ضحايا الإرهاب في أفريقيا لا بواكي لهم في إعلام الغرب.. لماذا هذا التحيز؟

ضحايا الإرهاب في أفريقيا لا بواكي لهم في إعلام الغرب.. لماذا هذا التحيز؟


09/11/2021

هناك تحيز إعلامي واضح خاصة في وسائل الإعلام الغربية تجاه تغطية العمليات الإرهابية التي يكون ضحاياها من المواطنين والقرويين الأفارقة، خاصة في مناطق الصراع التي باتت تنشط بها الجماعات الإرهابية الإسلاموية، مثل؛ داعش والقاعدة وفروعهما في نيجيريا والنيجر ومالي وغيرها من دول الساحل والصحراء التي أصبحت مرتعاً خصباً للجماعات الإرهابية تحت نظر ومرأى دول العالم والأمم المتحدة التي تبدو مشلولة الإرادة والتأثير.

 هذا في نفس الوقت الذي تعطى فيه تغطية الأعمال الإرهابية في الغرب - بشكل عام- المزيد من التغطية الإعلامية، والاهتمام والتحليل وما ينعكس ذلك على الاهتمام العالمي.

 فعملية طعن بسكين لمواطن أو رجل أمن في مدن مثل باريس أو لندن أو غيرها من المدن تحظى بتغطية إعلامية على مدار الساعة في وسائل الإعلام العالمية التي تسيطر عليها هذه الدول، بينما مذبحة يقتل فيها المئات من المواطنين القرويين في مدن وقرى دول الساحل والصحراء في أفريقيا تمر مرور الكرام ولا ينتبه لها إلا المتابعين والخبراء ومراكز الدراسات والمراسلين المحليين.

هناك تحيز واضح خاصة في وسائل الإعلام الغربية تجاه تغطية العمليات الإرهابية ضد المواطنين والقرويين الأفارقة

والأمثلة على هذا التحيز الظاهر لا تعد ولا تحصى، وربما تحتاج إلى دراسة كمية مقارنة لرصدها وتحليلها. وأسباب هذا التحيز كثيرة ومتعددة وتحتاج إلى بحث متخصص، غير أنه يبقى على رأسها نفاق "الثالوث الدولي" المسيطر على المجتمع والنظام الدولي، وبالتالي على وسائل الإعلام، والمكون من الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، واليابان ومعها الصين وروسيا حالياً، وتحيزه ضد الدول في الفقيرة، دول العالم الثالث، ما لم يكن لها مصالح عاجلة وحساسة في هذه الدول.

اقرأ أيضاً: الخريطة الإخوانية في أفريقيا 

 مثالاً على ذلك قارن مستوى التغطية الإعلامية والاهتمام بين العملية الإرهابية أو المذبحة التي جرت في قرى مالي قبل يومين وراح ضحيتها 54 شخصاً، وقتل 69 شخصاً على أيدي جهاديين في النيجر، بالقرب من الحدود المالية من جهة، وعملية طعن رجل الأمن الفرنسي اليوم 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 في مدينة كان الفرنسية.

اقرأ أيضاً: أفريقيا في صدارة أولويات تركيا.. لماذا؟

فنقلاً عن اليورو نيوز تعرّضت دورية شرطة فرنسية صباح 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 لهجوم بسلاح أبيض أمام مركز شرطة مدينة كان في جنوب شرق فرنسا، على يد جزائري قال إنه يتصرّف "باسم النبي"، لكن لم تتمّ إحالة الملف إلى النيابة العامة لمكافحة الإرهاب، وفق وزير الداخلية الفرنسي.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الذي حضر إلى المكان قبل الظهر، أن اسم المهاجم "لم يكن مسجّلًا في أي من ملفّات التطرّف"، موضحاً أنّه "رجل عامل يبلغ من العمر بين 35 و40 عاماً، وهو في وضع قانوني على الأراضي الوطنية".

اقرأ أيضاً: مئات القتلى والمُختطفين.. حصيلة الإرهاب في أفريقيا خلال الشهر الماضي

وأشار الوزير إلى أنّه حالياً "بين الحياة والموت في مستشفى كان" بعدما أُصيب بجروح بالغة برصاصتين أطلقهما زميل الشرطي المستهدف، مضيفاً أنّ الرجل "يحمل جواز سفر جزائرياً" و"لديه إقامة إيطالية" وسبق أن "طلب الحصول على إقامة في فرنسا".

وقال دارمانان في تصريح صحافي أمام مركز شرطة كان حيث دارت الأحداث "أعتقد أنّ الجميع يشعر بالارتياح" لعدم إصابة أي شرطي بأذى حتى لو أنّ الشرطيين "تأثروا نفسياً"! لاحظوا الاهتمام هنا بالحالة النفسية للشرطة.

الأمثلة على هذا التحيز الظاهر لا تعد ولا تحصى، وربما تحتاج إلى دراسة كمية مقارنة لرصدها وتحليلها

وأوضح الوزير أنّ المهاجم طعن شرطياً و"أراد أن يهاجم بعنف شديد شرطية أخرى". وقال رئيس بلدية كان دافيد ليسنار الذي ينتمي إلى حزب الجمهوريين (يمين)، أثناء تواجده في المكان لوكالة "فرانس برسط إنّه "على السلطة القضائية قول تفاصيل ما حدث"، وأكد أنّ دورية الشرطة الوطنية تعرّضت لهجوم فيما "كانت تبدأ خدمتها"، مضيفًا أنّ "لحسن الحظّ حمت السترة الواقية الشرطي الذي تعرّض لطعنة في الصدر والظهر، لكنه لم يصب بجروح جسدية".

ثم سارعت شخصيات فرنسية عدة للتعليق على الهجوم، فقد تحدث البعض عن عمل "إرهابي" على غرار النائب عن حزب الجمهوريين عن منطقة كان إريك سيوتي.

واعتبرت زعيمة حزب التجمع الوطني (يمين متطرّف) مارين لوبن والمرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة في نيسان (أبريل) 2022، أنّ السلطات "لا تفعل ما يلزم مسبقاً" للوقاية من هذا النوع من الهجمات، بدون الذهاب إلى حدّ التحدث عن عمل إرهابي.

 في الجهة المقابلة من العالم المنبوذ، قتل أكثر من 54 شخصاً بتاريخ 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021 في أوتاغونا (Outtagouna) وثلاث قرى مجاورة في شرق مالي في أسوأ المذابح في الصراع الجهادي الدموي المستمر منذ ثماني سنوات في البلاد، والذي أودى بحياة الآلاف وجذب انتباه الأمم المتحدة والقوات الدولية من فرنسا، بما في ذلك من بريطانيا. كما‏‎ ‎قُتل 69 شخصاً على أيدي جهاديين في النيجر، بالقرب من الحدود المالية، هذا الأسبوع‏، في أحدث موجة من مثل هذه الهجمات في البلاد، حسب صحيفة الإندبندنت البريطانية. ‏

اقرأ أيضاً: قادة الجماعات الجهادية في أفريقيا على قائمة الإرهاب الأمريكية... أسماء

أسباب المذبحة غير واضحة تماماً، وهناك تقارير تفيد بأنّه كان انتقاماً من إبلاغ السكان المحليين عن سرقة الماشية، وهي سلعة ثمينة، مما أدى إلى اعتقال بعض الإسلاميين من قبل القوات المالية. هناك أيضاً مزاعم بأنّ السكان لم يلتزموا بالنسخة القاسية من الشريعة الإسلامية التي فرضها الجهاديون.

تشهد مالي والدول المجاورة في منطقة الساحل أسرع تمرد إسلامي متنام في العالم، وأُلقي باللوم في المذبحة على تنظيم ما يسمى (الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى) التابع لداعش التي أنشأت وجوداً قوياً جنباً إلى جنب تنظيم ما يعرف (جماعة نصرة الاسلام والمسلمين) التابع لتنظيم القاعدة.

اقرأ أيضاً: تركيا تتمدد في أفريقيا عبر موريتانيا تحت عباءة الاستثمار

بالإضافة إلى عنف الجماعات الإرهابية الإسلاموية في المنطقة، هناك سلسلة من النزاعات بين الجماعات العرقية في بعض المناطق - بين الفولاني والدوجون، والبامبارا والفولاني، والطوارق والعرب، والطوارق والسونغاي - مما يزيد من الانقسام.

في مدينة كان الفرنسية كانوا يسألون؛ ومهتمين بحالة رجال الشرطة النفسية بعد العملية الإرهابية الفاشلة لطعنهم بسكين، لكن لم يسأل أحد عن التفاصيل والدماء والأرواح التي أزهقت في قرى مالي والنيجر، فما بالك بالسؤال عن حالة ‏الفقراء والقرويين النفسية الذين فروا وهجروا قراهم من الرعب؟‏




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية