضات المالية قضايا شخصية بين المنفذين وعائلات القتلى، بحيث تقوم السلطات الإسرائيلية بالثأر من المنفذين باعتقالهم، ومن ثم تدفع بعائلات المستوطنين واليهود لرفع قضايا بحقهم، في محاولة لوسمهم بالإرهابيين وتجريمهم وردعهم".

ما هو المطلوب للرد على القرار؟

منصور استبعد أن "يكون القرار الإسرائيلي القضائي له علاقة بالضغط على حركة حماس للعودة إلى الهدوء ووقف التصعيد على الحدود مع غزة، كونه يحمل أبعاداً إستراتيجية لمحاربة حركة حماس بشكل عام، والتضييق عليها"، موضحاً أنّ "الاحتلال لن يلجأ إلى المحاكم الدولية لرفع دعاوى قضائية على حركة حماس وبعض قياداتها، لأنّ ذلك سيفتح المجال أمام المطالبة بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في هذه المحاكم، وهو ما لا ترغب فيه دولة الكيان في هذه المرحلة".

أستاذ القانون الجنائي في جامعة النجاح د. علاء بني فضل لـ"حفريات": الاحتلال ومحاكمه قائمة على التمييز بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن الممكن أن يلجأ للمحاكم الأوروبية

وحول ما هو المطلوب من قبل حركة حماس للرد على قرار المحكمة الإسرائيلية؛ بيّن منصور أنّ "هذا القرار في حاجة إلى عمل قانوني ومنهجي مماثل، بحيث لا يتم الاكتفاء بلغة التنديدات والبيانات الرافضة لذلك القرار، في ظلّ رغبة الاحتلال شرعنة وصياغة قوانين تهدف من ورائها لإضعاف المقاومة ومحاصرتها".

من جهته، قال أستاذ القانون الجنائي في جامعة النجاح الوطنية، الدكتور علاء بني فضل، إنّ "السبب في إثارة هذه المسألة في هذا الوقت، هو فتح المدعية العامة للمحكمة الجنائية تحقيقاً في جرائم حرب وقعت في الإقليم الفلسطيني، بعد إعلان المدعية العامة، فاتو بنسودا، في آذار (مارس) الماضي، أنّ هناك جرائم حرب ارتكبت، أو ترتكب، في الضفة الغربية، لا سيما القدس الشرقية وقطاع غزة، وقالت إنّ الجيش الإسرائيلي وجماعات فلسطينية، مثل حركة حماس، هم جناةً محتملون".

 أستاذ القانون الجنائي في جامعة النجاح الوطنية، الدكتور علاء بني فضل

ويضيف بني فضل، خلال حديثه لـ "حفريات": "الاحتلال الإسرائيلي ومحاكمه قائمة على التمييز بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن الممكن أن يلجأ الاحتلال للمحاكم الأوروبية، خاصة الدول الأطراف في اتفاقية جنيف، في محاولة للضغط على حركة حماس، فيما يتعلق بدفع تعويضات مالية عن مقتل المستوطنين الثلاثة".

وبيّن أستاذ القانون الجنائي؛ أنّه "في حال لجوء الاحتلال لمحاصرة حركة حماس والضغط عليها عبر التضييق عليها في غزة، هو أمر لا يضرّ الحركة فقط، بل يتسبب في عقاب كافة السكان المدنيين في القطاع المحاصر، وهو عمل ممنوع وفق القانون الدولي الإنساني؛ لما يترتب عليه من أضرار كبيرة، وهو ما يوجب على الحركة التحضير والاستعداد لأيّة ملاحقة قانونية محتملة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية