فصل مصطفى طلبة... ما مآلات قرار عزل مرشد إسطنبول؟

فصل مصطفى طلبة... ما مآلات قرار عزل مرشد إسطنبول؟


01/02/2022

ككرة الثلج تتدحرج أزمة الصراع الداخلي في جماعة الإخوان، وتتعدد السيناريوهات المستقبلية المتوقعة بشأن هذه الأزمة، ولكن تتفق جميعها حول محور الانهيار والتشظي للهيكل التنظيمي، وتحوّل الجماعة إلى كيان هلامي فاقد للتأثير، إذا ما استمرّت حالة التصدع والتجاذب بالقوة نفسها.

وفي خطوة مهمّة على مستوى الصراع الداخلي، قرّر القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير فصل القيادي مصطفى طلبة ولجنته المنوط بها (القيام بأعمال المرشد العام)، المعيّنة من جانب جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، في بيان على لسان المتحدث باسم جبهة لندن، واصفاً قيادات الجبهة بأنّهم "ليسوا من الإخوان".

تعميق أزمة الصراع

وبحسب المراقبين، سيدفع القرار إلى تعميق الأزمة الداخلية للتنظيم وزيادة حدة الانهيار الداخلي، خاصة مع تمسّك جبهتي الصراع بموقفهم، وفشل كافة المبادرات التي أطلقت من داخل التنظيم لاحتواء الأزمة وتخفيف التراشق الإعلامي بين طرفيها.

 

سلطان: عزل طلبة خطوة كبيرة ومفصلية في مسألة الصراع المحتدم بين جبهتي لندن وإسطنبول، خاصة بعد فشل المبادرات لتصفية الصراع وإنهاء حالة التشظي التنظيمي

 

ويرى الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب أحمد سلطان أنّه قبل الحديث عن قرار إبراهيم منير بعزل مصطفى طلبة واللجنة المنوط بها القيام بأعمال المرشد العام، يجب الإشارة إلى أنّ اختياره من جانب محمود حسين ومجموعته للقيام بهذا الدور كان اختياراً ذكياً جداً، لأنّه أحد أبرز القياديين المخضرمين داخل جماعة الإخوان، وهو صهر محمود عزت، القيادي الأبرز داخل التنظيم، والذي ظلّ قائماً بأعمال المرشد منذ عام 2013 إلى أن تمّ القبض عليه في عام 2020 من جانب السلطات المصرية، وخلال هذه الفترة نجح في تصفية جميع الصراعات الداخلية في الجماعة لصالحه.

وفي تصريح لـ"حفريات" يقول سلطان: إنّ طلبة لديه الكثير من الامتيازات، نظراً لكونه أحد القيادات المسؤولين عن إدارة التنظيم الدولي سابقاً، وقد شغل منصب المسؤول المالي عن رابطة الإخوان العاملين بالخارج، ممّا يعني أنّه يتحكم فعلياً في العديد من الملفات المهمّة والحيوية في مفاصل التنظيم، والتي تمثل أصل الصراع داخل جماعة الإخوان، فضلاً عن كون مرتبته التنظيمية لا تقلّ في أهميتها عن إبراهيم منير.

مآلات مُرّة

ويصف سلطان الخطوة بأنّها "كبيرة ومفصلية" في مسألة الصراع المحتدم بين جبهتي لندن وإسطنبول، خاصة بعد فشل المبادرات التي تقدّم بها عدد من القيادات داخل مصر وخارجها لتصفية الصراع وإنهاء حالة التشظي التنظيمي، وإبرام الصلح بين الجبهتين المتناحرتين، ويصرّ كلّ طرف على موقفه بشكل متحجر، ويرفض أيّ تنازلات، خاصة جبهة محمود حسين التي طُلب منها ذلك من خلال مبادرات الصلح، لكنّهم رفضوا، وأصرّوا في الاستمرار على موقفهم والاحتفاظ بمكتسباتهم.

 

البيان الصادر عن جبهة لندن: ليس منا ولسنا منه كلّ من خرج عن الصف، وكلّ من ساهم في شقّ الجماعة وترديد الافتراءات الكاذبة

 

ويوضح سلطان أنّ قرار فصل مصطفى طلبة هو ثالث القرارات التصعيدية في دائرة الصراع الراهن، فقد كانت الخطوة الأولى بإعلان ما سُمّي لجنة علماء الإخوان تأييدهم لجبهة منير، والثاني كان من خلال إعلان اللجنة القانونية رأيها في قرار عزل منير واعتباره أمراً غير قانوني، ولا يتوافق مع اللائحة، ثمّ كانت الخطوة الثالثة باعتبار أنّ حسين ومجموعته قد خرجوا عن الإطار التنظيمي للإخوان، إلى غير رجعة.

كيف ستردّ مجموعة إسطنبول؟

ولا يتوقع سلطان أن يأتي الردّ سريعاً من جانب مجموعة محمود حسين، بأن تتراجع عن موقفها أمام تلك التعقيدات التي تواجهها، مؤكداً في الوقت ذاته أنّها أمام خيارات مُرّة، خاصة أنّها كانت تعوّل بشكل كبير على إخوان الداخل (إخوان مصر)، لكسب تأييدهم، لكنّ الواقع، وفق سلطان، أنّهم لم يعلنوا حتى الآن تأييد جبهة دون الأخرى، ويتّسم موقفهم بالغموض، مشيراً إلى تواصل حدث سرّاً بين إبراهيم منير ومجموعة إخوان مصر بالداخل، وشرح لهم أنّ ما حدث كان تخطيطاً للإطاحة بإبراهيم منير، مشيراً إلى أنّ محيي الزايط، نائب إبراهيم منير هو أحد قيادات شرق القاهرة ورفيق درب ممدوح الحسيني الذي يُعتقد أنّه المرشد السرّي للإخوان داخل مصر، وأنّ هذه الاتصالات ربما انعكست لصالح جبهة لندن.

ويقول الباحث المصري: "إنّ مجموعة إسطنبول تبحث في الوقت الراهن خيارات الرد على القرار، لكنّها لا تتجاهل أنّها أمام وضع معقد، مشيراً إلى أنّ الخطوة الأهم ربما ستكون في المبادرات التي من المتوقع أن يتقدّم بها إخوان الخارج خلال الفترة المقبلة لتهدئة الوضع الداخلي المتأجج، لكنّه يرى في الوقت ذاته أنّ مجموعة إسطنبول بقيادة جبهة حسين لا تملك الأدوات "الكاريزمية" التي من شأنها التأثير على قرار القواعد، واصفاً إيّاها بأنّها مجموعة تنظيمية منغلقة للغاية، وليس لديها خيارات سوى البقاء في أحضان التنظيم.

اقرأ أيضاً: ماذا يعني استبعاد الإخوان من مجلس المسلمين بألمانيا؟

وحول احتمالات التوافق في الفترة المقبلة، يرى سلطان أنّها ما تزال بعيدة، وأنّ الخيارات ستنحصر في محاولات المجموعة للبقاء في كنف التنظيم، مرجحاً أنّ الأزمة سوف تستمرّ لفترة ليست قصيرة، أو أن يكون هناك تحوّلات لمجموعة حسين بالانحسار تحت شعار الإخوان كمجموعة منفصلة عن التنظيم، في ظلّ استمرار إبراهيم منير على رأس الهرم التنظيمي.

ليسوا إخواناً

وبحسب البيان الصادر عن جبهة لندن، تمّ فصل المجموعة لعدة أسباب؛ منها: التبرّؤ من المجموعة بشكل كامل، بالقول: "ليس منا ولسنا منه كلّ من خرج عن الصف، وكلّ من ساهم في شقّ الجماعة وترديد الافتراءات الكاذبة".

وأورد البيان قراراً ببطلان ما يُسمّى (اللجنة القائمة بعمل المرشد) التي قام البعض بالإعلان عنها، ويعتبر كلّ من شارك فيها قد اختار لنفسه الخروج عن الجماعة، وذلك بمخالفته لوائحها وأدبياتها، ورفض كلّ محاولات لمّ الشمل وتوحيد الصف".

وقال البيان: إنّ "الشرعية للجماعة يمثلها نائب المرشد العام والقائم بالأعمال إبراهيم منير فقط، وإنّ ما حدث من جبهة إسطنبول هو شقّ للصف استوجب المحاسبة".

وأكد بيان جبهة منير أنّ "ما حدث من جبهة حسين، وبخلاف ما فيه من تعدٍّ على الشرعية، وما تمّ من مخالفات، فهو يندرج ضمن خطة لحرف الجماعة عن مبادئها وتجاوز ثوابتها، على حدّ وصف البيان".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية